أرجع الخبير النفطي بوزيان مهماه ارتفاع أسعار البرميل إلى ما يفوق 95 دولارا خلال معاملات البورصة في إغلاقها الأخير إلى مجموعة من العوامل، أشار إلى أن ثلاثة منها هيكلية تضاف إلى أخرى ظرفية أدت إليها معطيات المرحلة الراهنة، فيما حذر من الانعكاسات السلبية لهذه الطفرة على اقتصاد البلدان المنتجة، على غرار الجزائر ومجموعة أوبك+، فضلا عن الدول المستهلكة.
في تصريحه لـ “الخبر”، قال مهماه إن أسعار النفط، على عكس منتجات أخرى، تخضع لمتوجات تتحكم فيها ما اصطلح على تسميته بالعجز الثلاثي ضمن المعايير الهيكلية، يأتي في مقدمتها الانخفاض الكبير في الاستثمارات في المجال الطاقوي، بداية من نشاط المنبع، على غرار الاستكشاف والاستخراج الذي تراجع بحوالي 30 بالمائة، وهو ما عبر عنه بالعجز الهيكلي الذي لا يمكن استدراكه، في حالة عودة الاستثمارات، إلا بعد 7 سنوات على الأقل.
وذكر بوزيان مهماه، في سياق التعليل أيضا، تراجع الاحتياطيات التجارية على مستوى منطقة الدول الصناعية، أين تراجعت هذه المخزونات إلى مستويات ما قبل سنة 2000، يضاف إلى ذلك العجز الهيكلي الثالث المتمثل في تراجع قدرات الإنتاج الإضافية من منطلق أن كل الدول المنتجة تعمل بأقصى قدرة لها، وبالتالي فإن هامش الزيادة بسيط جدا ومحدود في دولتين على الأكثر، هما المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات.
إلى جانب هذه المعطيات، استدل المتحدث، أيضا، بمستوى التزام مجموعة أوبك+ بحجم تخفيض الإنتاج بنسبة 115 في المائة، وهي الوضعية المؤدية لانكماش المعروض العالمي من النفط، وهو ما يبرر مطالبة بعض الدول، على غرار الولايات المتحدة الأمريكية، برفع الإنتاج.
موازاة مع ذلك، أكد الخبير الطاقوي على تأثير توقف العديد من المشاريع النفطية المتأثرة بأزمة كورونا، التي يستدعي إعادة بعثها ضخ استثمارات إضافية في مجال الصيانة خاصة. وأشار مهماه، من الناحية المقابلة، إلى مجموعة من العوامل الظرفية فرضت تسجيل برميل النفط لهذا السعر، وذكر في مقدمتها طغيان الحديث عن الأزمة الأوكرانية، مؤدية إلى خلق نوع من الشك والضبابية حول السوق البترولية، سببه هاجس نقص الإمدادات، تضاف إليها ارتفاع أسعار مختلف المواد الطاقوية، على غرار الغاز وكذلك الطاقات المتجددة.
واعتبر المتحدث السعر الحالي لبرميل النفط يحمل في طياته انعكاسات سلبية على البلدان المنتجة للمحروقات، على غرار الجزائر، ناهيك عن إسقاطات هذا السعر على البلدان المستهلكة للمواد الطاقوية، والبترول على وجه الخصوص، وأوضح أنّ المستفيد الأكبر من هذا المستوى من السعر هم المضاربون في البورصات العالمية للطاقة، كما هو الشأن بالنسبة لبورصة “وول ستريت”، في وقت تنعكس الأسعار المسجلة في شكل تضخم تستورده البلدان المنتجة جراء ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية. أما بالنسبة للسعر المناسب للاقتصاد الوطني، فقد قال مهماه إنه المتراوح ما بين 75 إلى 90 دولارا على الأكثر.