مقالة فلسفية: هل ينتج الادراك عن فاعلية الذات ام يعود الى نضام الاشياء ؟

بقلم الاستاذ : احمد معمري

طرح المشكلة :”مقدمة” :  اذا اتفقنا على ان الانسان عقل يدرك وقلب يحب وجسم يتحرك، فهو بهذا يساير الابعاد الثلاث من ماض وحاضر ومستقبل ، لان الادراك خاصية انسانية كونه معرفة عقلية معقدة ومتشابكة . هذا هو الذي ادى الى الاختلاف بين الفلاسفة والمفكرين حول الية الادراك هل يستند الى الذات ام يعود الى الموضوع . فكان التساؤل كالتالي : ما هو المصدر الحقيقي للإدراك ؟ هل يعود الى الذات ام تتحكم فيه شروط موضوعية ؟

محاولة حل المشكلة :

الموقف الاول : “الادراك يرجع الى فاعلية الذات” . يرى انصار النظرية العقلية بان العقل هو مصدر الادراك  يتبنى هذا الطرح مجموعة من الفلاسفة من امثال ديكارت ،الان، حيث اعتد هؤلاء على مجموعة من الحجج اهمها : ان الفلاسفة العقليين قد فصلوا بين المفهومين ” الاحساس والادراك” ، فالإحساس عمل فيزيولوجي يصدر عن الحواس التي تخص الكائن  وبالتالي فهي خاصة بالبدن ، اما الادراك فانه الوظيفة العقلية العلية التي تخص العقل .ثم ان الاحساس يكون ادنى معرفة من الادراك لان المعرفة الناتجة عن الحواس معرفة ضنية احتمالية مثل ما نراه بالعين المجردة كرؤية العصا وهي منغمسة في الماء تبدو وكأنها منكسرة يقول الان :” الشيء يدرك ولا يحس به” . كما ان الادراك نشاط يخص الكائن العاقل لان الغاية منه معرفة العالم الخارجي ، لان وظيفة العقل تتمثل في التفسير والتأويل والاستنتاج والتحليل …الخ .

النقد والمناقشة : لكن نلاحظ ان هذه النظرية العقلية لم تخلو من بعض السلبيات ، ذلك لكونها ترى الادراك عملية عقلية والعقل معارفه نسبية وليست مطلقة .والدليل على ذلك التصورات القائمة في حقيقة الرياضيات .

نقيض القضية : الموقف الثاني : ” الادراك مصدره القوانين الخارجية” يرى انصار النظرية الجيشطالتية بان الادراك يعود الى العوامل الخارجية ومن بين هؤلاء نجد : كوهلر ، كوفكا اذ اعتمد هؤلاء على عدة حجج منها : رفضهم لدور العقل في حقيقة الادراك كون العقل يبنى على احكام ميتافيزيقية ، لذا فالإنسان يدرك الكل الشكل قبل ان يدرك الجزء ، فالجزء لا يحمل معنى الا في اطار الكل ، ثم ان الادراك ليس ادراك لمجموعة من الاحساسات بقدر ما هو ادراك لمجموعة من العناصر المنظمة تنظيما موضوعيا وهي التي تعرف ” بقوانين الانتظام” مثل قانون التقارب او التجاور ، قانون التشابه ، قانون الاغلاق ، قانون الكلية والشمول …الخ

النقد والمناقشة : لكن نلاحظ ان هؤلاء هم الاخرين تعرضوا الى عدة انتقادات منها : ان تفسير هؤلاء الى الادراك بالعوامل الموضوعية جعلهم ينفون العوامل الذاتية المتمثلة في التجارب ، ثم ان العقل لا يكون دائما في حالة استقبال سلبي .

التركيب : وعموما نقول ان هناك تكامل بين العقل والعوامل الخارجية فالعقل ضروري في عملية الادراك ، الا ان الراي الصحيح هو الذي يرى ويفسر الادراك تفسيرا حسيا وعقليا في الان نفسه .

  الخاتمة : نستنتج في الاخير بان الادراك مصدره فاعلية الذات والقوانين الموضوعية اي العقل والموضوع المدرك لان الانسان يقل يدرك ، لذا فلا بد من وجود عقل يدرك وموضوع مدرك وبالتالي يتكامل العقل مع الموضوع .

Please subscribe to our page on Google News

SAKHRI Mohamed
SAKHRI Mohamed

أحمل شهادة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، بالإضافة إلى شهادة الماستر في دراسات الأمنية الدولية من جامعة الجزائر و خلال دراستي، اكتسبت فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الرئيسية، ونظريات العلاقات الدولية، ودراسات الأمن والاستراتيجية، بالإضافة إلى الأدوات وأساليب البحث المستخدمة في هذا التخصص.

المقالات: 15250

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *