أسباب النزاع

شجرة النزاع هي أداة ذات طابع تصوري وتصنيفي، فهي تصور التفاعل بين العوامل الظاهرة، العوامل البنيوية والديناميكية. تصور الجذور العوامل البنيوية ” الساكنة”، ويمثل الجذع القضايا والمشاكل الظاهرة التي تربط بين العوامل البنيوية والعوامل الديناميكية (الاوراق التي تتحرك مع الرياح يمكن ان تمثل العوامل الديناميكة.

  1. العوامل الديناميكية: تتضمن أشكال الاتصال، متوس التصعيد، مظاهر العلاقات…الخ. يتضمن العمل مع العوامل الديناميكية أفقا قصيرا من الزمن، حيث تكون ردود الفعل إزاء التدخل سريعة وأحيانا غير متوقعة. كأمثلة على ذلك، يمكن إدراج التدخلات الدبلوماسية أو تحويل النزاع متعدد المسالك بالتعامل مباشرة مع شكل معين من أشكال التفاعل بين أطراف النزاع. عندما يتعلق الامر بالعوامل الديناميكية، تكون سرعة وصول الموارد المائية أفضل من وفرة (السرعة أفضل من الوفرة )
  2. القضايا او المشاكل الظاهرة:  هي القضايا أو المشاكل التي يتحدث عنها أطراف النزاع بشكل علني، وتتضمن أساسا موضوع النزاع.
  3. العوامل البنيوية: الأسباب الجذرية هي الأسباب الأساسية للنزاع، ومن الصعب التأثير فيها على المدى القصير؛ ومع ذلك  لإذا تم إجتنابها قد يندلع النزاع مجددا فيما بعد. هذا هو المجال الأمثل للتعاون في مجال التنمية، التدخل على المدى البعيد والوقاية من العنف البنيوي.

تطور النزاع

منحنى لند لنطور النزاع

يشرح لند في كتابه كيفية إنشاء منحنى: يتم تتبع مسارات النزاعات التي تتحول إلى صراعات عنيفة فيما يتعلق ببعدين: حدة الصراع ( المحور الرأسي) ومدة الصراع) المحور الأفقي

يصور الخط الذي يتخذ شكل قوس من اليمين إلى اليسار عبر الرسم التوضيحي مسار صراع أثناء صعوده وهبوطه، كما توضح الاسهم المنحرفة عن الخط، فإن مسارات الصراعات الفعلية تستطيع ان تعرض العديد من مسارات تاريخ التغيرات الطويلة والقصيرة وحدودها وانعكاساتها وفتراتها. وحتى الصراعات التي هدات من الممكن أن تتصاعد ثانية. ومع ذلك فالنموذج له قيمته الاكتشافية المتمثلة في السماح لنا بعمل فروق مفيدة بين تدخلات إدارة الصراع التي تتعلق بمستويات حدته المختلفة.[i]

السلام الدائم:  يتضمن السلام الدائم  مستوى عال من التبادلية والتعاون، والغياب الفعلي لإجراءات الدفاع عن النفس بين الاطراف، بالرغم من انه قد يتضمن تحالفهم عسكريا ضد تهديد مشترك. ويسود السلام الإيجابي بناء على القيم والاهداف والمؤسسات المشتركة والاعتماد الاقتصادي المتبادل والارتباط بالمجتمع الدولي. تنطبق هذا المفهوم على الصراع الداخل والدولي ويشير لند إلى العلاقات بين الولايات المتحدة وكندا في القرن العشرين كمثال للسلام الدائم بالاضافة إلى العلاقات بين دول الاتحاد الاوروبي.

السلام المستقر: هوعلاقة اتصال حذر وتعاون محدود ( مثل التجارة) في سياق شامل لنظام أساسي أو استقرار وطني وتكون هناك اختلافات في القيم والاهداف ولا يوجد أب تعاون عسكري، لكن النزاعات يتم حلها بوجه عام بطرق لا عنيفة يمكن التنبؤ بها إلى حد ما. ويكون احتمال نشوب حرب منخفضا.ويذكر لنا كمثال العلاقات الروسية الأمريكية حاليا.

السلام غير المستقر: هو وضع تتصاعد فيه حدة التوتر والشك بين الأطراف، ولكن مع غياب العنف أو عنف متفرق. ويسود السلام السلبي لأنه على الرغم من عدم نشر القوات المسلحةن إلا أن كل الأطراف تنظر إلى بعضها بعضا كأعداء وتحافظ على قدراتها العسكرية الرادعة… قد يمنع توازن القوى العدوان، مع بقاء احتمال حدوث ازمة وحرب. وتبعا للند فغن العلاقة بين الولايات المتحدة الامريكية وإيران عام 1995 تعد مثالا جيدا للسلام غير المستقر. أما أمثلة السلام غير المستقر المحلي فتتضمن القمع الحكومي لجماعات المعارضة كما حدث ميانمار (بورما) عام 1995.

(باقي المفاهيم  الازمة، الحرب تعرضنا لها في مفهوم النزاع في المحور الأول)

منحنى غلاسل للتصعيد:

التصعيد هو زيادة في التوتر داخل نزاع ما. مبدئيا، يبدأ النزاع من خلال رغبة الاطراف في تحقيق شيء ما, ومع بداية التصعيد، لا يبقى الامر متعلقا بالرغبة في تحقيق شيء ما، ولكنه يتجاوز ذلك نحو الرغبة في إلحاق الاذى بالخصم. تتمثل المرحلة النهائية للتصعيد في التدمير المتبادل. اما عملية تحويل النزاع فتتعلق أساسا بجهودنا الرامية للتخفيف من حدة تصعيد النزاع.

يمكن تحليل ديناميكيات التصعيد من خلال النموذج التالي: يفرق غلاسل بين تسعة مستويات للتصعيد. ويقدم غلاسل التصعيد كحركة نازلة نحو الاسفل، أين يتم استدراج أطراف النزاع فعل ديناميكيات التصعيد السلبية، وهي غير خطية، إذ تحدث ضمن سلسة من الانهيارات المتتالية. قد تستقر اطراف النزاع في مرحلة معينة لفترة ما، لكنها سرعان ما تنحدر نحو مستوى أدنى من ال تصعيد. وكلما زاد مستوى التصعد، كلما تطلب الأمر من الطرف المتدخل أن يكون أكثر فعالية وقدرة على التأثير لأن احتمالات سلوك الاطراف المتورطة وفقا لنظام الاعتماد على النفس تتضاءل. إذا، يمكن القول بأن فعالية التدخل تتضاع من المستوى الأول، حيث يمكن للأطراف أن تقبل بالتدخل لإدارة النزاع بناء على الثقة، إلى المستوى التاسع حيث غالبا ما يتم إجبار الاطراف قسرا على قبول التدخل. عادة ما تكون أشكال التدخل المتسمة بالتفاعل مناسبة للنزاعات ذات مستويات التصعيد المنخفضة او المتوسطة، حيث تكون الاطراف لا تزال راغبة في الجلوس معا والتحادث حول النزاع.

المقارابات المفسرة للنزاعات

النظريات التي فسرت النزاعات انطلاقا من مستوى الفرد:           

 نظرية إحباط العدوان:

حسب جون دولارد، الإنسان هو سبب النزاع بسبب الطبيعة الشريرة للإنسان وميله للصراع. أما بالنسبة لعلماء النفس، فالفرد هو السبب في النزاعات بين الجماعات أو الدول، على اعتبار أن سلوكيات الوحدات هي سلوكيات الأفراد. فبالنسبة لدولارد، العدوان يحدث بسبب وجود إحباط، فهي ترى أن هناك اضطراب في سلوك الأشخاص نتيجة وجود رغبة ووجود عوائق تحول دون تحقيقها.

– نظرية الندرة والاحتياجات:

بالنسبة لـ Burton، هناك احتياجات لدى الأفراد، فإذا غابت تلك الاحتياجات تنعدم العلاقات الاجتماعية والتنظيمية، وعليه فإن الفرد عند عدم توفر احتياجاته يسعى إلى تحقيقها بنفسه أو يغير النظام. أما على المستوى الدولي، فهناك احتياجات أساسية للدول، هي الأمن والاستقرار، فإذا كان النظام الدولي القائم لا يوفر هذه الاحتياجات الأساسية تسعى الدول لتحقيقها بطريقة فوضوية.

 نظرية الحرمان النسبي:

تعود إلى  Tud Gurrسنة 1970، وهي تطوير لنظرية الاحتياجات، وتقدم تفسيرا يقوم على التناقض بين السلطة وسعي الجماعات المحتمل لتحقيق نجاح سياسي واقتصادي، وبالتالي تركز على العوامل السياسية والاقتصادية وتستعمل أدوات تحليلية أكثر من نظرية الاحتياجات في وجود تعارض مع السلطة وجماعات ترغب في الاستحواذ على مناصب سياسية والحصول على ثروات معينة، وقد طورت هذه النظرية بنظرية حق الجماعة لـ hovowilz 1985 لتزيد من التركيز على العوامل الإثنية التي تصاحب العوامل الاقتصادية والسياسية.

– نظريات الإدراك وسوء الإدراك Perception, misperception:

ينطوي الاهتمام بالمدركات في السياسة العالمية على دراسة سلوك الفرد وبشكل استقصاء صنع القرار، فهو العملية النفسية الأساسية التي تؤدي إلى تحديد الموقف، فجميع الإدراكات في وضع القرار هي افتراضات أو استنتاجات مشروطة بشأن شخص آخر أو أشخاص آخرين، فجرفيس (1976) في كتابه حول الإدراك وسوء الإدراك يرى أنه على الفرد الحصول على قدر من المعلومات، فإذا لم يتم غربلتها سوف يؤدي لسوء إدراك قد يؤدي لاتخاذ قرار خاطئ انطلاقا من معلومات مشوشة يؤدي إلى للنزاع، وتزيد حدة صعوبة الإدراك الصحيح في أوقات الأزمات حيث لا يتوفر هناك وقت لتلقي المعلومات اللازمة.

النظريات التي فسرت النزاعات انطلاقا من مستوى الدولة:     

المدرسة الليبيرالية (السلم الديموقراطي):

أهم مفكريها ايمانويل كانط في كتابه ” السلم الدائم”، حيث ازدهرت في فترة معاهدة واستفاليا وظهور وضع دولي تحقق فيه توازن القوى، ثم تطورت هذه النظرية حيث ترى أن هناك دول جمهورية يحدث بينها سلام ديموقراطي على الرغم من امتلاكها وسائل القوة والإكراه المادي، غير أن ذلك لا يحدث إلا بين الدول الديمقراطية. وتفسر هذه النظرية النزاعات الدولية بالعودة إلى مستوى الدول، فالدول الديمقراطية مسالمة لا تقوم بالحروب حتى مع تلك الدول الديكتاتورية ذات النزعة النزاعية، فالدول الديمقراطية تحاربها بطريقة مباشرة، وذلك عن طريق الحروب بالوكالة. وتنطلق هذه النظرية من فكرة أن الشعوب تريد السلم أما الحكام فيسعون نحو الحروب، وذلك لأنه كلما كان النظام يعكس رغبة الشعوب كلما كان سلميا أكثر، والعكس؛ أي أنه كلما انعدمت القنوات السياسية أمام الشعوب، كلما اتجه نحو الحرب، وهنا تم الاعتماد على تحليل طبيعة النظام السياسي كسبب في حدوث النزاع.

النظرية الماركسية:

رغم أنه في تحليلها تنطلق من أن مستوى النزاع يكون بين الطبقات لأجل تحقيق المصالح الاقتصادية، إلا أنها تنطلق من أطروحة كلازويتش القائلة بأن “الحرب هي استمرار للسياسة”؛ فهي تلجأ في تفسيرها للنزاع إلى آليات الصراع الطبقي و الإمبريالية، حيث أن النخبة في الدول الرأسمالية تفتعل الحروب خارجا، وترى نظرية الإمبريالية أن الدول الإمبريالية تتوسع بهدف الهيمنة، وهو ما يؤدي إلى عدم موافقة دول أخرى مما يولد النزاع (مستوى الدولة).

ويفسر هوبسون الحرب بأنه عندما يتعدى الإنتاج الاقتصادي في الدول الرأسمالية قدرة استيعاب المجتمع، يصبح هناك فائض إنتاجي، فتضطر الدول لتصريفه خارجا عبر أسواق خارجية، وهذا يؤدي ببعض الدول إلى تبني سياسات إمبريالية، في الوقت الذي ترفض فيه دول أخرى قبول المنتجات، فيحدث النزاع.

نظرية النخبة المسيطرةwright hills

تسمى كذلك نظرية المركب العسكري، حيث ترجع أسباب النزاعات الدولية إلى مجموعات المصالح أو النخب الحاكمة في الدول، وقد طورت هذه النظرية انطلاقا من مثال الو.م.أ، حيث أنه بعد الحرب العالمية الثانية كان هناك تحالف قوي بين رجال السياسة والصناعة، وقد فسرت هذه النظرية تدخل  الو.م.أ في أفغانستان معتبرة أن اقتصاد الو.م.أ اقتصاد حرب حيث سادت الرغبة في التخلص من الأسلحة القديمة وتجريب الأسلحة الجديدة في أماكن صعبة ووعرة مثل أفغانستان.

النظرية الديمغرافية:

يركز أصحاب هذه النظرية على الدولة، وبالضبط على العامل الديموغرافي والسكاني، وهم ينطلقون من مسلمة Malthus بأن الزيادة السكانية الهائلة هي سبب النزاعات، حيث أن الدولة ذات العدد السكاني الكبير عادة ما تعاني مشاكل داخلية، فتقوم بالبحث عن مجال حيوي يستوعب الزيادة السكانية، مثل العلاقة بين الصين والتبت (سبب من الأسباب فقط). هذا، بالإضافة إلى قضايا الهجرة وما تؤديه إلى اختلافات في الهوية في الدولة المضيفة.

النظرية البنيوية العدوان: Jhone Galting 

ترجع هذه النظرية أسباب النزاعات الدولية إلى سعي الدول إلى تصحيح بعض المجالات التي تعاني من الاختلال أو الانخفاض مما يؤدي إلى النزاع مع الدول الأخرى، حيث اعتمد غالتونغ على مفهوم الاختلال في توازن المركز، وانطلق من ثنائية (منخفض/عال). فالدول تكون منخفضة في مجالات وعالية في مجالات أخرى، فتحاول إحداث توازن مما يؤثر على العلاقات مع الدول الأخرى. مثال ذلك هو اجتياح العراق للكويت لأنه كان دولة قوية عسكريا وفقيرة اقتصاديا وكانت الكويت دولة ضعيفة عسكريا، ولكنها قوية وغنية اقتصاديا.

النظرية الواقعية:

يرتبط التفسير الواقعي باعتبار الدولة هي وحدة التحليل الأساسية في العلاقات الدولية، وعلى أساس تحليل السياسة الخارجية للدول منفردة دون الكشف عن شبكة العلاقات بين الدول. وقد انطلقت النظرية الواقعية من تحليل سلوك الدول، فنتيجة للفوضى الدولية، تصبح كل دولة مسؤولة عن تأمين أمنها عن طريق زيادة قوتها، حيث أنه لكل دولة مصالح مختلفة مما يؤدي بالسياسات الخارجية إلى التعارض والتناقض، فتحدث النزاعات.

دور مستوى النظام الدولي في تحليل النزاعات الدولية:

في بداية الثمانينات أطلق دافيد سينغر مشروعا ذا أهمية كبيرة لمحاولة فهم مجموع الخصائص الموجودة في النظام الدولي ذي الطابع النزاعي، وذلك من خلال طبيعة العلاقات بين الدول، عدد المنظمات الدولية، المصادر الديموغرافية والاقتصادية والعسكرية. هذا المشروع الذي يدوم منذ 25 سنة لم يصل لنتائج معتبرة، فقد توصل إلى أن:

–       معظم الحروب بدأت في الربيع أو الخريف؛

–       وقوع الحرب يكون أكثر احتمالا عندما يكون النظام متعددة الأقطاب.

–       وقوع الحرب يكون أكثر احتمالا في ظل التحالفات.

إلا أنه بصفة عامة يمكن تحديد خصائص النظام الذي يؤدي للنزاعات من خلال دراسة نسبية النظام وطريقة توزيع القوى، نوع العلاقات فيه و نوع الوحدات الفاعلة.

بنية النظام: يؤكد سنايدر و  Die stingفي  (1977)Conflit among Nationsأن العلاقات النزاعية غير متوترة جدا بالنسبة،في حين حاول  Robert Gilpin في War and change in wold politics إثبات أن الحروب أخذت من طرف القوى الكبرى لتحقيق هيمنتها نتيجة اللاتوازن بين النظام وتوزيع القوى داخله، وأن هذه النزاعات غير محدودة لأنها ذات علاقة بالإقليم والسياسة.20 إلا أن البعض يعتبر أن أكثر النظم سلمية هي تلك التي تسيطر عليها قوة واحدة، أي النظام الذي يتخذ شكلا هرميا، وأهم الأمثلة على ذلك النظام الصيني في القرن 7 ق.م، حيث تم التخلص من الحروب عبر إقامة حكومة دولية فيدرالية تكون فوق الجميع، وتربط الدول بعضها ببعض، تماما كما يتم ربط الأفراد في الدولة الواحدة. وقد أخذ كثير من كتاب المدرسة المثالية بنظرية روسو ودانتي. في حين يرى آخرون ومنهم كينيث والتز أن نظام الثنائية القطبية هو الأكثر استقرارا والأقل ميلا للنزاعات، مثل نظام الحرب الباردة التي تغيب فيه النزاعات العسكرية المباشرة.

في حين نجد أن أكثر المهتمين بدراسة تطور النظام الدولي، أمثال ربتشارد روزكرنس وكارل دتشي وديفيد سينغر ومورتن كابلن، اعتبروا أن النظام متعدد لأقطاب هو الأكثر سلما، نتيجة مرونة التحالفات.

ومن السمات التي شكلت مصدرا للنزاع في النظام الدولي ما تحدث عنه برتراند راسل عام 1917 عندما لاحظ استحالة قيام نظام دولي سلمي إلا في حالة تطابق حدود الدول قدر الإمكان مع حدود الأمم، فوجود قوميات مختلفة ضمن الدولة الواحدة تطالب باستقلالها أو الانضمام إلى دولة أخرى سيبقى دائما سمة نزاعية رئيسية في النظام الدولي21.

وتجدر الإشارة إلى أنه كلما ازداد الاندماج في النظام الدولي الذي من أبرز سماته حاليا ازدياد الاعتماد المتبادل بين الدول وازدياد الاتصال بينها في مختلف الميادين، كلما ازدادت احتمالات النزاع. فالاحتكاك بين دول ذات مصالح عديدة متفقة حينا ومختلفة أحيانا لابد أن يولد النزاعات تماما كما يولد التعاون.

طبيعة النظام: يفترض أن تنظم العلاقات القائمة بين وحدات النظام من خلال قوانين وأعراف دولية، غياب هذه القوانين، أدى إلى نشوء مجتمع فوضوي نتيجة الاختلاف الكبير بين الدول من حيث مفاهيمها وقيمها وثقافتها وتجاربها، وكذلك غياب الآليات التنفيذية القادرة مثلا على تنظيم علاقاتها بشكل فعال، حيث أنه كلما تعددت المنظمات الدولية أكثر كلما زاد اعتماد القوانين.

السباق نحو التسلح: في محاولة للوصول لنظرية رياضية للسباق نحو التسلح، حاول Richardson في Arms and security  تبيان العلاقة بين السباق نحو التسلح والنزاعات، حيث لاحظ أن السباق نحو التسلح بين بريطانيا وألمانيا كان أحد أهم أسباب الحرب العالمية الأولى، واعتبر أن تراكم السلاح أيضا يعد سببا مهما في قيام النزاعات22.

* النظريات التي اعتمدت مستوى النظام في تفسير النزاعات الدولية:

النظرية الواقعية الجديدة:

قام كينيث والتز بتطوير النظرية الواقعية الجديدة انطلاقا من نقد المدرسة الواقعية التقليدية، خاصة من حيث عدم اعتمادها على مستوى واحد للتحليل، وحاول إضفاء العلمية عليها من خلال الاعتماد على النظام الدولي، حيث شبه الدول بالشركات داخل السوق، فكل التفاعلات الدولية تحكمها الدول، لأنها متشابهة وظيفيا. فالنظام الدولي هو الذي يحدد سلوك الدول، وكما رأينا، يرى Waltz أن النظام ثنائي القطبية يؤدي للحد من النزاع.

 نظرية الاستقرار المهمين:

تطورت نظرية الاستقرار المهمين ضمن نطاق الاقتصاد السياسي الدولي، واقترنت بكتابات   Kindberger وكراسنر وكيوهان وGilpin، حيث سعى للربط بين مفهوم الهيمنة والنظام، فلأجل استقرار الدول لابد من نظام أحادي مهيمن يضع المعايير والقوانين ويقوم بتطبيقها من خلال الاستعمال الدائم للقوة، حيث أن النزاعات تحدث عندما لا تكون هناك قوة مهيمنة تستطيع فرض هيمنتها والمحافظة على القوانين الدولية، مما يولد الفوضى.