مقدمة
ثمة أمر مثير للانتباه في ثورات “الربيع العربي” عام 2011؛ إذ لم تقتصر المفاجأة على المعنيِّين أنفسهم، من مستبدين بالسلطة منذ عقود ومحتجين، بل أخذت على حين غِرَّة أيضًا البعثات الدبلوماسية المقيمة، من سفارات وقنصليات. والأهم من ذلك أن الباحثين في العلوم الاجتماعية، الذين من مهماتهم الاستشراف والتحليل، لم يسلموا هم الآخرون من الطابع المباغت لتلك الموجة الثورية. لكن إذا تعذر التنبؤ بأحداث هذه الثورات والانتفاضات، فإن فهمها وتفسيرها أمران متاحان نسبيًا. هذا ما يحاول لويس مارتينيز القيام به في كتابه أفريقيا الشمالية بعد الانتفاضات العربية.
صدر الكتاب عام 2019، أي في سياق عربي يشهد انطلاق موجة ثانية من انتفاضات وثورات “الربيع العربي”؛ في السودان أواخر عام 2018، ثم في كلّ من الجزائر والعراق ولبنان عام 2019. ولبناء إشكاليته البحثية، ينطلق الكتاب من ظاهرة تفكك الدولة في ليبيا، بوصفها أبرز مآلات انتفاضات وثورات 2011، ومن تساؤلات حول الدولة-الأمة في بلدان هذه المنطقة. ثم يزعم أن مشكلة تماسك الأمة في هذه البلدان ترجع جذورها إلى بداية فترة الاستقلال (ص 8). لذلك، يمكن إدراج هذه المقاربة ضمن المقاربات التي تولي أزمة الأنساق السياسية السلطوية في العالم العربي عمومًا أهمية بالغة.
* هذه المراجعة منشورة في العدد 37 (صيف 2021) من مجلة “عمران” (الصفحات 167-175) وهي مجلة فصلية محكمة متخصّصة في العلوم الاجتماعيّة، يصدرها المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات.