مبدأ التناسب كوسيلة للحد من سلطة الدولة: إشكالية لجوء المواطن الألماني للمحكمة الدستورية حماية لحقوقه الأساسية

خليل عماد – باحث، حاصل على دبلوم الدراسات العليا في القانون العام الألماني.

ملتقى الباحثيين السياسيين العرب

تمهيد

قامت بعض الدول، وفي زمن قياسي، بفرض عدد هائل من القيود على حريات المواطنين المخولة بقوة الدستور. وقد بررت هذا التدخل بالحرب على فيروس كورونا، محاولة بذلك شرعنة عملها المعلِّق للحياة العامة و الإجتماعية للأفراد.

ومن بين ما قامت به الدول لمحاربة هذه الآفة نذكر تعليقها لحق التمدرس، تقييدها لحرية التنقل، حظرها لتجمع الأفراد، منعها للتعبد الجماعي، اغلاقها دور العبادات، فرض قيد المسافة ….كما قامت بفرض عقوبات شديدة على انتهاك أوامرها الجديدة. حتى أن بعض الحكومات انتهزت فرصة الهلع التي يعيشها المواطنين لتمرير قوانين جديدة  مستهدفة إلغاء بعض الحريات كحرية الرأي، التي غدت بعد الربيع المغاربي مقلقة لراحة الدول (خصوصا حرية الرأي في مواقع التواصل الإجتماعي).

وهنا تتبادر إلى الذهن أسئلة من أهمها: ماهي الأسس القانونية التي اعتمدتها الدول في تضييقها وإلغائها لبعض الحقوق الأساسية كحق التنقل وحق التجمع؟ هل كانت هذه الإجراء ات مشروعة؟ هل كان هذا التضييق ملائما لتحقيق هدفها في الحفاظ على صحة المواطنين؟ هل كان كل ذلك ضروريا لتحقيق الغاية؟

على العموم يستحيل الإجابة على القضايا المتعلقة بالمساس بالحقوق الأساسية دون أن نتطرق إلى مبدأ التناسب.

مبدأ التناسب هو ذلك المبدأ الذي يلزم سلطات الدولة (في حالة مسها بالحقوق الأساسية للأفراد) بشرعية أهدافها والوسيلة المستخدمة لبلوغها. كما أنه يجبرها على البحث عن أنجع وسيلة لتحقيق غايتها، إضافة إلى أنه يتساءل عن ضرورة هذه الإجراءات مع البحث في توازن العلاقة بين الوسيلة والهدف.

يعالج مبدأ التناسب مشكلة الحد من القوة المشروعة، مشترطا في ذلك أن يكون تدخل(مس) أحد أجهزة الدولة بالحقوق الأساسية تدخلا مشروعا، مناسبا، ضروريا و معقولا، يستهدف منه تحقيق غاية عامة و مشروعة.

يمكن تصوير محتوى و هدف إعمال مبدأ التناسب بهذه اللوحة: “لا يُطلق النار على العصافير باستعمال المدافع.[1]

وسنحاول في هذه المقالة المتواضعة مناقشة هذا المبدأ من منظور المشرع الألماني مركزين على أحكام المحكمة الدستورية الفيديرالية الألمانية المختصة في النظر في هذا النوع من القضايا الماسة بحقوق الأفراد.

ونحب أن نذكر أولا أن الحقوق الأساسية حسب القانون الدستوري الألماني هي تلك الحقوق التي أشارت إليها المادة الأولى الفقرة 3 (ﺗﻠﺘﺰﻡ اﻟﺴﻠﻄﺎﺕ اﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ واﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﺔ واﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ﺑﺎﻟﺤﻘﻮﻕ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﻗﺎﻧﻮﻧﺎ ﻳﻄﺒﻖ بشكل مباشر). ومن هذه الحقوق الأساسية نذكر: الحق في الكرامة، الحق في الحياة والسلامة البدنية، الحق في تنمية الشخصية، الحق في المساواة، ﺣﺮﻳﺔ اﻟﻌﻘﻴﺪﺓ واﻟﻀﻤﻴر، ﺣﺮﻳﺔ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ واﻟﻔﻨﻮﻥ واﻟﻌﻠﻮﻡ،   اﻟﺤﻖ ﻓﻲ اﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ اﻟﺴﻤﻌﺔ، الحق في تأسيس أسرة، الحق في الزواج، الحق في احترام الخصوصية، حرية التنقل…

تستخدم المحكمة الدستورية الفيديرالية الألمانية مفهوم مبدأ التناسب  بمعناه الواسع كمصطلح عام تبتغي به المبادئ الفرعية التالية: شرعية الوسيلة و الهدف، الملاءمة و الضرورة. ثم تستعمل مصطلح التناسب بمعناه الضيق كمبدء فرعي رابع. إذن يمكن القول باحترام مبدأ التناسب إذا ما كانت التدابير السيادية شرعية وملائمة وضرورية ومناسبة (بالمعنى الضيق)فيما يتعلق بالغرض المنشود [2]

يعتبر مبدأ التناسب من أحد أهم المبادئ الغير مكتوبة [3] التي ترمي إلى تحقيق العدالة[4]. يمكن استنباطه من مبدأ سيادة القانون[5] و من فكرة العدالة، كما يمكن أيضا استنتاجه من طبيعة الحقوق الأساسية نفسها. وتجدر الإشارة الى أن بعض الفقهاء الألمان ربط فكرة التناسب بالإلتزام الواقع على عاتق الدولة بضمان كرامة الإنسان و جوهر الحريات الأخرى.[6]

بالكاد ما نجد مبدأ في القانون العام قد شق طريقه نحو الشعبوية كما شقه مبدأ التناسب. ومع ذلك فإن فكرة المطالبة بعقلنة وتقييد تدخلات الدولة قديمة جدا. نجدها مذكورة في أول وثيقة دستورية في التاريخ وهي الماجنا كارتا(انجلترا 1215): “لايجوز معاقبة الرجل الحر على المخالفة البسيطة الا بمعيار مناسب للمخالفة، ويعاقب على المخالفة الكبيرة بعقوبة كبيرة.”[7]

وقد توسع نطاق تطبيق مبدأ التناسب لينتقل في ألمانيا من قانون الشرطة إلى القانون الدستوري ثم إلى بقية القانون الإداري[8] لينتقل بعد ذلك إلى خارج الأجهزة الألمانية. ونشير هنا إلى أن الفقيه الألماني أوتو ماياغ كان أول من أدخل مبدأ التناسب إلى الأدبيات القانونية سنة 1895 التي كان يركز فيها على الحد من قوة تدخل رجال الشرطة وإخضاعه لقياس نسبة التشويش (المخالفة،الضرر)[9]

تعتمد المحكمة الدستورية الفيدرالية الألمانية مبدأ التناسب كأهم وسيلة لمراقبة المشرع، الحكومة و القضاء.وسنحاول فيما يلي استخلاص وصف هذه المحكمة لمبدأ التناسب محاولين بذلك تكوين فكرة ملخصة عنه وذلك قبل الإنتقال لمجالات تطبيقه وتحليل عناصره(شرعية الأهداف والوسائل، الملاءمة، الضرورة و المعقولية) التي تعتمدها هذه المحكمة القوية للحفاظ على حريات الأفراد وحمايتها من تعسف الدولة بأجهزتها المختلفة.

الفقرة الأولى: وصف المحكمة الدستورية الفيديرالية الألمانية لمبدأ التناسب و الفهم الشخصي

أولا:  وصف المحكمة الدستورية الفيديرالية الألمانية لمبدأ التناسب

يتمتع مبدأ التناسب بأهمة كبيرة في النظام القانوني الألماني. تكون أول الأمر ثم تطور بعد ذلك بفضل الأحكام القضائية.[10] اعتبرته  المحكمة الدستورية الفيديرالية الألمانية من أهم المبادئ العامة [11] التي لا يمكن حصر تطبيقها على مجال معين[12]. وهو بمثابة قاعدة موجهة لكل تصرفات الدولة[13] ولا بد من احترامه عند تفسير أو تطبيق القوانين العادية. [14]

يعتبر مبدأ التناسب أمرو توجيه دستوري مستمد من مبدأ سيادة القانون[15]، ينهض بوظيفة الدفاع عن الحقوق الفردية ومجال الحريات.[16]

وقد قامت المحكمة د.إ.أ في السنوات العشرين الماضية بتوسيع إمكانية تطبيق مبدأ التناسب ليشمل حق المساواة و حالات تقصيرالدولة في واجب الحماية المنوط بها.[17]

أما للتأكد من احترام مبدأ التناسب فإن المحكمة الدستورية تدمج مجموعة من العناصر التي تووصلت إليها في أحكامها لحد الآن (مشروعية الوسيلة و الهدف، الملاءمة الضرورة، التناسب/المعقولية). ونشير هنا إلى أنها لم تحسم بعد في ثلاثية أو رباعية   خطوات تحليل النوازل المتعلقة بالمساس بالحقوق الأساسية.

ثانيا: الفهم الشخصي

مبدأ التناسب هو ذلك المبدأ الذي ينظر في مدى معقولية و ملاءمة العلاقة بين الوسائل المستعملة من طرف سلطات الدولة مع الأهداف المتوخاة وذلك دون أن يغفل البحث في التوازن بين الوسيلة و الهدف.

يطرح مبدأ التناسب السؤال حول ما إذا كانت الوسائل التي تستخدمها السلطات العامة متناسبة مع الأغراض التي تسعى إليها.

يحصر الأهداف (المصالح) في الأهداف المشروعة. أي تلك الغايات التي لا يمكن استبعادها بموجب القانون الدستوري.

وإلى جانب اشتراطه مشروعية الوسائل المختارة فإنه يلزمها بأن تكون قادرة على بلوغ الغاية المتوخاة (تحقيق الهدف)، وإلا فهي وسائل غير ملائمة. تبعا لذلك فإنه يمنع استعمال الوسائل الغير الشرعية المخالفة للدستور (بغض النظر عن مشروعية وأهمية الهدف المنشود).

أما في حالة تعدد الوسائل التي بإمكانها تحقيق الغاية فإن مبدأ التناسب يشترط استعمال الوسيلة (التدخل) الأقل حدة في المس بحريات الأفراد.

وعلاوة على ذلك فإن لمبدأ التناسب دور الموجه لإختيارات الدولة. أي أنه بمثابة البوصلة المساعدة للسلطات الثلاث في اختيارها لوسائلها المستعملة في تحقيق أهدافها المناسبة و المشروعة.

وأخيرا فإن جوهر مبدأ التناسب هو ما يسمى بشرط المعقولية ويشار إليها غالبًا بالتناسب بالمعنى الضيق.

تقوم المحكمة الدستورية الإتحادية الألمانية من خلال الخطوات السابقة بتقييم العلاقة بين الوسيلة والغرض (من حيث النوعية و الكمية) وذلك من أجل التأكد من توازن العلاقة بينهما.

وسننتقل فيما يلي لدراسة مجال تطبيق مبدأ التناسب محاولين بعد ذلك  التعمق في شرح العناصر المكونة له.

الفقرة الثانية: مجال تطبيق مبدأ التناسب و عناصره

أولا: مجال تطبيق مبدأ التناسب

لم يعد مبدأ التناسب مقصورا على قانون الشرطة[18]،  فقد امتد في السنوات الأخيرة ليشمل جميع أعمال سلطات الدولة، خصوصا إذا تعلق الأمر بالمس بالحقوق الأساسية للأفراد[19]؛ إذ يمكن اعتباره ذلك القيد العام المحيـط بكل ما من شأنه استهداف إلغاء[20] او الإنتقاص من الحقوق الأساسية ؛ فأصبح بذلك  شامل لكل تأثير تمارسه سلطات الدولة على المجال الحقوقي للمواطن[21].كما يشمل مجال الخدمات المقدمة من طرف الإدارة. وبناء ا عليه فإن المجال الذي تنتمي إليه السلطة الماسة بالحقوق الأساسية غير مهم.

يشمل مبدأ التناسب مختلف المجالات كقانون الأجانب،القانون الجنائي، القانون البيئي، قانون الضرائب وقانون الإدارة و الإقتصاد….[22]

مجال الحقوق الأساسية كمجال تطبيق رئيسي : 1

يتم تطبيق مبدأ التناسب بشكل أساسي على الحقوق الأساسية. فهو يلعب الدور الرئيسي في مراجعة كل تعدي عليها؛ وقد اعتمدته المحكمة الإتحادية الدستورية الألمانية في جل أحكامها المتعلقة بتقييد أو الحد من الحقوق الأساسية.

ترمي هذه الحريات الأساسية (حقوق الدفاع الأساسية) إلى حماية وتأمين مجال حرية الفرد من انتهاكات السلطة العامة[23].و من الجدير بالذكر أن مبدأ التناسب كان ولوقت قريب مقتصرا فقط على الحريات قبل أن يُقررتطبيقه على مبدأ المساواة[24]. كما تقوم المحكمة الدستورية باستعمال مبدأ التناسب كأداة لقياس تدخل(الإخلال) الدولة في المادة 6 من الدستور الألماني[25] (حماية حقوق الوالدين)[26] وفي قياس التدخل في المادة 28 الفقرة 2 (حق البلديات في التسيير).[27]

وعموما فإن مبدأ التناسب لايقتصر فقط على حماية الأفراد من التدخلات (الإنتهاكات)المفرطة بل يلتزم أيضا بتأمين جوهر الحقوق الأساسية[28]، ليتحول بذلك إلى قيد على القيود المفروضة على الحقوق الأساسية[29]: ومثاله وجوب إخضاع القوانين التنظيمية التي من شأنها تقييد أو الحد من الحقوق الأساسية لمبدأ التناسب.

: شمولية مبدأ التناسب للقانون الإداري 2

يرى الفقهاء الألمان أن مبدأ التناسب مكون رئيسي لمبدأ سيادة القانون وللحقوق الأساسية. كما أنهم يعتبرونه مبدأ دستوري غير مكتوب [30]؛ ويعده بعضهم مثال ودليل على مدى تأثير القانون الإداري على القانون الدستوري (من حيث التشكيل) .[31]

ويلعب مبدأ التناسب أهمية قصوى في حالات المصادرة. كما أن له تأثير مباشر على ترتيب تنفيذ العقوبات، بل يتجاوز ذلك إلى إضفاء عدم الشرعية على بعضها. فيعتبر مثلا غير مناسب استخلاص المبالغ المستحقة من الشخص المديون إلى درجة حرمانه من الأموال الكافية للحصول على الحاجات الضرورية للحياة كالكهرباء والغاز و …[32]

وبناء ا عليه فإن الأعمال الإدارية الماسة بالحقوق الأساسية خاضعة للمراقبة باستعمال مبدأ التناسب، خاصة في الحالات التي تتمتع فيها الإدارة بالسلطة التقديرية[33]. لهذا السبب يعتبر الفقهاء الألمان مبدأ التناسب أهم إلزام قانوني للسلطة التقديرية. [34]

إذن يستوجب في كل عمل إداري يمس بالحقوق الأساسية للأفراد أن يخضع لمبدأ التناسب، مما يعني وجوب النظر في شرعية وملاءمة و ضرورة كل من الوسيلة والهدف.[35]

ثانيا: بنية و مضمون مبدأ التناسب

تمكن مبدأ التناسب، بفضل أحكام المحكمة الدستورية الفيديرالية الألمانية  والأدبيات القانونية، من اكتساب هيكلة موحدة (ابتداء ا من ثمانينيات القرن الماضي). وتتميز هذه الهيكلة بالحيادية ، مما سهل على المبدأ الوصول للعالمية. [36]

تستخدم المحكمة الدستورية الفيديرالية الألمانية مفهوم مبدأ التناسب  بمعناه الواسع كمصطلح عام تبتغي به المبادئ الفرعية التالية: شرعية الوسيلة و الهدف، الملاءمة و الضرورة. ثم تستعمل مصطلح التناسب بمعناه الضيق كمبدء فرعي رابع. إذن يمكن القول باحترام مبدأ التناسب إذا ما كانت التدابير السيادية شرعية وملائمة وضرورية ومناسبة (بالمعنى الضيق) فيما يتعلق بالغرض المنشود. [37]

يتطلب فحص مبدأ التناسب الإبتداء أولا بفحص مشروعية الهدف[38]، خصوصا وأن غياب هذه الأخيرة تلغي باقي الفحوصات.[39]

: شرعية وعدم شرعية الأهداف 1

أ: شرعية الأهداف

يشترط في كل فعل صادر عن السلطة العامة، ماس بالحقوق الأساسية للأفراد، أن يكون ذا غرض مشروع[40].

ويمكن أن يكون الغرض المشروع مصلحة عامة مثلا، مالم تسقط عنها صفة الدستورية  [41]. ويشترط المشرع الألماني في الغرض أن يكون واضحا محددا، فلا ينبغي الإشارة إليه مثلا بالمصطلحات العامة كالمنفعة العامة مثلا.[42]

يعنى بمصطلح الغرض (الهدف،الغاية،الفائدة) النتيجة النهائية القابلة للقياس.[43]

قد لا يشار دائما إلى الهدف بشكل صريح، كأن يشير إليه مثلا المشرع بشكل ضمني، مما يستدعي في حالة الضرورة البحث عن التأويل المناسب لنية المشرع.[44]

ويستحسن ان يتم خلال هذه المرحلة من الفحص البحث عن وجود أهداف أخرى مخفية لم يذكرها المشرع. فلا بد من أخذها هي أيضا بعين الإعتبار.[45]

هناك نوعان من الأهداف المشروعة [46]

النوع الأول: قيم المجتمع المطلقة كأهداف مشروعة[47]

تشمل قيم المجتمع المطلقة المبادئ الدستورية الواجب احترامها ومثاله  المادة 5 الفقرة 1 من الدستور الألماني الملزمة للدولة باحترام حرية الرأي. وعلى هذا المنوال فإن الدستور الألماني غني بالأهداف الدستورية.

يمكن أيضا استنباط الأهداف المشروعة من الأحكام الأساسية للدولة كالإلتزام بالحفاظ على سيادة القانون ،حماية وجود الدولة،[48] الحفاظ على السيادة [49] والحفاظ على النظام الأساسي الدمقراطي.[50]

كما يمكن استنباط هذا النوع من الأهداف من الشروط المعلنة دستوريا في حالة تدخل (مس) الدولة بالحقوق الأساسيةومثاله القيود الهادفة لحماية الشباب والقيود المفروضة على حرية التنقل [51] ونزع الملكية. وفي نفس السياق يمكن ذكر هدف الدفاع عن النظام الدمقراطي للدولة الفدرالية الألمانية ضد أي خطر يمكن أن يتهددها أو يتهدد إحدى المقاطعات المكونة لها، الأهداف المتعلقة بمكافحة مخاطر الأوبئة أو الكوارث الطبيعية أو الحالات الخطيرة الخاصة، الأهداف التي من شأنها منع الأفعال الإجرامية.[52]

وتعتبر الإعتبارات الملائمة التي تصب في صالح المصلحة العامة، المذكورة في الدستور، أيضا من الأهداف الدستورية المشروعة. أغلبيتها قد سبق وأن ذكرتها المحكمة الدستورية الفيديرالية الألمانية.[53] ومثاله القدرة الوضيفية للجيش الألماني أو هدف الحفاظ على المعالم الثقافية.

النوع الثاني: قيم المجتمع النسبية كأهداف مشروعة-

النوع الثاني للأهداف المشروعة هو ما يسمى بالقيم المجتمعية النسبية، والتي تحصل على هذه الدرجة فقط بسبب المشرع البرلماني. أي أنها لا تصل لدرجة الدستورية[54]. ومثاله هو تلك الأهداف التي تبتغي منها السلطة التشريعية، في نطاق سياستها الإقتصادية، تحقيقها[55] . ومثاله حماية المستأجر من المؤجر عن طريق جدولة أسعار الكراء وفرملتها المذكور في الفصل 556 من القانون المدني الألماني. فنلاحظ أن الهدف (حماية المستأجر من المؤجر) غير مخالف للدستور وفي نفس الوقت غير مذكور فيه كالنوع الأول (قيم المجتمع المطلقة).

نلاحظ إذن أن المراد من المصطلحان (القيمة الإجتماعية المطلقة و القيمة الإجتماعية النسبية) هو توضيح درجة الهدف. فنجد أن أهداف القيمة الإجتماعية المطلقة تستمد قوتها من الدستور على خلاف أهداف القيمة الإجتماعية النسبية التي تستمد قوتها من القانون العادي.

ب: عدم شرعية الأهداف

أحد شروط شرعية المس بالحقوق الأساسية هو أن تتوخى منه سلطات الدولة تحقيق هدف مشروع.

وقد ذكر القانون الأساسي الألماني، وذلك إما بشكل صريح أو ضمني، العديد من الأهداف الغير الدستورية؛ فيحظر مثلا اتخاذ أي تدبير يهدف إلى انتهاك كرامة الإنسان (المادة1 فقرة 1 و 3 من القانون الدستوري الألماني)[56]إضافة إلى أنه يمنع التمييز لأي سبب كان، بما في ذلك الإعاقة (المادة3 الفقرة3 من نفس القانون). كما يعتبر إجبار الناس ضد رغبتهم على أداء الخدمة العسكرية المسلحة  هدفا غير مشروع(المادة4 الفقرة3 من القانون الدستوري الألماني). كما تعتبر التدابير الهادفة إلى فرض الرقابة غير مشروعة (المادة5 فقرة1 ق.د.أ). وتحد المادة 6 في فقرتها الثالثة من الأسباب المشروعة لفصل الأطفال عن والديهم (من الأسباب المشروعة نذكر الإهمال البين الحاصل من الوالدين). المحاكم الإستثنائية ممنوعة (المادة101 ق.د.أ).الجمعيات المخالفة لأحكام القانون الجنائي أو الدستوري ممنوعة (المادة 9 فقرة2 ق.د.أ). ممنوع اجبار الأشخاص على امتهان عمل معين (المادة12 فقرة2). كما أنه لا يسمح بانتزاع الملكية لأسباب مالية متعلقة بالدولة، وإنما فقط إذا تعلق الأمربالمصلحة العامة(المادة14 فقرة3 ق.د.أ)

ومن الأهداف الغير مشروعة أيضا ما هو مذكور في المادة 16 (الفقرة1و2 من ق.د.أ) حيث أنه يمنع سحب الجنسية الألمانية، كما أنه لا يجوز تسليم المواطنين الألمان لدولة أخرى.

ـ الوسائل المشروعة و الغير مشروعة2

في حالة ما إذا كان الهدف الذي تسعي إليه الدولة مشروعا فإنه يشترط أن تكون الوسائل أيضا مشروعة.[57]

أـ الوسائل المشروعة

الوسيلة هي كل ما يتحقق به غرض معين، أي أنه كل وجه أو سبب قانوني أو فعلي يؤدي إلى تحقيق الغاية.

يقوم المشرع باختيار وسائله لتحقيق أهدافه، تقيده في ذلك الحقوق الأساسية. فنجد مثلا أن السلطة التشريعية الألمانية مقيدة بأحكام الدستور، متمتعة بذلك بحرية أكبر من السلطتين التنفيذية و القضائية ، الملزمتان باحترام الوسائل المذكورة في القوانين المرتبطة بهما.[58]

سواء ا كان الهدف (الغرض) مشروعا ، وسواء ا ما إذا كانت الوسيلة ملائمة أو ضرورية أو مناسبة (بالمعنى الضيق) فإنه يجب أولا فحص مدى شرعية الوسيلة التي اختارتها سلطة الدولة للوصول لهدفها.[59]

لا تؤدي شرعية الأهداف تلقائيا إلى شرعية الوسائل[60] وذلك بغض النظر عن مدى أهمية أو ضرورة تحقيق الهدف، فالغاية لا تبرر الوسيلة. ولا يتم البحث في العلاقة بين الوسيلة والغاية إلا إذا كانتا هما معا مشروعتين.[61]

إضافة إلى ذلك يكون من اللازم تحديد الوسيلة.[62]

تكون الوسيلة المستعملة من طرف سلطات الدولة شرعية في حالة إذا ما كانت مشروعة قانونيا؛ أي أن يكون التدبير المتخد متوافق مع النظام القانوني.[63] تبعا لذلك يمكن أن تستمد الوسيلة شرعيتها من قانون برلماني أو لائحة قانونية [64]أو من إجراء إداري أو حكم قضائي.[65]

كما يمكن لذلك التحفظ المذكور صراحة والمخول للدولة تقييد الحقوق الأساسية أن يكون وسيلة مشروعة (القانون التنظيمي مثلا). ومثاله القيود الواردة على حرية الرأي لسبب من الأسباب المحددة في القانون (المادة 5 الفقرة 2 من ق.د.أ): “ﺗﺨﻀﻊ ﺗﻘﻴﻴﺪاﺕ ﻫﺬﻩ اﻟﺤﻘﻮﻕ ﻷﺣﻜﺎﻡ اﻟﻘﻮاﻧﻴﻦ اﻟﻌﺎﻣﺔ، وأﺣﻜﺎﻡ اﻟﻘﻮاﻧﻴﻦ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺤﻤﺎﻳﺔ اﻷﺣﺪاﺙ،  وﻟﻠﺘﺸﺮﻳﻌﺎﺕ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺤﻖ اﻟﺸﺮﻑ اﻟﺸﺨﺼي”.

ونلاحظ أن المشرع الألماني لم يحد بشكل نهائي الوسائل المشروعة الماسة بالحقوق الأساسية فترك الإمكانية متاحة (طبعا بشرط احترام مبدأ التناسب).

ومن الأمثلة نذكر المادة 2 الفقرة 2 الجملة 3 من الدستور الألماني: ﻟﻜﻞ ﺷﺨﺺ اﻟﺤﻖ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎﺓ واﻟﺴﻼﻣﺔ اﻟﺒﺪﻧﻴﺔ. ﺗﻜﻮﻥ ﺣﺮﻳﺔ اﻟﺸﺨﺺ ﻣﺼﻮﻧﺔ. ﻻ ﻳﺠﻮﺯ اﻟﺘﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ  اﻟﺤﻘﻮﻕ إﻻ ﺑﻤﻮﺟﺐ اﻟﻘﺎﻧﻮﻥ.

المادة 10 الجمة 2 ق.د.أ: ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺗﻘﻴﻴﺪ ﺳﺮﻳﺔ اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ واﻟﺒﺮﻳﺪ واﻻﺗﺼﺎﻻﺕ إﻻ ﺑﺄﻣﺮ ﻳﺴﺘﻨﺪ إﻟﻰ اﻟﻘﺎﻧﻮﻥ.

المادة 12 الفقرة 1 الجملة 2 من ق.د.أ: ﻳﺤﻖ ﻟﻜﻞ اﻷﻟﻤﺎﻥ اﺧﺘﻴﺎﺭ اﻟﻮﻇﻴﻔﺔ أﻭ اﻟﻤﻬﻨﺔ، وﻣﻜﺎﻥ اﻟﻌﻤﻞ وأﻣﺎﻛﻦ اﻟﺘﺪرﻳﺐ ﺑﺤﺮﻳﺔ. وﺗُﻨﻈﻢ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻣﺰاوﻟﺔ اﻟﻮﻇﻴﻔﺔ أﻭ اﻟﻤﻬﻨﺔ ﺑﻘﺎﻧﻮﻥ أﻭ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻧﻮﻥ.

المادة 14 الفقرة 1 الجملة 2 من ق.د.أ: ﻳُﻜﻔﻞ ﺣﻖ اﻟﻤﻠﻜﻴﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ وﺣﻖ اﻹرﺙ، وﺗﻨﺺ اﻟﻘﻮاﻧﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﻀﻤﻮﻧﻬﻤﺎ وﻣُﻘﻴﺪاﺗﻬﻤﺎ.

وبصفة عامة (بشكل سلبي) يمكن القول بمشروعية وسائل السلطات الثلاث، الماسة بالحقوق الأساسية، مادامت غير ممنوعة دستوريا (صراحة وضمنيا).[66]

 ب.الوسائل الغير مشروعة

تحظر جميع التدابير السيادية التي تشمل وسائل غير قانونية. على سبيل المثال فإن المس بالحقوق الأساسية باستعمال وسيلة ماسة بكرامة الإنسان هو إخلال غير مقبول.

تعتبر جميع التدابير السيادية التي تشمل وسائل غير قانونية محظورة. وعلى سبيل المثال فإن أي مساس بالحقوق الأساسية عن طريق وسائل منتهكة لكرامة الإنسان هي وسائل غير مشروعة (المادة 1 الفقرة 1 و 3 من الدستور الألماني). ومثاله انتهاك استعمال آلة كشف الكذب لكرامة الإنسان فنلاحظ هاهنا أن هذه الوسيلة مرفوضة حتى لو كان الهدف مشروعا[67] . ومن الأمثلة الأخرى على عدم شرعية الوسائل المستعملة  نذكر التعقيم الإجباري[68]، الإعتداء النفسي و الجسدي على المعتقلين: (لا يجوز تقييد حرية الفرد إلا بناءً على قانون رسمي مع مراعاة الإجراء ات المُحددة في هذا القانون. ولا يجوز إيذاء المقبوض عليهم نفسياً أو جسدياً. المادة 104 فقرة 1 جملة 2 من ق.د.أ). كما تعتبر،وبقوة القانون، عقوبة الإعدام وسيلة غير مشروعة لتحقيق أي هدف مهما كان (المادة 102ق.د.أ). أما المادة 13 في فقرتها 3 و 4 فإنها تعتبر المراقبة البصرية وسيلة غير شرعية، و تسمح فقط بالتجسس الصوتي(….يجوز استخدام وسائل تقنية لإجراء مراقبة سمعية لأي مسكن يُعتقد أن المشتبه به يقيم فيه، بناء على أمر قضائي، إذا تبين أن الكشف عن حيثيات الجريمة بطرق أخرى قد يصبح صعبا تماما، أو عديم الجدوى….).  ومن الأمثلة أيضا نذكر المادة 101 التي لا تسمح بعقد المحاكم الإستثنائية.

وعلى العموم يمكن القول أنه كلما كانت الأهداف دستورية إلا وغالبا ما تكون الوسائل هي أيضا دستورية.

ـ عنصر الملاءمة3

إذا كان تدبير السلطة العامة اتجاه أصحاب الحقوق الأساسية يتسم بالغرض المشروع ويستعمل وسيلة مشروعة، فإن تحقيق مبدأ التناسب يتطلب منا فحص مدى ملاءمة وسائل التدخل.[69]

يتعلق الأمر هنا بفحص العلاقة الإجابية بين الوسيلة و الهدف، مما يستوجب ملاءمة التدبير المتخذ لتحقيق الهدف المنشود.

تجدر الإشارة إلى أنه كثيرا ما تستعمل الأدبيات القانونية الألمانية مرادفات أخرى لمصطلح الملاءمة ونذكر منها: الكفاءة، الصلاحية، الجدارة و المطابقة.

على العموم، وحسب التعريف الكلاسيكي للملاءمة، فإنه يمكن القول أن الوسيلة ملائمة لتحقيق الهدف إذا ما كان بإمكانها تحقيق المساعدة للوصول للهدف المنشود (العلاقة السببية).[70]

نشير إلى أنه لا يجوز الدفع بصعوبة التنفيذ للقول بأن الوسيلة غير ملائمة [71]، خصوصا وأن مبدأ التناسب لا يتطلب أقوى نسخة من عنصر الملاءمة [72]؛ أي أنه ليس من اللازم اختيار أحسن و أقوى وسيلة لتحقيق الغاية المنشودة [73]، حيث أن استهداف إيجاد النسخة الأقوى للملاءمة يتطلب مطابقة تامة، ما يبقى في الأخير فكرة صعبة التحقيق. [74]

وبناء ا عليه فإنه يمكن  للقانون العادي مثلا أن يكون وسيلة ملائمة لتحقيق الغاية المنشودة، بشرط أن تتم تحقيق الغاية بمساعدته[75]. وهذا يعني أن الكفاءة الموضوعية للوسيلة تكون كافية، في حالة إذا ما كانت تستطيع، بشكل ملموس، دعم الوسيلة الوصول للغاية المنشودة [76] (إلا اذا كانت المطابقة مشروطة بشكل صريح). [77]

لا يتحقق شرط الملاءمة في الحالة التي يُصعِّب فيه الإجراء تحقيق الهدف أو في الحالة التي لايؤثر فيها بَتَاتاً في عملية تحقيق الغاية[78]. ومثاله منع السلطات للشركات المساعدة للأشخاص على السفر مع الغرباء مقابل دفع تكلفة أقل من تكلفة وسائل النقل العامة، مستهدفة من هذا المنع الحفاظ علي سلامة الطرق والزيادة من حماية الركاب[79]. فنلاحظ هنا غياب شرط الملاءمة.

وفي نطاق السلطة التقديرية فإنه لا يجوز للإدارة أن تختار وسائل غير ملائمة لتحقيق الأهداف، وهكذا فإنه لا يجوز لوزارة العدل بولاية بادن ڤيختمبرڭ، بذريعة الفصل 4 من قانون المرور الألماني، بمنع ركن السيارات أمام مقرها بهدف تيسير عملية ركن سيارات موظفيها [80]، وذلك لأن هدف لوائح المرور هي ضمان سلامة و سهولة حركة المرور على الطرق، أي أنه غير مرتبط بنتيجة الحظر المبتغى من وزارة العدل (أماكن إضافية لركن سيارات الموظفين).)

وأخيرا تجدر الإشارة إلى أن المحكمة الإتحادية الدستورية الألمانية تفحص عنصر الملاءمة بناء ا على ملاءمَة الوسيلة وقت اتخاذ التدابير، وبالتالي يكون القانون ملائما، إذا كان ممككن وقت سنه، افتراض أنه يمكن على الأقل تعزيز الغرض الذي يسعى إليه. خصوصا أنه يصعب على المشرع التنبؤ بالمستقبل[81]وبالتالي فالمشرع غير ملزم بتحقيق كل ما تنبأ به في هذا الإطار[82]وبهذا يحفظ للمشرع حقه في ارتكاب الخطأ المشروع[83]. كما أن التوقعات الخاطئة للمشرع غير كافية للحكم على الإجراء بعدم الدستورية[84]. إذن فالمشرع يتمتع بسلطة تقديرية إضافية إذا ما تعلق الأمر بإنجاز مهمة محددة.[85] (إلا أنها لا تحرره من وجوب احترام عنصر الملاءمة). إن مرور الزمن المحدد لبلوغ الغاية ،دون أن يؤثر الإجراء في بلوغها، غير كاف للحكم بعدم الدستورية[86]. لكنه يستدعي افتراض عدم الملاءمة مما يتطلب إيجاد وسيله بديلة لتحقيق الغاية. [87]

ـ عنصر الضرورة4

لا يكفي من أجل تحقيق الغرض المنشود أن تكون الوسيلة ملائمة بل لا بد أن تكون ضرورية أيضا.[88] لأن فقط ما هو ملائم يمكن أن يكون ضروري، وما هو ضروري لا يمكن أن يكون غير ملائم.[89]

وفقا للأدبيات القانونية[90]و للأحكام القضائية [91] فإن الوسيلة تكون ضرورية طالما لم تتوفر وسيلة أخرى أخف ضررا لتحقيق الغاية المنشودة. أي لابد في حالة التدخل تفضيل التدخل الأدنى وَطْئًا[92]. قد تؤدي امكانية استخدام وسيلة فعالة بنفس القدر ولكن أقل ضررا  من غيرها إلى اعتبار الإجراء غير قانوني بسبب انتهاك مبدأ التناسب. [93]

تستخدم في الأدبيات الألمانية مرادفات أخرى لكلمة الضرورة ونذكر منها: مبدأ الوسيلة الأكثر اعتدالا [94] أو مبدأ النتائج الطفيفة[95]. يستخلص من هذه الأوصاف و غيرها  وجوب اختيار الوسيلة الأكثر اعتدالا.

تستعمل المحكمة الإتحادية الدستورية الألمانية لتعريف عنصر الضرورة عدة صياغات منها: تكون الوسيلة ضرورية في حالة ما إذا لم يكن بإمكان المشرع  اختيار وسيلة أخرى فعالة بنفس القدر، ماسة بالحقوق الأساسية بشكل أقل. [96]وتكون الوسيلة ضرورية ،في حالة ما إذا لم تكن هنالك طريقة أخرى أقل إضرارا بالحقوق الأساسية، لتحقيق الغاية المنشودة[97].

تتم اثناء فحص عنصر الضرورة عملية المقارنة بين الوسيلة المستعملة والوسائل الأخرى البديلة، ويتطلب ذلك خطوتين. أولا: يقارن إلى أي مدى تعزز الوسيلة تحقيق الغاية. ثانيا: يقارن إلى أي مدى تؤثر الوسيلة سلبا على المكتسبات الدستورية.[98]

يعتمد فحص الضرورة للوسائل المستخدمة دائمًا على البحث عن وسائل بديلة. بادئ ذي بدء ، من الواجب فحص الوسائل الأخرى الملائمة لتحقيق الغرض المقصود. هنا ، تتطلب القوانين فحصًا شاملًا للملاءمة، والذي يتضمن أيضًا وسائل لا ينظر فيها المشرع. والذي يستوجب الأخذ بعين الإعتبار لتلك الوسائل التي لم يفكر فيها المشرع[99].

إذا تم التوصل في نازلة محددة إلى العديد من الوسائل الملائمة، فإن الإختيار يقع على الوسيلة الأكثر اعتدالا[100]. ويجب لذلك مقارنة  شدة تدخل الوسائل الملائمة في الحقوق الأساسية[101]. يجب مراعاة الآثار الجانبية السلبية عند قياس شدة الإجراء.

في حالة كون الوسيلة البديلة، الملائمة بنفس الدرجة، أقل اعتدالا من الوسائل المستعملة (أي أنها تمس بالحق الأساسي بشكل أقل حدة أو انها تمس فقط بحق أساسي آخر أقل أهمية)، فإنه في هذه الحالة يمكن القول بعدم تحقق شرط الضرورة الذي يستوجبه مبدأ التناسب.[102]

وكما هو الحال في عنصر الملاءمة فإن المشرع يتمتع أثناء فحص عنصر الضرورة بمساحة واسعة للتنبؤ و التقييم.[103]

ـ شرط التناسب بالمعنى الضيق (عنصر المعقولية)5

وأخيرًا ، يجب أن يكون التدبير الملائم والضروري مناسبًا (بالمعنى الضيق)/ معقول.[104]

تتعدد التسميات التي يطلقها رجال القانون الألمان على عنصر التناسب بمعناه الضيق، ونذكر منها: المعقولية [105] ، وحظر الإفراط [106] ، والكفاية ، والعلاقة بين الوسيلة و الغرض  أو عنصر التقييم[107] (التوازن بين الهدف والوسيلة).[108]

ويتطلب عنصر التناسب (المعنى الضيق) علاقة متناسبة بين الوسيلة و الهدف[109]. أي وجوب تواجد علاقة معقولة بين الهدف المتوخى و الوسيلة المستعملة لذلك.[110]

ونحن نميل في هذا العمل المتواضع إلى تسمية العنصر الرابع (عنصر التناسب بالمعنى الضيق) بمصطلح المعقولية، وذلك تفاديا للخلط بين العنصرين الملاءمة و التناسب وتجنبا لترادف الكلمتين.

ومهما اختلفت الأوصاف فإن  عنصر المعقولية يتطلب مفاضلة بين مساوئ الإجراء للشخص المعني (التدخل / العبء / الهجوم / الإصابة / الخطر) من ناحية وبين ما يمكن أن يتحصل عليه الصالح العام من فوائد و إجابيات(المنفعة / مكافحة الخطر الدفاع).

فعلى سبيل المثال، عندما يتعلق الأمر بمسألة ما إذا كان ينبغي السماح بالمراقبة بالفيديو للمناطق السكنية من أجل مكافحة جرائم العصابات الخطيرة، يجب الموازنة بين الحق الأساسي للشخص المراقَب في حرمة منزله وبين المصلحة العامة في الحفاظ على النظام القانوني والدفاع عنه.

ومن الأحكام القضاية، قام ألكسي باستخراج “قاعدة الموازنة”[111]: كلما زاد الإخلال أو ضعف أحد المبادئ، كلما زادت أهمية تحقيق الآخر. أما ميرتن فيقول بأن عنصر المعقولية (التناسب بالمعنى الضيق) مجرد ابتذال بلاغي لا لزوم له، مبررا ذلك بأن عدم الملاءمة الموضوعية للتدخل هو في الأصل غير متناسب وبالتالي غير دستوري.[112]

تسمح الحقوق الأساسية نفسها أحيانًا بفهم الترجيح والتوازن المناسب لعلاقة الوسيلة و الهدف. وعلى سبيل المثال يرجح التماسك الأسري[113] على التكوين المهني للطفل القاصر وبالعكس فإن  التماسك الأسري لا يرجح على الإهمال اللاحق بالطفل القاصر(فهو أقل منه وزنا). ومع ذلك فإن الأحكام القضائية و الرأي الرغالب لا يريدان التوقف عند هذه الموازنة المذكورة للحقوق الأساسية، بل يريدان تحديدها و تهذيبها بشكل مستقل.

في السوابق القضائية للمحكمة الدستورية الاتحادية ، تم صياغة فحص المعقولية (التناسب بالمعنى الضيق) بأشكال مختلفة[114] . على سبيل المثال ، تتطلب المحكمة في بعض الأحيان علاقة مناسبة[115]، علاقة راشدة في بعض الأحيان[116]،  وتتحدث في الأحكام الأخرى عن المعقولية [117].

عند تقييم الملاءمة ، من المهم بشكل خاص التحقق مما إذا كانت العلاقة بين الوسائل والغايات غير مناسبة وليس ما إذا كانت مناسبة بمعنى إيجابي[118]. للحصول على إجابة لهذا السؤال ، يتم قياس شدة التدخل في الحقوق الأساسية مقابل الوزن الدستوري للأغراض المتبعة. لذا فهي مسألة موازنة. ينقسم هذا التقييم إلى ثلاث مراحل:[119]

في الخطوة الأولى ، يجب تسمية الحقوق و القيم القانونية المعنية (المصالح المتضاربة) وتقييمها بشكل تجريدي[120] ، أولا يطرح السؤال عن الحقوق الأساسية المقيدة بالوسائل. ثانياً ، يتعلق الأمر بمقاصد الدولة في التدخل في الحقوق الأساسية. يتم تحديد الأمور المعنية بشكل مجرد وتعيين كيفية تقييمها قانونيا[121]. يستند التقييم القانوني ، من جهة ، على أهمية الحقوق الأساسية المعنية ، ومن ناحية أخرى ، على مدى أهمية هدف التدخل في الحالة المحددة [122] (تحديد شدة التدخل في الحالة المحددة)[123] .

الخطوة الثانية هي تحديد مدى أهمية هدف التدخل في الحالة المحددة. أي يجب تحديد مدى الصعوبة (مدى الحدة ، المدة ، عدد المرات) التي تمس فيها الوسائل  بالحقوق الأساسية للشخص المعني[124]. ولتحقيق هذه الغاية ، يجب فحص المكاسب الملموسة في الصالح العام  أو بالأحرى بأي كثافة ينفد بها الهدف المشود[125].

في الخطوة الأخيرة ، يجب تحديد، مع الأخذ بعين الاعتبار الخطوتين السابقتين ، ما إذا كانت أهمية الهدف  تبرر شدة التدخل[126] أو ما إذا كانت وسائل تحقيق الهدف غير متناسبة. عند هذه النقطة ، ينطبق قانون الموازنة[127] الخاص بأليكسي : كلما كان التعدي على الحق الأساسي أكثر كثافة ، كلما زادت متطلبات أهمية الهدف المنشود[128]. لا يمكن تكوين مقياس عام يحدد متى تكون فائدة الهدف أثقل من الحقوق الأساسية المرتبطة به، وذلك راجع لأن  قرار الموازنة (بالإضافة إلى المستويات المجردة الموضحة أعلاه) يراعي اعتبارات الحالة الفردية الملموسة للنازلة.[129]

خاتمة

يشتمل مبدأ التناسب على خمس خطوات: يجب أن يسعى تدبير الدولة إلى تحقيق هدف مشروع ، ويجب أن تكون الوسائل المستخدمة شرعية ، مناسبة وضرورية للغرض. وأخيرا يجب أن يكون الغرض والوسائل في علاقة متناسبة (معقولة) مع بعضها البعض. تعتمد الأسئلة المتعلقة بالغرض المشروع وبالوسائل المشروعة على ما إذا كانت محظورة قانونيا. الوسائل الملائمة هي تلك التي تعزز الغرض على الأقل ، أي التي لا تؤدي إلى نتائج عكسية. ضرورية هي تلك الوسائل الملائمة المعتدلة أكثر من غيرها.وتنطوي المعقولية (التناسب بالمعنى الضيق) على موازنة شاملة للقيم و الحقوق والتي تقسم بدورها إلى ثلاث خطوات فرعية: يجب تحديد القيم القانونية المعنية وتقييمها بصورة مجردة (هل إحدى القيم القانونية ـ الحقوق ـ في حد ذاتها أكثر أهمية من الأخرى) ويتم تقييمها أخيرًا في الإصطدام الملموس.

وعموما، يمكن القول ان لمبدأ التناسب نطاق تطبيق واسع جدا وله مجموعة متنوعة من الجوانب والخصوصيات المختلفة (على حسب مجال التطبيق). وفي رأيي، إنه واحد من أهم وأنجح آليات الرقابة التي  تستعملها المحكمة الدستورية الاتحادية الألمانية. وهو ينهض بدور الحد من سلطات الدولة ، فيحمي بذلك الحقوق الأساسية للمواطنين. وبالتالي يستطيع كل مواطن ألماني، يرى أن أحد أو عدة من حقوقه الأساسية قد انتهكت من طرف سلطة الدولة، التقدم بشكوى دستورية أمام المحكمة الإتحادية الدستورية الألمانية.

ذ. خليل عماد

[1] Vgl. mwN.: Hirschberg, Der Grundsatz der Verhältnismäßigkeit, Göttingen, 1981, S. 6; Vgl. auch Schröder, Der Verhältnismäßigkeitsgrundsatz, Ad Legendum 4/2015, S. 327 (331)

[2] BVerfGE 28, 264 (280); 30, 292 (316); 21, 150 (155); 27, 211 (219); 27, 344 (352); 34, 205 (209); 36, 47 (59); 37, 1 (18 f.); 38, 281 (302); BVerfGE 67, 157 (173); 70, 278 (286); 104, 347 ff.; 163, 182; BVerfGE 109, 188 (191).

[3]  Vgl. zum Beispiel nur BVerfGE 1958,Bd. 7, S. 377 ff.;1970, Bd.30, S. 292 ff. ; BVerfG NJW 1989, S 2457; BVerfG NJW 1994, S.1080 f.; Die Gerichte benutzen auch den  Ausdruck Übermaßverbot. Vgl. BVerfGE 1963, Bd. 16 ,S. 194 ff.; BVerwG NJW 1989, S.1942. Vgl. ausführlicher zur Terminologie die Abhandlungen von Grabitz, Der Grundsatz der Verhältnismäßigkeit in der Rechtsprechung des Bundesverfassungsgerichts, in: AöR 98 (1973), S. 568 (568 ff.); Gröpl, Staatsrecht I, München , 7. Auflage, 2015, S. 128, Rn. 533; s. auch Ossenbühl, Der Grundsatz der Verhältnismäßigkeit in der Rechtsprechung der Verwaltungsgerichte, Juristische Ausbildung, 1997, S. 617 (617).

[4]  Schröder, Der Verhältnismäßigkeitsgrundsatz, Ad Legendum 4/2015, 327 (327); Vgl. Grabitz, Der Grundsatz der Verhältnismäßigkeit in der Rechtsprechung des Bundesverfassungsgerichts, AöR 98 1973, 568 (584); Ossenbühl, Maßhalten mit dem Übermaßverbot, in: Badura / Peter-Scholz / Rupert (Hrsg.), Festschrift für Peter Lerche zum 65. Geburtstag, München, 1993, S. 151 (152).

[5] BVerfGE 19, 342 (348f.); BVerfGE 23, 127 (133); BVerfGE 25, 44 (54); Jan Schröder, Der Verhältnismäßigkeitsgrundsatz, Ad Legendum 4/2015, S. 327 (330)

[6] Alexy, Menschenwürde und Verhältnismäßigkeit, AöR 2015, S. 497 (479), 140. Band Heft 4, Dezember 2015.

[7] Abdruck der Magna Charta Libertatum bei Dennewitz, Die Verfassungen der modernen Staaten, Band I, 1947, S. 37.

[8] Vgl. Pieroth, Der Grundsatz der Verhältnismäßigkeit im Verwaltungsrecht, in: Kment / Jarass, Festschrift Hans D. Jarass zum 70. Geburtstag, München, 2015, S. 587 (587 f.); Ress, Der Grundsatz der Verhältnismäßigkeit im deutschen Recht, in: Kutscher / Ress / Teitgen / Ermacora / Ubertazzi, Der Grundsatz der Verhältnismäßigkeit in europäischen Rechtsordnungen, 1985, S. 5.

[9] Mayer, Deutsches Verwaltungsrecht, Band 1, 1895, S. 267 ff.

[10] Hwang, Verhältnismäßigkeitsgrundsatz  und Wesensgehaltsgarantie, Hamburg, 2015, S. 44.

[11]  BVerfGE 42, 212 (220); Stern / Sachs, Das Staatsrecht der Bundesrepublik Deutschland, Band III, Teilband 2, München, 1994, S. 768.

[12] BVerfGE  43, 242 (288)

[13] BVerfGE 38, 348 (368)

[14] BVerfGE 43, 101 (106)

[15] BVerfGE 61, 126 (134)

[16] BVerfGE 81, 310 (338)

[17] Vgl. BVerfG, Beschluss vom 26. Januar 1993 – 1 BvL 38/92, 1 BvL 40/92, 1 BvL 43/92 –, BVerfGE 88, 87-103 (Vornamensänderung bei Transsexuellen; BVerfG, Urteil vom 28. Mai 1993 – 2 BvF 2/90, 2 BvF 4/92, 2 BvF 5/92 –, BVerfGE 88, 203-366 (Schwangerschaftsabbruch);

[18] Ress, Der Grundsatz der Verhältnismäßigkeit im deutschen Recht, in: Kutscher / Ress / Teitgen / Ermacora / Ubertazzi, Der Grundsatz der Verhältnismäßigkeit in europäischen Rechtsordnungen, 1985, S. 23 ff., 28

[19] Gentz, NJW 1968, Heft 35, Zur Verhältnismäßigkeit  von Grundrechtsteingriffen, S. 1600 (1605); Dreier in: Dreier / Bauer, Grundgesetz Kommentar, Band 2, Mohr Siebeck,  Art 20, Rn. 175, 1998, S. 196; Vgl. Merten, Verhältnismäßigkeitsgrundsatz, in: Merten / Papier (Hrsg.), Handbuch der Grundrechte in Deutschland und Europa, Band III, Teilband II, 2006,  § 68, S. 517  (542), Rn. 42; Vgl. auch BVerfGE 38, 348 (368)

[20] Stern, Das Staatsrecht der Bundesrepublik Deutschland, B III/2, § 84, S. 761 ff

[21] Vgl. BVerfGE 79, 90 (91); 80, 36 (39); 83, 363 (392).

[22] Vgl. Ossenbühl, Vorsorge als Rechtsprinzip im Gesundheits-, arbeits- und Umweltschutz, NVwZ 1986, S. 161 ff.; Vgl. auch Hirschberg, Der Grundsatz der Verhältnismäßigkeit, Göttingen, 1981, S. 25 ff

[23] BVerfGE 7, 198, 204; 50, 290 (337); 68, 193 (205).

[24] Koutnatzis, Verfassungsvergleichende Überlegungen zur Rezeption des Grundsatzes der Verhältnismäßigkeit in Übersee, VRÜ 44, 2011, S. 32 (33ff.)

[25] Grundgesetz für die Bundesrepublik Deutschland in der im Bundesgesetzblatt Teil III, Gliederungsnummer 100-1, veröffentlichten bereinigten Fassung, das zuletzt durch Artikel 1 des Gesetzes vom 23. Dezember 2014 (BGBl. I S. 2438) geändert worden ist.

[26] BVerfGE 24, 119 (145 f.).

[27] Vgl. Grabitz, Der Grundsatz der Verhältnismäßigkeit, AöR 98 1973, S. 558 (600).

[28] Vgl. Emmerich-Fritsche, Der Grundsatz der Verhältnismäßigkeit als Direktive und Schranke der EG-Rechtsetzung, Beitrag zum Europäischen Wirtschaftsrecht, Berlin, 2000, S. 329.

[29] Stern, in: Stern / Becker, Grundrechte-Kommentar, 1. Auflage, 2010, S. 57, Rn. 135.

[30] Vgl. Ossenbühl, Der Grundsatz der Verhältnismäßigkeit (Übermaßverbot) in der Rechtsprechung der Verwaltungsgerichte, Juristische Ausbildung 1997, S. 617 (617).

[31] Ibler, Wie konkretisiert Verwaltungsrecht Verfassungsrecht?, in: Konstanzer Symposium aus Anlass des 80. Geburtstages von Hartmut Maurer, 2012, S. 1 (2).

[32] Vgl. Hotz, Zur Notwendigkeit und Verhältnismäßigkeit von Grundrechtseingriffen, Zürich, 1977, S. 3 ff.

[33] Jarass, in: Jarass / Pieroth, Grundgesetz für die Bundesrepublik Deutschland, 13. Auflage, 2014, Art. 20, Rn. 81a

[34] Vgl. Stein / Götz, Staatsrecht, 21. Auflage, Tübingen, 2010, § 30 V, S. 244.

[35] Pieroth, Der Grundsatz der Verhältnismäßigkeit im Verwaltungsrecht, in: Kment / Jarass, Festschrift Hans D. Jarass zum 70. Geburtstag, München, 2015, S. 587 (592).

[36] Meister / Klatt, Der Grundsatz der Verhältnismäßigkeit, JuS 2014, S. 193 (194).

[37] BVerfGE 28, 264 (280); 30, 292 (316); 21, 150 (155); 27, 211 (219); 27, 344 (352); 34, 205 (209); 36, 47 (59); 37, 1 (18 f.); 38, 281 (302); BVerfGE 67, 157 (173); 70, 278 (286); 104, 347 ff.; 163, 182; BVerfGE 109, 188 (191).

[38] Es wird die Frage behandelt, ob ein legitimer Zweck vorliegt; BVerfGE 115, 276 (303); BVerfGE 124, 300 (331); Vgl. BVerfGE 80, 137 (159); 104, 337 (347); 107, 299 (316).

[39] Kim, Schranken und Schrankenschranken grundrechtlicher Abwehrrechte, Berlin, 2009, S. 115

[40] BVerfGE 100, 313 (359); 115, 320 (345); 117, 163 (182); 124, 300 (331).

[41] BVerfGE 124, 300, 331

[42] Epping, Grundrechte, Hamburg, 6. Auflage, 2014, Rn. 52.

[43] Clérico, Die Struktur der Verhältnismäßigkeit, Baden-Baden, Nomos-Verl.-Ges., 2001, S. 31.

[44] Lothar, Die Drei Argumentationsstrukturen des Grundsatzes der Verhältnismäßigkeit, Jus 2001, S. 148 (148) ; Ossenbühl, Der Grundsatz der Verhältnismäßigkeit (Übermaßverbot) in der Rechtsprechung der Verwaltungsgerichte, Jura 1997, 617 (618).

[45] Epping, Grundrechte, Hamburg, 6. Auflage, 2014, S. 22, Rn. 50.

[46] Vgl. Borowski, Die Bindung an Festsetzungen des Gesetzgebers in der grundrechtlichen Abwägung, S. 99 (106 ff.), in: Laura Clérico, Jan-Reinard Sieckmann (Hrsg.), Grundrechte, Prinzipien und Argumentation, Baden- Baden 2009.

[47] Sie sind von der Verfassung selbst vorgegebene, sie sind unabhängig von einer bestimmten politischen Ausrichtung und können Freiheitseinschränkungen rechtfertigen. Ein Beispiel dafür wäre die Wahrung der Volksgesundheit.

[48] Vgl. BVerfGE 33, 52 (71).

[49] Vgl. BVerfG v. 30.6.2009, NJW 2009, S.2267 (2270, Rn. 226); Merten, Verhältnismäßigkeitsgrundsatz, in: Merten / Papier (Hrsg.), Handbuch der Grundrechte in Deutschland und Europa, Band III, Teilband II, 2006, § 68, S. 517 (550), Rn. 60.

[50] Für die, die durch Art. 22 Abs. 2 GG geschützten Staatsfarben stehen, vgl. BVerfGE 81, 278 (293); BVerfG (Kammer), NJW 2009, S. 908; vgl. auch BVerwG, DVBI. 2003, S. 873; BVerfG (Kammer) DVB1. 2004, S. 263. Dasselbe gilt für die Nationalhymne, vgl. BVerfG, Beschluss vom 07. März 1990 – 1 BvR 1215/87 –, BVerfGE 81, 298-309-, Juris.

[51] Art 11 Abs. 2 GG.

[52] Vgl. Art. 11 Abs. 2 GG

[53] BVerfGE 28, 243 (261); BVerfGE 81, 156 (191f.); BVerfGE 14. 19 (23).

[54] Vgl. BVerfGE 13, 97 (107); Vgl. Auch Grabitz, Freiheit und Verfassungsrecht. Kritische

Untersuchungen zur Dogmatik und Theorie der Freiheitsrechte, Tübingen 1976, S. 65 f.

[55] BVerfGE 13, 97 (107) = NJW 1961, 2011.

[56] Gentz, NJW 1968, Heft 35, Zur Verhältnismäßigkeit von Grundrechtsteingriffen, S. 1600 (1602).

[57] Wienbracke, Der Verhältnismäßigkeitsgrundsatz, ZJS 2013, S. 148 (150); Merten, Verhältnismäßigkeitsgrundsatz, in: Merten / Papier (Hrsg.), Handbuch der Grundrechte in Deutschland und Europa, Band III, Teilband II, 2006, § 68, S. 547 f., Rn. 54 f.; Gentz, NJW 1968, Heft 35, Zur Verhältnismäßigkeit von Grundrechtsteingriffen, S. 1600 (1602f.).

[58] Vgl. Pieroth / Schlink / Kingeen / Poscher, Grundrechte Staatsrecht II, Hamburg, 30. Auflage, 2014, S. 71, Rn. 290; Vgl. auch Mike Wienbracke, Der Verhältnismäßigkeitsgrundsatz, ZJS 2013, S. 148 (150).

[59] Wienbracke, Der Verhältnismäßigkeitsgrundsatz, ZJS 2013, S. 148 (149).

[60] Dieser Gedanke liegt § 240 Abs. 2 StGB (Rechtswidrigkeit der Nötigung) zugrunde; Vgl. Gentz, NJW 1968, Zur Verhältnismäßigkeit von Grundrechtseingriffen, S. 1600 (1600).

[61] Vgl. BVerfGE 18, 121 (132); Vgl. auch Schlink, Der Grundsatz der Verhältnismäßigkeit, in: Badura / Dreier (Hrsg.), Festschrift 50 Jahre Bundesverfassungsgericht, Band II, 2001, S. 445 (451); Schachtschneider, Karl Albrecht , Prinzipien des Rechtsstaates, Berlin 2006, S. 349.

[62] Torben Westerhoff, Die Prüfung der Verhältnismäßigkeit im Rahmen gebundener Entscheidungen, Frankfurt, 1. Auflage 2016, S. 63.

[63] Pieroth, Der Grundsatz der Verhältnismäßigkeit im Verwaltungsrecht, in: Kment / Jarass, Festschrift Hans D. Jarass zum 70. Geburtstag, München, 2015, S. 587 (590).

[64] BVerfGE 33, 125, (156)

[65] Epping, Grundrechte, Hamburg, 6. Auflage, 2014, Rn. 43.

[66] Gentz, NJW 1968, Heft 35, Zur Verhältnismäßigkeit von Grundrechtseingriffen, S. 1600 (1602).

[67] BGHSt. 5, 332ff.=NJW 54, 649, 50.

[68] Gentz, NJW 1968, Heft 35, Zur Verhältnismäßigkeit von Grundrechtsteingriffen, S. 1600 (1602).

[69] Brammer, Das Verhältnismäßigkeitsprinzip nach deutschem und belgischem Recht, Aachen: Shaker, 2001 S. 45

[70] BVerfGE 67, 157 (173); 33, 171 (187); 30, 292 (316); 100, 313 (373); 96, 10 (23); Vgl. BVerfGE 113, 167 (234); 120, 224 (240); 126, 112 (144); 103, 293 (307).

[71] BVerfGE 110, 141(164).

[72] Clérico, Die Struktur der Verhältnismäßigkeit, Baden-Baden, Nomos-Verl.-Ges., 2001, S. 37.

[73] Clérico, Die Struktur der Verhältnismäßigkeit, Baden-Baden, Nomos-Verl.-Ges., 2001, S. 37.

[74] Clérico, Die Struktur der Verhältnismäßigkeit, Baden-Baden, Nomos-Verl.-Ges., 2001, S. 38.

[75] Vgl. BVerfGE 73, 301 (317); 16, 147 (183); 65, 116 (126); 16, 147 (183); 7, 377 (412); 13, 97 (113).

[76] Brammer, Das Verhältnismäßigkeitsprinzip nach deutschem und belgischem Recht, Aachen: Shaker, 2001, S. 48.

[77] Westerhoff, Die Prüfung der Verhältnismäßigkeit im Rahmen gebundener Entscheidungen, Frankfurt, 1. Auflage 2016, S. 64; Jakobs, Der Grundsatz der Verhältnismäßigkeit, Band III, 1985, S. 61f; Yi, Das Gebot der Verhältnismäßigkeit in der grundrechtlichen Argumentation, Frankfurt am Main, 1998, S. 113.

[78] Vgl. Gentz, NJW 1968, Heft 35, Zur Verhältnismäßigkeit von Grundrechtsteingriffen, S.1600 (1603).

[79] BVerfGE 17, 307 (315ff.).

[80] BVerwGE 27, 181(187f.); Vgl. Stein / Götz, Staatsrecht, 21. Auflage, Tübingen, 2010, § 30 V, S. 245.

[81] Yi, Das Gebot der Verhältnismäßigkeit in der grundrechtlichen Argumentation, Frankfurt am Main, 1998, S. 113.

[82] Yi, Das Gebot der Verhältnismäßigkeit in der grundrechtlichen Argumentation, Frankfurt am Main, 1998, S. 113.

[83] Grabitz, Der Grundsatz der Verhältnismäßigkeit in der Rechtsprechung des Bundesverfassungsgerichts, in: AöR 98 (1973), S. 569 (572 ff.).

[84] BVerfGE 25, 1 (12f.); 30, 250 (263).

[85] BVerfGE 37, 1 (20), E.N. : Stabilisierungsfond, Weinwirtschaftsabgabe von 05.03.1974

[86] Grabitz, Der Grundsatz der Verhältnismäßigkeit in der Rechtsprechung des Bundesverfassungsgerichts, in: AöR 98 (1973), S. 568 (572).

[87] Vgl. Grabitz, Der Grundsatz der Verhältnismäßigkeit in der Rechtsprechung des Bundesverfassungsgerichts, in: AöR 98 (1973), S. 568 (572 ff.).

[88] Dieser Gedanke findet sich bereits in den Bestimmungen über die Polizeiverfügungen (Preußisches Polizeiverwaltungsgesetz), z. B. § 41 Abs. 2 PrPVG redet vom geringsten möglichen Eingriff; Die Erforderlichkeit ist die zweite Stufe der Verhältnismäßigkeitsprüfung.

[89] Pieroth / Schlink / Kingeen / Poscher, Grundrechte Staatsrecht II, Hamburg, 30. Auflage, 2014, S. 73, Rn. 298.

[90] Vgl. Merten, Verhältnismäßigkeitsgrundsatz, in: Merten / Papier (Hrsg.), Handbuch der Grundrechte in Deutschland und Europa, Band III, Teilband II, 2006, § 68, S. 517 (554), Rn. 66; Gröpl, Staatsrecht I, München , 7. Auflage, 2015, S. 129, Rn. 539; Pieroth / Schlink / Kingeen / Poscher, Grundrechte Staatsrecht II, Hamburg, 30. Auflage, 2014, S. 72, Rn. 295; K. Hesse, Grundzüge des Verfassungsrechts der Bundesrepublik Deutschland, 20. Auf, Heidelberg 1995, Rn. 318.

[91] Aus der großen Zahl der Entscheidungen vgl. BVerfGE 33, 171 (187); 25, 1, (17); 34, 71 (78); 38, 281 (302); 40, 196 (223); 39, 210 (230); 37, 1 (21); 7, 377, 405=NJW 58, 1035 (1038).

[92] Westerhoff, Die Prüfung der Verhältnismäßigkeit im Rahmen gebundener Entscheidungen, Frankfurt, 1. Auflage 2016, S. 65; Ossenbühl, Der Grundsatz der Verhältnismäßigkeit in der Rechtsprechung der Verwaltungsgerichte, Juristische Ausbildung, 1997, S. 617 (618).

[93] Ossenbühl, Der Grundsatz der Verhältnismäßigkeit in der Rechtsprechung der Verwaltungsgerichte, Juristische Ausbildung, 1997, S. 617 (618).

[94] Hirschberg, Der Grundsatz der Verhältnismäßigkeit, Göttingen, 1981, S. 248.

[95] Lerche, Übermaß und Verfassungsrecht, S. 19.

[96] BVerfGE 40,371 (383)- Verbot von reinen Werbefahrten; 45, 297 (335)- Hamburgisches Enteignungsgesetz; 65, 116 (127)- Patentanwälte; 67, 157 (176)- Post-und Telefonkontrolle; 68,193 (219)- Kostendämpfung-Ergänzungsgesetz; 83, 1 (19)- Kürzung von Anwaltsgebühren;

[97] BVerfGE 49, 24 (58)- kontaktsperregesetz; 38, 281 (302)- Arbeitnehmerkammern; Vgl. auch BVerfGE 81, 156 (193)- Arbeitsförderungsgesetz; 47, 109 (119)- pornographische Filme.

[98] Kim, Schranken und Schrankenschranken grundrechtlicher Abwehrrechte, Berlin, 2009, S. 122.

[99] Hwang, Verhältnismäßigkeitsgrundsatz und Wesensgehaltsgarantie, Hamburg, 2015, S. 61.

[100] Ress, Der Grundsatz der Verhältnismäßigkeit im deutschen Recht, in: Kutscher / Ress / Teitgen / Ermacora / Ubertazzi, Der Grundsatz der Verhältnismäßigkeit in europäischen Rechtsordnungen, 1985, S. 20.

[101] BVerfGE 117, 163 (189)-Erfolgshonorare; BVerfGE 102, 197 (218)-Spielbankengesetz Baden- Württemberg; BVerfGE 110, 141(157)- Kampfhunde.

[102] Hwang, Verhältnismäßigkeitsgrundsatz und Wesensgehaltsgarantie, Hamburg, 2015, S. 62.

[103] BVerfGE 117, 163 (189)-Erfolgshonorare; BVerfGE 102, 197 (218)-Spielbankengesetz Baden- Württemberg; BVerfGE 110, 141(157)- Kampfhunde.

[104] Eine Maßnahme kann nicht mehr angemessen sein, wenn sie nicht schon erforderlich ist. s. Wienbracke, Der Verhältnismäßigkeitsgrundsatz, ZJS 2013, S. 148 (152).

[105] Vgl. BVerfGE 33, 240 (224), 30, 290 (316); 102, 197 (220); 126, 112 (152f.)

[106] BVerfGE 105, 17 (36)- Sozialpfandbrief; BVerfGE 113, 29 (54)- Beschlagnahme von Datenträgern; BVerfGE 90, 145 (173)- Cannabis.

[107] Merten, Verhältnismäßigkeitsgrundsatz, in: Merten / Papier (Hrsg.), Handbuch der Grundrechte in Deutschland und Europa, Band III, Teilband II, 2006, § 68, S. 517 (556 f.), Rn. 71.

[108] Alexy, Theorie der Grundrechte, 1994, Frankfurt am Main, 2 Auflage, S. 100.

[109] Diese Proportionalität verhindert, dass “der Zweck die Mittel heiligt“; s. Merten, Verhältnismäßigkeitsgrundsatz, in: Merten / Papier (Hrsg.), Handbuch der Grundrechte in Deutschland und Europa, Band III, Teilband II, 2006, § 68, S. 517 (556 f.), Rn. 71.

[110] Z.B. BVerfGE 15, 226 (234)- vorkonstitutionelles Gewohnheitsrecht; BVerfGE 35, 202 (232)- Lebach, Lebach-Urteil; BVerfGE 10, 89 (117)- Erftverband.

[111] Alexy, Theorie der Grundrechte, Frankfurt am Main, 1994, S. 146.

[112] Merten, Verhältnismäßigkeitsgrundsatz, in: Merten / Papier (Hrsg.), Handbuch der Grundrechte in Deutschland und Europa, Band III, Teilband II, 2006, § 68, S. 517 (559), Rn. 75.

[113] Art. 6 Abs. 3 GG.

[114] Vgl. BVerfGE 8, 274 (310); 10, 345 (369); 12, 45 (52); 16, 194 (202); 17, 108 (117); 20, 45 (49f.); 20, 144 (148); 20, 162 (187); 21, 220 (222); 22, 180 (220); 27, 36 (43); 27, 180 (188); 27, 231 (239); 27, 211 (219); 28, 264 (280).

[115] BVerfGE 84, 133, (153): „Die Regelung ist bei einer Abwägung zwischen dem Gemeinschaftsgut, dem sie dient, mit der Schwere des Eingriffs im allgemeinen noch angemessen.“; Hwang, Verhältnismäßigkeitsgrundsatz und Wesensgehaltsgarantie, Hamburg, 2015, S. 67.

[116] BVerfGE 10, 89 (109); 71, 162 (181); 59, 231 (265); 76, 1 (51); 38, 281 (302).

[117] BVerfGE 67, 157 (178): „Bei einer Gesamtabwägung zwischen der schwere des Eingriffs und dem Gewicht sowie der Dringlichkeit der ihn rechtfertigenden Gründe muss die Grenze der Zumutbarkeit noch gewahrt sein“; Clérico, Die Struktur der Verhältnismäßigkeit, Baden-Baden, Nomos-Verl.-Ges., 2001, S. 144ff.

[118] Grabitz, Der Grundsatz der Verhältnismäßigkeit in der Rechtsprechung des Bundesverfassungsgerichts, in: AöR 98 (1973), S. 568 (576); Westerhoff, Die Prüfung der Verhältnismäßigkeit im Rahmen gebundener Entscheidungen, Frankfurt, 1. Auflage 2016, S. 67.

[119] Meister / Klatt, Der Grundsatz der Verhältnismäßigkeit, JuS 2014, S. 193 (196).

[120] Wienbracke, Der Verhältnismäßigkeitsgrundsatz, ZJS 2013, S. 148 (257).

[121] Hwang, Verhältnismäßigkeitsgrundsatz und Wesensgehaltsgarantie, Hamburg, 2015, S. 68.

[122] Westerhoff, Die Prüfung der Verhältnismäßigkeit im Rahmen gebundener Entscheidungen, Frankfurt, 1. Auflage 2016, S. 67.

[123] Vgl. Meister / Klatt, Der Grundsatz der Verhältnismäßigkeit, JuS 2014, S. 193 (196).

[124] Vgl. BVerfGE 100, 313 (376).

[125] Vgl. BVerfGE 113, 63 (83); 120, 274 (327).

[126] Wienbracke, Der Verhältnismäßigkeitsgrundsatz, ZJS 2013, 148 (153).

[127] Vgl. Alexy, Theorie der Grundrechte, 1994, S. 146.

[128] Vgl. BVerfGE 118, 168 (195); 11, 30 (44f.); 17, 232 (242); 23, 50 (56); 25, 1 (22); 26, 259 (264)

[129] Vgl. Morlok, Grundrechte, Baden-Baden, 5. Auflage, 2016, Rn. 625 f.

Please subscribe to our page on Google News

SAKHRI Mohamed
SAKHRI Mohamed

أحمل شهادة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، بالإضافة إلى شهادة الماستر في دراسات الأمنية الدولية من جامعة الجزائر و خلال دراستي، اكتسبت فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الرئيسية، ونظريات العلاقات الدولية، ودراسات الأمن والاستراتيجية، بالإضافة إلى الأدوات وأساليب البحث المستخدمة في هذا التخصص.

المقالات: 15371

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *