ترجمة : د. زهير الخويلدي – أ. سلمى بالحاج مبروك
«ما السياسة»، لا تحاول للكاتبة والفيلسوفية الألمانية ضبط مفهوم للسياسة عبر الموروث الإنساني منذ أرسطو، بل تقدم جواباً موجزاً في كلمة «الحرية». من هذا التعريف، تنطلق ارندت بإصرار على أن الهدف الأول الأخير للسياسة هو حرية البشر. هنا يظهر اشتغال أرندت على «المجموعة» ككيان يحدد صيرورة المجتمعات والدول، لهذا تجدها لا تحبذ الحديث عن الانسان كوحدة مستقلة، مفضلة «البشر» كشكل تنظيمي، يمكن بواسطته ومن خلاله أن تملك السياسة ما هيتها.
الإنسان بالنسبة لحنة أرندت كائن غير سياسي، لكن فطرته الاجتماعية، وميله الطبيعي إلى العيش في كنف مجموعة ما، يطلق عليها «بشر»، سمحت لـ «السياسة» بأن تملك مدلولاً تنظيمياً في البداية. قد يعني هذا المدلول طريقة تعايش ما، لكن الصفة «التنظيمية» ليست غاية السياسة، لأنها مهما اختلفت، فإن لها ماهية واحدة وغاية وحيدة هي الحرية. في سبيل وصولها إلى هذه النتيجة التي أعلنت عنها منذ الصفحات الأولى للكتاب، لم تخف أرندت من خلال أمثلتها وتحليلها ميلها وتفضيلها المطلق للمثالية الأدبية في فهم ظاهرة السياسة.