قبل منتصف الخمسينيات من القرن الماضي لم تكن لإفريقيا أولوية واضحة عند الإمبراطورية الروسية أو خليفتها الشيوعية “اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية”، لكن مع انتهاء الحقبة الاستعمارية حدث التغيير الجذري للقيمة الجيوسياسية لثاني أكبر قارة في العالم، حيث بدأ الاتحاد السوفيتي الاهتمام بالقارة الافريقية وخصوصاً الدول الناشئة حديثاً، حيث كانت تعتبرهم امتداد محتمل للايدلوجية السوفيتية واستمرار دعم التمدد الشيوعي في أفريقيا بكل قوة إلى حين تفكك الاتحاد السوفيتي عام 1991. وكان الاتحاد السوفيتي متورط في أغلب الصراعات أو الحروب الاهلية التي وقعت في القارة الافريقية.
وعلى الرغم من تخصيص الاتحاد السوفيتي موارد اقتصادية ضخمة في أفريقيا لمواجهة الامبريالية الأمريكية لكنها في المقابل لم تحقق الا نتائج ضئيلة جداً في هذا التنافس، مما قلل من وجودها بالقارة الافريقية في أواخر الثمانينيات ثم تبعة انسحاب شبه كامل بعد عام 1991. لم يقتصر الدعم الروسي لأفريقيا في الحقبة السوفيتية على الدعم الاقتصادي والمادي فقط بل أدت المساعدات العسكرية وشبه العسكرية دوراً كبيراً في حقبة ما قبل انهيار الاتحاد السوفيتي.
بعد عام 1991 لم تخصص روسيا الإتحادية في البداية أي دعم ظاهر لأفريقيا في سياستها الخارجية، لكن الوضع بدأ يتغير في القرن الحادي والعشرين، خصوصاً بعد فرض الولايات المتحدة والغرب عقوبات اقتصادية على روسيا عام 2014 بسب الصراع الأوكراني- الروسي، فضلاً عن محاولات السفن الحربية الروسية السيطرة على البحر الأسود، والذي يعد مضيق البسفور هو المنفذ الوحيد للوصول إليه من للسفن الحربية الأمريكية الموجودة بالبحر الأبيض المتوسط. سارعت روسيا لمحاولة بناء علاقات مع أفريقيا وخصوصا البلاد المطلة على البحر الأبيض المتوسط، وذلك لتحسين العلاقات مع حلفائها السابقين في الحقبة السوفيتية، فاستندت رؤية الخارجية الروسية ورئيس الوزراء السابق يفغيني بريماكوف للدول الأفريقية بوصفها آلية مهمة لموسكو لتنويع سياستها الخارجية بعيداً عن الغرب. اعتباراً من عام 2012 شهدت سياسات روسيا تجاه القارة الأفريقية مرحلة من الاضطراب، لكنها اتخذت إطاراً نوعياً جديداً بعد عام 2014.