تأتي هذه الطبعة مطابقة للطبيعة السادسة، وبالتحديد للإصدار الثاني، المتح، للطبيعة السادسة، دون أي تغيير؛ وبالتالي، إذا كان لي أن أقدم لهذه الطبعة التي تصدر اليوم فيجب أن يكون التقديم، وفي الوقت نفسه، للطبعة السادسة التي تشكلت معها المعالم الأساسية لنقدي لعلم الاقتصاد السياسي.
فالطبعة السادسة، التي تطابقها الطبعة الحالية، كانت بمثابة الصياغة المنقحة اجمل أفكاري التي أخذت في التطور عبر الطبعات السابقة بما تضمنته هذه الطبعات نفسها من إضافات وتعديلات وتصويبات. فقد كنت مع كل طبعة تصدر أول ناقد الأفكارها بل ولمنهج الطرح داخلها؛ فلم يكن هدفي، متحررا من أوهام المؤلفين عازفا عن توهات الكتاب، إلا محاولة بلوغ ضفاف الحقيقة العلمية، دون ادعاء ملكيتي الناصيتها.
خلال الطبعات الست قمت بمراجعة نظريات علم الاقتصاد السياسي بالرجوع مباشرة إلى نصوص الآباء المؤسسين للعلم ولم آخذ بالشروح التراثية إلا بشروط صارمة وضعتها والتزمت بها؛ وهو ما اقتضى التعامل المباشر، وعلى نحو ناقد، مع الجهاز الفكري لكل مفكر من هؤلاء الآباء المؤسسين؛ فانتهيت إلى مجموعة من المبادىء العامة التي يمكن تلخيصها في الآتي: أولا: لم يقتصر نقدي لعلم الاقتصاد السياسي على نقد الجسم النظري للعلم، بل تعدى ذلك إلى نقد المركزية الأوروبية التي هيمنت عليه خدت ركائزه وصاغت مبادئه بمنتهى العنصرية! وفي سبيل تقد هذه المركزية قم بتحليل مكونات الحضارة الأوروبية، بوصفها…