كتاب قصة سقوط بغداد لأحمد منصور

لم يكن ضابط الجوازات في مطار الكويت الدولي يدرك، ولم أكن أدرك أنا كذلك أني ربما أكون آخر مسافر يدخل إلى الكويت يوم الأول من أغسطسآب 1990، وأن خاتَم الدخول الذي خُتِمَ به جواز سفري، ربما لن يتمكن من تغييره بعد دقائق من الأول إلى الثاني من أغسطس ليختم به جواز أي مسافر قادم بعدي، وأن الثاني من أغسطس/آب عام 1990 سيصبح يوماً هل تاريخه ليس لدى الكويتيين فحسب؛ وإنما لدى العرب جميعاً. كانت الساعة تقترب من الثانية عشرة ليلاً، ليلة الثاني من أغسطس عام 1990 حينما هبطت في مطار الكويت الدولي طائرة الخطوط الجوية البريطانية القادمة من كراتشي وقبلها من كوالا لامبور، كما أشارت تقارير أخرى، في طريقها إلى لندن عبر الكويت، وكان حظي أني كنت أحد ركاب هذه الطائرة القلائل الذين هبطوا منها ودخلوا إلى الكويت، بينما كان معظم ركابها، الذين أخذوا بعد ذلك رهائن إلى بغداد بعد استيلاء القوات العراقية على المطار ثم على الكويت، في طريقهم إلى لندن”.

تلك كانت بداية قصة سقوط بغداد التي عايشها أحمد منصور منذ بداياتها والتي يروي تفاصيلها في هذا الكتاب والتي اشتعلت شرارتها الأولى منذ لحظة غزو الكويت واحتلالها. لقد بدأ تنفيذ مخطط سقوط بغداد في اللحظة الحمقاء التي قام فيها صدام حسين بغزو الكويت واحتلالها في الثاني من أغسطس/آب عام 1990، حيث مثّل هذا التاريخ بداية لنكبة جديدة للأمة التي توجت بالنكبة الكبرى في التاسع من إبريل/نيسان عام 2003 لتكون مع نكبة فلسطين أكبر نكبتين تعرضت لهما الأمة بعد سقوط الخلافة الإسلامية في عام 1924. كان أحمد منصور أحد الصحفيين القلائل الذين شاءت لهم الأقدار معايشة هذه النكبة من بدايتها من الثاني من أغسطس/آب عام 1990 حيث كان من أواخر من دخلوا الكويت قبيل احتلالها على آخر طائرة دخلت مجالها الجوي، وعاش تحت الاحتلال العراقي للكويت راصداً ما حدث، حيث تكرر ذهابه إلى العراق مرات عديدة بعد خروجها من الكويت وفرض الحصار على شعبها، ليعيش هو أيضاً تحت ذاك الحصار وليعايش معاناة العراقيين على مدى سنوات الحصار راصداً معاناة العراقيين، ومعبراً عنها كما عبّر عن معاناة الكويتيين من قبل. ومعايشاً لتهديدات الأمريكيين وضرباتهم ضد العراق على مدى السنوات التي سبقت الحرب الأخيرة والاحتلال. ومتابعاً للمراحل النهائية للإعداد للحرب من خلال زيارات صحفية قام بها لكل من العراق وتركيا وسوريا علاوة على الدوحة التي كانت مركز قيادة القوات الأمريكية.

وقد استطاع أحمد منصور خلال ذلك تسجيل كل ما يدور على تلك الجبهات، حتى سقوط بغداد في 19 إبريل/نيسان، كما استطاع تسجيل تفاصيل الأحداث في العراق في ظل الاحتلال الأمريكي لها، حيث كان يقوم خلال تلك الفترة بجولات شملت العراق من شرقه إلى غربه، ويشمل ذلك بغداد التي أقام فيها أياماً ليرصد خلالها حياة الناس ومشاعرهم تحت الاحتلال، متجهاً من ثم إلى مناطق المقاومة المشتعلة في محافظات العراق المختلفة للوصول إلى بعض رجال المقاومة العراقية التي استطاعت التشويش على كل الخطط الأمريكية حتى الآن.

ولم تقف تغطيته على ما يجري في الجانب العراقي من أحداث، بل إن تميز قصة سقوط بغداد التي يروي تفاصيلها أحمد منصور يمكن في أنه أيضاً استطاع رصد ما يدور على الجانب الأمريكي والبريطاني وذلك من خلال الزيارات التي قام بها لبريطانيا والتي أثناءها تمكن من الوقوف على ما تقوم به واشنطن بل وما تفكر فيه، ليعرف العالم قصة سقوط بغداد، وذلك كله موثقاً بالمصادر والتواريخ والمعلومات، وذلك لا يعني سرداً جافاً لأحداث سياسية وتاريخية بل هو سردٌ سلس بأسلوب هو أقرب للسرد القصصي ليعيش القارئ تلك القصة، ويعرف ويرى ما غاب عنه من دقائق وتفاصيل وما أراد معرفة حقيقته حول غزو الكويت وحرب العراق وسقوط بغدد.

نبذة الناشر:
يكشف المؤلف في هذا الكتاب عن الجهة التي تقف وراء المقاومة العراقية وأبرز أبطالها. وكان قد ضمّنه فصلاً خاصاً عن الوثائق التي كانت تباع على قارعة الطريق وآخر عن قصة مقتل قصي وعدي صدام حسين من خلال متابعته المباشرة لها. حيث كان من أواخر الصحفيين الذين خرجوا من العراق، قبل أن يعود إليه وهو تحت الاحتلال الأميركي كشاهد عيان”. كما ضمّنه أيضاً مقارنة بين سقوط بغداد على يد هولاكو سنة 1258 وسقوطها عام 2003 في عهد صدام حسين. هذا وقد أفرد الكاتب فصلاً خاصاً عن انعكاسات الحرب الأميركية على الصحفيين الذين قاموا بتغطية هذه الحرب.

للتحميل من هنـــــا  أو هنـــــا

Please subscribe to our page on Google News

SAKHRI Mohamed
SAKHRI Mohamed

أحمل شهادة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، بالإضافة إلى شهادة الماستر في دراسات الأمنية الدولية من جامعة الجزائر و خلال دراستي، اكتسبت فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الرئيسية، ونظريات العلاقات الدولية، ودراسات الأمن والاستراتيجية، بالإضافة إلى الأدوات وأساليب البحث المستخدمة في هذا التخصص.

المقالات: 15380

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *