تكتسب العلاقات الإيرانية- السعودية أهمية خاصة على ماعداها من العلاقات السياسية بين الدول لما تتمتع به الدولتان من موقع استراتيجي متميز من حيث المساحة والكثافة السكانية والمخزون الضخم من البترول كثروة وطنية تمثل عصب حياة ونشاط الاقتصاد الوطني لكل من البلدين فضلا عن أهميته وتأثيره في اقتصاديات الدول الأخرى ، والاهم من ذلك كله ينتميان إلى إقليم الخليج العربي الذي يعد الأكثر غنى في ثرواته النفطية وبالتالي الأكثر تأثيراً في حركة السياسة العالمية بحيث جعله مركزاً لاستقطاب القوى العالمية التي تطلعت لمد سيطرتها ونفوذها عليه قصد التحكم بالعالم اجمع، مما عزز من نفوذ الدولتين الأقتصادي والسياسي والأمني والعسكري في الساحتين الإقليمية والعالمية.
فضلاً عن ذلك ، كان للعوامل والاعتبارات التاريخية حضورها الفاعل والمؤثر في العلاقات الإيرانية- السعودية، فالبلدان يرتبطان بعلاقات تاريخية تمتد في جذورها وأصولها إلى بدايات انتشار الدعوة الإسلامية، وما ترتب على هذا الانتشار من تغير جذري في طبيعة العلاقة التي تحكمت في المجموعة البشرية التي تسكن في كل منهما.
لقد كان لهذه الاعتبارات والعوامل دورها الواضح في إضفاء طابع من التفرد والتميز على العلاقات الإيرانية- السعودية، فالعلاقات بين البلدين وعبر حقب زمنية مختلفة تبادلت الأدوار من حيث علاقات الصراع والتعاون، فهي أحيانا علاقات يغلب عليها طابع الحوار والتعاون الايجابي، وفي أحيان أخرى يسودها التوتر والتنافس إلى درجة الصراع.
فكان من الطبيعي في ظل أجواء كهذه أن تتسع ميادين ومجالات هذه العلاقات لتشمل أوجها متعددة وتعالج أوضاعا مختلفة، فحالات التعاون لها مجالاتها وجوانبها الخاصة، وأيضا آليات تعزيزها تحتاج إلى وسائل مختلفة، وكذلك الحال مع حالات الصراع فهي بحاجة إلى آليات معالجة مختلفة عن تلك المستعملة في مجالات الحوار والتعاون، هذه الجوانب بمجملها فتحت آفاقا متعددة ومتباينة في العلاقات الإيرانية- السعودية كانت بحاجة إلى دراسة معمقة لأجل تحليل نقاط القوى ومواقع الضعف والتحلل فيها، وأيضا من اجل الوقوف على المعطيات التي تبعث فيها قواها المحركة والتي جعلت منها علاقات غير واضحة المعالم.
تأتي هذه الدراسة في محاولة لتسليط الضوء على هذه العلاقات بهدف الوقوف على الجوانب الرئيسة ونقاط القوى المحركة والفاعلة فيها، إذ تنطلق من فرضية أساسية قوامها (إن العلاقات الإيرانية- السعودية قد امتازت بتعدد مجالاتها وسعة العوامل المؤثرة فيها، الأمر الذي قاد إلى تباين اتجاهاتها وتأرجحها بين الصراع تارة، والتعاون تارةً أخرى).
حُددت مدة الدراسة بين عامي 1991-2001، إذ مثل التأريخ الاول اندلاع حرب الخليج الثانية والآثار الناجمة عنها في كلتا الدولتين، بينما مثل التأريخ الثاني موقف الدولتين من قضية الإرهاب الدولي عقب احداث 11 سبتمبر 2001.
نسخة “pdf”-
طبيعة العلاقات الإيرانية – السعودية 1991-2001
الطبعة الأولى “2021″ –من كتاب: – طبيعة العلاقات الإيرانية – السعودية 1991-2001