ابتداء أرى من الضروري أن أنبه إلى وجوب التمييز بين مفهومين أو تصورين هما: علم الاجتماع والفكر الاجتماعي.
فعلم الاجتماع: يقصد به عموما، ذلك العلم الذي يدرس الظواهر والحوادث الاجتماعية (أو المجتمعية، دراسة موضوعية تحليلية، الهدف منها استخلاص القوانين التي تخضع لها تلك الظواهر والحوادث.
أما الفكر الاجتماعي، فيقصد به، الأنشطة والفعاليات والممارسات، وأشكال التفكير البسيط التي عرفتها المجتمعات البشرية، منذ بداية نشأتها، والتي ما لبثت أن تطورت وتنامت بالتدريج، عبر المراحل التأريخية المتعاقبة، وشكلت في نهاية المطاف ما صار يسمى الآن ب (علم الاجتماع).
فهناك، إذن، ثمة فرق واضح بين علم الاجتماع – كمحصلة نهائية، وبين الأسباب و العوامل و المؤثرات و الروافد المختلفة التي ساهمت في تكوينه و جعله (علما) مستقلا قائمة بذاته. ولعل أبرز ما يتجلى فيه هذا الفرق هو أن الأول (علم)، في حين أن الثاني ليس علمأ وإنما هو مظاهر للنشاط الفكري البسيط، وممارسات أو انطباعات، تتخذ شكل الآراء والتشريعات والقوانين التي حاول من خلالها، ذوو الشأن، في المراحل الأولى من تطور المجتمع البشري، تنظيم حياة أفراد البشر وعلاقاتهم، سواء علاقاتهم ببعضهم البعض، أو بعوامل البيئة المحيطة بهم.
وغالبا ما كانت هذه المظاهر تفتقر إلى الشروط العلمية – من موضوعية وتجريد، وترابط منطقي دقيق، وتنظيم.