كتاب السياسة الأمنية التركية تجاه المسألة الكردية (2002-2014): الثابت والمتغير

تحتل المسألة الكردية أولوية عليا في الحياة السياسية التركية ، كونها تمس بالدرجة الأولى إستقرار الدولة وأمنها القومي ، وقد زاد الإهتمام بالمسألة الكردية منذ إعلان حزب العمال الكردستاني العمل المسلح ضد الدولة التركية سنة 1984 ، ليصبح هذا الملف المحدد الرئيسي لتحركات تركيا الداخلية والخارجية ، وقد عرفت تركيا خلال الفترة الممتدة بين 1984 و 1999 (تاريخ القبض على عبدالله أوجلان زعيم الحزب المسلح) موجة عنف غير مسبوقة كادت أن تعصف باستقرار الدولة والمجتمع .

إلا أن اعتقال عبد الله أوجلان سنة 1999 ، أدى إلى التقليل من تهديد حزبه ، لتدخل المسألة الكردية مرحلة جديدة مع وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم في تركيا سنة 2002، حيث زادت محاولات رجب الطيب أردوغان ورفقائه في إيجاد حلول لمشاكل تركيا الداخلية والخارجية .

وتندرج السياسة الحكومية الجديدة تجاه المسألة الكردية في إطار التحولات التي تعرفها تركيا منذ خريف 2002 ، والتي مست الجوانب السياسية ، الإقتصادية ، الإجتماعية والعسكرية، ضمن رؤية جديدة جاء بها وزير الخارجية التركية  أحمد داوود أوغلو حول موقع تركيا ودورها في النظام الدولي ، فحسبه ؛ لايمكن لتركيا أن تتبوأ مكانة في محيطها الإقليمي والنظام العالمي دون تصفير  مشكلاتها الداخلية ومع دول الجوار، وخاصة المسألة الكردية ذات الأبعاد الداخلية والإقليمية والدولية المتشابكة . ومن هنا ، ارتسمت سياسة أمنية تركية جديدة تجاه المسألة الكردية منظرها أحمد داوود أوغلو[1]، ومطبقها رجب الطيب أردوغان.

إن دراسة السياسة الأمنية التركية تجاه المسألة الكردية بعد 2002 ، لها أهمية علمية تتمثل فيأنها تنتمي إلى واحد من أهم مجالات حقل العلاقات الدولية ، وهو مجال الدراسات الأمنية ، حيث سيتم الإستفادة من المفهوم الموسع للأمن في تحليل السياسة الأمنية الجديدة للحكومة التركية تجاه المسألة الكردية وبقية القضايا الأخرى . والموضوع يلبي حاجة معرفية علمية تتمثل في معرفة حقيقة المسألة الكردية في تركيا وواقع السياسة الأمنية التركية تجاهها ، وتأثير ذلك على الأمن القومي التركي .

كما يكتسي موضوع الدراسة أهمية عملية بالغة ، لأنه مرتبط بالدرجة الأولى بأحد أكثر الجوانب حساسية بالنسبة للفرد والمجتمع والدولة ، ألا وهو الجانب الأمني ـ

ويمكن لهذه الدراسة أن تشكل محطة لتقويم الواقع الإثني للدول العربية ، وزيادة الوعي بحساسية هذه المسألة ومخاطرها على الأمن القومي لهذه الدول ، خاصة وأن التباينات العرقية والمذهبية والدينية ظاهرة فيها ، وما يشكله ذلك من تهديد للوحدة الوطنية .

إضافة إلى الأهمية الإنسانية؛ فهذه الدراسة تعالج موضوعا إنسانيا ، قبل أن يكون علميا ، فالأكراد في تركيا وبقية الدول المجاورة ، عانوا من ويلات الإضطهاد والحرمان لمدة زمنية طويلة ، وتؤكد الدراسات أن لهم هوية مختلفة عن هوية المجتمعات التي يتواجدون فيها ، لذلك فإنه من حقهم التمتع بحقوقهم ، بوصفهم قومية متميزة ، ويبدو أن السياسة الأمنية الجديدة التي تنتهجها حكومة العدالة والتنمية في تركيا منذ 2002 ، تصب في هذا الهدف الأمني ـ الإنساني .

فأهمية الدراسة تكمن في التوفيق بين التطرق لمعاناة الشعب الكردي في تركيا من جهة ، ومعضلة الساسة الأتراك في حل المسألة الكردية دون المساس بالوحدة الوطنية لدولتهم من جهة أخرى .

تدور إشكالية الدراسة حول دور حكومة حزب العدالة والتنمية في صنع السياسة الأمنية التركية تجاه المسألة الكردية ، وكيفية تأثير الرؤية الإستراتيجية الجديدة للحزب الحاكم على التعامل مع الأكراد في تركيا منذ 2002 ، وعليه يمكن صياغة هذه الإشكالية على النحو التالي : كيف أثر وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم في تركيا سنة 2002 ، على صياغة وتوجيه سياستها الأمنية إزاء المسألة الكردية ؟

هذه الإشكالية ، تم تفكيكها إلى الأسئلة الفرعية التالية :

هل تغيرت السياسة الأمنية التركية بصفة عامة، وتجاه المسألة الكردية على وجه الخصوص بعد 2002 ؟إذا كان هناك تغير في السياسة الأمنية التركية إزاء المسألة الكردية بعد 2002 ، فهل هذا التغير يشمل الجوانب الأساسية للسياسة الأمنية التركية من حيث الأهداف ، الوسائل والمخرجات ، أم أنه يتعلق بتحويرات طفيفة وخطابات جديدة لا تمس بجوهر هذه السياسة الأمنية ؟ما هي أهم إنجازات هذه السياسة الأمنية ؟ وماهي التحديات الآنية والمستقبلية التي يواجهها حزب العدالة والتنمية ـخاصة في ظل التحولات الإقليمية الراهنة ـ في تعامله مع المسألة الكردية ؟

المحتويات:

مقدمة
الفصل الأول : السياسة الأمنية التركية بعد 2002 : الفواعل والأهداف
مقدمة الفصل ………………………….……………………………..
المبحث الأول :في مفهوم السياسةالأمنية…………………………………………
المطلب الأول : تعريف السياسة الأمنية..
أولا : التعريف الضيق للسياسة الأمنية.
ثانيا : التعريف الموسع للسياسة الأمنية
المطلب الثاني : علاقة السياسة الأمنية بالمفاهيم ذات الصلة بها
أولا: السياسة الأمنية والعقيدة الأمنية ………………………………………………
ثانيا : السياسة الأمنية والإستراتيجية الأمنية ………………………………………….
المطلب الثالث : أبعاد السياسة الأمنية
الإتجاه الأول
الإتجاه الثاني
المبحث الثاني :محددات السياسة الأمنية التركية بعد 2002 ………………………..
المطلب الأول : المحددات المادية
أولا : المحددات الجغرافية
ثانيا : المحددات الإقتصادية.
ثالثا : المحددات العسكرية ……………………………………………………….
المطلب الثاني : المحددات المعنوية
أولا : المحدد التاريخي
ثانيا : المحددات الثقافية والإيديولوجية
ثالثا : المحدد الديموغرافي
المبحث الثالث :فواعل صنع السياسة الأمنية التركية بعد 2002
المطلب الأول: دور الفواعل الرسمية في صنع السياسة الأمنية التركية
أولا : السلطة التنفيذية
ثانيا : السلطة التشريعية
ثالثا : السلطة القضائية
رابعا : المؤسسة العسكرية………………………………………………………..
المطلب الثاني : دور الفواعل غير الرسمية في صنع السياسة الأمنية التركية ……………..
أولا : الأحزاب السياسية………………………………………………………..
ثانيا: جماعات المصالح
ثالثا : الإعلام والصحافة
رابعا: الرأي العام
المبحث الرابع :أهداف وتوجهات السياسة الأمنية التركية بعد 2002
المطلب الأول : أهداف وتوجهات السياسة الأمنية التركية على المستوى الداخلي……….
أولا : في مجال الديمقراطية والحريات……………………………………………….
ثانيا : في مجال الأمن الإجتماعي…………………………………………………..
ثالثا : في مجال الأمن الإقتصادي……………………………………………………
رابعا: في مجال الأمن العسكري – الدفاعي ………………………………………….
المطلب الثاني : أهداف وتوجهات السياسة الأمنية التركية على المستوى الإقليمي………..
أولا: السياسة الأمنية التركية في الشرق الأوسط
ثانيا : السياسة الأمنية التركية في القوقاز وآسيا الوسطى
ثالثا : السياسة الأمنية التركية في البلقان
المطلب الثالث : أهداف وتوجهات السياسة الأمنية التركية على المستوى الدولي
أولا : دعم علاقات تركيا مع المحور الغربي الأورو – أطلسي.
ثانيا : تفعيل الدور التركي في المؤسسات الإقليمية والدولية
ثالثا : المشاركة في مهام حفظ السلام
رابعا : الأمن الجماعي.
خامسا : المشاركة في أعمال الإغاثة والإنقاذ
سادسا : الإنفتاح الإقتصادي والثقافي
خاتمة الفصل
الفصلالثاني : السياسة الأمنية التركية تجاه المسألة الكردية بعد 2002: ما الجديد؟
مقدمة الفصل
المبحث الأول : المسألة الكردية في تركيا قبل 2002 : الجذور والتطورات
المطلب الأول :جذور المسألة الكردية في منطقة الشرق الأوسط.
أولا : الأكراد في الشرق الأوسط : التاريخ والجغرافيا…………………………………
ثانيا : المسألة الكردية في المعاهدات الدولية ………………………………………….
المطلب الثاني : المسألة الكردية كتحدي للأمن القومي التركي
أولا : أهم الثورات الكردية في تركيا الحديثة…………………………………………
ثانيا : النضال السياسي الكردي في تركيا……………………………………………
ثالثا : التعامل الحكومي مع الحركة القومية الكردية (1923 – 1984) …………………
المطلب الثالث : حزب العمال الكردستاني في تركيا … بين السياسة والسلاح………….
أولا : حزب العمال الكردستاني : التأسيس ، الأهداف والوسائل……………………….
ثانيا: المواجهة الحكومية لحزب العمال الكردستاني……………………………………
المبحث الثاني : عوامل تغير السياسة الأمنية التركية تجاه المسألة الكردية بعد 2002 ……
المطلب الأول : التحولات في البيئة الدولية……………………………………….
أولا : تحولات مفهوم الأمن وطبيعة التهديدات………………………………………
ثانيا : صعود البعد الثقافي في العلاقات الدولية………………………………………..
ثالثا : تغير طبيعة النزاعات……………………………………………………….
رابعا : زيادة الحركات الإنفصالية وتفتت الدول متعددة القوميات……………………….
خامسا : انتشار قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان……………………………………..
المطلب الثاني : التحولات في البيئة الإقليمية………………………………………
أولا : مشروطية الإتحاد الأوروبي………………………………………………….
ثانيا : احتلال العراق 2003…………………………………………………….
ثالثا : مشروع الشرق الأوسط الجديد……………………………………………..
المطلب الثالث : التحولات في البيئة الداخلية……………………………………..
أولا : التحول الديمقراطي في تركيا…………………………………………………
ثانيا : تغيير إدراكات صانع القرار التركي……………………………………………
ثالثا : بروز الجناح المعتدل داخل النخب العلمانية في تركيا……………………………..
رابعا : تكلفة العمل العسكري وفشل المقاربة الأمنية في التعامل مع المسألة الكردية…………
المبحث الثالث : ملامح تغير السياسة الأمنية التركية تجاه المسألة الكردية .بعد 2002….
المطلب الأول : ملامح التغير على المستوى الداخلي……………………………….
أولا : تغيرات على مستوى الخطابات (السياسة الرمزية)……………………………….
ثانيا : تغيرات على مستوى الإصلاحات الدستورية والتشريعات القانونية………………….
ثالثا : تغيراتعلى مستوى السياسات التوزيعية………………………………………
المطلب الثاني : ملامح التغير على المستوى الإقليمي……………………………….
أولا : تجاهالعراق……………………………………………………………….
ثانيا : تجاهسوريا ……………………………………………………………….
ثالثا : تجاهإيران………………………………………………………………..
رابعا :تجاهإسرائيل……………………………………………………………..
المبحث الرابع : تقويم السياسة الأمنية التركية تجاه المسألة الكردية بعد 2002 ………..
المطلب الأول : إنجازاتالسياسة الأمنية التركية تجاه المسألة الكردية…………………
أولا : على المستوى الرسمي………………………………………………………
ثانيا : على المستوى الشعبي……………………………………………………….
ثالثا : على مستوى الحركة الكردية المسلحة…………………………………………
رابعا : على المستوى الإقليمي…………………………………………………….
المطلب الثاني : تحدياتالسياسة الأمنية التركية تجاه المسألة الكردية…………………
أولا : في الجانب التركي…………………………………………………………
ثانيا : في الجانب الكردي………………………………………………………..
ثالثا : التحديات الإقليمية………………………………………………………..
خاتمة الفصل…………………………………………………………………..
الفصل الثالث : مستقبل السياسة الأمنية التركية تجاه المسألة الكردية
مقدمة الفصل ………………………………………………………………….
المبحث الأول :إستمرار حالة “اللاحسم” في معالجة الملف الكردي…………………
المطلب الأول : التردد الحكومي في تسوية الملف الكردي : بين الإقدام والإحجام………
أولا : أسباب تردد حكومة العدالة والتنمية في الإنفتاح على الأكراد……………………..
ثانيا : مظاهر التردد…………………………………………………………….
المطلب الثاني : التعامل الحكومي مع الأكراد : بين العصا والجزرة …………………..
أولا : سياسة الجزرة…………………………………………………………….
ثانيا : سياسة العصا…………………………………………………………….
المطلب الثالث: المحادثات التركية -الكردية: بين الإعلانات السياسية والمفاوضات السرية
أولا : المفاوضات السرية …………………………………………………………
ثانيا : الإعلانات السياسية ……………………………………………………….
المبحث الثاني : الأكراد والأتراك في دولة تركية “موحدة” : فرص النجاح………………
المطلب الأول : المؤشرات التركية ………………………………………………
أولا : مواصلة الإنفتاح على الأكراد في تركيا………………………………………..
ثانيا: إستمرار تراجع النفوذ السياسي للمؤسسة العسكرية التركية………………………
ثالثا : التأييد الشعبي للحل السلمي للمسألة الكردية…………………………………..
رابعا : نجاح مسار السلام بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني………………..
المطلب الثاني : المؤشرات الكردية ……………………………………………..
أولا : خصوصيات المجتمع الكردي……………………………………………….
ثانيا : تراجع حزب العمال الكردستاني عن مطالبه الإنفصالية…………………………..
ثالثا : وجود صعوبات موضوعية لقيام دولة كردية مستقلة في تركيا……………………..
المطلب الثالث : المؤشرات الخارجية ……………………………………………
أولا: تحسن العلاقات بين أنقرة وأربيل…………………………………………….
ثانيا : حماسة أنقرة للإنضمام إلى الإتحاد الأوروبي …………………………………….
ثالثا : الحكم الذاتي للأكراد كحل لمنع بلقنة المنطقة…… ……………………………..
المبحث الثالث : حزب العدالة والتنمية وحل المسألة الكردية : إحتمالات الفشل ……….
المطلب الأول : المؤشرات التركية ………………………………………………
أولا : احتمال تغير النخبة الحاكمة في تركيا…………………………………………
ثانيا : فشلمسار السلام بين الحكومة وحزب العمال الكردستاني………………………..
ثالثا : إستعادة الأدوار السياسية للمؤسسة العسكرية في تركيا…………………………..
المطلب الثاني : المؤشرات الكردية ………………………………………………
أولا : تعقد المسألة الكردية……………………………………………………….
ثانيا : تمسك الأكراد بالمطالب الإنفصالية ……………………………………………
ثالثا : الأكراد كورقة ضغط على تركيا …………………………………………….
المطلب الثالث : المؤشرات الخارجية ……………………………………………
أولا : مشروع الشرق الأوسط الجديد (الكبير)………………………………………
ثانيا : الإتجاه نحو تقسيم العراق ……… …………………………………………..
ثالثا : تداعيات الأزمة في سوريا على المسألة الكردية في تركيا……….. ……………….
خاتمة الفصل …………… …………………………………………………….
خـــاتــمــــة ………………… ………………………………….
الملاحق ………………………… ……………………………………………
قائمة المراجع ………………….. …………………………………………….
Please subscribe to our page on Google News

SAKHRI Mohamed
SAKHRI Mohamed

أحمل شهادة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، بالإضافة إلى شهادة الماستر في دراسات الأمنية الدولية من جامعة الجزائر و خلال دراستي، اكتسبت فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الرئيسية، ونظريات العلاقات الدولية، ودراسات الأمن والاستراتيجية، بالإضافة إلى الأدوات وأساليب البحث المستخدمة في هذا التخصص.

المقالات: 15380

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *