إن كل سعي وراء التقسيم العلمي للطبقات ينبغي أن يأخذ بعين الاعتبار كون الأعضاء، الفاعلين في المجتمع، يظهرون كما لو كانوا موضوعيا بنوعين متباينين من الخصائص؛ فمن جهة هناك الخصائص المادية، وهي، ابتداء من الجسم، قابلة للتكميم والخصر والقياس، شأن أي موضوع من موضوعات الطبيعة. ثم هناك من جهة أخرى، الخصائص الرمزية التي تنتج عن علاقتهم مع قوات قادرة على إدراكهم وتقدير قيمتهم تتطلب هي كذلك أن ينظر إليها من خلال منطقها الخاص. وهذا يعني أن الواقع الاجتماعي يسمح متباينين من التأويل: فمن جهة، هناك التأويلات التي تتسلح بتوظيف موضوعي للإحصاء الإقامة جداول وتقسيمات (بالمعنى الإحصائي والاقتصادي كذلك) وهي التعبير المكمم الرعب والسلطة عن كيفية توزيع كمية محدودة من الطاقة الاجتماعية بين عدد كبير من الأفراد المتنافسين وهذه الكمية تحدد من خلال مؤشرات موضوعية، (أي من خلال خصائص مادية)، أخرى، هناك التأويلات التي ترمي إلى استخراج الدلالات وإبراز العمليات الذهنية التي تنتج الأعضاء عن طريقها هذه الدلالات والمعاني ويستخرجونها، يرمي الاتجاه الأول إلى إدراك واقع، موضوعي إلى أن تدركه التجربة العادية، كما يسعى إلى الكشف عن قوانین، أي عن علاقات دالة، ولكنها ليست علائق عشوائية، تربط الأقسام فيما بينها، أما | الاتجاه الثاني، موضوعا له، لا «الواقع، وإنما التمثلات التي يكونها الأعضاء عنه، تلك الممثلات التي تشكل واقعا عالم اجتماعي يدرك، على غرار الفلسفات المثالية، اكتمثل وإرادة هناك من يسلم بوجود أواقع، اجتماعي المستقل عن وعي الأفراد وإرادتهم، فيقيم العلم على القطيعة مع الممثلات الذائعة عن العالم الاجتماعي (أي ما يطلق عليه دورکهام المفاهيم ثم هناك من يرد الواقع الاجتماعي إلى التمثل الذي يكون لدى الأفراد عنه، فيتخذ موضوعا له المعرفة الأولى للعالم الاجتماعي. إن هذا العلم الذي هو مجرد تقرير عن التقارير، كما يقول جارفینکل Garfiniel والذي يتخذ موضوعا له علماء آخر، هو الذي مارسه الأعضاء خلال ممارساتهم، لا يمكنه إلا أن يسجل تسجيلات عالم اجتماعي لا يكون في نهاية الأمر إلا وليد البنيات الذهنية، أي اللغوية خلافا للأزياء الاجتماعية، لا يمكن للعلم الاجتماعي أن يرتد إلى مجرد تسجيل الأقسام (غالبا ما تكون متصلة فيما بينها المؤشرات المادية لمختلف أنواع الرأسمال. ودون أن يؤول هذا العلم إلى مجرد التقرير عن لتقاريره بقي عليه أن يجعل معرفته (العلمية) عن الموضوع تأخذ بعين الاعتبار المعرفة والعلمية التي تكون لدى الأعضاء (أي الموضوع ) عن الموضوع. وبعبارة أخرى، إن عليه أن يجعل معرفته العلمية عن الندرة والمنافسة من أجل احتكار الخبرات النادرة، تشمل المعرفة العلمية التي تكون لدى باقي الأعضاء عند انتابهم للتقسيمات الفردية والجماعية، تلك التقسيمات التي لا تقل موضوعية عن الأقسام التي تضعها جداول المحاسبة في الفزياء الاجتماعية.
تحميل الكتاب (لست مُنشىء هذه الكتب، ولم أقم بتصويرها أو رفعها على الإنترنت، وإنما هي متاحة بهذه الروابط)