يتميز الإنسان بميزة جوهرية ألا وهي العقل، والذي يسعى بواسطته تحصيل شتى أنواع المعارف والعلوم، مستخدما في ذلك محركا أساسيا هو السؤال، والذي يعرف لغة بالطلب والمطلب، أما اصطلاحا فيعرف بأنه استدعاء للمعرفة، أو هو ما ينتظر جوابا. ولا شك بأن الأسئلة ليست على شاكلة واحدة بل تتنوع وتتعدد، حيث نجد الأسئلة البسيطة والساذجة، الأسئلة المكتسبة، العملية، وهناك نوع آخر أرقى وهي الأسئلة الانفعالية، والتي تتنوع بدورها إلى عدة أصناف أبرزها السؤال العلمي والسؤال الفلسفي. وهذا الصنف الأخير قد يأتي أحيانا في شكل مشكلات، وفي شكل إشكاليات أحيانا أخرى.
*إشارة إلى إمكانية الوقوع في الخلط والالتباس: ولا يكاد الكثيرون يميزون ويفرقون بين المشكلة والإشكالية فمنهم من تخدعه مظاهر الاختلاف فيحكم بالفصل التام بينهما، والبعض الآخر قد تخدعه مظاهر التشابه فيحكم بأنهما وجهين لعملة واحدة.
*صياغة السؤال: من هنا ورفعا للخلط والالتباس حق لنا أن نتساءل: هل هناك علاقة بين المشكلة والإشكالية؟ وإن وجدت فما نوعها؟ وبعبارة أخرى: هل يمكن التمييز بين المشكلة والإشكالية؟
فإذا كان بين المشكلة و الإشكالية اختلاف ظاهري فهل هذا يعني عدم وجود نقاط تشابه و قواسم مشتركة ؟ وبالتالي فما طبيعة العلاقة بينهما ؟
العرض: محاولة حل المشكلة.
يمر البحث العلمي في علم الاجتماع بالعديد من المراحل من التحضيرية والاستكشافية والميدانية واخيرا التحليلية, فكل مرحلة لها اهميتها في عملية البحث والتوصل الى نتائج ذات موضوعية ومصداقية تمثل حلولاـأو استكشافا او تاكيدا للظواهر المدروسة, إلا أن الخطوات الاولى للبحث مهمة جدا ترسم تحدد وعي الباحث وادراكه النقدي للمجتمع الذي يعيش فيه، وتعتبر مشكلة البحث مؤشرا هاما عن هذا الوعي .
بيان أوجه الاختلاف: * لا شك أن بين المشكلة و الإشكالية نقاط اختلاف كثيرة نذكر بعضا منها على سبيل المثال:
* أبرز المعاني اللغوية لمادة (ش ك ل) يأتي بمعنى الالتباس، وبمعنى الاختلاط، فيقال مثلاً: أشكل عليه الأمر؛ أي التبس واختلط عليه. وهذه المعاني سنجدها جلية في التعاريف الاصطلاحية للمشكلة والإشكالية.
* التعريف الاصطلاحي للإشكال والمشكلة في الفلسفة:
* المشكلة – كما عرفها جميل صليبا – هي المعضلة النظرية أو العملية التي لا يوصل فيها إلى حل يقيني، وهي مرادفة للمسألة التي يطلب حلها بإحدى الطرق العقلية أو العملية.
الإشكال: هو الالتباس، ويطلق على ما هو مشتبه، ويقرر دون دليل كاف، ومن ثم يبقى موضع نظر.
* وفي موسوعة لالاند الفرنسية في الفلسفة:
* الإشكالية Problématique: سمة حكم أو قضية قد تكون صحيحة، لكن الذي يتحدث لا يؤكدها صراحة.
والمشكلة (المسألةProbléme:)
أ- مهمة منطقية قوامها ” تحديد شيء بناء على الروابط التي يفترض قيامها بينه وبين أشكال معينة”.
ب- تقال عموما على كل قضية، خصوصا من الطراز النظري، وكذلك من الطراز العملي.
* و لمعرفة الفرق بين المُشكلة والإشكالية سنُوضح مفهوم كل منهما: الإشكالية: هي قضية عامة ومُعقدة، وينضوي تحتها عدد من التساؤلات، وقد نجد أجوبة لهذه التساؤلات أو لا نجد بحيث تبقى القضية مفتوحة، وغالباً ما تُسبب الإشكالية جدلاً واسعاً يُقابَل بالرفض من قِبل الكثيرين. أما المُشكلة فهي قضية أقل شمولاً، وتخُص صاحبها على الأغلب، إذ يقع الشخص في حيرة من أمرٍ ما، ويبحث عن حلول لهذه القضية، أو أن يكون قد وضع أهدافاً لنفسه ولكن هناك عوائق تُصعب عليه تحقيق أهدافه. من هنا نرى أن الإشكالية هي مفهوم أوسع من المُشكلة، وتحتوي الإشكالية على عدد من المُشكلات، ولنأخذ مثالاُ لتوضيح المفهومين بشكل أفضل، فمثلاُ هناك إشكالية في كيفية الحد من تلوث الهواء، وهي إشكالية تخُص العديد من الشعوب وعلى الرغم من وجود العديد من الاقتراحات لحل هذه الإشكالية إلا أن هناك ظروفاً قد تُحتم على دولة ما رفض هذه الحلول، أو عدم القُدرة على تطبيقها، بينما نجد دولة أخرى لا تجد صعوبة في تطبيق هذه الحلول. أما المُشكلة فهي كأن يقع الطالب في مُشكلة حل إحدى المسائل المُتعلقة بدراسته، ولكنها مُشكلة محلولة من خلال البحث والتركيز، ثم حل المسألة ولتكن مسألة في مادة الفيزياء مثلاً، أو أن يضع الطالب هدفاً لدراسة مادة مُعينة ولكن في نهاية العام، يجد أن مُعدله التراكمي لا يسمح له بالتسجيل في هذه المادة في الجامعة وهي مُشكلة لها حل أيضاً.
* النقاط التالية تُوضح الفروق التي يمكن استخلاصها من خلال تعريف كل من المُشكلة والإشكالية:
* الإشكالية هي أكثر عمومية من المُشكلة، كما أنها تنضوي على العديد من المُشكلات، أي أن المُشكلة هي جُزء من الإشكالية. تُسبب الإشكالية إحراجاً، أما المُشكلة فيكون صاحبها قلقاً أو مُندهشاً من الأمر الذي صعُب عليه. كما أن الإشكالية لا تقتصر على المواضيع القومية أو السياسية، بل قد تكون الإشكالية مُتعلقة بأحد المفاهيم العلمية أو النظريات القديمة التي تحتاج إلى إثبات وبرهان، لهذا فهي تُسبب إحراجاً لمن تقع عليهم مسؤولية تفسير وتوضيح هذه المسألة.
* الإشكالية أعم من المشكلة، فهي تتسع لكل المشكلات، والمشكلة جزء من الإشكالية، كما أن أسئلة الإشكالية أسئلة فلسفية معقدة، فكلما حاولت الإجابة عن سؤال تناسلت مجموعة من الأسئلة أكثر تعقيداً. وهي بذلك تفتح آفاق الممكن المعرفي أي اكتشاف عوامل معرفية لم يكن الباحث يعرفها من قبل عندما يفتح آفاق الممكن المعرفي، أما الباحث فإنه يشعر بأن ما يعرفه أقل بكثير مما يجهله، فيحفزه ذلك على مزيد من البحث والعطاء والصبر للوصول إلى المجهول، وهذا من ميزة العلم فهو لا ينتهي.
* وإذا كانت الإشكالية هي المعضلة الفلسفية التي تترامى وتتسع أكثر وتنضوي تحتها المشكلات الجزئية، فإن المشكلة أقل اتساعاً من الإشكالية..
* ففي الإشكالية نضع على رأس كل قضية فلسفية أساسية، سؤالاً جوهرياً يقوم مقام الإشكالية، ثم نفصل السؤال الجوهري هذا إلى عدد من الأسئلة الجزئية، تقوم مقام المشكلات..
* هذا فضلاً عن أن الإشكالية قضية تثير قلقاً نفسياً، وتشوشاً منطقياً، والباحث فيها لا يقتنع بحل أو بأطروحة أو بعملية من الأطروحات ويبقى مجال حلها مفتوحاً.
* والإشكالية تحتاج إلى أكثر من دراسة وتحليل، والتي تستوجب مقاربتها ومعالجتها أكثر من زاوية ومن وجهة نظر، فهي بمثابة المصدر. وفي مقابل ذلك نستعمل المشكلة باعتبارها القضية الجزئية التي تساعد على الاقتراب من الإشكالية..
* كما أنه لا يجب الخلط بين المشكلة الفلسفية التي تسعى إلى البحث عن الحقيقة البعيدة، والمشكلة العملية التي تهتم بالحقيقة القريبة من جهة أخرى.
* تعرف المشكلة بأنها الشعور أو الإحساس بوجود صعوبة لا بد من تخطيها، أو عقبة لا بد من تجاوزها، لتحقيق هدف ما. أو أنها الاصطدام بواقع لا نريده، فكأننا نريد شيئا ثم نجد خلافه. كما تعرف أيضا بأنها الأمر الصعب والملتبس الذي يمكن أن نجد له حلا. وهى عبارة عن تساؤل مؤقت، يستوجب جوابا مقنعا سعيا وراء البحث عن الحقيقة. أما الإشكالية فهي قضية كلية عامة، تثير نتائجها الشكوك بحيث أنها تقبل الإثبات أو النفي أو الأمرين معاً. والإجابة في الإشكالية غير مقنعة وتبقى دائما بين أخذ ورد.
* بما أن الإشكالية أوسع من المشكلــة، فإننا نجد أن الإجابة في المشكلة محصورة، بينما القضايا التي تطرحها الإشكالية هي قضايا عميقة عالقة فـي الفكر الإنساني تعكس البحث الدائم للإنسان من أجل أن يتكيف مع الوسط الذي يحيط به.
* من مواطن الاختلاف بين المشكلة والإشكالية: القلق النفسي الذي تثيره كل منهما في نفسية الفرد بحيث إذا كـان التوتر يثير الدهشة كانت القضية المطروحة مشكلة أما إذا كان إحراجا كانت القضية المطروحة إشكالية.
* الدهشة الفلسفية أو الحيرة الفكرية ، و هي متولدة من كون السؤال الفلسفي يفاجئ السامع ، فيطرح قضية مألوفة في صورة غير مألوفة ، تتعارض مع معارفنا و خبرتنا و عادتنا و معتقداتنا ، و يهز ثقتنا و إيماننا ، فيتحول اليقين إلى شك و ، العلم إلى جهل ، و ينتابنا شعور بالاضطراب و القلق ، و ندرك جهلنا بالحقيقة قال سقراط Socrate : “كل ما أعرفه هو أني لا أعرف شيء”.
* مثلا: هل الشجاعة تعني عدم الخوف ؟ هل الحرية أن تفعل ما تشاء ؟ ما هي السعادة و ما هي الفضيلة و غيرها .و كلما اشتد الحيرة ازداد الفضول للكشف عن الانفراج و التخفيف من الجهل ، و الوقوف على طريق الحقيقة..
* تعريف الدهشة: هي الحيرة والاستغراب.
اصطلاحا: شعور المرء بجهل الصواب في قضية ما، فلا يدري أين المخرج وهي نوعان:
* دهشة عادية: من الأمر غير المألوف (تشل الفهم).
* دهشة فلسفية: من الأمر المألوف وهي تحفز الفهم وتنشطه وتجعله يسأل مثلا: لماذا أنا بهذه القامة القصيرة؟ ولماذا حدد عمري؟ ولماذا ولدت في هذا البلد دون غيره؟
* وهي دهشة تولد الفضول لذلك قال الألماني “كارل يسبيرس”: ‘” يدفعني الاندهاش إلى المعرفة ، فيشعرني بجهلي”‘
* الإحراج الفلسفي: هو الشعور بالضيق و انسداد المنافذ ، فتزداد المعاناة و يبقى السؤال عالقا يطلب منا الجواب.
* و الإحراج ناتج كذلك من كون السؤال الفلسفي يتضمن تناقضات و مفارقات، رغم أن المسألة واحدة ، فيضعنا أمام رأي و رأي آخر مناقض أو معاكس له ، و أمام هذه المفارقات يسعى العقل إلى إدراك العلاقة بينها ، و جمعها في سياق منطقي واحد ، مثل قول سقراط الذي جمع بين متناقضين هما العلم و الجهل ، فبلغ رسالة مفادها أن الجهل هو أساس المعرفة ، و أن الحقيقة لا تدرك بأتمها أبدا.
* و كان الفيلسوف الألماني “هيجل “Heggel يستعمل هذه الطريقة الجدلية في بناء فلسفته ، حيث يأخذ بالقضية و يقابلها بنقيضها ، ثم يركب بينهما و هكذا …ففي مسألة الشجاعة مثلا / نجد رأي يقول أن الشجاعة هي عدم الخوف . لكن هناك من يقول من لا يخاف فهو متهور و عديم الوعي ، و عندما نركب بين الرأيين ندرك العلاقة بينهما فنقول أن الشجاعة لا تتعارض مع الخوف الذي يعبر عن صميم الوعي يقول “هيجل”: “الفلسفة تبحث في المتناقضات الشاملة التي يغوص فيها وجود الإنسان”.
*و ما يسبب الإحراج أيضا هو أن السؤال الفلسفي يطرح القضية في صورة فكرية عالمية و إنسانية، تتجاوز ما هو فردي و خاص ، لأننا عندما نتحدث عن الشجاعة أو السعادة أو الأخلاق لا نعني بها شجاعة الجندي ، و سعادة الأمير ، و أخلاق المصلحين ، و إنما نعني بها شجاعة و سعادة وأخلاق كل إنسان على وجه المعمورة ، و عليه يتوجب أن تتوفر لدينا رؤية واسعة و تأمل عميق ، و أن يتوجه خطابنا الفلسفي إلى العالم حتى و إن حركتنا قضية جزئية أو خاصة .
* من خلال الوقوف على حقيقة كل من المشكلة والإشكالية نلمس أن أهم وجه فرق بينهما يكمن في كون أن الإشكالية هي المعضلة الفلسفية التي تترامى حدودها، وتتسع أكثر وتنضوي تحتها المشكلات الجزئية
مفهوم من مشكلة البحث :
هناك اجماع تام لدى الباحثين والعلماء ان ما يدفع الى القيام بالبحث العلمي هو وجود مشكلة، وهي بذلك ركيزته وقاعدة انطلاقه وهي المحور الاساسي الذي يدور عليه البحث، فهي المبرر لانطلاق البحث، فاول اجراء يقوم به الباحث هو قدرته وحصوله على موضوع بحثه وتخليصه من الافكار المسبقة والاحكام القيمية في ظل مايعرف بالغزو او القطيعة الابستيمولوجية من خلال الوقوف على مشكلة البحث او الدراسة، اذن فمشكلة البحث هي عنصرا اساسيا في مسعى البحث العلمي، وهي مبرر انطلاق هذا البحث ووجوده .
في العام نقول ان هناك مشكلة حينما لا تسير الامور في الاتجاه اللازم، اي ان هناك خللا ما يجلب انتباه الباحث او فضوله ورغبته في التقصي والتنقيب عن تلك الحالة بهدف استجلاء ذلك الغموض واستكشاف المسببات وتامين المقترحات اللازمة التي تقدم كمعالجات وحلول لهذه الحالة.
بهذا الشكل تعكس المشكلة وضعيتين مختلفتين الاولى وهي وضعية مفروضة موجودة في الواقع والثانية وضعية مثالية اي ما يجب ان تكون عليه, فنحن هنا امام وضعيتين مختلفتين بين ماهو كائن وما يجب في سياق زمني او مجالي مغطى, ويمكن ان نعبر عن هذا بالانحراف عن ماهو كائن وما يجب ان يكون وهذا يؤدي الى غموض يستوقف الباحث لدراسته .
اذن يمكن تعريف مشكلة البحث ب: “ذلك الانحراف الذي نلاحظه بين وضعية انطلاق ناقصة او غير مرغوب فيها الى
وضعية وصول مرغوب فيها وهذا بهدف سد ذلك الانحراف ” ايضا يمكن تعريفها على انها انحراف عن بين افعال ومعايير بين وضعية ملموسة وانتظارات المجتمع ، وكذلك بين الظواهر الملاحظة والحالة التي توجد عليها معارفنا”
ايضا يمكن القول ان مشكلة البحث تعبر عن حيرة أو انشغال معرف ي ابستيمولوجي بعيداعن المواقف القيمية او الوضعيات الاخلاقية توصم بعلامات سلبية او ايجابية
* أما المشكلة فمجال بحثها في الفلسفة أقل اتساعا من الإشكالية، حتى أننا نضع على رأس كل قضية فلسفية أساسية سؤالا جوهريا يقوم مقام الإشكالية، ثم نفصل السؤال الجوهري هذا إلى عدد من الأسئلة الجزئية تقوم مقام المشكلات.
* هذا فضلا عن أن الإشكالية قضية تثير قلقا نفسيا وتشوشا منطقيا والباحث فيها لا يقتنع بحل أو بأطروحة أو بجملة من الأطروحات، ويبقى مجال حلها مفتوحا.
* إذن فالإشكالية أوسع من المشكلة، فهي تحتضن مجموعة من المشكلات، وإذا حددنا موضوع الإشكالية عرفنا المشكلات التي تتبعها كما تتتبع الأجزاء الكل الذي يحتضنها .فالإشكالية هي بمثابة المضلة المفتوحة التي تنضوي تحتها المشكلات التي تناسبها. وكذلك الأمر بالنسبة للإشكاليات فقد تجمعها على نفس المبدأ إشكالية واحدة نسميها إشكالية الإشكاليات أو أم الإشكاليات.
*وعلى هذا الأساس نستعمل الإشكالية باعتبارها المعضلة الأساسية التي تحتاج إلى أكثر من علاج، وفي مقابل ذلك نستعمل المشكلة باعتبارها القضية الجزئية التي تساعد على الاقتراب من الإشكالية .
* المشكلة مبعثها الدهشة و الحيرة، أما الإشكالية فمبعثها القلق و الإحراج.
* مجال المشكلة ضيق، أما مجال الإشكالية أوسع و ليست لها إجابات محددة.
* المشكلة الحل فيها ممكن، و أما الإشكالية فالحل فيها مستعص فهي بمثابة المعضلة (الحل معلق ).
* المشكلة تكتسي نوعا من السهولة في التناول أما الإشكالية فتكتسي نوعا من الصعوبة.
* تعبر المشكلة عن قضية أقل تعقيدا مقارنة بالإشكالية التي تعبر عن قضية فلسفية عميقة معقدة و متداخلة.
* و إذا كانت المشكلة تعبر عن قضية يمكن حلها بطريقة أو بأخرى فان الحل بالنسبة للإشكالية يبدو صعبا إن لم يكن مستحيلا فمثلا أيهما سابق في الوجود البيضة أم الدجاجة ؟.
من جهة أخرى إذا كان للمشكلة حل واحد فان الإشكالية لا تنتهي عند حل أو عند جواب واحد * و لعل ابرز نقطة اختلاف بين المفهومين أن الإشكالية تعبر عن قضية كلية بينما المشكلة تعبر عن قضية جزية مثلا: إشكالية الحرية تتضمن مشكلات جزئية منها مشكلة التحرر، مشكلة الحتمية و مشكلة الجبر.
* كما أن الإشكالية تمتاز بطابع العالمي العام بينما المشكلة تمتاز بطابعها الخاص
مثلا : إشكالية الاحتباس الحراري و مشكلة معالجة النفايات في الجزائر .
لكن هل وجود نقاط الاختلاف هذه تمنع من وجود نقاط تشابه واتفاق بينهما ؟
بيان أوجه التشابه:
لكن ورغم وجود هذه الاختلافات بين المشكلة والإشكالية إلا أنها لا تمنع من وجود نقاط تشابه واتفاق لعل أبرزها:
* تمثل المشكلة والإشكالية السعي الدائم للإنسان فـي البحث عن الحقيقة وإدراك المعارف.
* وهما يطرحان معا بطريقة استفهامية أسئلة تنتظر الإجابة، بحيث تكون هذه الإجابة مدعمة بحجـج وبراهين من أجل التأكيد أو النفي.
* وهما يتفقان معا في أنهما يبحثان عن مخرج.
* و يثيران في النفس القلق الإنسانـي والحيرة من أجل بلوغ الحقيقة ذلك لأن طلب الحقيقة يقتضي ذلك.
* إن كل من المشكلة والإشكالية يكون مسبوقا بدافع قد يكون هذا الدافع فضولا أو شعور المرء بالجهل.
* كما أن كليهما يسعى للوصول إلى إجابة يحاول من خلالها فك الإبهام والكشف عن الغموض.
* بالإضافة إلى أن كلاهما يرتبط بالإثارة والحيرة والقلق والدهشة لكي يخلقان ارتباكا في نفس السائل.
فضلا عن ذاك فإن كلاهما يطرح قضايا فكرية تتجاوز الحسيات والتوجه أو التطلع نحو العقلاني فهما لا يهتمان فقط بالظواهر الجزئية الحسية بل أيضا بدراسة الكليات المجردة وخاصة الموضوعات الميتافيزيقية .
* المشكلة و الإشكالية مجالهما الفلسفة و مبعثهما السؤال و الاستفهام.
* منهجهما العقل و التفكير التأملي.
* غايتهما البحث في الحقيقة.
* كما هما يتأسسان على النشاط النفسي و العقلي للإنسان.
* تعبران عن حالات انفعالية فكرية.
* لا يشترطان الصيغة الاستفهامية …..أي توفر شروط التفكير الفلسفي فحسب.
* نتائجهما تعبر عن مواقف وآراء لا على حقائق.
* كذاك إذا تأملنا في طبيعة المشكلة و الإشكالية أدركنا مدى التشابه بين المفهومين من عدة جوانب.
* فنلاحظ أن للمفهومين نفس الاشتقاق اللغوي فهما يرجعان إلى الفعل ( أشكل ) أي التبس عليه الأمر و أصبح غامضا، و فعلا فإن المشكلة و الإشكالية تعبران عن قضية يكتنفها الكثير من الغموض و اللبس.
* من جهة أخرى يلاحظ أن كل منهما نعبر عنه بسؤال إشكالي استفهامي –غالبا- مثلا : هل الإنسان حر أم مقيد ؟
* كما يلاحظ أن المشكلة و الإشكالية كلاهما قضية تثير الذهن و تدفع صاحبها إلى التفكير بحثا عن الحل.
* فكلاهما يعتمد على البحث عن حلول لمسائل مُعقدة أو مُبهمة، وكلاهما أيضاً يُسببان القلق بسبب الغموض الذي يكتنفهما، وللمفهومين معنى واحد ألا وهو الشك في أمرٍ ما.
* لكن إذا كان بين المشكلة و الإشكالية من جهة نقاط تشابه و من جهة نقاط اختلاف إذا فما طبيعة العلاقة بينهما ؟
بيان التداخل وضبط العلاقة.
العلاقة بين المشكلة والإشكالية هي كالعلاقة بين الكل وأجزائه وبين الجزء والكــل، وقد رأى بعض المفكرين الإشكالية كمظلة تتسع لكل المشكلات، تتمثل في أن المشكلة جزء من الإشكالية، حيث أن الإشكالية مجموعـة من المشكلات الجزئية، فإذا استطعنا أن نحدد موضوع الإشكالية عرفنا المشكلات التي تتبعـها. وبمعنى آخر، المشكلة طابعها جزئي، والأسئلة التي تتناولها أسئلـة جزئية بينما الإشكالية طابعها شامـل وعام يتناول القضايا.
وعلى هذا الأساس تكون الإشكالية محتضنة لمختلف المشكلات، وإذا حددنا موضوع الإشكالية، عرفنا المشكلات التي تتبعها كما تتبع الأجزاء الكل الذي يحتضنها..
إن الحديث عن الخلاف بين المشكلة والإشكالية كالحديث عن الخلاف بين الصبي والرجل أي رغم أنه ليس كل مشكلة إشكالية وليس كل إشكالية مشكلة إلا أن هذا لا يمنع من القول أن الإشكالية والمشكلة تشخص كلتاهما على أساس ما تخلفه هاته أو تلك من آثار، واضطراب في الإنسان. فإذا كان هذا الاضطراب إحراجا كانت القضية المطروحة إشكالية، وإذا كان هذا الاضطراب دهشة كانت القضية مشكلة. وكأن الفرق بينهما كالفرق بين الإحراج والدهشة .
• المشكلة تؤثر في الإشكالية : لأن المشكلة قضية جزئية تساعدنا على الاقتراب من فهم الإشكالية . مثال ذلك لفهم الإشكالية : ” الفكر بين المبدأ و الواقع ” يجب فهم و دراسة المشكلات الجزئية و هي : كيف ينطبق الفكر مع نفسه؟ ، وكيف ينطبق مع الواقع ؟.
• كما أن الإشكالية بدورها تؤثر في المشكلة: لأن المشكلة تحتاج إلى الإشكالية التي هي المعضلة الكبرى، أي الكل فإذا كانت المشكلات تحتاج حلول جزئية فهي تحتاج إلى الحل الكلي للمعضلة الكبرى .
* إبراز الرأي الشخصي وتبريره.
الخاتمة: انطلاقا مما تقدم نستطيع القول أن المشكلة والإشكالية يختلفان في بعض النقاط ولكن هذا لا يمنع من تداخلهما وتكاملهما فالمشكلة قد تتحول إلى إشكالية إذا تفرعت منها مشكلات جزئية وتبقى المشكلة أقل اتساعا من الإشكالية.
* علاقة المشكلة بالإشكالية علاقة الجزء بالكل، فالإشكالية تتدرج ضمنها مشكلات فلسفية فرعية فالعلاقة شمولية أي تضمن. فعلاقة المشكلة بالإشكالية كعلاقة العناصر بالمجموعة حيث كل إشكالية فلسفية تتفرع إلى مشكلات مثل ذلك :إشكالية آلية التفكير المنطقي تتفرع إلى مشكلة : تطابق الفكر مع نفسه ومشكلة تطابق الفكر مع الواقع …..الخ كما يمكن تحويل المشكلات إلى إشكاليات .
الاشكالية والفرضيات
كثيرا مايتردد استعمال عبارة الاشكالية في الخطاب العام سيما الصحافة من دون ان نعرف مدلوله والذي في معظمه يكون نوع من الارادة في الظهور الكلامي، لكن في البحث العلمي يفرض علينا تحديد مفهوم العبارات التي نحن بصدد استخدامها لازالة الغموض، لذا فان كلا من المشكلة والاشكالية تشيران الى مرحلتين متمايزتين في البحث السوسيولوجي على الرغم من الترابط المنطقي المتواجد ان هذا يؤدي بنا الى ضرورة تعربف الاشكالية، وتحديد وظيفتها وأهميتها في البحث السوسيولوجي .
1-مفهـــــوم الاشكالية:
الاشكالية في ابسط تحديد لها هي اعادة صياغة مشكلة البحث من منظور جديد قائم على استغلال اسهام المرحلة الاستكشافية، ففي اشكالية البحث تتضح اكثر مشكلة البحث حيث يتم تدقيقها والتعمق فيها، وهناك من يعتبر الاشكالية بمثابة المشكلة الخصوصية وهي مرحلة مكملة للمشكلة العامة التي كانت الدافع الى الدراسة هذا المرور من العام الى الخاص نجده عند “نيكول بيرتييه” التي ترى ان الانطلاق الحقيقي في البحث يتمثل في الكيفية والمهارة التي ينتقل بها الباحث من العام الى الخصوصي من مشكلة البحث الى الاشكالية وتحويل سؤال الانطلاق الى اسئلة فرعية تجزؤه وتدققه.
2-اهمية الاشكالية في البحث السوسيولوجي :
ترتبط الاشكالية بالمعرفة النظرية وهي نوع من المقاربة النظرية التي تاخذها مشكلة البحث، هذه المقاربة التي تضع البحث في اطار ووجهة محددين، اي ان الباحث سيعرف مع الاشكالية في اي اتجاه يسير بحثه، وهذا من خلال ما تعطيه الاشكالية من مفاهيم التي يلجا اليها الباحث ليتجاوز بها المفاهيم العامية .
لا يمكن تصور المراحل المنهجية في البحث العلمي في علم الاجتماع دون الاشكالية حيث ياخذ البحث مع الاشكالية الوجهة التي تحاول تفسير الظاهرة موضوع الدراسة، فادراج مشكلة البحث ضمن اشكالية هو ضمانة لسيرورة مشكلة البحث الوجهة الصحيحة في ايجاد التفسير العلمي لها، وايجاد الاجابة على تساؤلات الدراسة .
تعمل الاشكالية على اعطاء مشكلة البحث تدقيقا يظهر من خلال المفاهيم التي يلجا اليها الباحث ليتجاوز بها مصطلحات الحس المشترك (العامي) ولا يضيع في المتاهات والاتجاهات العشوائية للموضوع، فالاشكالية اذن تعطي للبحث ارضية متينة تجنبه الانحراف والضياع في الاحكام القيمية والافكار المسبقة والخطاب العامي , فهي تؤطر مشكلة البحث ببناء مفاهيمي يعطي البحث صفته العلمية, فالاشكالية اذن هي الانتقال من المعطى اي مشكلة البحث ( الاجتماعي) الى المبني ( السوسيولوجي) على اساس مفاهيم عن طريق مايعرف بالمسلك التجريدي .
اخيرا نقول ان اهمية الاشكالية تتمثل في دورها المزدوج ابستيمولوجيا ومنهجيا، انها الاساس الذي تبنى عليه مشكلة البحث لتمر من المعطى العامي الى المبني على اساس نظري مفاهيمي، اما من الناحية المنهجية فتحدد على اساس الخطوات اللاحقة للبحث خاصة في بناء الفرضيات، كما نشير الى ان الانتقال من المعطى الى المبني عن طريق اللجوء الى نظرية تساعد في فهم الواقع الاجتماعي، من خلال المفاهيم التي تستند اليها ولهذا نصل الى ان الاشكالية تبنى على مفاهيم التي هي خطاب ولغة العلم .
3-محتوى الاشكالية :
يمكن القول ان محتوى الاشكالية هي تثمين لكل ماتم جمعه من معلومات وما تم بناؤه من افكار في المرحلة الاستكشافية، حيث يظهر جدوى استعراض الادبيات والقراءات والجولة الاساطلاعية ….الخ ، لكن كيف بناء محتوى الاشكالية؟
الاجابة هي انه لا توجد وصفة محددة لبنائها فطبيعة الموضوع وموقف الباحث وتوجهه النظري يحددان بوضوح هذا البناء لكن هناك بعض المسائل المساعدة والتي اذا اخذ بها الباحث خاصة المبتديء تمكنه من النجاح في بنائها من بينها الاستعانة بكل معطيات المرحلة منها انها غير قادرة على تقديم نظام تفسيري للظاهرة المدروسة، لذا يجب ان يكون هناك مستوى من تدقيقها من خلال الاستعانة بمجموعة من الاسئلة التي يطرحها على نفسه حسب ما اشار اليه رنجرس وهي اربعة اسئلة تكون بمثابة موجه ومرشد للباحث في وصوله الى الاشكالية وهي: لماذا نهتم بهذا الموضوع ؟ ويسمح هذا السؤال بضبط وتحديد القصد و الاسباب التي دفعت الباحث الى اختياره ، اما السؤال الثاني هو ما الذي نطمح الى بلوغه ؟ حيث يحدد الهدف ، اما السؤال الثالث ماذا نعرف لحد الان ؟ وهذا يؤدي الى الحوصلة حول المعارف المكتسبة من خلال استعراض الدراسات السابقة ، اما السؤال الاخير وهو: اي سؤال بحث سنطرح ؟ وهذا يسمح بتدقيق سؤال البحث الذي سيوجه كل طريقة البحث المقبلة، كل الاسئلة السابقة لها دور اساسي في تخطي العوائق الذاتية والموضوعية التي تصادف الباحث عند بناء اشكاليته، فهي توفر له نوع من الجرد للعوامل التي تساعده في التعمق في تحليل مشكلة بحثه.
ان كل ماتحدثنا عليه من الاستعانة بمعطيات المرحلة الاستكشافية بالاضافة الاسئلة المطروحة يتطلب تناولها ضمن اطار نظري مزود بمنظومة من المفاهيم التي تعطيه الصبغة العلمية والابستيمولوجية،
كل هذا سوف يؤدي الى التعمق في المشكلة وبلورتها في في اشكالية واضحة المعالم ،وتجدرالاشارة الى ان النتاولات النظرية لا تاتي اعتباطا وانما تاتي من موقف فكري مبني ادت اليه مواقف ابستيمواوجية بلورتها المرحلة الاستكشافية اساس والمواجهات الفكرية لمختلف التناولات التي تعرضت للظاهرة المدروسة .
في الاخير يجب الاشارة الى كيفية تقديم الاشكالية والمتمثلة في نص تقديمي لها يختلف عن المقدمة ثم بلورة محتوى الاشكالية ضمن التناول النظري المتبنى والجهاز المفاهيمي الملائم في الاخير يتم سؤال يدقق سؤال الانطلاق وهو سؤال الاشكالية بالاضافة الى مجموعة من الاسئلة تمثل تدقيقا اكثر لما تم عرضه في محتوى الاشكالية
فنلاحظ أن للمفهومين نفس الاشتقاق اللغوي فهما يرجعان إلى الفعل ( أشكل ) أي التبس عليه الأمر و أصبح غامضا و فعلا فإن المشكلة و الإشكالية تعبران عن قضية يكتنفها الكثير من الغموض و اللبس.
من جهة أخرى يلاحظ أن كل منهما نعبر عنه بسؤال إشكالي استفهامي مثلا : هل الإنسان حر ام مقيد ؟
كما يلاحظ أن المشكلة و الإشكالية كلاهما قضية تثير الذهن و تدفع صاحبها إلى التفكير بحثا عن الحل
تعبر المشكلة عن قضية أقل تعقيدا مقارنة بالإشكالية التي تعبر عن قضية فلسفية عميقة معقدة و متداخلة.
و إذا كانت المشكلة تعبر عن قضية يمكن حلها بطريقة أو بأخرى فان الحل بالنسبة للإشكالية يبدو صعبا إن لم يكن مستحيلا فمثلا أيهما سابق في الوجود البيضة أم الدجاجة ؟.
من جهة أخرى إذا كان للمشكلة حل واحد فان الإشكالية لا تنتهي عند حل أو عند جواب واحد .
و لعل ابرز نقطة اختلاف بين المفهومين أن الإشكالية تعبر عن قضية كلية بينما المشكلة تعبر عن قضية جزية مثلا: إشكالية الحرية تتضمن مشكلات جزئية منها مشكلة التحرر مشكلة الحتمية مشكلة
الجبر .
كما أن الإشكالية تمتاز بطابع العالمي العام بينما المشكلة تمتاز بطابعها الخاص
مثلا : إشكالية الاحتباس الحراري و مشكلة معالجة النفايات في الجزائر .
طبيعة العلاقة بين المشكلة و الإشكالية: و إذا كان بين المشكلة و الإشكالية من جهة نقاط تشابه و من جهة نقاط اختلاف إذا فما طبيعة العلاقة بينهما ؟
من خلال عرضنا لأوجه التشابه و نقاط التباين و الاختلاف يتبين لنا أن بينهما علاقة تبرز و تتضح أكثر في علاقة الكل بالجزء حيث تمثل الإشكالية قضية كلية تضم تحتها قضايا جزئية هي عبارة عن
مشكلات و هكذا فكل إشكالية هي مجموعة المشكلات التي تتكون منها و منه فالعلاقة هي علاقة التداخل حيث لا يمكن فهم الإشكالية إلا من خلال فهمنا لمشكلاتها.
أ – طرح المشكلة : إن السؤال مهم في عملية التعلم .. وينقسم إلى عدة أنواع : الأسئلة المبتذلة ، الأسئلة العملية ، الأسئلة الانفعالية ، والتي تثير القلق النفسي و العقلي لهذا فهي تؤدي إلى وجود ما يعرف بالمشكلة والإشكالية ، فما نوع العلاقة بينهما ؟ هل هي علاقة انفصال و تمايز أم هي علاقة اتصال و تكامل ؟
ب – محاولة حل المشكلة :
ملاحظة هامة : هذه المقالة تتكلم بشكل عام عن المشكلة و الإشكالية سواء كانت علمية أو كانت فلسفية ، إذ يمكن أن ترد مقارنة بين المشكلة الفلسفية و الإشكالية الفلسفية تابعوها معنا فيما يلي :
مقالة المقارنة بين المشكل الفلسفي و الإشكال الفلسفي
طرح المشكلة :
هناك فكرة شائعة و هي أن الناس يخلطون بين المشكل و الإشكال فتارة يعبرون عن المشكلة بالإشكالية كقولهم المشكلة الفلسفية ماهي إلا إشكالية إن تسمية قضايا ومواضيع التفكير الفلسفي بالمشكلة وتارة أخرى بالإشكالية ، قد لا يدل على المطابقة في المفهوم ، إذ يحتمل وجود مواطن اختلاف بينهما فوقع الالتباس في الحديث عن المفاهيم. فما طبيعة المشكلة الفلسفية و الإشكالية الفلسفية ؟ فهل هما شيء واحد ؟ و ما أوجه المقارنة بينهما ؟
محاولة حل المشكلة :
1 – مواطن التشابه :
ــ المشكلة و الإشكالية مجالهما الفلسفة و مبعثهما السؤال و الاستفهام.
ــ منهجهما العقل و التفكير التأملي.
ــ غايتهما البحث في الحقيقة.
ــ كما هما يتأسسان على النشاط النفسي و العقلي للإنسان
– تعبران عن حالات انفعالية فكرية
– لا يشترطان الصيغة الاستفهامية …..أي توفر شروط التفكير الفلسفي فحسب
– نتائجهما تعبر عن مواقف وآراء لا على حقائق
2 – مواطن الاختلاف :
ــ المشكلة مبعثها الدهشة و الحيرة, أما الإشكالية فمبعثها القلق و الإحراج.
ــ مجال المشكلة ضيق و لها إجابة ملتبسة, أما مجال الإشكالية أوسع و ليست لها إجابات محددة.
ــ المشكلة الحل فيها ممكن و أما الإشكالية فالحل فيها مستعص فهي بمثابة المعضلة (الحل معلق ).
ــ المشكلة تكتسي نوعا من السهولة في التناول أما الإشكالية فتكتسي نوعا من الصعوبة.
3 – طبيعة العلاقة بينهما :
علاقة المشكلة بالإشكالية علاقة تداخل الجزء في الكل فالإشكالية تتدرج ضمنها مشكلات فلسفة فرعية فالعلاقة شمولية أي تضمن. فعلاقة المشكلة بالإشكالية كعلاقة العناصر بالمجموعة حيث كل إشكالية فلسفية تتفرع إلى مشكلات مثل ذلك :إشكالية آلية التفكير المنطقي تتفرع إلى مشكلة : تطابق الفكر مع نفسه ومشكلة تطابق الفكر مع الواقع …..الخ كما يمكن تحويل المشكلات إلى إشكاليات .
ج – حل المشكلة : نسبة الترابط
هناك تكامل و اتصال بين المشكلة و الإشكالية, و نظرا للتشابه الكبير بين المشكلة و الإشكالية فهذا لا يعني بالضرورة عدم وجود اختلاف بينهما.
4 – مقالة المقارنة بين الدهشة و الإحراج في السؤال الفلسفي :
أ – طرح المشكلة : إذا كان فعل التفلسف لا يستقيم إلا بوجود سؤال يحركه ، وكان السؤال الفلسفي أصناف تارة يطرح مشكلة وتكون الدهشة مصدره ، وتارة أخرى يطرح إشكالية فيكون الإحراج مصدره ، فإنا هذا يدفعنا إلى التساؤل عن طبيعة العلاقة بينهما ؟ أهي علاقة اختلاف أم علاقة تكامل ؟
ب – محاولة حل المشكلة :
1 – نقاط التشابه :
• كلاهما يرتبطان بالسؤال الفلسفي
• كلاهما يتعلقان بالإنسان العاقل الراغب في التعليم و المعرفة
• كلاهما يصدران مواضيع تهز في طرحها أعماق الإنسان النفسية و المنطقية و الاجتماعية .
• كلاهما لحظة شخصية و نفسية يعانيه الشخص بدمه ولحمه .
• كلاهما يعبر عن معاناة التفكير الفلسفي .
2 – نقاط الاختلاف :
بالرغم من وجود نقاط اتفاق بينهما إلا أن ذلك لا يعطيهما نفس التصور لأنه توجد بينهما أيضا نقاط الاختلاف ففي حين نجد الدهشة تصدر عن السؤال الفلسفي الذي يطرح مشكلة ، فإن الإحراج يصدر عن السؤال الفلسفي الذي يطرح إشكالية و بالتالي فالفرق بينهما فرق في درجة تأثير كل منهما في نفسية و عقلية السائل .
3 – طبيعة العلاقة بينهما : بالرغم من أن نقاط الاتفاق الموجودة بينهما أكثر من نقاط الاختلاف إلا أن ذلك لا يعطيهما نفس الوظيفة بالنسبة للسؤال الفلسفي ذلك أن الفرق بينهما يتحدد من خلال ما تخلفه كل من المشكلة و الإشكالية من إثارة واضطراب في الإنسان فكلما كان الاضطراب قليلا في السؤال الفلسفي أثار دهشة وتسمى بالمشكلة وكلما زادت هذه الإثارة تعقيدا تحولت إلى إحراج و أصبحت إشكالية . ومما أن العلاقة بين المشكلة و الإشكالية هي علاقة المجموعة بعناصرها .
ج – حل المشكلة : نستنتج مما سبق أن العلاقة بين الدهشة و الإحراج تتبع بين المشكلة و الإشكالية في السؤال الفلسفي و ما دامت العلاقة بينهما هي علاقة المجموعة بعناصرها ، فإن طبيعة العلاقة بين الدهشة و الإحراج هي علاقة التكامل وظيفي .
الخاتمة :