كشف وزير الصناعة، أحمد زغدار، في الحوار الذي خص به “الخبر”، أن قانون الاستثمار الجديد أصبح جاهزا وأنه سيتم عرضه للمناقشة في البرلمان قبل نهاية السنة الحالية، مبرزا أهم المزايا التي تضمنها المشروع الذي سيعمل على جعل الجزائر منافسا رئيسيا من حيث استقطاب الاستثمارات الأجنبية وذلك من خلال تعزيز الضمانات المقدمة للمستثمرين. بالمقابل، استعرض الوزير أهم الأسباب التي أدت إلى رفض 19 ملفا لطلبات استيراد السيارات الجديدة والتحفظات التي رفعتها اللجنة المكلفة بدراسة هذه الملفات، مؤكدا أن الاعتمادات ستقدم لطالبيها فور إزالة التحفظات، فيما أعلن عن تسوية إشكال التحويل المالي لاستيراد السيارات الأقل من ثلاث سنوات، مشيرا إلى أن الانطلاق الفعلي للمشروع لا يحتاج إلا إلى ضبط الأحكام النهائية.
سجلت الجزائر خلال الثلاث سنوات الأخيرة غياب الاستثمارات الأجنبية نتيجة عدم الانتهاء من تعديل قانون الاستثمار الذي تتم مراجعته منذ حوالي ثلاث سنوات؟ فما هي النقاط التي لا تزال تثير الجدل في هذا القانون ولماذا يتأخر إصداره إلى غاية الآن؟
لقد انتهينا من مشروع القانون التمهيدي وهو حاليا على مستوى الأمانة العامة للحكومة ونقوم حاليا بإعداد مشاريع النصوص التطبيقية المتعلقة به.
أريد أن أوضح في هذا الخصوص، بأن القانون الجديد تم إعداده وفق رؤية استراتيجية جديدة لترقية الاستثمار تسعى إلى خلق مناخ عمل أكثر ملاءمة للاستثمار وبيئة تسودها الثقة وخاصة الاستقرار، وذلك بالتكفل بالنقائص والعقبات المعاينة حاليا في الميدان بهدف تسهيل فعل الاستثمار وتشجيع الاستثمار المنتج وأيضا لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
ويأتي النص تطبيقا لتوجيهات السيد رئيس الجمهورية واقتراحات المتعاملين الاقتصاديين، خاصة وأن الاستثمارات المسجلة في ظل القانون الحالي لم ترق إلى المستوى المطلوب من حيث حجم الاستثمارات المحلية والاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وتقوم التوجهات في هذا الإطار على المبادئ الأساسية التالية: استخلاص دروس الماضي، حيث تميزت العشرون سنة الماضية بكثرة الأحكام والتدابير المؤطرة للاستثمار لاسيما تلك التي يتم اتخاذها بموجب قوانين المالية وهو ما يعقد في كل مرة الإطار العام للاستثمار على حساب استقرار الإطار التشريعي، بالإضافة إلى وجود عدد كبير من القوانين القطاعية التي تؤثر بشكل مباشر على مناخ الاستثمار.
جعل الجزائر منافساً رئيسياً من حيث الجاذبية، إذ يجب أن يكون قانون الاستثمار قادرا على إرسال إشارات قوية إلى المستثمرين. حيث تتنافس العديد من الدول على جذب الاستثمارات، ولاسيما تلك ذات القيمة المضافة الاقتصادية والتكنولوجية العالية، ويجب ألا تظل بلادنا على هامش هذه المنافسة.
وضع إطار قانوني دائم وفعال، فقد تم إعداد القانون الجديد ليتماشى مع الرهانات الاستراتيجية الحالية.
تعزيز الضمانات المقدمة للمستثمرين: بتكريس المبادئ المعترف بها عالميًا لترقية الاستثمار وحمايته، والتي تهدف إلى تقديم صورة واضحة للمستثمر عن بيئة مواتية ومطمئنة من حيث الحقوق والالتزامات، منها المبادئ المتعلقة بالحرية وأولوية الاستثمار، الحقوق والضمانات التي تمنحها الدولة الجزائرية لكل من المستثمرين الوطنيين والأجانب، المعاملة العادلة والمنصفة للاستثمارات.
تحسين العلاقة بين الإدارة والمستثمر: من خلال وضع مناخ محفز وجذاب وكذا تطوير إمكانات ريادة الأعمال الوطنية في إطار الثقة وتحسين العلاقات بين الإدارة والمستثمر، والتي يجب أن تتجسد بشكل خاص من خلال التسهيلات لإصدار الوثائق الإدارية أو القرارات أو التفويضات المطلوبة لإنجاز الاستثمار.
وقد أفضت هذه التوجهات إلى اقتراح جملة من الإجراءات تتعلق أساسا بـ:
ـ إلغاء تطبيق القاعدة 49/51 المسيرة للاستثمار الأجنبي في الجزائر على النشاطات الاقتصادية لإنتاج السلع والخدمات مع الإبقاء عليها بالنسبة للنشاطات ذات الطابع الاستراتيجي وهو ما تم تكريسه في قانون المالية التكميلي لسنة 2020 وقانون المالية 2021 وكذا إلغاء حق الشفعة.
ـ تعديل أنظمة الحوافز والامتيازات المقدمة: من خلال إعادة هيكلة لأنظمة الحوافز المقدمة في المستقبل، وفقًا للقيمة المضافة لهذه الاستثمارات في الاقتصاد الوطني وتأثيرها على تنمية القطاعات وتطوير الشعب الأساسية وكذا التنمية المحلية. في هذا السياق، تم إقرار حوافز مالية ضريبية وشبه ضريبية، حسب كل نظام، بدءًا من نظام الحوافز العام القاعدي وصولا إلى أنظمة الاستثمارات المهيكلة وتلك التي يتم إنجازها في الهضاب العليا، ولايات الجنوب والجنوب الكبير التي تقدم لها مزايا معتبرة. فعلى سبيل المثال، ستستفيد الاستثمارات المنجزة في مناطق الجنوب والهضاب العليا وكذا كل منطقة أخرى تتطلب مساهمة خاصة من قبل الدولة من مزايا وإعفاءات جمركية وضريبية طويلة المدى.
ـ إعادة هيكلة أجهزة الاستثمار بإعادة تنظيم وبعث دور الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار وتعزيزه بإعطاء أهمية لدورها الاستراتيجي ضمن بعد دولي، بالإضافة إلى إنشاء شباك وحيد للتكفل بالمشاريع الاستثمارية الكبرى تابع لهذه الوكالة، وذلك للسماح بالتكفل السريع والفعال لهذه المشاريع.
وبالإضافة إلى قانون الاستثمار، نقوم بتعديل النصوص القانونية والتنظيمية المتعلقة بالعقار الصناعي من خلال إعادة النظر في الأمر رقم 08-04 المؤرخ في أول سبتمبر 2008، المحدد لشروط وكيفيات منح الامتياز على الأراضي التابعة للأملاك الخاصة للدولة والموجهة لإنجاز المشاريع الاستثمارية، حيث قمنا بإعداد مشروع تمهيدي لقانون يعدل ويتمم هذا الأمر وهو أيضا قيد الدراسة على مستوى الأمانة العامة للحكومة.
كما اقترحنا هيئة ذات بعد وطني مكلفة بتسيير العقار الصناعي (تهيئة، منح وتسيير العقار الصناعي) والتي من شأنها أن تكون الأداة الرئيسية للدولة لتنفيذ السياسة الوطنية للعقار الصناعي، كما تشكل قطبا للكفاءة والخبرة الفنية في خدمة الدولة.
كل النصوص والقوانين التي ذكرتها تم الانتهاء من تحضيرها وهي الآن قيد الدراسة على مستوى الأمانة العامة للحكومة، ومن المتوقع أن يكون قانون الاستثمار على طاولة البرلمان قبل نهاية السنة الحالية.
منذ توليكم منصب وزير الصناعة، قمتم بتكثيف الزيارات الميدانية في الولايات لتفقد المشاريع الاستثمارية، ما سمح لكم بفتح العديد من الورشات، فهل يمكن إطلاعنا على المحاور الأساسية التي تتضمنها الاستراتيجية الجديدة للوزارة بغية النهوض بالقطاع الصناعي الوطني؟
تطوير الصناعة الوطنية يتطلب عملا قطاعيا تكامليا، حيث إن كل القطاعات معنية، وهذا ما نسعى إلى تجسيده في مخطط عمل الحكومة. نقوم بإعداد الإطار القانوني والتشريعي المؤطر للقطاع وسنعمل على تجسيده ميدانيا، بوصفنا وزارة عملياتية أيضا، من خلال التنسيق والتكامل بين كل القطاعات الوزارية.
ستكون لنا في المرحلة المقبلة من زيارات ميدانية مكثفة في الولايات من أجل إحياء المناطق الصناعية ومناطق النشاطات التي سنقوم بجردها وتوزيعها على استثمارات تكون خلاقة للثروة ومناصب الشغل.
أشرفتم مؤخرا على تنصيب لجنة وطنية لمتابعة المشاريع الاستثمارية العالقة، أين وصلت هذه العملية؟
بالفعل تم منتصف شهر أكتوبر تنصيب لجنة وطنية لمتابعة المشاريع الاستثمارية العالقة أترأسها بصفتي وزيرا للصناعة وتضم الأمناء العامين لعدة دوائر وزارية على غرار الداخلية والجماعات المحلية، الطاقة، السكن، المالية، السياحة، الفلاحة وغيرها.
إنشاء هذه اللجنة يدخل ضمن مساعي دفع حركة الاستثمار ودفع التنمية في الولايات، باعتبار أن المشاريع المتوقفة هي فرص تنمية اقتصادية مؤجلة، خاصة وأن أغلبها قد استفاد من امتيازات جبائية وعقارية لإنجازها.
هذه اللجنة تجتمع دوريا وقامت إلى حد الآن بإحصاء 402 مشروع استثماري عبر 58 ولاية استكملت أشغال إنجازها، لكنها لم تدخل حيز الاستغلال لأسباب إدارية، 56 في المائة من هذه المشاريع متعلقة بالقطاع الصناعي و44 بالقطاعات الأخرى لاسيما السياحة والخدمات.
وتتمثل أبرز القيود التي حالت دون دخول هذه المشاريع حيز الخدمة في التراخيص المتعلقة بعقود التعمير لاسيما رخصة البناء وشهادة المطابقة، التراخيص بالاستغلال والمقررات الممنوحة من المصالح المعنية، الأشغال المتعلقة بالطرق والشبكات المختلفة، طلبات تغيير النشاط أو الشريك، غياب عقود العقار الصناعي وكذا عراقيل أخرى متعلقة بالجوانب التقنية للمشروع.
وتتعلق هذه المشاريع أساسا بفروع الصناعات الغذائية، الصناعات الكيمياوية والمطاط والبلاستيك، صناعات الحديد والصلب والصناعات الميكانيكية والإلكترونية، مواد البناء ومشاريع أخرى متعلقة بقطاع السياحة والخدمات.
لقد قمنا بمناقشة هذا الملف على مستوى مجلس الحكومة، حيث أعطى السيد الوزير الأول تعليمات برفع كل القيود على المشاريع الاستثمارية المستكملة. بناء على هذه التعليمات، يجري التحضير للتقرير النهائي لهذه المشاريع التي ستتم دراستها والفصل فيها في اجتماع وزاري مشترك سيتم عقده في الأيام القليلة المقبلة.
بالإضافة إلى هذه المشاريع، هناك أيضا المشاريع الاستثمارية المرتبطة بالمجلس الوطني للاستثمار، حيث سيتم ضبط هذه المشاريع للفصل فيها من طرف المجلس قريبا.
أسديتم مؤخرا تعليمات صارمة لإعادة فتح ملف المؤسسات العمومية والمجمعات الصناعية المتعثرة وذلك تطبيقا لتعليمات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، هل يمكن إفادتنا بآخر الأرقام التي تخص هذه الشركات؟ إلى جانب الاستراتيجية التي سيتم اعتمادها لتجنب التجارب السابقة والفاشلة في هذا المجال والتي انجر عنها تخصيص مبالغ طائلة صرفت في عمليات تطهير المؤسسات العمومية؟
يعد القطاع التجاري العمومي من أهم المحاور التي جاءت في مخطط عمل الحكومة لأنه يعد قاطرة لإعادة بعث القطاع الصناعي والاقتصادي. ولهذا، فمنذ تنصيبي على رأس الوزارة، عقدت اجتماعات مكثفة مع مسؤولي كل مجمع صناعي عمومي والمؤسسات التابعة له على حدة، حتى أتمكن من الوقوف بالتفصيل على وضعية كل مجمع. هذه الاجتماعات مكنت من تحديد نقاط القوة والضعف في كل مجمع وكذا أبرز الاختلالات التي تعاني منها.
كما أمرنا بإعداد تدقيق وتقييم شامل ومعمق حول وضعية كل المجمعات الصناعية والمؤسسات التابعة لها للتمكن من وضع خارطة طريقة لتعزيز المجمعات التي تعرف وضعية مالية واقتصادية مريحة وتلك التي تعاني من صعوبات، نظرا لعدة عوامل.
كمرحلة أولى، فقد تم إحصاء المؤسسات والوحدات المتوفقة، حيث وصل عددها 51 مؤسسة وتلك التي تعاني من صعوبات والمقدرة بحوالي 30 مؤسسة، وتحديد الأسباب التي أدت إلى الوضعية التي آلت إليها.
ناقشنا وحددنا في هذا الخصوص، الآليات لإعادة بعث وإنعاش هذه المؤسسات والوحدات بصفة مستعجلة بالعمل على إعادة تشغيلها في أقرب الآجال أو تحويل نشاطها في حالة استحالة الاستمرار في نشاطها الحالي. وقد شرعنا بالفعل في هذه العملية، حيث قررنا تحويل نشاط مصنع الخميرة لبوشقوف (ولاية ڤالمة)، التابع للمجمع العمومي للصناعات الغذائية (اغروديف) والمتوقف عن النشاط منذ 2002 لعدة أسباب لاسيما بيئية، إلى إنتاج العجائن دون غلوتين ونشاء الذرة البيضاء لتفادي التلوثات البيئية نظرا لتواجد هذا المصنع في منطقة سكانية، ونفس الأمر بالنسبة لمصنع الزجاج بجيجل (Africaver) والعملية متواصلة إلى غاية إعادة بعث كل الوحدات المتوقفة وفقا لتعليمات رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون.
في تقييمنا للمجمعات الصناعية، لاحظنا أن العديد من المجمعات والمؤسسات التابعة لها لم تصل إلى مستوى النجاعة المنتظر بالرغم من إعانات الدولة وحظوظها الكبيرة في السوق.
ولهذا، ففي رؤيتنا الحالية لإنعاش القطاع العمومي الاقتصادي، فإن سياسة الدعم المالي المباشر تم تجاوزها واستبدالها بتكليف مسيري هذه المؤسسات التي تعاني من صعوبات كبيرة أو تلك المتوقفة عن النشاط، بتقديم تصورات وخطط عمل لإنعاش هذه الأخيرة عن طريق دراسة كل الطرق الممكنة لتقويم حالتها وإعادة بعث فعاليتها.
نقوم أيضا بدراسة هندسة مالية جديدة لهذه المؤسسات، مقابل مقترحات ملموسة لسبل بعث النشاط وتقويم المؤسسة بما في ذلك الانطلاق في نشاط جديد غير ذلك الذي برهن عدم نجاعته.
من جهة أخرى، نبحث عن شراكة عمومية-عمومية وعمومية-خاصة عبر إبرام مشاريع شراكة، حيث تم الشروع في مراجعة وتحديث الإطار القانوني التنظيمي والتشريعي لهذه العملية وهو الأمر 01-04 المتضمن تنظيم وتسيير وخوصصة المؤسسات العمومية والاقتصادية وهذا بالتنسيق مع جميع المجمعات العمومية الاقتصادية.
إن الصعوبات التي تعرفها هذه المؤسسات ترجع بالأساس إلى مشكل حوكمة وهو ما يحتم عليها تبني مقاربة جديدة لتدارك النقائص والرقي بمستوى التسيير بالاعتماد على الكفاءات في إطار الحوار والعمل التشاركي. ولهذا نقوم بإدراج عقود نجاعة مكيفة مع خصوصية كل مجمع صناعي تحتم على مسؤولي المجمعات تحقيق الأهداف المدرجة في هذه العقود.
لا بد من إحداث تغييرات على مستوى حوكمة المؤسسات، بإضفاء تعديلات جوهرية في أنماط التسيير تسمح بإعطاء مرونة كبيرة للمسيرين والأجهزة التسييرية في اتخاذ القرار مع تشديد جانب الرقابة والمتابعة.
إن من أبرز المشاكل والعراقيل التي تواجه الاستثمار في الجزائر هي الحصول على العقار الصناعي، ما هي الآليات المبرمجة من طرف وزارة الصناعة للقضاء على هذا المشكل أو التخفيف من حدته؟
رغم أن الجزائر تحوز على إمكانيات عقارية هائلة، لكن إشكالية العرض العقاري تعتبر من أهم العوامل التي يجب التكفل بها لترقية الاستثمار المنتج من خلال تحسين العرض وكذا استرجاع العقار الصناعي الممنوح وغير المستغل.
في إطار تحسين عرض العقار الصناعي، قامت السلطات العمومية بالمصادقة على تنفيذ برنامج إنجاز وتهيئة 50 منطقة صناعية جديدة تغطي 39 ولاية بمساحة إجمالية قابلة للمنح تقدر بـ7562 هكتار من أصل 10900 هكتار مجزأة إلى 11203 قطعة، والذي هو حاليا في طور الإنجاز، والتي ستضاف إلى 618 منطقة نشاط و63 منطقة صناعية نشطة بمساحة تقدر بـ19749 هكتار مهيأة.
حيث تم إيكال البرنامج في البداية إلى الوكالة الوطنية للوساطة والضبط العقاري ثم تم تحويل إنجاز 44 منطقة صناعية جديدة إلى الولاة.
ومن جهة أخرى، فإن برنامج إعادة تأهيل المناطق الصناعية ومناطق النشاط يساهم في تحسين عرض العقار الصناعي، حيث إن منذ إطلاق برنامج إعادة تأهيل المناطق الصناعية ومناطق النشاط، تم استكمال 161 عملية بقيمة إجمالية تفوق 18 مليار دينار، حيث خصت هذه العمليات 55 منطقة صناعية و59 منطقة نشاطات عبر جميع ولايات الوطن.
ويعد العقار الصناعي الممنوح وغير المستغل عنصرا ذا أهمية كبيرة، حيث يشكل استرجاعه أحد البدائل التي يمكن أن تخفف الضغط الدائم الذي يمارس على هذا المورد غير المتجدد. ولهذا شرعنا في عملية تطهير العقار الصناعي بغرض استرجاع العقار غير المستغل وإعادة منحه لفائدة الاستثمارات الحقيقية، بالإضافة إلى احترام دفاتر الشروط الخاصة بالمناطق الصناعية التي ستعد في هذا الإطار وعدم تغيير وجهتها الأصلية. توجهنا الجديد في هذا الخصوص مبني على مبدأ “العقار لمن يستثمر”، مثلما صرح به السيد الوزير الأول.
لا يزال الجزائريون ينتظرون بشغف إطلاق عملية استيراد السيارات الجديدة التي تم تقنينها منذ حوالي سنتين، فيما تبقى معلقة إلى غاية الآن، في انتظار الانتهاء من عملية فرز طلبات الوكلاء المعتمدين الجدد، فما هي –حسبكم- الأسباب التي تحول دون الشروع في استيراد السيارات الجديدة وهل وضعتم أجندة للانطلاق في هذه العملية؟
إن موعد بداية استيراد المركبات مقترن بالحصول على اعتمادات وكلاء المركبات من طرف اللجنة التقنية المكلفة بدراسة الملفات، وفق ما ينص عليه المرسوم التنفيذي 21-175 المؤرخ في 3 ماي 2021 المعدل والمتمم للمرسوم التنفيذي رقم 20-227 المؤرخ في 19 أوت 2020 المحدد لشروط وكيفيات ممارسة نشاط وكلاء المركبات الجديدة.
هذه اللجنة الوزارية المشتركة التي تضم ممثلين عن عدة قطاعات (الصناعة، التجارة، المالية، الداخلية والمناجم) تعمل بكل استقلالية وشفافية ودقة في دراسة ملفات المتعاملين الذين قدموا طلبات لممارسة هذا النشاط والمقدر عددها إلى غاية الآن بـ66 طلبا لاستيراد مختلف أنواع المركبات (سياحية، نفعية، صناعية..).
وفق آخر تقرير وصلني من اللجنة، فقد تم دراسة 27 ملفا للتحقق من مطابقتها للشروط المنصوص عليها في المرسوم التنفيذي ودفتر الشروط المؤطر لهذا النشاط.
إلى غاية اليوم لم تبد اللجنة رأيا موافقا لإصدار اعتماد لممارسة هذا النشاط، حيث تم رفض 19 ملفا، فيما لا تزال 08 ملفات محل تحفظات يمكن لأصحابها الحصول على الاعتماد فور رفع التحفظات المسجلة.
وتتعلق التحفظات التي أبدتها اللجنة التقنية بخصوص الـ8 ملفات أساسا بالعقود التجارية التي تربط طالب الاعتماد بالمُصَنِّع، العقارات والبنى التحتية التي تأوي مختلف نشاطات طالب الوكالة.
وقد تم إخطار هذه التحفظات للمتعاملين المعنيين لرفعها واستكمال الوثائق الناقصة ليتم استكمال دراستها من طرف اللجنة. أريد أن أشير أيضا إلى أن بإمكان المتعاملين الذين رفضت ملفاتهم تقديم طعن أمام لجنة الطعون. كما تواصل اللجنة عملها لدراسة الملفات المتبقية.
رخص قانون المالية التكميلي الأخير بجمركة السيارات المستعملة الأقل من ثلاث سنوات بعد تقنين العملية في قوانين المالية السابقة، فيما لم يتم إلى حد الآن إصدار القانون المؤطر لهذه العملية، فما سبب هذا التأخير؟ وهل تنوي الحكومة العدول عن هذا القرار في الظرف الحالي وتأخير تطبيقه إلى غاية تعافي الاقتصاد الوطني؟
لقد تم الترخيص بجمركة هذه السيارات كحل استثنائي وكمرحلة انتقالية من أجل خفض الضغط على سوق السيارات السياحية الذي يشهد ندرة حادة منذ قرابة ثلاث سنوات. وفي هذا الإطار، تم اقتراح تفعيل المادة 110 من قانون المالية التكميلي لسنة 2020 المعدلة بالمادة 35 من قانون المالية التكميلي لسنة 2021، والتي تسمح بجمركة السيارات أقل من ثلاث سنوات، وذلك عن طريق اقتراح مشروع مرسوم تنفيذي يحدد كيفيات استيراد المركبات السياحية المستعملة من طرف الأشخاص الطبيعيين بأموالهم الخاصة مع دفع الرسوم الجمركية والضريبة على القيمة المضافة.
تم أيضا دراسة الجانب المالي وكل ما يتعلق بطرق الدفع خاصة لتفادي أي شبهة في مصدر الأموال، إذ قام بنك الجزائر بتقديم إضافات مهمة تجعل من استيراد هذه السيارات عملية آمنة وسلسة.
يتواجد هذا النص حاليا قيد الدراسة من طرف الوزارات المعنية خاصة في جانبه المالي، حيث تم إسناد الملف إلى وزارة المالية بمساعدة بنك الجزائر، وقد تم اقتراح أن يتم الدفع عبر تحويل بنكي من حساب مفتوح في بنك جزائري إلى حساب مفتوح في بنك أجنبي بشفافية تضمن معرفة مصدر ووجهة الأموال المدفوعة بالعملة الصعبة.
على العموم، فالمشروع لا يحتاج إلا لضبط بعض الأحكام النهائية قبل صدوره والشروع الفعلي في استيراد السيارات أقل من ثلاث سنوات.
صرحتم مؤخرا بأن الجزائر تنوي العودة إلى تصنيع السيارات محليا بما يتوافق مع حجم الطلب في السوق الوطني ورغبات الجزائريين، لكن ألا ترون أنها تجربة تشبه تلك التي جعلت من مصانع التركيب في وقت مضى تتسبب في نزيف غير مسبوق للعملة الصعبة؟ إذن ما هي التدابير والإجراءات التي اتخذتموها لتفادي تكرار نفس السيناريو وجعل أسعار السيارات أكثر تنافسية وفي متناول القدرة الشرائية للجزائريين؟
كما تعرفون فإن سوق المركبات في الجزائر يشهد اضطرابات منذ أكثر من ثلاث سنوات. إن احتياجات السوق الوطنية تقدر ما بين 250.000 و350.000 مركبة سنويا يضاف إليها العجز المسجل خلال السنوات القليلة الماضية.
الحجم المهم للسوق الوطنية للمركبات يجعل منه محط أنظار المصنعين الدوليين من أجل تسويق مركباتهم، وهي فرصة يجب علينا استغلالها من أجل تجسيد صناعة محلية حقيقية كمقابل لتسويق هذه المركبات.
في السابق، تم تبني استراتيجية للنهوض بهذه الصناعة مبنية على الانطلاق في التركيب المحلي كبداية على أن ترفع نسبة الإدماج في المدى المتوسط قبل التوجه نحو التصنيع الحقيقي في المدى الطويل. غير أن هذه الطريقة لم تكن ناجعة لأنها كلفتنا أكثر من 3 مليار دولار لاستيراد الأجزاء، خاصة أن ذلك تزامن مع تهاوي أسعار المحروقات التي تمثل أهم مصدر للعملة الصعبة لبلادنا، وذلك دون أثر ملموس على هذه الصناعة.
بعد أن أثبتت هذه التجربة عدم نجاعتها، قررنا اعتماد مقاربة جديدة مبنية على الدفع بصناعة المركبات محليا مقابل الحصول على السوق المحلية، شريطة ألا تكون هذه الصناعة موجهة للاستهلاك المحلي فقط. شرطنا الأساسي هو الاستثمار الفعلي في هذه الشعبة الصناعية وإدماج المصانع المقامة في الجزائر في شبكات المصانع الدولية المقامة من قبل هؤلاء المصنعين.
أي أن إعادة بعث صناعة المركبات في الجزائر يكون عن طريق الدفع بالمصنعين العالميين لإقامة استثمارات أجنبية مباشرة خلاقة للثروة محليا عن طريق توفير كل ما يلزم لذلك بعيدا عن التعقيدات الإدارية.
كما أن الاستراتيجية الجديدة لصناعة المركبات ستعتمد على تصنيع المركبات الكهربائية والهجينة كونها تمثل مستقبل المركبات في المدى المتوسط والبعيد لمواكبة التحول الطاقوي وهذه التكنولوجيا على غرار العديد من الدول، لذا فالاستثمار في كل ما يتعلق بالطاقات النظيفة والمتجددة يصب ضمن اهتماماتنا.
أما بالنسبة للمركبات الكهربائية والهجينة ووضعها للاستهلاك يتطلب إقامة بنى تحتية من أجل الشحن على مستوى التراب الوطني، مما يستدعي إقامة استثمارات تتماشى مع تسويق هذا النوع من المركبات.
بخصوص الموضوع نفسه، كنتم قد تحدثتم عن لقاءات ستجمعكم بمسؤولي مصانع كبرى وعريقة لتصنيع السيارات، إلى أين وصلت هذه الخطوة؟ وما الذي سيضبط نشاط هؤلاء في الجزائر من أجل إقامة مصانع تصنيع للسيارات تساهم في تنويع موارد الاقتصاد الوطني من العملة الصعبة؟
بالفعل، تم عقد لقاءات واجتماعات بين مسؤولي الوزارة وعدة مصنعين للمركبات والسيارات أوروبيين وآسيويين أبدوا اهتمامهم بالاستثمار الفعلي في الجزائر. كانت هناك بعض الاتصالات بين الوزارة وهؤلاء المصنعين وقد شرحنا لهم نظرتنا الجديدة لتصنيع المركبات في الجزائر القائمة على تجسيد صناعة حقيقية.
أتحفظ في الوقت الراهن عن ذكر هذه العلامات التي أبدت استعدادها لتجسيد استثماراتها في الجزائر، إلى غاية معرفة ما ستفضي إليه مفاوضاتنا منها ما يتعلق بتسوية بعض ملفات الشراكة التي أقيمت من قبل.
تبقى مساهمة القطاع الصناعي في الاقتصاد الوطني جد ضئيلة بما لا يتجاوز معدله 5 في المائة، هل هناك هدف لرفع هذه النسبة، وما هي الآجال المحددة لتجسيد ذلك؟
يعد قطاع الصناعة محركا للنمو الاقتصادي، مثلما يعتبر إنعاشه وتنويعه في صميم السياسة الاقتصادية التي تشجع وتدعم خلق الثروة خارج الاعتماد على المحروقات والتحكم في التوازنات والقدرات المالية وتلبية الطلب المتعلق بالاستهلاك من خلال تعزيز القدرات الإنتاجية.
إن قيام مسار النمو الجديد على فكرة التجديد الاقتصادي بتثمين الموارد والإمكانات الوطنية التي تعزز التنمية الصناعية في مختلف القطاعات الاقتصادية، يتخذ من تهيئة الظروف الممكنة لذلك، قدرات الاستجابة عبر المزايا المتوفرة من بنية تحتية وموارد طبيعية وإمكانيات بشرية مؤهلة وسوق داخلي بحجم كبير ومتنوع وموقع جغرافي استراتيجي.
في الأشهر القليلة الماضية قمنا بفتح عدة ورشات بهدف إعطاء دفعة ونفس جديد للقطاع الصناعي، لرفع مساهمته في نمو الاقتصاد الوطني التي لا تتجاوز حاليا 5 في المائة من الناتج الداخلي الخام (PIB).
تحقيقا لهذه الغاية، وبالموازاة مع مواجهة تحديات ضغط وباء كورونا على النشاط الصناعي، نقوم بمراجعة وتحيين النصوص المؤطرة للقطاع الصناعي بكل فروعه ومنها مقترح مشروع قانون الاستثمار بجعله أكثر مرونة وجاذبية في خطة الإنعاش الاقتصادي التي بادر بها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون.
إن التفعيل المستمر لرسم ملامح السياسة الجديدة للقطاع الصناعي القائمة على إعادة تنشيط القدرات الصناعية الوطنية بإعطاء الأولوية للقطاعات الصناعية الاستراتيجية بالنسبة للاقتصاد الوطني من شأنه أيضا توفير وتمكين المؤسسات المصغرة والمتوسطة من الدعم والاستفادة من تحسين مناخ الأعمال من حيث ترقية الأداء ونحو الاندماج التكاملي.
عرفت أسعار الحديد في الأسواق الوطنية ارتفاعا محسوسا خلال الأشهر الماضية وذلك رغم انخفاض أسعاره في البورصات العالمية، فما هي الأسباب التي تقف وراء هذه الزيادة في الأسعار، وما هي الإجراءات التي اتخذتها الوزارة لضمان استقرار سوق الحديد؟
بالفعل، شهدت أسعار الحديد ارتفاعا كبيرا منذ بداية السنة ليصل في بعض الفترات إلى 13.000 و14.000 دج للقنطار نظرا لعدة أسباب منها ارتفاع أسعار خام الحديد في الأسواق العالمية.
ولكن في الآونة الأخيرة عرف سعر خام الحديد تراجعا في البورصات العالمية دون أن ينعكس ذلك فوريا على السوق المحلية التي تواصل تسجيل ارتفاع في أسعاره لعدد من الأسباب منها عدم نفاد مخزون خام الحديد الذي تم اقتناؤه قبل انخفاض الأسعار في الأسواق الدولية.
لكن يتوقع أن تنخفض الأسعار وتعود إلى مستواها الطبيعي قريبا عند نفاد مخزون خام الحديد وشراء دفعات جديدة بالأسعار المنخفضة الجديدة.
أريد أن أشير أيضا إلى أن أسعار الحديد ليست مرتبطة فقط بسعر خام الحديد، وإنما هناك مواد أولية أخرى تدخل في إنتاج الحديد لازالت تعرف ارتفاعا على غرار السبائك الحديدية، الفحم، الأقطاب الكهربائية ومواد الأخرى، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف النقل البحري الذي وصل إلى 300 في المائة.
ولمتابعة هذا الملف بدقة، قمنا بفتح تحقيق لمعرفة تركيبة الأسعار والتكلفة الإنتاجية لهذه السلعة مقارنة بالأسعار المطبقة.