إن حضور علم السياسة في حلقات الدراسات الحقوقية والاقتصادية هو اليوم واقع قائم لا يفكر أحد في إنكار فائدته . فالآليات التي يحللها تعمل ، بالفعل ، في ولادة القانون ، وفي العام الذي تنتشر فيه الظواهر الاقتصادية وفق منطقها الخاص . وعلاوة على ذلك، فإن بعض فروع القانون – وفي المقام الأول منها، القانون الدستوري – لا يمكن التفكير بها بشكل كامل، وتفسيرها بشكل صحيح ، بدون الإنارة ، المختلفة والمكملة ، التي يجلبها لها علم السياسة . ومع ذلك ، فإن هذا العلم يحتل ، في الحلقات التي يدخل إليها ، موقع خاص يجب تحديده بدقة ، على الفور، من جهة نظر مزدوجة : بالنسبة لبيئته الفكرية ؛ وبالنسبة لبيئتنا الثقافية . – موقع علم السياسة في بيئته الفكرية.
إن علم السياسة لا يوجد في فراغ . فهو يتحدد ، في آن معا ، من خلال التجاور والتناقض مع عدد من الفروع العلمية الأخرى التي تتميز عنه سواء باختلافات خاصة بالموضوع أم بالمنظور . وهذه الحدود هي غالبا غامضة ، وذاتية ، وخاضعة للجدل . ولن يكون من غير المجدي ، ولا سيما من مقترب أول ، محاولة رسم خارطة موضوعية ومفضلة لها. لكن المهم توضيح هذه الحدود بشكل عام بغية تحديد موقع المادة التي ندرسها بشكل تقريبي / مع احتمال التراجع عن هذه التمييزات عندما تم الأساس ، ولا تشکل متاريس أو كتائب في خدمة أمبرياليات الفروع العلمية . لذا سنصف ، باختصار ، ما يميز علم السياسة عن كل من القانون والفلسفة السياسية وعلم الاجتماع . ولن يبدو من المفيد الإلحاح على التمييز بين علم السياسة وعلم الاقتصاد طالما أن الاختلاف في موضوعها بديهي بحد ذاته .
