إن المكانة المتميزة التي يحظى بها البرلمان في الانظمة الدستورية المقارنة بالنظر للدور الذي يلعبه في حماية القاعدة الدستورية وفي الدفاع عن الحقوق و الحريات الاساسية من خلال وظيفته التشريعية و الرقابية، تفرض توفير الضمانات التي تكفل استقلاليته عن السلطات الأخرى تجسيدا لمبدأ الفصل بين السلطات. وهو مادرجت على الأخذ به جميع الدساتير الجزائرية، حيث منح المؤسس الدستوري مجموعة من الضمانات تكفل للنواب وأعضاء السلطة التشريعية كممثلين للإرادة الشعبية العمل في استقلالية وحرية وبعيدا عن الضغوطات والإغراءات التي من شأنها التأثير بشكل سلبي على عملهم وأداءهم البرلماني. و تنوعت هذه الضمانات سواء أكانت في صورة واجبات تقع على المؤسسة التشريعية بنوابها و أعضائها وجوب إحترامها و الإلتزام بها أو في صورة حقوق يمتعون بها نظير ممارستهم لوظيفتهم طيلة عهدتهم التشريعية . بيد أن النصوص الدستورية والقانونية و الواقع العملي كشفوا لنا عدم فاعلية هذه الضمانات بفعل عديد من العوامل ترتبط بغموض النصوص والثغرات الموجودة فيها، واصطدامها بقيود وعراقيل عديدة، و المفهوم الخاطئ السائد بين البرلمانيين بخصوص هذه الضمانات التي فسرت على أنها امتيازات شخصية و ليست ضرورة لممارسة وظيفة ،وهو ما كرس بشكل لافت سيطرة وهيمنة طاغية للسلطة التنفيذية على السلطة تشريعية بأجهزتها وشؤونها ووظائفها. وعليه نامل مستقبلا خاصة في ظل ماتشهده الجزائر من تحولات واصلاحات أن يتم اصلاح وتعديل المنظومة القانونية الجزائرية ككل بما فيها المنظومة القانونية البرلمانية حتى نشهد برلمانا قويا و مستقلا فعليا ليكون في مستوى طموحات وتطلعات الشعب.