يمكن تعريف المشاركة السياسية بأنها مجموع النشاطات الجماعية، التي يقوم بها المحكومون، وتكون قابلة لأن تعطيهم تأثيرا على سير عمل المنظومة السياسية. وحتى العصر الحديث كانت المشاركة السياسية مقتصرة في الغالب على أثرياء القوم ووجائهم من أصحاب المولد النبيل، أما الأغلبية الساحقة فكانت بعيدة عن المشاركة. ومنذ عصر النهضة حتى القرن السابع عشر مرورا بالثورة الصناعية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر بدأ الاتجاه نحو مزيد من المشاركة السياسية.ويرجع ذلك إلى مجموعة من العوامل أهمها:
– ظهور الدعوات التي حمل لوائها المثقفون من فلاسفة وكتاب وصحفيين والتي تنادي بقيم المساواة والحرية والمصلحة العامة، قصد مشاركة أوسع في العملية السياسية.
– التطور الذي شهدته وسائل النقل والمواصلات والاتصالات والتي أدت إلى انتشار الأفكار الجديدة حول الديمقراطية والمشاركة بسرعة.
– التدخل الحكومي المتزايد في الشؤون الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والذي أصبحت معه الحياة اليومية للأفراد تتوقف على أعمال الحكومة بصورة حاسمة، وبدون الحق القانوني في المشاركة السياسية يصبح الفرد بلا حول ولا قوة في مواجهة الحكومة التي قد تضر بمصالحه، من هنا كانت المطالبة بمنح الحقوق السياسية للأفراد وتهيئة ممارستها بفاعلية، وذلك للحد من سطوة الحكومة ونفوذها.
وتختلف مسميات المشاركة، فهناك من يطلق عليها المشاركة الجماهيرية وهناك من يسميها المشاركة الشعبية أو المشاركة العامة، وبالرغم من اختلاف هذه المسميات، فإنها تدور حول معنى واحد، ألا وهو مساهمة كل فرد من أفراد المجتمع، في مختلف مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، أي المشاركة المباشرة للمواطنين في شؤون المجتمع.
من خلال كل ما تقدم يتبين لنا أن المشاركة السياسية تشكل أحد أهم مجالات ومواضيع العلوم السياسية، لهذا سنحاول دراسة المشاركة السياسية من خلال الإجابة على مجموعة من التساؤلات:
ما المقصود بمفهوم المشاركة السياسية؟ ما هي أهم خصائص المشاركة السياسية؟ ما هي أهم دوافع المشاركة السياسية؟ ما هي صور وأشكال المشاركة السياسية؟
أولا: تعريف المشاركة السياسية
إن الاقتراب من مفهوم المشاركة السياسية يقتضي منا توضيح المقصود بمصطلح المشاركة بصفة عامة، تمهيدا لطرح مفهوم المشاركة السياسية.
يقال في اللغة العربية شارك في الشيء بمعنى كان له نصيب، فالمشاركة هي ربط بين الفردي والكلي.
فالمشاركة هي أي عمل تطوعي من جانب المواطن، بهدف التأثير على اختيار السياسات العامة، وإدارة الشؤون العامة أو اختيار القادة السياسيين على أي مستوى حكومي أو محلي أو قومي.
وعندما نقول مشاركة سياسية يذهب القول إلى أن المشارك –وهنا المواطن- له نصيب في الشأن السياسي، وأن يشارك المواطن سياسيا بمعنى أن يلعب دورا في الحياة السياسية، لأن المشاركة عمل إيجابي، والمشاركة السياسية تفترض وجود جماعة تكون سياستها وما يصدر عنها من قرارات عامة حصيلة إسهامات أفرادها.
ويعد الربط بين المشاركة ومفهوم السياسة، وعدم الاتفاق على معنى هذه الأخيرة، علم الدولة أم علم السلطة، هو الذي أدى إلى تنوع وتعدد التعريفات، التي أعطيت للمشاركة السياسية، وأبرز هذه التعاريف نجد تعريف صموئيل هانتغتون الذي عرفها بأنها: “النشاط الذي يقوم به مواطنون معينون بقصد التأثير على عملية صنع القرار الحكومي”.
وحسب ماك كلوسكي فإن المشاركة السياسية هي تلك الأنشطة الإرادية التي عن طريقها يساهم أعضاء المجتمع في اختيار الحكام، وفي تكوين السياسة العمومية بشكل مباشر أو غير مباشر”.
أما المشاركة السياسية حسب لوينير “كل عمل إرادي ناجح أو فاشل، منظم أو غير منظم، مرحلي أو مستمر، يفترض اللجوء إلى وسائل شرعية أو غير شرعية، بهدف التأثير على اختيارات سياسية أو إدارة الشؤون العامة أو اختيارات الحكام وعلى كل المستويات الحكومية، محلية أو وطنية.
وما يمكن استنتاجه من هذا التعريف هو أن المشاركة السياسية تعني مشاركة المواطنين في النظام السياسي ومساهمتهم في ممارسة الحكم وأداء وظائفه وسير آلياته.
كما قد تعني المشاركة السياسية العملية التي يلعب الفرد من خلالها دورا في الحياة السياسية لمجتمعه وتكون لديه الفرصة لأن يسهم في مناقشة الأهداف العامة، لذلك المجتمع وتحديد أفضل الوسائل لإنجازها، وقد تتم المشاركة من خلال أنشطة تقليدية أو عادية وأنشطة غير تقليدية.
– أنشطة تقليدية أو عادية: وتشمل التصويت ومتابعة الأمور السياسية والدخول مع الغير في مناقشات سياسية، والمشاركة في الحملة الانتخابية بالمال والدعاية، والانضمام إلى جماعات المصلحة، والانخراط في عضوية الأحزاب والترشيح للمناصب العامة وتقلد المناصب العليا.
– أنشطة غير تقليدية: بعضها قانوني مثل الشكوى، وبعضها قانوني في بعض البلاد وغير قانوني في بلاد أخرى كالتظاهر والإضراب وغيره من السلوكيات السلبية.
من خلال كل ما تقدم يتضح لنا أن المشاركة السياسية هي الأنشطة الإدارية التي يزاولها أعضاء المجتمع بهدف اختيار حكامهم وممثليهم، والمساهمة في صنع السياسات والقرارات بشكل مباشر أو غير مباشر، فالمشاركة السياسية ترتبط بالحرية الشخصية للمواطن، وبسيادة قيم المساواة، وبإقرار الحاكمين بحق المحكومين، بأن لهم حقوقا دستورية و قانونية تمنحهم الحق بالمشاركة في اتخاذ القرار، وأن من حق الحاكمين إتاحة الفرصة أمام المواطنين لممارسة حقهم في المشاركة السياسية دون ضغط أو إرهاب.
العلاقة التفاعلية
بين المشاركة والعملية السياسية عندما يجري الحديث حول المشاركة السياسية، فإنه يعني بالدرجة الأولى مساهمة المواطنين في العملية السياسية التي تجري في إطار النظام السياسي. وتنطلق هذه المقاربة من الربط الجدلي بين المشاركة السياسية والعملية السياسية، ولاسيما عملية صنع واتخاذ القرارات السياسية، لكون القرارات السياسية تمثل المحور والناتج النهائي لأي عملية سياسية، سواء كان موضوعها يتعلق بقانون أو بإجراء أو بسياسة محددة.
من خلال هذه المقتربات التعريفية لمفهوم المشاركة السياسية، يتضح لنا، أن المشاركة السياسية تتميز بعدة خصائص. ترى ما هي أهم خصائص المشاركة السياسية؟
المفاهيم المرتبطة بمفهوم المشاركة السياسية :
يوجد العديد من المفاهيم السياسية التي ترتبط بهذا المفهوم وذلك يعود إلى طبيعة تعقد الظاهرة الاجتماعية التي تتسم بسمة التداخل بين عناصرها وأجزائها ومن هذا المنطلق فسوف نحاول إن نوضح عدد من المفاهيم التي ترتبط بهذا المفهوم ويمكن إن نشير إلى المفاهيم الآتية :
- مفهوم الراي العام : تتعاظم أهمية هذا المفهوم في المجتمعات الديمقراطية ويصبح أساس كلال ممارسات السياسية ومحور كل القرارات المطبقة في المجتمع . ويعرف على انه مشاعر عامة يكونها الأفراد والجماعات تجاه أحداث وقضايا وشخصيات سياسية على المستويين المحلى والخارجي ونجد أن هناك ثلاث مراحل لتكوين الراي العام الجماهيري ضرورية حتى يكون مؤثر وفعال في عملية تشكيل السياسة العامة وهذا يظهر بوضوح في المجتمعات الديمقراطية وهذه المراحل هي ( مرحلة التكوين – مرحلة التعبير- مرحلة التأثير المباشر في السياسة العامة ).أما من حيث علاقة هذا المفهوم بمفهوم المشاركة السياسية فنجد أن المشاركة السياسية تلعب دورا حيويا في الانتخابات وجماعات المصالح حيث أن الانتخابات ليست مجرد إلية فقط لاختيار الشعب للحكام أو لمن ينوب عنهم في الوظائف السياسية . بل هي وسيلة من وسائل التأثيرفيالراي العام بل وتساهم المشاركة السياسية في السماح للراي العام الشعبي من أداء مهام الرقابة وحساب السلطة الحاكمة.
- الأحزاب السياسية : هي عبارة تجمع منظم من المواطنين تأسس للدفاع عن آرائهم و مصالحهم و إعلائها من أجل تنفيذ برنامج الإصلاح بالمشاركة في الحياة السياسية بواسطة الأنشطة المكملة .أوهي تلك المنظمات التي لها هدف واضح ألا وهو ممارسة تأثير ثابت على تكوين الرأي العام ولهذا فان تحقيق هذا الهدف يحتاج إلىأشكال تنظيمية وبرامج ثابتة و ممارسة الاقتراع هو أحد الجوانب الهامة للأحزاب السياسية من أجل الوصول إلى السلطة وأحداث التأثير المنشود .
ومن المفترض أنالأحزاب تقوم بتقديم قنوات ومسالك مؤسسية تسمح للمواطنين بالمشاركة في صنع السياسة والتأثير على صانعي القرار ، بل أن المشاركة النشطة من جانب المواطن من خلال انضمامه إلى حزب ما فيأنشطته مثل حضور الندوات والمؤتمرات التي ينظمها لمناقشة قضايا عامه أو مسائل حزبية معينه وتقديم الدعم إلى حزب معين والتصويت لصالحه في الانتخابات ، فكل هذه الأمور وغيرها تعد وسيلة لخلق الاهتمام والتفاعل والتجاوب السياسي لدى المواطنين في مقابل السلبية واللامبالاة .
ومن ناحية أخرى نجد انه قد يختلف رد فعل الحزب أو الأحزاب الحاكمة إزاء المطالب العامة المتعلقة بالمشاركة السياسية يختلف من نظام سياسي لأخر بل وداخل نفس النظام من عهد لأخر.
- التنشئة السياسية : يشير العديد من الباحثين في مجال علم النفس السياسيإلىأن هناك ارتباط وثيق بين كلا من مفهوم المشاركة السياسية ومفهوم التنشئة السياسية هذا على الرغم من أن المشاركة السياسية لاتمثل امتداد إلى ظاهرة التنشئة السياسية كظاهرة سياسية . ونظرا لتعدد المحاولات التي جاءت لتحديد المقصود بالتنشئة السياسية فان هناك صعوبة واضحة لوضع مفهوم محدد واضح لهذه الظاهرة السياسية ألا انه يمكن أن نشير إلىأنالتنشئة السياسية هي مجموعة من الأنماط الاجتماعية التي تمكن الفرد من التوافق السلوكي مع المجتمع أوهي علية اكتساب الفرد لاستعدادات سلوكية تتفق مع استمرارية قيام الجماعات والنظم السياسية وذلك من خلال أداء الوظائف الضرورية للحفاظ على وجودها. وتظهر العلاقة بين ظاهرة التنشئة السياسية والمشاركة فيأن التنشئة السياسة هي بمثابة الدافع الأساسي للفرد واري دخوله في الحياة السياسية في مجتمعه.
- التنمية السياسية : تشير إلى عملية النمو في بناء المؤسسات وتشجيع الممارسات الديمقراطية ولكنها عادة ما تتعلق بنمو وتعقد وزيادة التمايز بين البني السياسية في المجتمع وفى المجتمعات الأقل تطورا تستهدف عملية التنمية السياسية حشد التأييد الجماهيري لبناء نظام سياسيقومي من ناحية وتعزيز مؤسسات وقيم وسلوكيات المشاركة السياسية من ناحية أخرى . وتهدف التنمية السياسية بشكل عام إلى بناء الديمقراطية التيهي احد صور عملية المشاركة السياسية ومن هنا تظهر العلاقة بين هذان المفهومين فيأن هناك علاقة طردية بين التنمية السياسية كعملية وبين المشاركة السياسية من كون مدى انتشار مظاهر التنمية السياسية في المجتمع فأنها تدفع إلى المشاركة في الحياة السياسية للفرد داخل مجتمعه .
- الثقافة السياسية :هو عبارة عن توزيع معين يتعلق بخصائص وسمات شعب دولة ما لديهم اتجاهات سياسية ، قيم ، مشاعر ، بيانات ومعلومات . أوهي كل مايتعلق باتجاهات الأفرادتجاه النظام السياسيوما يرتبطبه من نظم فرعية أومؤسسات ومنظمات مختلفة ، وقد أشارألموند إلىأن هناك ثلاث عناصر أساسية يمكن من خلالها التميز بين مستويات الثقافة السياسية في نظم سياسية مختلفة وهما ( مستوى إلمام الفرد والمواطن – طبيعة المشاعر – مستوى التقييم ) .أما عن علاقة هذا المفهوم بمفهوم المشاركة السياسية فيمكن توضيح العلاقة بينهم من خلال دراسة تنوع الثقافات السياسية الناتجة من تنوع النظم السياسية ، حيث نجد انه بينما تتسم المشاركة السياسية للأفرادفي النظم التقليدية بسمة السلبية فأنها على العكس من ذلك في النظم الغير تقليدية حيث يكون المواطن في تلك النظم على اهتمام كبير بمعرفة مايدور حوله من أحداث وذلك ناتج من وعى ثقافيلأفراد تلك المجتمعات بضرورة الحرص على القيام بادراهمفي المجتمع لهم حقوق وعليهم واجبات وهذا له تأثير كبير على المشاركة السياسية للأفراد.
- جماعات المصالح : تعد جماعات المصالح من الجماعات السياسية الهامةفي العديد من النظم السياسية وهى تختلف عن الأحزاب السياسية من كونها لاتهدف إلى الوصول للسلطة بل هي تهدف فقط إلىالتأثيرفي السلطة الحاكمة لكي تتخذ قرارات تخدم مصالحها . وهذا ما أكدت عليه العديد من الدراسات التيأشارت الي الديمقراطية. المفكرين الاجتماعيين حيث أنهم قد اكدوا على أن جماعات المصالح تهدف إلى تحقيق أهدافها من خلال 3 وسائل مختلفة هما(الدخول مع الجماعات الأخرىفي علاقات مع جماعات أخرى لخدمة مصالح مشتركة –الاتصال المباشر بالجهات المعنية لتحقيق مصالحخاصة-تعبئة الرؤى العام لدعم احدي القضايا التي تخدم مصالحها ) . ومن هنا يمكن تعريف جماعات المصالح على أنها جماعة من الأفراد تربطها مصالح مشتركة ولها مطالب محددة تجاه الجماعات الأخرىومؤسسات الدولة المختلفة التي تسعى فقط إلى تحقيقها من اجل العمل على وحدتها واستمراريوينتهي ضغطها بمجرد أن تتحقق مصالحها.
أما عن دور جماعات المصالح في عملية المشاركة السياسية فيمكن الإشارةإليها من خلال وظيفة جماعات المصالح الديمقراطية حيث أن هذه الجماعات تلعب دور كبير في توفير قنوات لمشاركة الأفرادفي السياسة وأيضاللتأثيرالسياسيفيالحكومة .ويظهر هذا الدور بشكل كبير في النظم السياسية الديمقراطية .كما أن هذه الجماعات تساهم وبشكل كبير في تحقيق الديمقراطية عن طريق الدفاع عن حقوق الإنسانفي مواجه أي انتهاكات حكومية سافرة .
ثانيا: خصائص المشاركة السياسية
تتسم المشاركة السياسية بمجموعة من السمات والخصائص الهامة. أبرزها:
أن المشاركة السياسية سلوك تطوعي، ونشاط إرادي، حيث أن المواطنين يقومون بتقديم جهودهم التطوعية لشعورهم بالمسؤولية الاجتماعية تجاه الأهداف والقضايا.
المشاركة السياسية هي الأساس الذي تقوم عليه الديمقراطية، بل إن نمو وتطور الديمقراطية، يتوقف على إتاحة فرص المشاركة السياسية وجعلها حقوقا يتمتع بها كل إنسان في المجتمع.
المشاركة سلوك إيجابي واقعي، بمعنى أنها تترجم إلى أعمال فعلية وتطبيقية وثيقة الصلة بحياة وواقع الجماهير.
المشاركة الجماهيرية لا تقتصر على مكان محدد ولا تتقيد بحدود جغرافية معينة فقد تكون على نطاق محلي أو إقليمي أو قومي.
المشاركة تنمي في الأفراد الشعور بالمسؤولية وروح المبادرة والاعتماد على الذات والولاء للمجتمع والرغبة في تحويل الأهداف التي يريدون بلوغها إلى واقع ملموس.
– تعتبر المشاركة السياسية من أبسط حقوق المواطن، وهي حق أساسي يجب أن يتمتع به كل مواطن يعيش في مجتمعه، فمن حقه أن يختار نوابه الذين يقومون بالرقابة على أفضل الو سائل والأساليب لتحقيق مصلحة المجتمع.
– المشاركة توحد الفكر الجماعي للجماهير، حيث تساهم في بلورة فكر واحد نحو الإحساس بوحدة الهدف والمصير المشترك والرغبة في بذل الجهود لمساندة الحكومة والتخفيف عنها.
إذا كانت هذه هي أهم أبرز سمات وخصائص المشاركة السياسية، فما هي أهم دوافع المشاركة السياسية؟
ثالثا: دوافع المشاركة السياسية
إن سعي الفرد المشاركة في مختلف الميادين والمجالات السياسية، يكون انطلاقا من عدة دوافع، منها ما يتعلق بالمجتمع ككل، ومنها ما يتعلق باهتمامات الفرد، واحتياجاته الشخصية.
وعلى هذا الأساس ميز المفكر الأمريكي “فليب بروان بين نوعين من الدوافع، دوافع عامة وأخرى خاصة.
– الدوافع العامة، وتتجلى بالأساس في:
• شعور الفرد بأن المشاركة واجب والتزام في آن واحد، تجاه المجتمع الذي يعيش فيه.
• الرغبة في مشاركة الآخرين في تطوير وتحسين المجتمع.
• الرغبة في تقوية الروابط بين مختلف فئات المجتمع، بغية تحقيق نوع من التكامل والتفاعل بين هذه الفئات، بغية تحقيق الأهداف المشتركة.
• توافر الضمانات القانونية والدستورية التي تضمن للمواطنين الأمن والمناخ الديمقراطي السليم، وسيادة القانون وحرية التفكير والتعبير بما يتفق والمصالح العليا في المجتمع.
– الدوافع الخاصة وتتجلى بالأساس في:
• المشاركة تعتبر أفضل وسيلة لحماية المصالح الفردية.
• محاولة التأثير على صنع السياسات العامة في المجتمع لتكون ملائمة للاحتياجات الفعلية والرغبات الخاصة بأفراد المجتمع.
• تحقيق مصالح شخصية تتمثل في السيطرة والتمتع بالنفوذ والسيطرة، وتحقيق منافع مادية وغيرها من المصالح الشخصية.
هذه إذن هي أبرز دوافع المشاركة السياسية. ترى ما هي صور وأشكال المشاركة السياسية؟
و في نفس السياق، ولكي نطلق على مجتمع ما بأنه مجتمع مشارك في الحياة السياسية ، لابد من التطرق إلى مدى ممارسة هذا المجتمع لمظاهر الديمقراطية من حيث الشكل والمضمون على السواء، فلا يمكن اعتبار مجتمع ما أو دولة بأنها ديمقراطية أوأن نطلق على مجتمع ما بأنه مشارك سياسيا دونما أن تتوافر فيها الشروط الأساسية لممارسة العملية الديمقراطية ، كما أن الديمقراطية تعني المشاركة، لا السياسية فقط ، بل كذلك المشاركة الاجتماعية الاقتصادية. أي المشاركة الفاعلة في تسيير شؤون المجتمع والعدل في مسيرة بناء التنمية وتوزيع ثمارها. ذلكأنأي تطورا اقتصادي يقوم على القهر والاستغلال هو غير مؤهل لبناء الرفاهة والاستقرار في المجتمع.
- الانتخابات :وتعرف على أنها نمط من أنماط عملية المشاركة السياسية حيث يعبر عنه فيما يعرف بالتصويت وهو يشير إلى قيام المواطن بالمفاضلة بين متقدمين أو مرشحين للانتخابات العامة أو الدورية.
وفائدة هز العملية من الناحية السياسية أنها تضمن حق التداول السلمي للسلطة وضمان حصول النخب الحاكمة على تفويض شرعي من الشعب بشكل دوريومنتظم من خلال عملية انتخابية حرة عادلة ونزيهة تضمنها سرية ونزاهة تلك العملية الانتخابية.
- سيادة القانون :وهي المقوم الثاني المطلوب لتحقيق الديمقراطية والذي يكفل تحقيق الأمن والاستقرار من خلال تحقيق العدالة والمساواة للجميع تحت القانون، وهي تعني خضوع الحاكم والمحكومين للقانون الموضوع أصلا من نواب الشعب والموافق عليه من ممثلي الشعب ضمن عملية توافقية عبر الأطر التمثيلية التي غالباً ما تكون عبر البرلمان المنتخب من قبل الشعب في العمليات الانتخابية.
- الشفافية:تعتبر المقوم الثالث الواجب توفره للديمقراطية وعملية المشاركة السياسية وهي التي تضمن وجود آلية للمحاسبة والمراقبة، من قبل المواطنين لممثليهم المنتخبين من خلال تعرفهم على أدائهم وكيفية قيامهم باستخدام السلطات الممنوحة لهم والتفويض الشعبي الذي مُنح لهم، ولا يمكن لهذه العملية أن تتم إلا من خلال ضمان إطلاع المواطنين الكامل على أداء الممثلين عبر وسائل شفافة تضمن تزويدهم بالمعلومات بشكل دوري وممنهج بدون أي تزييف وهو الأمر الذي يتطلب فتح جلسات البرلمان أمام المواطنين للحضور أو بثها عبر وسائل الإعلام أو نشر محاضر الجلسات للمواطنين، كما يتطلب الأمر السماح للمواطنين بمراجعة أداء حكوماتهم عبر ممثليهم المنتخبين بتقديم الاستجواب والاستفسار للوزراء من أعضاء الحكومة .
- وجود أحزاب سياسية حقيقة وفعاله : حيث أن المسيرة الديمقراطية الصحية تتطلب وجود أحزاب سياسية صحية، أيأحزاب ديمقراطية تقوم على القيم والمبادئ الوطنية وتكون متفقة قولا وعملا على تحريم العنف والاحتكار السياسي سواء في أطار الحزب أو السلطة، أي القبول بالانتقال السلمي للسلطة في ظل توفير آلية انتخابات حرة. وتلتزم فعلا بحقوق الإنسان السياسية والاجتماعية، إضافة إلى القبول بالتعددية.
- كما أن ارتفاع مستوى المشاركة السياسية في معظم النظم السياسية أنما يرجع إلى تفاعل 5 عوامل رئيسية وهى على التوالي :
- التحديث: وهو مانتج عن ذلك من عملية نمو القطاعين الزراعيوالصناعي وهجرة السكان من الريف إلى الحضر ، وارتفاع مستوى التعليم وغيرها من مظاهر التقدم حيث أن التحديث أدىإلى خلق فئات جديدة من المواطنين وكبار المزارعين والتجار ساهمت بصورة أوبأخرى على المراحل المختلفة للسياسة العامة .
- التغير في بنية الطبقات الاجتماعية : وقد أدى ذلك ظهور الطبقة العاملة والطبقة الوسطى نتيجة لقيام الثورة الصناعية .فبروز هذه الطبقات أدى بصورة أوبأخرى على مساهمة الطبقات الاجتماعية في المراحل المختلفة لعملية صنع القرار.
- تأثير المفكرين :حيث يؤثر المفكرين بآرائهم على أراء المواطنين وحثهم على المشاركة السياسية بالإضافةإلى وسائل الاتصال الحديثة والتقدم المعرفي .
- بروز الصراع بين جماعات وقيادات سياسية مختلفة :الأمرالذي ترتب علية احتكام هذه الجماعات إلى الجماهير ودفعها بقوة إلى المشاركة السياسية وحسم الخلاف لصالح فئة أوأخرى .
- الأوضاعالاجتماعية : حيث التوسع في التعليم قد يساهم في ارتفاع مستوى المشاركة السياسية ، والعكس صحيح .كما أن الفقر يؤدى إلى ظهور السلبية السياسية أواللامبالاة على سبيل المثال العزوف عن التصويت في الانتخابات .كما انه من ناحية أخرى قد تؤدى الروابط الاجتماعية والعصبية إلى ارتفاع مستوى المشاركة السياسية مثل حالات ارتفاع المشاركة الانتخابية في بعض الدول العربية مثل مصر والكويت .
رابعا: صور وأشكال المشاركة السياسية
إن المشاركة السياسية ترتبط بالحرية الشخصية للمواطن، وسيادة قيم المساواة، وبإقرار الحاكمين بحق المحكومين بأن لهم حقوق دستورية وقانونية تمنحهم الحق بالمشاركة في اتخاذ القرار، وأن من واجب الحاكمين إتاحة الفرص أمام المواطنين لممارسة حقهم في المشاركة السياسية، دون ضغط أو إرهاب، ولممارسة هذا الحق فإن هناك عدة أشكال أقدمها، وأكثرها شيوعا: الانتخاب، هذه الصورة من المشاركة السياسية تعرفها الأنظمة الديمقراطية وغير الديمقراطية، وإن اختلفت دلالتها، ودرجة تأثيرها. فهي في الأولى آلية للمفاضلة بين المرشحين بدرجة كبيرة من الحرية، وفي الثانية أداة للدعاية وكسب الشرعية، أكثر منها أداة للاختبار الواعي والتأثير في شؤون الحكم والسياسة.
وفي دراسة لكارل دوتش، فإنه صنف عملية الإدلاء بالصوت الانتخابي، ضمن المستوى الثاني للمشاركة السياسية الذي يشمل المهتمون بالنشاط السياسي، ويتابعون بشكل عام ما يحدث في الساحة السياسية.
وعموما، فإن الانتخابات هي أهم مظاهر المشاركة السياسية في النظم الديمقراطية، فحتى يشارك الشعب في السلطة عليه أن يختار ممثليه، وهذا يتم عن طريق الانتخابات التي تختلف نظمها وأنواعها من مجتمع إلى آخر، ولكنها تتفق جميعا علما أن الصوت الذي يدلي به المواطن في الانتخابات هو النصيب الفردي للمواطن في المشاركة السياسية، وأن مجموع الأصوات والتي تشكل الغالبية هي تعبير عن إرادة الأمة.
إن التصويت أو الانتخابات ليست هي الصورة أو الشكل الوحيد للمشاركة السياسية، بل إن المشاركة السياسية تتخذ عدة أشكال وصور أخرى قانونية مثل عضوية الأحزاب السياسية والنقابات المهنية والعمالية والجمعيات الفكرية، وجماعات لمصالح بصفة عامة. بالإضافة إلى صور غير قانونية مثل استخدام المال في العمل السياسي عندما يتجاوز حدودا معينة تفوق ما يسمح به القانون كالاشتراكات في الأحزاب السياسية أو كتبرعات صغيرة معلنة. كذلك فإن دراسة المشاركة السياسية لا تقتصر على السلوك السياسي الفردي، وإنما تمتد أيضا إلى العمل الجماعي.
وإذا كان السلوك الفردي متنوع الأشكال يتراوح ما بين التصويت إلى الاتصال الشخصي بصانعي السياسة، أو القرار، فإن السلوك الجماعي هو متنوع الأشكال بحسب من يقوم به، فقد يشمل الاحتياجات الجماعية من مسيرات ومظاهرات وإضرابات، وهذه يسمح بها القانون في بعض الدول وقد لا يسمح بها في دول أخرى.
ولكنها أيضا صورة من صور المشاركة السياسية، لأنها تسعى إلى التأثير على صانعي السياسة العامة لدفعهم اتخاذ قرارات معينة أو الامتناع عن اتخاذ قرارات أخرى. وأخيرا فإن دراسة المشاركة السياسية أصبحت تتسع أيضا لدراسة أعمال المعارضة والتي تتراوح ما بين إلقاء الحجارة على رجال الشرطة، أو المسؤولين في أعقاب مظاهرة بدأت سلميا وقد تصل إلى حد الاصطدام.
فمثل هذه الأعمال تعكس أو تساند مطالب معينة لتغيير بعض السياسات أو المسؤولين التنفيذيين أو التشريعيين أو الحزبيين، ولذلك فهي صور للمشاركة السياسية من حيث أنها تستهدف التأثير على عملية صنع السياسات العامة، إما مباشرة بطرح مطالب معينة بخصوص هذه السياسات، أو بطريقة غير مباشرة بالدعوة أو بالسعي إلى تغيير المسؤولين عن هذه السياسة.
وأصبحت دراسات المشاركة السياسة تولي أيضا أهمية كبرى للخلفية الاجتماعية، لمن يقومون بالمشاركة، فهناك صور متميزة للمشاركة من جانب طبقات وفئات اجتماعية متباينة، فهناك صور فريدة ينفرد بها العمال، وهناك صور أخرى ترتبط بالموظفين، وهناك صور ثالثة ترتبط بالمثقفين، ويتفاوت تأثير صور المشاركة السياسية من طبقة إلى أخرى أو فئة اجتماعية إلى طبقة أو فئة أخرى.
فالإضراب المحلي أو القطاعي أو العام هو صورة مميزة للمشاركة السياسية من جانب العمال أو الموظفين، وهذه الصورة الاحتجاجية هي طريقة للمشاركة لأنها تستهدف ممارسة ضغوط لإبراز مطالب لم تلفت الاهتمام عندما عرضت بطرق أخرى.
كما أن مشاركة المثقفين من خلال صناديق الاقتراع وهي أقل تأثير بالمقارنة مع مشاركتهم من خلال الأعمال الأدبية والفنية التي تشكل الضمير العام تسهم في صياغة الرأي العام، سواء في المدى المتوسطي أو الطويل.
ترتبط المشاركة السياسية بالحرية الشخصية للمواطن، وسيادة قيم المساواة، وبإقرار الحاكمين بحق المحكومين بأنَّ لهم حقوق دستورية وقانونية تمنحه الحق بالمشاركة في اتخاذ القرار، وأنَّ من واجب الحاكمين إتاحة الفرص أمام المواطنين لممارسة حقهم في المشاركة السياسية، دون ضغط أو إرهاب، و لممارسة هذا الحق فإنَّ هناك عدة أشكال أقدمها وأكثرها شيوعاً، الانتخاب، هذه الصور من المشاركة السياسية تعرفها الأنظمة الديمقراطية وغير الديمقراطية، وإن اختلفت دلالتها ودرجة تأثيرها، فهي في الأولى آلية للمفاضلة بين المرشحين بدرجة كبيرة من الحرية، و في الثانية أداة للدعاية وكسب الشرعية، أكثر منها أداة للاختبار الوعي للتأثير في شؤون الحكم و السياسة.
وعموماً، فإنَّ الانتخابات هي أهم مظاهر المشاركة السياسية في النظم الديمقراطية، فحتى يشارك الشعب في السلطة عليه أن يختار ممثليه، و هذا يتم عن طريق الانتخابات، التي تختلف نظمها وأنواعها من مجتمع لآخر، ولكنها تتفق جميعاً علماً أنَّ الصوت الذي يدلي به المواطن في الانتخابات هو النصيب الفردي للمواطن في المشاركة السياسية، وأنَّ مجموع الأصوات والتي تشكل الأغلبية هي تعبير عن إرادة الأمة.
إنَّ التصويت أو الانتخاب ليس بالصورة أو الشكل الوحيد للمشاركة السياسية، بل إنَّ المشاركة السياسية تتخذ عدة أشكال و صور أخرى قانونية، مثل: عضوية الأحزاب السياسية والنقابات المهنية والعمالية والجمعيات الفكرية، وجماعات المصالح بصفة عامة، بالإضافة إلى صور غير قانونية، مثل: استخدام المال في العمل السياسي عندما يتجاوز حدوداً معينة تفوق ما يسمح به القانون كالاشتراكات في الأحزاب السياسية أو كتبرعات صغيرة معلنة، كذلك فإنَّ دراسة المشاركة السياسية لا تقتصر على السلوك السياسي الفردي، و إنَّما تمتد إلى العمل الجماعي.
و إذا كان السلوك الفردي متنوع الأشكال يتراوح بين التصويت إلى الاتصال الشخصي بصانعي السياسة، أو القرار فإنَّ السلوك الجماعي هو متنوع الأشكال بحسب من يقوم به، فقد يشمل الاحتجاجات الجماعية من مسيرات ومظاهرات واضطرابات، والذي بدوره يؤثر بصورة أو بأُخرى على صانعي السياسة العامة لدفعهم اتخاذ قرارات معينة أو الامتناع عن اتخاذ قرارات أخرى.
المشاركة السياسية للمرأة
إن مشاركة المرأة في الحياة السياسية هي رهن بظروف المجتمع الذي تعيش فيه ، وتتوقف درجة هذه المشاركة علي مقدار ما يتمتع به المجتمع من حرية وديمقراطية من الناحية السياسية ، وعلي ما يمنحه المجتمع من حريات إجتماعية للمرأة لممارسة هذا الدور ولذا فإنه لا يمكن مناقشة المشاركة السياسية للمرأة ، بمعزل عن الظروف الإجتماعية والسياسية التي يمر بها المجتمع. كما أن مفهوم المشاركة السياسية يلعب دوراُ مهماُ ، في تطوير أليات وقواعد الحكم الصالح ، كمفهوم بات قيد التداول السياسي في الوقت الراهن ، وفي إطار ما يعرف “بالتنمية المستدامة ” للمجتمعات ،خاصة مجتمعات العالم الثالث التي توصف أنظمتها بالشمولية أو بسيادة المفاهيم الإرثية علي مفاهيم المواطنة في تحديد النخب السياسية.
وتعني المشاركة السياسية عند صامويل هنتنجتون وجون نلسون ذلك النشاط الذي يقوم به المواطنون العاديون بقصد التأثير في عملية صنع القرار الحكومي ، سواء أكان هذا النشاط فردياً أم جماعياً ،منظماً أو عفوياً ، متواصلاً أو متقطعاً ،سلمياً أم عنيفاً، شرعياً أم غير شرعي ،فعالاً أم غير فعال . ويمكن القول أن المشاركة السياسية في أي مجتمع هي محصلة نهائية لجملة من العوامل الإجتماعية والإقتصادية والمعرفية والثقافية والسياسية والأخلاقية ، تتضافر في تحديد بنية المجتمع المعني ونظامه السياسي وسماتها وأليات إشتغالهما ، وتحديد نمط العلاقات الإجتماعية والسياسية ومدي توافقها مع مبدأ المشاركة الذي بات معلماُ رئيسياً من معالم المجتمعات المدنية الحديثة . ويمكن القول أن المشاركة السياسية هي جوهر المواطنة وحقيقتها العملية ، فالمواطنون هم ذوو الحقوق المدنية والإجتماعية والسياسية والثقافية والإقتصادية التي يعترف بها المجتمع للجميع بحكم العقد الإجتماعي ، ويصونها القانون الذي يعبر عن هذا العقد ، فالمشاركة السياسية تمثل أساس الديمقراطية وتعبراً عن سيادة الشعب . وهناك من يقصد بالمشاركة “تلك الأنشطة الإرادية التي يشارك بمقتضاها أفراد المجتمع في إختيار حكامهم وفي صناعة السياسة العامة بشكل مباشر أو غير مباشر ،أى أنها تعني إشراك الفرد في مختلف مستويات العمل والنظام السياسي”.ويرى البعض إلى أنها “نشاط إختياري يهدف إلى التأثير في إختيار السياسات العامة أو إختيار القادة السياسيين على المستوي المحلي والقومي سواء كان ذلك النشاط ناجحاً أو غير ناجح،منظماً أو غير منظم ، مستمر أو مؤقتاً . هذه المشاركة قيمة في حد ذاتها وشرط لعمل الديمقراطية . وحسب رأي أكاديمي آخر تعد المشاركة السياسية مساهمة المواطنيين في أنشطة سياسية متدرجة ومتنوعة ما بين التصويت إلي توجيه وصياغة سياسة الحكومة ،أي مشاركة الفرد في صور متعددة من النظام السياسي .هذه الصور والأنماط تشمل. تقلد منصب سياسي أو إداري، السعي نحو منصب سياسي أو إداري, العضوية النشطة في التنظيم السياسي(الحزب مثلاً)،العضوية العادية في التنظيم السياسي، العضوية النشطة في التنظيم شبه السياسي،العضوية العادية في التنظيم شبه السياسي،المشاركة في إجتماعات السياسة العامة،المشاركة في المناقشات السياسية غير الرسمية، التصويت.
المدراس الفكرية التي تحدثت عن المشاركة السياسية:
اذاء انتقلنا للحديث عن أهمالمدارس الفكرية التي اهتمت بالحديث عن المشاركة السياسية نجد ان هناك العديد من المدارس التي تحدثت عن هذا المفهوم وذلك ناتج من كونه مفهوم قديم وتناوله العديد من المفكرين والفلاسفة بالبحث والتحليل ، إلا انه في هذا الإطار يجب الإشارة قبل بداية تناول هذه المحاولات الفكرية لتأصيل ودراسة هذا المفهوم يجب الإشارةإلىأن مفهوم المشاركة السياسية يرتبط ارتباطا قويا بفكرة اقتسام السلطة ومكونات العملية السياسية ، وقد كان هذا الأمر هو محور اهتمام وحديث تلك المدارس وذلك على النحو التالي :
اذاء نظرنا إلى النظرية الرأسمالية للبحث في كيف تناولت مدارسة ونظرياته هذا المفهوم نجد أنها نادت بمجموعة من المبادئ التي تعطي الفرد قيمة أعلى من الجماعة، وتعتبر تدخل الدولة إخلالا بمبدأ المشاركة الشعبية الفردية .
وهذا الأمر يختلف عن النظرية الاشتراكية والتي ترى ضرورة القيام بسلب الفرد من الحرية وإسناد الحكم لطبقة البروليتاريا المعبر عنها بحتمية لجوء الطبقة العاملة إلى الثورة للوصول إلى المجتمع الاشتراكي . كما أن المشاركة السياسية في العالم الثالث شكلت محور نضال ضد الاستعمار والاستبداد ،ومفتاحاً لباب التقدم، انطلقت منه قوى المجتمع بعد التحرر إلى ما أطلق عليه في كثير من البلدان ببلدان الديمقراطيات الناشئة.
ومن ناحية أخرى ظهرت العديد من المدارس الفكرية الأخرىالتي اهتمت بالحديث عن السلطة السياسية بشكل عام ومن هذه المدارس نجد مدرسة النخبة ، الطبقة ، التعددية السياسية ، حيث تدور مفاهيم الطبقة حول سيطرة طبقة اجتماعية على وسائل الإنتاجالماديوالفكري ، أماأصحابنظرية النخبة فنجد أنأفكارهم دارت حول عدم جواز اقتسام السلطة ، ومن ناحية اخرى فقد أشار ماكس فيبر الى ثلاث انماط للسلطة فهناك : السلطة التقليدية ، والقانونية العقلانية ، والكاريزمية ، وقد توصل ماكس فيبر إلىأن البيروقراطية هي وسيلة تفوق السلطة السياسية المثالية ، ومن هنا نجد ان تحليل مدرسة النخبة الى السلطة السياسية في محاولة منها الى التوصل الى مفهوم المشاركة السياسية نجد أنها لم تستند على معايير الوعيالطبقي ، وإنما تساهم فيها عوامل سيكولوجية وتنظيمية مؤسسية ، وبالنظر الى تحليل نظرية التعددية السياسية التي ترى انه يمكن تجزئة السلطة وإمكانية مشاركة الجميع في ممارسة اقتسام السلطة السياسية وهذا يحدث من خلال التأثيرفي عمليات صنع القرار ولو بدرجات متفاوتة .
حيث ترى صعوبة تمركز السلطة نظرا لتوزيعها وانتشارها بحسب مصادر عديدة وجماعات متباينة القدرات والموارد .
رابعا: اهم المفكرين الذين تناولوا هذا المفهوم :
كما سبق الإشارة الية ان مفهوم المشاركة السياسية وجد مفهوم اهتمام كبير من قبل العديد من المفكرين والمحللين السياسيين وفى هذا الاطار سوف نحاول ان نتطرق إلىأهم تلك التحليلات على النحو الآتي :
- افلاطون: تحدث أفلاطون عن مفهوم المشاركة السياسية من خلال حديثة عن الديمقراطية حيث أشارأن الديمقراطية هيإحدى مظاهر وأشكال المشاركة السياسية وقد عرفها على انها الدولة المختلطة التي تقوم على عملية التوازن بين طبقات المجتمع المختلفة بالأخذة بمبدأ الحرية.
- ارسطو : يمكن توضيح المشاركة السياسية عند أرسطو من خلال فقرة من كتابة السياسة عند أرسطو من خلال قولة بالقول” لماكانت لكل الدولة،نوعا من المشاركة وكانت كل مشاركة تهدف إلى الوصول للخير والنفع العام ، وبالتالي فان الخير هو هدف جميع المشاركات ، ولهذا فان الخير الاسمي هو الذي يبنى على أساس ضم كل ماعداها من المشاركات المجتمعية ) وقد حلل المفكرون بعد ذلك ان المقصود هنا بالخير الاسميهي المشاركة السياسية .
- جان جاك روسو : المشاركة السياسية هي القدرة على مزاولة السيادة أوممارستها ،وهذه المقاربة تقصى من المشاركة السياسية أولئك الأفراد الذين لايملكون القدرة على مزاولة السيادة . ونلاحظ ان هذا المفهوم يسعى إلى تطبيق التقليد الذى عرفته الدولة اليونانية القديمة والتي ترى ضرورة إسناد فاعلينفيإدارة الشئون العامة .
- جرينت بارى : يرى ان المشاركة السياسية لها ثلاث أوجههما
- أسلوب المشاركة : والمقصود هنا هو الشكل الذي تتخذه سواء كان شكل المشاركة رسمي او غير رسمي .
- كثافة المشاركة : وهى تعنى قياس عدد الأفراد المشاركين فيأنشطة سياسية معينة وكيفية مشاركتهم .
- نوعية المشاركة : تعنى درجة الفاعلية التي تحقق المشاركة وتتطلب قياسها على اثر يسيطرون على السلطة ووضع السياسة العامة .
- هنتنجتون : يرى ان المشاركة السياسية النشاطالذيیقومبهالمواطنمنأجلالتأثيرعلىعمليةصنعالقرارالساسي وهذا يعنى ان المشاركةتهدفتغیرمخرجاتالنظمالسیاسیة بالصورة التي تلائم مطالب الافراد الذين يقدمون على المشاركة السياسية.
- كارل ماركس: أشار كارل ماركس الى مفهوم المشاركة السياسية من خلال حديثة عن الحقوق السياسية فيالمسالة اليهودية باعتبارها الامتيازات التي يتمتع بها أي فرد بوصفة مشاركا في الحياة السياسية للجماعة التيينتميإليها ومن هذه الحقوق كما يرى ماركس ( الحق في التصويت – الحق في اختيار الأشخاص المرشحين لتولى المناصب السياسية ) وهذه الحقوق اذاء نظرنا إليها فسوف نجد انها إحدى مؤشرات عملية المشاركة السياسية في المجتمع . ومن ناحية أخرى فان ماركس يرى أن الحقوق السياسية التي تمنحها الدولة لموظفيها ليست في واقع الأمر الا حقوق الفرد الأناني المعزول عن غيره من البشر وانه ليس صحيح أنها تقوى وتدعم الجانب العام في نشاط الفرد وحياته . ولكن ماركس يرى أيضا ان الثورة السياسية التيأطاحت بسلطة الحاكم هيالتي جعلت موضوع الدولة موضع اهتمام من جانب الأفراد حيث انها قد حولت تلك الشئون الى مسالة عامة تحظى بعناية جميع الأفرادأيأنها قد ألغت السمة السياسية التي كانت سائدة للمجتمع المدني القديم أي مجتمع (الإقطاع) وتحول المجتمع إلى مجتمع أكثر ديمقراطية ، ومن هنا أصبحت الوظائف السياسية محل اهتمام للإفراد .
المصادر والمراجع:
Guy hermet bertand badic, “dictionnaire de la Sociologie Politique et des Institutions politiques”, Ed A colin, (Paris,collection curua , 1998)
.I.Susser, ” Political activity among working class women”, American Ethnology , vol 13, Issue 1, 1986.