بسم الله الرحمن الرحيم
الفصل الأول : ماهية السياسة الخارجية
يقصد بصنع السياسة الخارجية تحويل الهدف العام للدولة إلى قرار محدد. و السياسة الخارجية للدولة هي من صنع أفراد وجماعات يمثلون الدولة ويعرفون بصناع القرارات. لذا فصناعة قرارات السياسة الخارجية يمكن أن تدرس في ضوء التفاعل بين متخذي أو صناع القرارات وبيئتهم الداخلية .
المبحث الأول : مفهوم السياسة الخارجية و أهدافها
ورغم أن بعض الباحثين يرون بأن ممارسة السياسة الخارجية ليست مقتصرة على الدول بل أن الشركات متعددة الجنسيات و المنظمات الإقليمية كالجامعة العربية و المنظمات الدولية كالأمم المتحدة بما تملكه من شخصية اعتبارية له سياستها الخارجية الخاصة التي قد تتفق أو تختلف مع الدول التابعة لها . و قد حاول الكثير من المنهجيين في مجال السياسة الخارجية أن يقدموا تعريفاً محدداً للسياسة الخارجية ، فالدكتور . بلانودا ولتون عرفها بأنها “منهج تخطيط للعمل يطوره صانعو القرار في الدولة تجاه الدول أو الوحدات الدولية الأخرى بهدف تحقيق أهداف محددة في إطار المصلحة الوطنية ” .
و الحقيقة من الصعوبة تحقيق أهداف الدولة في السياسة الخارجية ،و تعود هذه الصعوبة إلى عاملين :
– إن الأهداف ليست واحدة بل متعددة مختلفة متنوعة ، واختلافها وتنوعها يرتبط بطبيعة الدولة نفسها وطبيعة المنطقة الكائنة فيها وطبيعة قوة الدولة .
– إن الأهداف بالنسبة للدولة ليست متساوية في أهميتها بل هي متدرجة من حيث الأهمية .
إلا أننا نستطيع بشكل عام أن نحدد الأهداف الأساسية لكل دولة بـ :
1- المحافظة على استقلال الدولة و سيادتها و أمنها القومي : و يكون ذلك من خلال :
– محاولة إقامة علاقات جيدة مع جيرانها
– الحصول على معونات عسكرية و اقتصادية و الدخول في معاهدات رسمية و تكتلات عسكرية و سياسية و اقتصادية .(1)
2 – زيادة قوة الدولة : و يرتبط هذا الهدف بالهدف الأول ، بل هو الأداة و الوسيلة للحفاظ على سيادة الدولة و أمنها . فقوة الدولة هي مزيج مركب من مجموعة من عوامل السياسية و القتصادية و البشرية و الجغرافية و التكنولوجية و النفسية إلى غير ذلك . و قوة الدولة هي التي تحدد سياستها الخارجية لأن السياسة الخارجية ترتبط و تستند إلى قوة الدولة .
3 – تطوير المستوى الاقتصادي للدولة : و الذي يعتبر هدف هام من أهداف الدولة ، بل أن وجود الدولة يستند إلى وجود قاعدة اقتصادية يتوفر فيها الحد الأدنى من الثروة الوطنية .
إضافة الى الاهداف السابقة نستطيع القول بوجود جملة أيضا من الأهداف الثانوية للسياسة الخارجية نذكر منها :
1- العمل على نشر الأيديولوجية و الثقافة الخاصة بالدولة خارج حدودها.
2- العمل على تدعيم أسس السلام الإقليمي و الدولي .(2)
المبحث الثاني : العوامل المؤثرة في صناعة السياسة الخارجية
إن عملية صنع السياسة الخارجية عملية معقدة لتأثرها بمجموعة كبيرة من العوامل في عملية صنع السياسة الخارجية و قد قسمها د. أكريد إلى ثلاث مراحل:
1- المرحلة الأولى (المدخلات) : و تشمل المعلومات و الملاحظات و نقل المعلومات و تدريب أفراد جهاز السياسة الخارجية .
2- المرحلة الثانية (القرارات) : و تشمل استعمال المعلومات و عملية التخطيط و عملية التحليل التي تركز على الأهداف و الاستراتيجيات البديلة و المناقشة و المساومة و النصح و التوصيات .
3- المرحلة الثالثة (المخرجات) : و تشمل الخيارات السياسية و التنفيذ و المتابعة و الإعلام و المفاوضة و التعلم من خبرة التطبيق.
و قد فرق د. عبد الهادي التهامي بين صنع السياسة الخارجية و صنع قرار السياسة الخارجية و تنفيذ السياسة الخارجية حيث وجد أن:
1- صنع السياسة الخارجية :يعني مجمل النشاطات التي تنتهي إلى وضع الإطار العام للتحرك الخارجي للمجتمع من حيث أهدافه و مبادئه و توجيهاته العامة . و هي بهذا المعنى تتضمن مشاركة أجهزة و قوى و جماعات عديدة رسمية و غير رسمية .2- صنع قرار السياسة الخارجية :يعني تحديد البدائل للحركة المتاحة لمواجهة المشكلة أو موقف معين . وجوهر تلك العملية يتمثل في الوظيفة المعلوماتية للأجهزة السياسية المسؤولة عن توصيل المعلومات ، والتقارير الكامنة و السليمة إلى أجهزة اتخاذ القرار في التوقيت السليم و الملائم .3- تنفيذ السياسة الخارجية :يعني تحويل القرارات و السياسات إلى برامج و آليات و نشاطات و يرتبط بالتنفيذ تقييم النجاح أو الفشل .
و تتأثر عملية صنع السياسة الخارجية بمجموعة من العوامل المختلفة ، و التي يصعب علينا و خصوصاً في العصر الحالي حصرها بسبب حالة عدم الاستقرار التي تعصف بالعالم منذ سقوط الاتحاد السوفييتي و منظومته الاشتراكية و أهم هذه العوامل : أولاً : العوامل الموضوعية و التي تقسم إلى :
1- الداخلية
2- الخارجية
العوامل الموضوعية الداخلية :
و هي تلك العوامل التي تنشأ عن البيئة الموضوعية الداخلية للوحدة الدولية ، الآتية من داخل نطاق ممارستها لسلطتها و تشمل تلك العوامل نوعين :i- الخصائص القومية : و يقصد بها كل الأبعاد الكامنة في كيان الوحدة الدولية ذاتها كوحدة عليا(3) شاملة و التي تتسم بالاستقرار النسبي و نقسم هذه العوامل إلى :1- المقدرات القومية : و تشمل حجم الإمكانيات المتاحة للدولة و مستواها و بالتالي القدرات الاقتصادية و العسكرية المتاحة ، بما يشمل حجم تلك القدرات و مستوى تطورها التقني .
2- المشكلات الاجتماعية : و يقصد بها تلك المشكلات اللصيقة بالثبات الاجتماعي و الاقتصادي للدولة ، و التي تتسم بنوع من الديمومة خلال فترة زمنية طويلة .
3- مستوى التطور القومي : ينصرف هذا المستوى إلى درجة تبلور الخصائص المشتركة بين الأفراد و المجتمع ووعي الأفراد بتلك الخصائص و درجة تبلور حركتهم نحو تكوين دولة مستقلة .
4- التكوين الاجتماعي : و يقصد بذلك آثار النخبة السياسية و الطبقات الاجتماعية و جماعات المصالح السياسية .5- التوجهات المجتمعية : و يقصد بها مجموعة الأفكار الأساسية التي يعتنقها معظم أفراد المجتمع ،و التي تحدد رؤيتهم للعالم السياسي و تشمل تلك التوجهات الثقافية و السياسية و الأيديولوجية .النظام السياسي : لا ينصرف معنى النظام السياسي في هذا المجال إلى المفهوم العام للنظام السياسي و إنما إلى طبيعة تكوين السلطة التنفيذية و الموارد المتاحة لها و الضوابط السياسية الواقعة عليها
العوامل الموضوعية الخارجية:
و هي تلك العوامل الناشئة عن البيئة الخارجية للوحدة الدولية أي الآتية من خارج نطاق ممارستها لسلطتها أو تلك التي تنسأ نتيجة التفاعل مع وحدة دولية أخرى و تشمل 1- النسق الدولي : و ينطوي عليها عدة عوامل و هي : عدد الوحدات الدولية و ماهيتها و بنيان النسق الدولي و المستوى المؤسس للنسق الدولي و العمليات السياسية الدولية بما في ذلك تأثير الأحلاف 2- المسافة الدولية : و يقصد بها التشابه و التعاون بين خصائص الوحدة الدولية محل البحث و الوحدات الدولية الأخرى التي تدخل معها تلك الوحدات في علاقات و يشمل عامل المسافة الدولية :
المسافة الخارجية و المقدرات النسبية و توازن القوى و تشابه القوى3- التفاعلات الدولية : إذ تتأثر السياسة الخارجية للدولة بنوعية التفاعلات التي تربطها بالدول الأخرى و تشتمل سباق التسلح و التبعية الاقتصادية و سياسة الاستقطاب .4- الموقف الدولي : و يقصد بها الحافز المباشر الناشئ من البنية الخارجية في فترة زمنية معينة و الذي يتطلب من صانع السياسة الخارجية التصرف بشكل معين للتعامل معه .
ثانياً : العوامل النفسية : إن السياسة الخارجية ليست مجرد محصلة للتأثير الآلي للعوامل الموضوعية فالسياسة الخارجية يضعها في التحليل النهائي فرداً أو مجموعة أفراد وهو في ذلك يتأثر بدوافعها الذاتية و خصائص شخصيته و بتصوراته الذهنية لطبيعة العوامل الموضوعية .(4)
و يلعب القائد دوراً أساسياً و مهماً في صنع السياسة الخارجية و خصوصاً في بلدان العالم الثالث حيث تعد المؤسسة الرئاسية (النخبة الأساسية ) هي الصانع الحقيقي للسياسة الخارجية لتلك البلدان و ذلك من خلال : التخطيط و التطوير و التكييف و إن أهم الصفات الواجب توافرها في القائد الناجح في ممارسته لسياسته الخارجية :
1- الإحاطة بالتعقيدات السياسية الدولية و المتغيرات الدولية .
2- السمات الشخصية و الذاتية للقائد و التجارب و القدرات .
3- الثقافة و المعارف النظرية .
4- أسلوب القائد
فالقائد الناجح هو من يستطيع كسب التأييد الداخلي لتنفيذ قرارات السياسة الخارجية و أن يعرف إلى أي مدى يستطيع المضي في تنفيذ الأهداف مع الاحتفاظ بتأييد الرأي العام .(5)
الفصل الثاني : الهيئات المشاركة في صناعة السياسة الخارجية
يمكن أن نميز بين مجموعتين تساهمان في صنع السياسة الخارجية. المؤسسات الحكومية والمؤسسات غير الحكومية. المؤسسات الحكومية تتمثل بالسلطة التنفيذية وما يتبعها من أجهزة فرعية مثل الوزارات والمؤسسات العامة، وكذلك السلطة التشريعية وما تشمله من لجان مختلفة. أما المؤسسات غير الحكومية فهي تشمل الأحزاب السياسية، وجماعات المصالح، والإعلام، والرأي العام.
المبحث الأول : المؤسسات الحكومية
رغم أن حديثنا عن المؤسسات الحكومية ودورها في صنع السياسة الخارجية سوف يكون حديثاً عاماً إلا أننا سنوظف الهيكل الأمريكي لمحاولة توضيح عملية صنع السياسة الخارجية من خلال المؤسسات الحكومية. في هذا الإطار فان المؤسسات الحكومية المعنية بصنع السياسة الخارجية تشمل كلا من: رئيس الحكومة، وزير الخارجية، الاستخبارات، مجلس الأمن القومي، والسلطة التشريعية
رئيس الحكومة :
إن أول خطوة يبدأ بها صنع القرار هي “مشروع القرار” حيث تتقدم الحكومة ممثلة برئيسها بالمشروع إلى السلطة التشريعية (الكونجرس). وفي الحكومة تبدأ فكرة المشروع أما بمبادرة من رئيس الحكومة أو من أحد وزرائه أو مستشاريه سواء نتيجة لمبادراتهم الذاتية أو نتيجة لطلب تقدمت به حكومة أجنبية.
وعادة ما يكون لرئيس الدولة دوراً بارزاً في صناعة القرار السياسي في الدولة ذات النظام الرئاسي مثل أمريكا حيث يجمع الرئيس بين رئاسة الحكومة والجمهورية.
وفي الدول ذات النظام البرلماني مثل بريطانيا والهند والتي لها رئيس دولة بالإضافة إلى رئيس الحكومة يكون دور رئيس الدولة (سواء كان ملكاً أو رئيس جمهورية) دوراً مراسيمياً فقط يتمثل باستقبال السفراء وتمثيل الدولة في المناسبات القومية والدولية. أما صنع القرارات الخارجية فيترك لرئيس الحكومة مع وزرائه
وعندما نتحدث عن دور الرئيس في صنع السياسة الخارجية فلا يعني أنه يقوم بنفسه بإعداد مشروع القرار وبلورة الأفكار. بل أنه كثيراً ما يلجأ للاستنارة والترشيد إلى جهاز استشاري ضخم يضم مستشارين ذوي خبرة ومعرفة في الشؤون الدولية(6)
وزير الخارجية :
ويلي رئيس الحكومة في الأهمية وزير الخارجية والذي يسمى في بريطانيا بسكرتير الدولة للشؤون الخارجية وفي أمريكا بسكرتير الدولة. ويعتمد دور وزير الخارجية في صناعة السياسة الخارجية على علاقاته برئيس الحكومة وعلى اهتمام رئيس الحكومية بالسياسة الخارجية
وعموماً يمكن القول أنه مهما كانت الثقة بين رئيس الحكومة ووزير الخارجية ومهما قل اهتمام رئيس الحكومة في المسائل الخارجية فإن وزير الخارجية “لا يضع سياسات بدون موافقة رئيس الحكومة”.
ويستمد وزير الخارجية أهميته من رئاسته لأهم جهاز ذي صلة بالشؤون الدولية وهو وزارة الخارجية. وتعتبر وزارة الخارجية من المصادر الرئيسية للمعلومات الخارجية ومن الأدوات الأساسية لتنفيذ السياسة الخارجية.
فمن حيث المعلومات تقوم السفارات بإرسال تقارير مفصلة ومستمرة عن أوضاع الدول المختلفة التي توجد بها. وبعد وصول هذه التقارير يتم تحليلها عن طريق خبراء مختصين موزعين على أقسام رئيسية في وزارة الخارجية. ويقدم ملخص لهذه التقارير بعد تحليلها إلى وزير الخارجية مع نصيحة حول ما يجب أن تكون عليه السياسة الخارجية.
الاستخبارات :
ولها دور في صناعة السياسة الخارجية شبيهة بدور وزارة الخارجية، إلا أنها تتميز عن وزارة الخارجية بسرية نشاطاتها نظراً لعدم قانونية وشرعية ممارساتها.
كذلك تختلف عن وزارة الخارجية بأنها لا تستخدمها كل الدول كأداة للسياسة الخارجية وإنما تستخدمها دول محدودة عادة تكون دولاً قوية وغنية ونشطة في المجتمع الدولي مثل الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي.
والاستخبارات كأداة للسياسة الخارجية برزت بشكل ملحوظ بعد الحرب العالمية الثانية ولعبت دوراً بارزاً في توجيه السياسة الدولية في المجتمع الدولي والسياسات الخارجية للعديد من الدول. وهي بصفة عامة مثل وزارة الخارجية تقوم بجمع المعلومات وتحليلها وكذلك تعمل كأداة لتنفيذ سياسة الحكومة الخارجية.
إلا أن ما يميزها عن وزارة الخارجية هو أنها تختص بجمع المعلومات السرية ذات الصلة بالأمن القومي وتعمل لتنفيذ سياسات الحكومة التي لا تتفق مع القواعد الدبلوماسية المألوفة. ومن أبرز أجهزة الاستخبارات في العالم وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية والتي تعرف بـ “سي. آي . أيه” (7)C.I.A Central IntelligenceAgency
مجلس الأمن القومي
وهذا المجلس يوجد في بعض الدول ويأخذ أحياناً صفة لجنة خاصة في الحكومة وهو يقوم بدور استشاري يتمثل بتقديم النصيحة لرئيس الدولة فيما يتعلق بتنسيق السياسات الرئيسية ذات الصلة بالأمن القومي وهي: الخارجية ، والعسكرية، وبعض السياسات الداخلية ذات الصلة بالأمن القومي.
وفي أمريكا يتكون مجلس الأمن القومي من الرئيس والذي يعمل كرئيس للمجلس، نائب الرئيس، وسكرتير الدولة (وزير الخارجية)، وسكرتير الدفاع (وزير الدفاع). أما مساعد الرئيس لشؤون الأمن القومي فهو يعمل كمدير تنفيذي للمجلس
وفي بعض الحالات يدعو رئيس المجلس (رئيس الحكومة) بعض الأشخاص لحضور المجلس مثل مندوب الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، ورئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة، ومدير الاستخبارات العام (“سي. آي . أيه” وبعض موظفي البيت الأبيض.
إن الوظيفة الرئيسية لمجلس الأمن القومي هي جمع المسؤولين الكبار في الحكومة وتزويدهم بمعلومات متكاملة وشاملة تؤهلهم لاستعراض تحليلي لسياسات الأمن القومي. وعادة ما يكون للمجلس مجموعة خاصة من الباحثين الذين يقومون بتقديم الدراسات ذات الصلة بوظيفة المجلس.
وباختصار يمكن القول أن مجلس الأمن القومي يقوم بدور المخطط والمنسق للسياسة الخارجية للدولة وبالذات السياسة الأمنية. فهو يحدد الإطار العام للقرار الخارجي ويساهم بذلك في صنع السياسة الخارجية
السلطة التشريعية :
تختلف تسمية السلطة التشريعية من دولة إلى أخرى. ففي أمريكا تعرف الكونجرس والذي يضم مجلس الشيوخ ومجلس النواب. وفي بريطانيا تعرف بالبرلمان والذي يضم مجلس العموم ومجلس اللوردات. أما في الكويت فتعرف بمجلس الأمة والذي يتكون من مجلس واحد فقط.
ومثلما تختلف السلطات التشريعية في تسميتها فهي تختلف أيضاً في أدوارها في صنع السياسة الخارجية. إلا أن هناك أصول مشتركة للسلطات التشريعية في كل الدول فصلاحياتها في الشؤون الخارجية أقل من صلاحياتها في الشؤون الداخلية ويرجع ذلك إلى السرية التي تتسم بها الشؤون الخارجية. كما أن السلطات التشريعية لا تأخذ المبادرة في قرارات السياسة الخارجية وإنما يقتصر دورها على الموافقة أو الاعتراض على السياسة الخارجية التي تقترحها الحكومة .(8)
المبحث الثاني : المؤسسات غير الحكومية
وهي المؤسسات التي تعمل خارج الحكومة ويكون لها تأثير في صنع السياسة الداخلية والخارجية. وتعتبر الأحزاب السياسية. وجماعات المصالح (الضغط)، ووسائل الإعلام، والرأي العام من أهم المؤسسات غير الحكومية ذات التأثير على السياسة الخارجية.
الأحزاب السياسية
يعتبر الحزب السياسي من أبرز المؤسسات السياسية التي تساهم في صنع السياسة الخارجية. ويتوقف دور الحزب في صنع السياسة الخارجية على تعدد الأحزاب وانضباطها.
فإذا كان في الدولة أكثر من حزب كما هو الحال في الدول الديمقراطية فإن الآراء حول السياسة الخارجية تتقاسمها الأحزاب الموجودة ويكون الحزب الأقوى هو الأكثر تأثيراً في توجيه السياسة الخارجية.
أما إذا كان يوجد في الدولة حزب سياسي واحد وهو الحزب الحاكم كما هو الحال في الدول الاشتراكية وبعض الدول النامية فإن تأثيره في السياسة الخارجية يصبح قوياً جداً بل أن الأحزاب السياسية في الدول ذات الحزب الواحد هي التي تلعب الدور البارز في صنع السياسة الخارجية وفقاً لعقيدة الحزب السياسية
ففي أمريكا تتميز الأحزاب السياسية الكبيرة (الجمهوري والديمقراطي) بعدم الاهتمام بالجانب العقائدي وبقلة الانضباط السياسي. . . ونتيجة لهذا. . . فإن مواقفها تجاه القضايا الخارجية عادة ما تكون غامضة وعامة وتتسم بالتردد والحذر. . . ونتيجة لفقدان الانضباط الحزبي أصبح تحديد مواقف سياسية عامة للحزب يخلص لها الأعضاء أمراً غير ممكن.
وعلى خلاف الأحزاب الأمريكية تتميز الأحزاب البريطانية بوضوح الخط العقائدي الفاصل بينها، وبالانضباط الحزبي. فمن حيث العقيدة السياسية هناك وضوح تام في الاختلافات بين سياسات حزب العمال وحزب المحافظين. كما أن أعضاء الأحزاب سواء في البرلمان أو خارجه مخلصون لقادة الحزب وملتزمون في برنامجه. مثل هذه الأحزاب يكون لها [نسبياً] دور ملموس في توجيه السياسة الخارجية.
جماعات المصالح السياسية
وتعرف [كذلك] بجماعات الضغط لأنها تستخدم الضغط كوسيلة لحمل رجال السياسة على اتخاذ قرارات لصالحها. ولقد برزت جماعات المصالح كعامل هام ومؤثر في كل من السياسة الداخلية والخارجية للدولة(9)
وفي أمريكا أوجدت هجرة الجنسيات المختلفة إليها وتطورها الاقتصادي العديد من الجماعات التي لها مصالح خارجية مختلفة وأحياناً تكون متعارضة مما عقد عملية اختيار القرار في السياسة الخارجية الأمريكية وحد من القدرة على حشد الرأي العام الأمريكي لدعم القرار بعد اتخاذه..
فيوجد في أمريكا جماعات مصالح دينية وأبرزها جماعات المصالح اليهودية والتي لها مصالح سياسية خارجية مختلفة عن بقية الجماعات. وتتمثل مصلحة اليهود بدعم أمريكا المستمر وغير المحدود لإسرائيل وتقليل الدعم الأمريكي للعرب مهما كان تواضعه وقلة مفعولة.
واليهود رغم قلة عددهم مقارنة بإجمالي سكان الولايات المتحدة حيث لا يتجاوز نسبة 3% من إجمالي السكان إلا أنهم مجموعة منظمة لها نفوذ على الوسائل ذات التأثير الفعال في المجتمع الأمريكي مثل الصحافة، والتعليم العالي، والسياسة مما اتاح لها قدرة التحرك لتعبئة الرأي العام لأمريكي لصالحها خصوصاً أيام الانتخابات وبالذات رئاسة الجمهورية.
ونتيجة لهذه القدرة لليهود أصبح ليس بإمكان صناع القرارات الأمريكية تجاهل رغبات جماعات المصالح اليهودية في أي سياسة أمريكية تجاه الشرق الأوسط .
وبالإضافة إلى جماعات المصالح الدينية توجد جماعات المصالح الاقتصادية والمالية وأهمها الشركات عبر القومية (العالمية) والتي تتمثل بشركات البترول العالمية مثل “شركة شل” وبالبنوك العالمية مثل “بنك أمريكا” و “سيتي بنك” .
فهذه الشركات والمؤسسات العالمية لها مصالح منتشرة في مختلف دول العالم وسياسة أمريكا تجاه الدول التي توجد فيها مصالح لتلك الشركات تؤثر إما سلباً أو إيجاباً على مستقبل هذه الشركات ومصالحها الاقتصادية
فلا شك أن علاقة الشركات الأمريكية مع دول الخليج تتأثر بمواقف أمريكا تجاه القضايا العربية بصفة عامة وتجاه قضايا الخليج بصفة خاصة. لذا نجد أن الشركات الأمريكية ذات المصالح الاقتصادية في الخليج تعمل من أجل التقارب بين العرب وأمريكا وتحاول أن تؤثر على قرارات الحكومة الأمريكية تجاه دول الخليج لتكون أكثر إنصافاً واحتراماً لتلك الدول.
إن هدف الشركات الأمريكية العالمية في مساعيها لإنصاف العرب هو إيجاد مناخ سياسي ملائم يسمح ببقاء مصالحها . التجارية في دول الخليج.
وسائل الإعلام
ترجع أهمية وسائل الإعلام كأداة مساهمة في صنع السياسة الخارجية إلى تأثيرها على كل من صناع القرار والرأي العام. إن آراء المواطنين سواء كانوا رسميين أو غير رسميين تشكل نتيجة لملاحظة الأحداث وتفسيرها.(10)
ووسائل الإعلام هي الملاحظ الأول للأحداث الدولية وهي مصدر أساسي لتفسيرها. فبالنسبة لصناع القرار الرسميين تقوم الوسائل الإعلامية من صحافة، وإذاعة، وتلفزيون بدور بارز في توجيههم وإمدادهم بجزء هام من المعلومات التي على أساسها يتخذون القرارات.
وبالإضافة إلى كون الوسائل الإعلامية مصدراً هاماً للمعلومات الداخلية والخارجية فإنه يمكن الاستفادة منها كمؤشر للرأي العام ودليل لمواقف المواطنين تجاه السياسة الخارجية للدولة.
فقد يكتب أحد المسؤولين في الحكومة وباسم مستعار مقالاً صحفياً يدعو فيه لنهج جديد في السياسة الخارجية. والهدف من هذه المقالة هو معرفة ردود فعل المواطنين تجاه هذه السياسة الجديدة قبل الأخذ بها. وردود فعل المواطنين وتعليقاتهم تتولى الصحافة تنظيمها أن لم يكن إعدادها. وبهذا يكون للصحافة دور في صنع القرار الخارجي وتحديد وجهته. ومثل هذا الدور تقوم به الصحافة في الدول الديمقراطية التي تسمح للصحافة بالنقد وإبداء الرأي
الرأي العام :
يقصد بالرأي العام رأي المواطنين العاديين والذي ترى الحكومة أنه من الحكمة احترامه و أخذه بعين الاعتبار.
والرأي العام كقوة مؤثرة في السياسة الخارجية لم يكن له دور يذكر قبل الحرب العالمية الأولى. إلا أنه مع نهاية الحرب ومع نمو الوعي السياسي للشعوب بدأ الرأي العام ممثلاً برأي القوى العمالية يظهر ويؤثر في مجرى السياسة الداخلية والخارجية للدول .
ويعبر الرأي العام عن نفسه إما من خلال قنوات منظمة مثل الأحزاب، وجماعات المصالح، والوسائل الإعلامية كما هو الحال في الدول الديمقراطية أو يفرض نفسه في شكل مزاج عام ومظاهرات سياسية كما هو الحال في معظم دول العالم الثالث .
هذا على المستوى المحلي أما على المستوى الخارجي وهي المجتمع الدولي بشكل عام بما يتضمنهمن دول و منظمات دولية وقد كانت عملية تأثير الوضع الخارجي مع عملية صنع القرار السياسي في الداخل ليست بذات قيمة و أصبحت البيئة الخارجية تأخذ دورا هاما في التأثير على القرار و مدى تنفيذه وظهرت هذه الأهمية في المرحلة المعاصرة نتيجة وجود معطيات جديدة منها :
1) ـ وجود المنظمات الدولية : ومنها منظمة الأمم المتحدة و منظمات حقوق الإنسان و منظمات المجتمع المدني .
2) ـ العلاقات القانونية بين الدول وفق القانون الدولي : فكثيرا ما أخذت القرارات السياسية طابع دوليا من خلال تأثرها و تأثيرها في العالم الخارجي نتيجة العلاقات الإيجابية أو السلبية بين الدول .
3) ـ قيام التكتلات العسكرية و الإقتصادية : وهذه التكتلات تؤثر على صنع القرار داخل دول الأعضاء لمل للقرار من أهمية في مسايرة أهداف و مناهج و أفكار ذلك التكتل .(11)
الفصل الثالث : صنع القرار في السياسة الخارجية لجمهورية ايران الإسلامية
تتميز السياسة الخارجية في جميع الانظمة السياسية لا سيما المحنكة منها والقوية بان لها قنوات محددة ومحدودة لاتخاذ القرار بشانها، وبعبارة اخرى ان نفرا قليلا من المسؤولين والمصادر المختصة هم فقط الذين يملكون الامكانية في رسم السياسة الخارجية واتخاذ القرار بشانها،لذا نرى بقية المسؤولين وأيضاً المصادر الأخرى في الحكومات الاجنبية ينظمون أعمالهم طبقاً لما يعلنه هؤلاء المختصون في السياسة الخارجية لبلادهم.
والواقع أنه اذا أعلن احد المسؤولين الذين لهم الحق في اتخاذ القرار بشأن سياسة بلاده الخارجية عن رأيه يصبح ذلك الاعلان ذا تبعات سياسية وأهمية قانونية خارج حدود بلاده ،اما اذا لم يكن كذلك حتى ولو كان المسؤول على نفس المستوى من الأهمية ولكنه فاقد للصفة الرسمية في اتخاذ القرار في سياسة بلاده الخارجية .فالأمر لا يعدو أكثر من مجرد وجهة نظر شخصية ،وينظر اليها مع انها انعكاس لرأي أحد المقربين من الجهاز المصمم للسياسة الخارجية وليس تصريحاًرسمياً.
وثمة فروقات اخرى بين البيان الرسمي الصادر عن مسؤولين مؤثرين في السياسة الخارجية حول المسائل السياسية والقانونية والدولية وبين ابداء هؤلاء المسؤولين عن ارائهم الشخصية حولها .
اما المصادر الرسمية التي لها الحق في ابداء ارائها وفي اتخاذ القرار بشان صنع القرار الخارجي للدولة طبقا للوثائق والمستندات لا سيما الدستور في نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية فهم عبارة عن
الدستور ـ القائد او المرشد ـ مجلس الشورى الاسلامي (مجس صيانة الدستور) ـ السلطة التنفيذية ممثلة بمجلس الوزراء ، رئاسة الجمهورية ومجلس الامن الوطني ـ وزارة الخارجية .
سنحاول الاجابة عن التساؤلات التالية: ما هي الية صنع القرار السياسي الخارجي للجمهورية الاسلامية الايرانية؟وما هي المؤسسات التي تساهم في صناعة القرار؟
المبحث الأول : دور الدستور و القائد في صناعة السياسة الخارجية
الدستــور الايراني :
يعتبر الدستور في كافة النظم السياسية والحكومية في العالم اعلى سند ومصدر رسمي وسياسي لها كما تتحدد فيه اطر وعموميات وحدود وقنوات السياسة الخارجية لكل دولة منها كذلك الامر بالنسبة لدستور جمهورية ايران الاسلامية فهو اقوى واغنى مصدر لسياستها الخارجية حيث يرسم لها ويوجهه اليها في مبادئه العامة وفصوله القانونية .
ولا شك ان المبادئ الاربعة الواردة في الفصل العاشر من دستور جمهورية ايران الاسلامية تعد من اهم محددات السياسة الخارجية الايرانية وتعد بمثابة المنار الهادي لسبيلها المؤطر لها حيث توضح المبادئ المذكورة وهي 152، 153، 154 ، 155 المفاهيم الاساسية لسياسة جمهورية ايران الاسلامية .
مبدأ 152:تقوم السياسة الخارجية الايرانية على اساس رفض أي نوع من انواع التسلط او الخضوع والحفاظ على الاستقلال التام ووحدة اراضي البلاد والدفاع عن حقوق جميع المسلمين وعدم الانحياز للقوة المتسلطة وعلى تبادل العلاقات السلمية مع الدول المسالمة”.
مبدأ 153:” ان ابرام أي معاهدة تفضي الى السيطرة الاجنبية على الثروات الصناعية والاقتصادية او الثقافية والجيش والشؤون الاخرى في البلاد امر ممنوع بتات ا”
مبدأ 154: ” تعتبر جمهورية ايران ان هدفها المقدس هو سعادة الانسان في كل المجتمعات البشرية وترى ان الاستقلال والحرية واقامة حكومة الحق والعدل هو حق لجميع شعوب العالم كافة لذا فان جمهورية ايران الاسلامية ستقوم بدعم النضال المشروع للمستضعفين ضد المستكبرين في أي بقعة من العالم وذلك دون ان تتدخل في الوقت نفسه في الشؤون الداخلية في الشعوب الاخرى” .
مبدأ 155: تشتطيع حكومة جمهورية ايران الاسلامية منح حق اللجوء السياسي الى الذين يطلبونه باستثناء الذين يعتبرون وفقا للقوانين الايرانية مجرمون وخونة ” .
انما يستفاد من هذه المواد وما استنبط من المفاهيم الاخرى كلها هو ان ماهية وجوهر العالمية واللاحدودية واللاقومية واسلامية الاهداف المصرح بها هنا قد تم تكريسه في اسعاد الانسان وجعله هدفا للسياسة الخارجية .
القـائد:
يعد منصب القائد في ظل الواقع الماثل اعلى منصب في اتخاذ القرارات العظيمة بشان السياسة الخارجية الايرانية وقد اثبتت التجربة العملية ذلك مرارا . وللوقوف على دور القائد بشكل دقيق علينا ان نتناوله على ثلاث خطوات تفصيلية على النحو التالي: (12)
1-فلسفلة ولاية الفقيه : يعتبر البحث في فلسفة ولاية الفقيه وقدراتها وقانونها ومهامها بحثا يخص فرعا اخر من العلوم النظرية ويتصل ببحوث حول الاطار الفلسفي للحكومة الاسلامية والدولة الاسلامية وكذلك الحاكمية في الاسلام، وبناء على هذا فان الحديث عن السياسة الخارجية الايرانية وصناعتها يجب ان يبدأ من تلك اللحظة التي تم القبول فيها بولاية الفقيه بوصفها اهم مصادر السياسة الخارجية.
ولا شك ان حدود سلطة الولي الفقيه ونطاقها بالنسبة للسياسة الخارجية الايرانية ينطوي على اهمية كبيرة لان مفهوم السلطة بالنسبة لولاية الفقيه بوصفها القاعدة الفلسفية التي قامت عليها الحكومة الاسلامية اوسع بكثير مما ذكره النص الدستوري حولها.
وقد ذكر الامام الخميني في كتابه “ولاية الفقيه” رؤيته الموضحة لحدود ولاية الفقيه وسلطاتها بقوله “اذا نجح شخص جدير ومتصف بصفتي العلم والقانون وبالعدالة في اقامة الحكومة واصبح له ما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم من الولاية بشان ادارة المجتمع وجب طاعته على جميع الناس” وبالتالي فان ما ذكره الخميني على ان حدود سلطة الولي الفقيه اوسع مما حدده الدستور له ومن ثم فان تناولنا لها يتم بما اوردناه من نظرية الخميني التي طرحها في حياته حول ولاية الفقيه والتي اعتبر من خلالها ولاية الفقيه ولاية مطلقة تسري على جميع امور المسلمين وهذا يعني ان الولي الفقيه اذا راى يوما انه لا حاجة للدستور او راى ان المصلحة تقتضي حذف أي مبدأ من مبادئه فما ذلك عليه بعسير ومن ثم يمكن ان يسقط الدستور او يحذف هذا المبدأ بمجرد ان يعلن الفقيه ببساطة وهذه هي مقتضيات الولاية والتزاماتها” .
هنا تجدر الاشارة الى مكانة الخميني الخاصة واقراراته ووصاياه بشان السياسة الخارجية ونتساءل هل لهذه الوصايا والاقرارات اهمية بشان اتخاذ القرار السياسي لجمهورية ايران ا لاسلامية خاصة فيما يتعلق بسياستها الخارجية؟ يمكن الاجابة على هذا السؤال من خلال النقاط التالية:
أ-ان المرشد الجديد للثورة الاسلامية الايرانية سبق وان اعلن مرارا ان الخط العام لسياسة جمهورية ايران الاسلامية هو نفسه الخط الذي رسمه لها الخميني.
ب-انه طبقا لمبادئ نظرية ولاية الفقيه يعتبر اتخاذ القرار بشان أي موضوع هو من صميم مهام الولي الفقيه الحاكم وكما هو وارد في الفلسفة العامة لولاية الفقيه. وسيقوم الاخير على مدى الزمان بتحديد مصلحة المسلمين
ج-ان الامام الخميني بما له من مكانة قد ورد ذكره في دستور ايران بوصفه اسما له خصوصية ، وتم ايلاء اهمية له من قبل المشرعين والمخططين.
حدود القيادة ومسؤولياتها في السياسة الخارجية طبقاً للدستور :
حدد المبدا العاشر بعد المائة من الدستور الصلاحيات والمهام الخاصة بالقائد بوصفه أعلى منصب سيادي في البلاد ومع ان هذه الصلاحيات جاءت متعددة الا أن ثلاثاً منها اختصت بالسياسة الخارجية لايران وهي :
1.تحديد السياسات العامة لنظام جمهورية ايران الاسلامية بعد التشاور مع مجمع تشخيص مصلحة النظام.
2.الاشراف على حسن سير السياسات العامة للنظام.
3.اصدار القرار باجراء استفتاء عام.
ويستطيع القائد أن يؤثر على مجريات السياسة الخارجية بما له من سلطات ومع مراعاته لامكانيات وصلاحيات مجمع تشخيص مصلحة النظام وآرائه ،ويعد رأي هذا المجمع بالنسبة للقائد “استشاريا” وخاصة أن جميع أعضائه سواء الدائم منهم أو المؤقت معينون من القائد شخصياً.
2.مجلس الخبراء :يعد مجلس الخبراء من المؤسسات الاخرى التي تستطيع ان تؤثر بصورة غير مباشرة على قرار القائد بشأن السياسة الخارجية ومع أن لمجلس الخبراء وظيفة خطيرة تتمثل في تعيين القائد الا انه لا يباشر عملا تشريعيا أو تخطيطياً أو ابتكارياً آخر ؛سوى انه يؤثر على التخطيط الخارجي بطريقة غير مباشرة سواء على توجهاتها أو قراراها من خلال تعيينه للقائد.
وكثيرا ما اتخذت القيادة قرارات بشان السياسة الخارجية الايرانية في حدود سلطاتها وامكانياتها وفي اطار الصلاحيات والحدود القانونية مثلما اتخذ “الخميني” في حياته قرارات أو أمر باتخاذها،كقبوله القرار 598 واصداره حكماً بردة “سلمان رشدي” وقتله وقطع العلاقات مع الولايات المتحدة واحتلال السفارة الامريكية في طهران وما نجم عنه من عواقب وكذلك قطعه لعلاقات بلاده مع مصر.
ونظراً لأن قطع العلاقات مع هذه الدول كان بأمر الخميني ومن ثم فإن تعديل رأي الولي الفقيه يحتاج الى رأي جديد من جانب القائد الجديد.
المبحث الثاني : دور مجلس الشورى الإسلامي و السلطة التنفيذية
مجلس الشورى الإسلامي :
مجلس الشورى الاسلامي أو”مجلس النواب” :يشرف عليه القائد بحكم منصبه الا ان مكانة الأمة ونوابها في المجلس مكانة رفيعة وأن سلطة الحكومة نفسها انما هي محصلة لارادة الأمة.
وللوقوف على دور مجلس الشورى الاسلامي في السياسة الخارجية يتعين علينا أن نتناوله في موضوعين :
1.تأثير المجلس على السياسة الخارجية من خلال التقنين والقرارات البرلمانية :فلقد منح مجلس الشورى الاسلامي صلاحية دراسة ومناقشة كافة شؤون البلاد وفحصها وذلك بموجب المبدأ السادس والسبعين من الدستور ولعل مناقشته وتحريه بشأن السياسة الخارجية يعد المصداق الأوضح على هذا وقد نص المبدأ على ” لمجلس الشورى الحق في أن يتولى التدقيق والبحث في كافة أمور البلاد”.
وهناك المبدأ الثمانون الذي يقول “لايجوز أن تتم العمليات التي تقوم بها الحكومة من اقراض أو اقتراض سواء الداخلية أو الخارجية الا بعد تصديق مجلس الشورى الاسلامي عليها”.
2.الاجراءات التنفيذية والمباشرة بشأن السياسة الخارجية الايرانية في صورة قرار حسم وقرار موقف
اتخذ مجلس الشورى الاسلامي طيلة دوراته التشريعية مجموعة قرارات تنفيذية مباشرة في مواقف خاصة بشأن قضايا تختص بها السياسة الخارجية ومن ابرز هذه القرارات ما اتخذه بشأن مسألة “سلمان رشدي” وقطعه للعلاقات مع بريطانيا بسببها.
وكان مجلس الشورى الاسلامي في مثل هذه الامور يقوم باحاطة وزارة الخارجية بالقرار للتنفيذ واتخاذ اللازم .
ولقد اصبحت هذه البيانات والتصريحات الرسمية الصادرة عن مجلس الشورى الاسلامي هو احد المصادر الرسمية لاتخاذ القرار بشأن سياسة ايران الخارجية .
وتجدر الاشارة هنا الى ان لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس تقوم بدراسة السياسة العالمية وعلاقات جمهورية ايران الاسلامية مع الدول والشعوب الاخرى وتباشر الاشراف عليها بصورة مستمرة كما أنها تقوم في الاوقات اللازمة بطرح الاسئلة وطلبات الاحاطة حول أي تحرك حكومي وخصوصا وزارة الخارجية منها وتتلقى توضيحاتها عليها.
وجدير بالذكر هنا أن مجلس صيانة الدستور هو احد المؤسسات التشريعية في ايران يمكن أن يكون له دور مؤثر في السياسة الخارجية الايرانية ويتكون هذا المجلس من فقهاء القانون وعلماء الدين ويقوم بدوره في مطابقة قرارات مجلس الشورى الاسلامي مع الدستور والشريعة الاسلامية واستناداً على هذه القناة أصبح قادراً على الاشراف على السياسة الخارجية والتأثير عليها.
الحكومة أو السلطة التنفيذية
وتتكون من : رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء ، مجلس الامن القومي ، وزارة الخارجية
رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء:
وقد أعطاهما الدستور بعض الصلاحيات المباشرة في السياسة الخارجية الايرانية ونص عليها البند الخامس والسادس عشر من المبدأ الثالث وينص على :
“حكومة جمهورية ايران الاسلامية مكلفة بطرد الاستعمار ومكافحة النفوذ الاجنبي وتنظيم السياسة الخارجية للبلاد طبقاً للمعايير الاسلامية.
مجلس الامن القومي :تم تأسيسه برئاسة رئيس الجمهورية بهدف تأمين المصالح الوطنية وحراسة الثورة الاسلامية ووحدة أراضي البلاد والسيادة الوطنية ويقوم بالمهام التالية :
*تعيين السياسات الدفاعية الأمنية للبلاد في اطار السياسات العامة التي يحددها القائد.
*التنسق بين الانشطة السياسية والمخابراتية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية ذات العلاقة بالخطط الدفاعية والامنية العامة.
*الاستفادة من الامكانيات المادية والمعنوية للبلاد لمجابهتها التهديدات الداخلية والخارجية.
هذا ويتكون اعضاء المجلس من
1.رؤساء السلطات الثلاث .
2.رئيس هيئة اركان القيادة العامة للقوات المسلحة.
3.مسؤول شؤون التخطيط والميزانية .
4.مندوبين يعينهما القائد نيابة عنه.
5.وزراء الخارجية والداخلية والمخابرات.
6.الوزير المختص طبقاً لمقتضيات الأمور وأعلى مسؤول في الجيش والحرس الثوري ويقوم المن بتعيين المجالس الفرعية الأخرى .
ويخصص هذا المجلس جانباً من مهامه للسياسة الخارجية بينما الجانب الاعظم مكرس للتعامل مع المسائل الدخلية والأمن الداخلي.
وزارة الخارجية :
يطلق على وزارة الخارجية في الانظمة الحكومية الكلاسيكةفي العام “جهاز الدبلوماسية” والواقع أن الفارق بين عمل وزارة الخارجية وبين كافة مصادر اتخاذ القرار بشأنها هو نفسه الفارق بين الدبلوماسي والسياسي ،فالاول منفذ والآخر مخطط.
فبعد تخطيط وترسيم الاطر العامة بواسطة المصادر الاربعة السابق ذكرها :القائد ،مجلس الشورى،الحكومة أو السلطة التنفيذية يحول الموضوع الى وزارة الخارجية للتنفيذ ولكن ليس بالمقدور أيضاً اعتبار وزارة الخارجية فقد مجرد منفذ لأن هناك بعض الوجوه التخطيطية ضمن فعالياتها والتي بموجبها تتخذ قراراتها بشأن الخارجية الى جانب قيامها بالتنفيذ .
الخاتمة :
وختاما يمكن القول أن السياسة الخارجية هي إحدى أهم فعاليات الدولة التي تعمل من خلالها لتنفيذ أهدافها في المجتمع الدولي وتعتبر الدولة هي الوحدة الأساسية في المجتمع، وهي المؤهلة لممارسة السياسة الخارجية بما تملكه من مبدأ السيادة والإمكانيات المادية والعسكرية .
و السلاو عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
الهوامش
ط§ظ„طظˆط§ط± ط§ظ„ظ…طھظ…ط¯ظ† (1) * (2)
(3) * (4) د. فاروق عمر العمر ، صناعةالقرار و الرأي العام ،دار النشر و التوزيع ، القاهرة
صنع السياسة الخارجية (5) الحوار المتمدن – العدد: 1291 – 2005 / 8 / 19 أشواق عباسhttp://up.arabsgate.com/u/2054/3730/52630.gif (7) *(8)
(9) * (10) مرسيل مرل ، السياسة الخارجية ، ترجمة خضر خضر ، دار النشر جرس برس ، سلسلة آفاق دولية ط2 ص71- 99 .صنع القرار في السياسة الخارجية لجمهورية ايران الاسلامية بقلم:خالـد وليـد محمـود-الاردن | دنيا الرأي (11)
(12) المرجع السابق .
المراجــع :
ط§ظ„طظˆط§ط± ط§ظ„ظ…طھظ…ط¯ظ† ــ
ــ د. فاروق عمر العمر، صناعةالقرار و الرأي العام ،دار النشروالتوزيع ، القاهرة
صنع السياسة الخارجية ــ الحوار المتمدن – العدد: 1291- 2005 / 8 / 19 أشواق عباسhttp://up.arabsgate.com/u/2054/3730/52630.gif ــ
ــ مرسيل مرل ، السياسة الخارجية ، ترجمة خضر خضر ، دار النشر جرس برس ، سلسلة آفاق دولية ط2 ص71- 99 . دنيا الوطن