صراع الطاقة وإعادة تشكيل التحالفات العالمية

 

د. محمد أبوسريع على – خبير السياسات العامة وقضايا التنمية

هناك سباق وتنافس غير مسبوق من جانب العديد من الدول للسيطرة على مصادر الطاقة الرئيسة، التي يتوقع أن تصبح أحد أهم أسباب اندلاع الصراعات الإقليمية والدولية خلال السنوات القادمة، لاسيما أن المخزون العالمي للطاقة لا ينمو بمعدلات تواكب الطلب المتزايد، خاصة من جانب الولايات المتحدة والدول الآسيوية الصاعدة فجوهر معادلة الطاقة الحالية هو تزايد الطلب العالي، في حين أن الإمدادات لا تنمو بما يكفي لتلبية المطالب العالية، وهو الأمر الذي يتوقع معه أن يصبح الصراع العالمي للسيطرة على إمدادات الطاقة أكثر حدة وشراسة. فالطاقة ضرورية لمعظم الأنشطة الصناعية والتنموية الحديثة، وعندما تتناقص إمدادات الطاقة، فإن الاقتصادات تتباطأ، وتزداد معها معاناة البشر.

ففي الماضي، أدي الصراع بين القوى الاستعمارية على المواد الخام إلى اندلاع العديد من الحروب. وسواء كانت هذه النتيجة ستتحقق حتما في حالة النفط والغاز الطبيعي – بعدهما مصادر رئيسية للطاقة – أم لا، فإن المؤكد هو أن الضغوط من أجل زيادة الحد الأقصى من الاحتياطيات أصبحت تلعب دورا كبيرا في يا تشكيل قرارات السياسة الخارجية للعديد من الدول، وتؤدي إلى مودی کی تصاعد الكثير من التوترات والنزاعات الدولية.

وتعد الطاقة في القرن الحادي والعشرين سر التطور والتفوق ومفتاح السيطرة على العالم، ومن هنا جاءت أهمية الصراع على موارد الطاقة بين الدول. فهذا الصراع ليس جديدا، وإنما مرهون بظهور الدول، بل حتى قبل ظهور الدول إيان صراع القبائل فيما بینها. وبعد ظهور الدول القومية زادت حدة الصراع بينهاء ولاسيما بين الدول الأوروبية على مصادر الفحم، وإيجاد أسواق جديدة في العالم من أجل تصريف منتجاتها، واستمر هذا الحال حتى أحداث 11 سبتمبر ۱، ۲۰، حيث زادت حدة الصراع بين الدول الكبرى للسيطرة على مصادر الطاقة، خصوصا بعد قیام الولايات المتحدة باحتلال أفغانستان والعراق، إذ عمدت إلى فرض هيمنتها على العالم، من خلال السيطرة على منابع النقط في العالم، خاصة في منطقة آسيا الوسطى والشرق الأوسط. فالاستراتيجية الأمريكية تجعل أمن الطاقة من ضرورات تحقيق الأمن القومي الأمريكية، ولاسيما توظيف الهيمنة الأمريكية على مصادر الطاقة في العالم، من أجل منع القوى الأخرى من منافستها على هذه الموارد، كما تسعى إلى السيطرة على الممرات المائية في العالم، من أجل تأمين إمدادات الطاقة في العالم.

في ضوء ما سبق، تأتي هذه الدراسة لتحاول الإجابة على عدة تساؤلات يأتي في مقدمتها: كيف تشكلت خريطة صراعات الطاقة في العالم، وما هي أهم العوامل والتغيرات المؤثرة في تشكيل هذه الخريطة؟ وما هي الأبعاد المختلفة للخريطة العالمية الصراعات الطاقة وما هو أثر صراعات الطاقة على إعادة تشكيل بعض التحالفات الإقليمية والدولية في الآونة الأخيرة؟

وللإجابة عن هذه التساؤلات السابقة، استعان الباحث بالمنهج الوصفي التحليلي، من خلال مراجعة وتحليل المادة العلمية المتعلقة بالموضوع محل الدراسة من مصادر عديدة لعل أهمها: الكتب والمراجع باللغتين العربية والأجنبية، والرسائل العلمية المنشورة وغير المنشورة، والدوريات العلمية المتخصصة بالإضافة إلى الاستعانة بالمنهج التاريخي في رصد أهم صراعات الطاقة التي شهدتها عدة أقاليم مختلفة من العالم في حقب تاريخية مختلفة، بدءا من الحرب العالمية الأولى في الفترة من 1914 إلى ۱۹۱۸، وحتى وقتنا الحالي بهدف الربط بين ماضی وحاضر ومستقبل هذه الصراعات. وفي ضوء ذلك تم تقسيم هذه الدراسة إلى الأقسام الثلاثة التالية

المحور الأول: العوامل والمتغيرات المؤثرة في تشكيل الخريطة العالمية لصراعات الطاقة و المحور الثاني: الصراعات على الطاقة في أقاليم العالم المختلفة

المحور الثالث: نتائج قرابة خريطة صراعات الطاقة في أقاليم العالم المختلفة

المحور الأول- العوامل والمتغيرات المؤثرة في تشكيل س الخريطة العالمية لصراعات الطاقة –

يتم تقسيم خريطة التنافس والصراعات الإقليمية والدولية على موارد الطاقة في أقاليم العالم المختلفة، في ضوء ما تمتلكه هذه الأقاليم من هذه الموارد، فضلا عن الدور الذي يلعبه الموقع.

تحميل الدراسة

Please subscribe to our page on Google News

SAKHRI Mohamed
SAKHRI Mohamed

أحمل شهادة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، بالإضافة إلى شهادة الماستر في دراسات الأمنية الدولية من جامعة الجزائر و خلال دراستي، اكتسبت فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الرئيسية، ونظريات العلاقات الدولية، ودراسات الأمن والاستراتيجية، بالإضافة إلى الأدوات وأساليب البحث المستخدمة في هذا التخصص.

المقالات: 15361

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *