زيارات عربية لدمشق

تتابعت الزيارات العربية الرسمية المعلنة – ناهيك عن السرية- الى دمشق من دول عربية وقفت الى جانب المعارضة السورية وساندتها عسكريا وماليا واعلاميا بشكل مباشر او غير مباشر ، وراهنت على التغيير في سوريا وبمساندة من قوى دولية وإقليمية ، فما هي الاسباب:

أولا: يبدو ان اليأس من تغيير الوضع قي سوريا بلغ حدا لم تعد فيه المكابرة والانتظار لهما اي مبرر، وان حمى التوقعات بسقوط النظام في بداية الازمة السورية كشفت عن عقم الخبرة العربية في استكشاف المستقبل، لذا اصبح ابتلاع المكابرة امرا لا مفر منه.(وبالمناسبة كنت في دراسة طويلة ومنشورة في بدايات الازمة من اوائل من حذر من تداعيات هذا الوهم المصنوع بسقوط النظام ).
ثانيا: يبدو ان هناك اعتقاد لدى الدبلوماسيين العرب ألزائرين لدمشق ان هذه الزيارات والانفتاح على دمشق تكفي لمواراة التطبيع وزيارات تل ابيب والتوقيع على اتفاقات ابرهام والتأسيس لذهنية التوازن في السلوك الدبلوماسي ، بل قد يراهن بعضهم ان الزيارات يمكن مع الزمن ان تؤسس لوكالات دبلوماسية للتقريب لاحقا بين دمشق واسرائيل.
ثالثا: تنامي الشعور في الدوائر السياسية العربية ان تراجع مكانة المنطقة في الاستراتيجية الامريكية- كما يتضح من وثيقة الاستراتيجية الامريكية التي وضعها بايدن- سيترتب عليه “يُتْم” عربي بتقلص الاهتمام بامن حلفاء امريكا التقليديين ، وهو امر حتى الخبراء الاسرائيليين بدأوا يتحسسون تداعياته بخاصة بعد الانسحاب من افغانستان والتخطيط لتقليص الوجود العسكري الامريكي في سوريا والعراق، ومن هنا تبنت الدبلوماسية العربية الزائرة لدمشق فكرة اعادة النظر في المشهد الشرق أوسطي بخاصة ان بنية التحالفات في المنطقة مقبلة على تحولات جذرية.
رابعا: في ظل المناكفات الخليجية البينية بين المحور السعودي وقطر ، قد يبدو الاقتراب من دمشق- ومعها طهران- هو جزء من ثقافة المناكفة الغرائزية، ولعل متابعي فضائيات المتناكفين الخليجيين يمكنه تلمس بعضا من هذا…ربما.

Please subscribe to our page on Google News

SAKHRI Mohamed
SAKHRI Mohamed

أحمل شهادة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، بالإضافة إلى شهادة الماستر في دراسات الأمنية الدولية من جامعة الجزائر و خلال دراستي، اكتسبت فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الرئيسية، ونظريات العلاقات الدولية، ودراسات الأمن والاستراتيجية، بالإضافة إلى الأدوات وأساليب البحث المستخدمة في هذا التخصص.

المقالات: 15380

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *