تسعى العديد من الدول لبسط نفوذها وقوتها عبر الحروب والصراعات. لكنها لا تدرك أن هذه الحروب قد تحد من كل ذلك.
فالحرب هي امتداد للسياسة، لذلك فان الدول القوية تنجح أحيانا في الفوز بالمعارك ، لكنها قد تنتهي بهزيمتها سياسيا.
فقد تمكنت الولايات المتحدة الأمريكية من الفوز في كل المعارك الكبيرة، في فيتنام وأفغانستان، لكنها -في النهاية- خسرت في الحربين.
فلذلك فان عملية “طوفان الاقصى” أثبتت أن اسرائيل ليست بمنأى عن الهزيمة.
وبعد تدفق مقاتلي المقاومة إلى “غلاف غزة”. ما زالت القوات الإسرائيلية منخرطة في قتال عنيف وتواجه صعوبات كبيرة.
وهي تكافح من أجل إغلاق الحدود، ومنع محاولات اقتحام جديدة للمقاومة.
وبعد حصول نتنياهو على ضوء أخضر من الرئيس الأمريكي للتحرك بحرية مطلقة في الحرب. اعلنت اسرائيل هدفا لنفسها القاضي بتصفية حماس ومعها بقية المقاومة.
ولكن الأسرى الإسرائيليين عند المقاومة بقوا عقبة كبيرة أمامها، كون العديد منهم من جنسيات أخرى. وما أعلن، حتى الآن، بشأن التكتيك الإسرائيلي القادم في حربها على غزة، هو شنّ مقاتلاتها حملة قصف مكثف على قطاع غزة. ثم يعقبها مباشرة اجتياح كامل للقطاع وإعادة احتلاله من جديد، بهدف القضاء كلياً على أي مظاهر مسلحة.
فاستراتيجية اسرائيل العسكرية المقبلة قد تحولت من احتواء وتقليص قدرة المقاومة الى القضاء عليها.
لكن هذا التحول -ان نجح- لن يكون سهلا على الاطلاق وسيحتاج الى أشهر، وربما اكثر .
وعلى الجانب الأخر، فان تكتم المقاومة عن جنسيات جميع الرهائن، يعد ضمن استراتيجية خلق الارباك وعدم اتاحة حرية التصرف الكاملة أمام القوات الغازية.
ان السيناريو الأسوأ للقوات الأسرائيلية يتمثل بدخولها في مواجهة طويلة مع حزب الله، تستنزف من خلالها مقدراتها العسكرية، وتصبح غير قادرة على التصدي لأي هجوم محتمل من هذه الجبهة ، بالتزامن مع جبهة مفتوحة مع غزة.
وكذلك الأمر فان الهجوم البري على غزة -ان طال- فانه يمكن أن يتصاعد إلى صراع على جبهات متعددة في وجه إسرائيل.
وبينما تخطط إسرائيل للقيام بعملية برية في غزة تهدف للقضاء على المقاومة وعلى رأسها حماس، فإن التاريخ الحديث في أماكن أخرى يشير إلى أن هذا الهدف من الممكن تحقيقه ـ
ولكن بتكلفة هائلة بالنسبة للقوات الإسرائيلية، وأكثر من ذلك بكثير بالنسبة للمدنيين الفلسطينيين .
ولا شك أن حرب المدن، وخاصة في التضاريس الكثيفة ذات المباني الشاهقة المتعددة، كمدينة غزة، تقف في صالح المقاومين. كما أن القتال من مسافة قريبة، عادة ما يقلل من المزايا التي يتمتع بها الجانب الأكثر تفوقاً عسكرياً وتكنولوجياً، وهو الأمر الذي من شأنه أن يكسب المقاومة الفلسطينية مزيداً من الخيارات، وإلحاق خسائر فادحة بالقوات الإسرائيلية المهاجمة، وهذا هو الرعب الذي يخشاه نتنياهو.
أمّا سبب تأخير الاجتياح البري لحدّ الآن، فيرجع لامتلاك المقاومة شبكة أنفاق متطورة، وصفت بأنّها مدينة موازية تحت الأرض، بالإضافة إلى عدم توفر معلومات كاملة عنها لإسرائيل. وكذلك هناك مخاوف من فتح جبهات أخرى مع حلفاء إيران، إذا اشتعلت الجبهة الشمالية مع لبنان.
وأيضاً الخشية من أنه إن طالت الحرب البرية، فإنه لا يُستبعَد دخول دول أخرى الحرب كتركيا ومصر والأردن، تحت الضغط الملح من شعوبها، ولا يمكن إغفال قلق الحلفاء، سواء من الغرب أو العرب، من أن يؤدي إطالة أمد الحرب إلى اشتعال لهيب الربيع العربي من جديد.
كذلك قد يؤدي استمرار الحرب إلى انهيار مشروع التطبيع العربي، وذلك بعد أن حوصر هذا المشروع في الوقت الحاضر ، مما دفع البعض إلى تجميد أي خطوات جديدة في مسار التطبيع.
وتخشى دوائر متعددة من تكرار تجربة الولايات المتحدة الأمريكية في العراق والصومال وأفغانستان، وما جلبته من استنزاف غير مسبوق لخزائن واشنطن ولأرواح جنودها.
ويشكل انعدام البديل لحركة حماس مسألة هامة في الحرب الاسرائيلية لاعادة احتلال غزة.
كذلك ان تجديد التأجيل للمعركة البرية ، يرجع لعوامل عدة منها الاعتبارات العملياتية العسكرية والإقليمية والدولية، ومنها الحشد وجاهزية الجيش واستدعاء قوات الاحتياط -الذي يستغرق وقتا- وكذلك الثمن والخسائر البشرية المتوقعة بصفوف الجيش الإسرائيلي.
وأخيراً، مع أن تل أبيب قد حسمت، فيما يظهر من تصريحات ومؤشرات، قرار الحرب البرية، فإنه لا أحد يعرف، حتى الآن، أي الخيارات ستتجه إليها.
هل تريد إسرائيل اجتياحاً كاملاً، أم توغلاً محدوداً؟ فالأيام القادمة وحدها والتطورات المستجدة كفيلة بالإجابة عن هذا السؤال.
مروان سمور باحث سياسي أردني
اللهم أنصر غزة وأهلها وبلدها وشمسها وقمرها ونورها وبركتهاوفتحها ونصرها وأنصرها عن اليهود الغاصبين اللهم أحشرهم في جهنم وزلازلهم وأبتليهم باالقمل والناموس والضفادع وطير أبابيل وجراد ودود والحشرات الطائرة والأبراص يارب العالمين واللهم أجعل رئيسهم نتينياهو مشلول يارب العالمين 🤲🏻