تناولت هذه الدراسة بالبحث دور الجامعة العربية في استقلال المغرب العربي (1945-1962م)، و لتغطية الموضوع تمت دراسته من مختلف جوانبه، كما توضح على ذلك فصول الدراسة و محاورها. و كان الباعث الرئيس لاختيار الموضوع هو محاولة فهم و استقصاء و تحليل دور الجامعة العربية في استقلال المغرب العربي، و تقييم أثر هذا الدور و مظاهره و نتائجه. و من أجل أن تكون الدراسة دقيقة بقدر الإمكان، اتبعنا منهجية تاريخية، تمثلت بالاطلاع على مصادر البحث الأساسية سواء كانت وثائق الجامعة العربية غير المنشورة أو المنشورة، و كذلك وثائق الحركات الوطنية المغاربية، إضافة إلى كتب المذكرات المتعلقة بالموضوع، و أيضا المراجع الحديثة و الأبحاث المنشورة في الدوريات، و كذلك بعض المراجع الأجنبية، و بعض الصحف العربية مع الاستعانة بكتب التراجم و الأعلام، و بعض الكتب الموسوعية، فضلا عن بعض الرسائل الجامعية.
لقد استهلت الدراسة بمقدمة تضمنت مبررات اختيار الموضوع و نطاقه و منهجيته، و عرض أهم مصادره و مختصرا لفصوله. ثم أعقبها التمهيد الذي تناول الحركات الوطنية المغاربية بين الحربين العالميتين 1918-1939م، للتعريف بها من أجل جعل الدراسة أكثر ترابطا. و تلا التمهيد خمسة فصول، تناول الفصل الأول قيام الجامعة العربية و بداية اتصالها بالحركات الوطنية المغاربية و تشكل من مبحثين، تناول المبحث الأول المشاريع الوحدوية في المشرق العربي منذ عام 1920م حتى تأسيس الجامعة و صدور ميثاقها و تشكيل هيئاتها، أما في المبحث الثاني فتم تناول الاتصال بين الجامعة العربية و الحركات الوطنية المغاربية حتى تأسيس مكتب المغرب العربي و هيئة تحرير ليبيا، و سبق ذلك الإشارة إلى مسألة اشتراك الأقطار العربية غير المستقلة في الجامعة العربية، و ختم المبحث بعرض و تحليل رؤية الجامعة العربية لقضايا المغرب العربي.
و في الفصل الثاني تم تناول دور الجامعة العربية في استقلال ليبيا (1945-1952م)، و تضمن ثلاثة مباحث، المبحث الأول تطور الحركة الوطنية الليبية أثناء الحرب العالمية الثانية و بعدها، و المبحث الثاني تتبع دور الجامعة العربية داخل ليبيا و خارجها حتى إحالة القضية الليبية إلى هيئة الأمم المتحدة، أما المبحث الثالث فتناول دور الجامعة العربية في مواجهة مناورات الدول الكبرى حتى استقلال ليبيا. و تناول الفصل الثالث دور الجامعة العربية في استقلال مراكش (1945-1956م)، و اشتمل على مبحثين : تطرق المبحث الأول إلى تطور الحركة الوطنية المراكشية بالإشارة إلى مؤتمر الاستقلال في 11 كانون الثاني / يناير 1944م، و متابعة الجامعة العربية للقضية المراكشية سواء عبر المحادثات مع فرنسا و إسبانيا أو تدويل القضية المراكشية في هيئة الأمم المتحدة، وركز المبحث الثاني على تطور دور الجامعة العربية في القضية المراكشية، و محاولة توحيد أطرها، و دور الجامعة بعد خلع فرنسا للسلطان محمد الخامس، مع الإشارة إلى دور الجامعة في إشراك الحركات الوطنية المغاربية في مؤتمر باندونغ، وصولا إلى استقلال مراكش. و خصص الفصل الرابع لدور الجامعة العربية في استقلال تونس (1945-1956م)، و تكون من مبحثين، المبحث الأول : بدأ بالإشارة إلى المؤتمر الوطني التونسي المنعقد في 23 آب / أغسطس 1946م، و بداية متابعة الجامعة العربية للقضية التونسية، مع مناقشة انطباعات القيادات التونسية عن دور الجامعة العربية.
و تناول المبحث الثاني بداية الكفاح التونسي المسلح، و متابعة الجامعة العربية للقضية التونسية في هيئة الأمم المتحدة، و المفاوضات التونسية الفرنسية التي أدت إلى استقلال تونس و موقف الجامعة العربية منها، مع تناول المشكلة التي أثارتها تونس عند انضمامها للجامعة العربية عام 1958م. أما الفصل الخامس فكرس لدور الجامعة العربيـة في استقـلال الجزائـر (1945-1962م)، و اشتمل هو الآخر على مبحثين : المبحث الأول تطور الحركة الوطنية الجزائرية أثناء الحرب العالمية الثانية وصولا إلى حوادث 8 آيار / مايو 1945م، بسطيف بإقليم قسنطينة و دور الجامعة العربية، ثم تتبع تطور دور الجامعة العربية في القضية الجزائرية، و أهمية هذا الدور في تدويل القضية، و ذلك حتى قبيل إعلان الحكومة الجزائرية المؤقتة في 19 أيلول / سبتمبر 1958م، و في المبحث الثاني تم تناول إعلان الحكومة الجزائرية المؤقتة و دور الجامعة العربية خلال هذه الفترة، ورد فعل فرنسا، و دور الجامعة العربية في دعم الثورة الجزائرية ماليا و دبلوماسيا حتى استقلال الجزائر.
و أخيرا جاءت الخاتمة لتستعرض أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة، و منها دور الجامعة العربية في تدويل قضايا المغرب العربي، مع الإشارة إلى إيجابيات أو قصور هذا الدور. و اشتملت الرسالة على سبعة ملاحق و ثائقية و جدول بالأقطار التي اعترفت بحكومة الجزائر المؤقتة و بعض الخرائط الخاصة بموضوع الرسالة، و لا بد من الإشارة إلى أن أعمال الجامعة العربية بشكل عام و في قضايا الاستقلال السياسي للأقطار العربية بشكل خاص لا زالت بحاجة لدراسة بشرط تسهيل مهمة الباحثين، خاصة في مكتبة الجامعة العربية ليتسنى لهم الاطلاع على وثائق الجامعة دون عناء.