المستخلص: يعد عالم ما بعد الحرب الباردة عالم قائم على التنافس والتوازن بين الحضارات حيث تسعى كل دولة فيه لإثبات هويتها الحضارية التي توفر لها مكانة مميزة عن باقي الدول الأخرى، مما يدفع هذه الدول الى تبني رؤى فكرية تمثل الرؤية الكونية الخاصة بحضارتها، لذلك وبقدر تعلق الأمر بروسيا الاتحادية التي هي محل دراستنا ، فقد برز تيار الأوراسية كتيار فكري يسعى الى ایجاد نور حضاري لروسيا الاتحادية كونها حضارة أوراسية تنتمي للشرق والغرب معا ولا تختزل بأحدهما.
وفد أثر بروز الحركة الأوراسية الجديدة كتيار قومي يحمل ايديولوجية حضارية جيوسياسية لروسيا في تحقيق تغيير بالتفكير الاستراتيجي الروسي لما بعد الحرب الباردة ، فقد تطور الفكر الاستراتيجي الروسي من السعي الى تمج روسيا في الحضارة الغربية الى العمل على بناء المكانة الحضارية المناسبة لروسيا ما بعد الاتحاد السوفيتي ، فقد ترسخت الأفكار الأوراسية في الاستراتيجية الروسية وفي السلوك الاستراتيجي الروسي على مستوى السياسي الدولي، لاسيما مع وصول الرئيس فلاديمير بوتين عام ۲۰۰۰ وذلك لتحقيق هدفين وضعهما الأوراسيين الأول هو اقامة مشروع الامبراطورية الأوراسية والثاني هو اقامة مشروع نظام عالمي متعدد القطبية والغاء نظام الأحادية القطبية الأمريكية،…