The role of epidemics and water pandemics in human migrations in Morocco during the modern era
ط.د. سعيد إدحمان/جامعة القاضي عياض، المملكة المغربية
Said Idhmane/PhD Researcher at the Faculty of Letters and Human Sciences, Cadi Ayyad University, Morocco
مقال نشر مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 68 الصفحة 101.
ملخص :
لقد بات من المعروف أن المغرب كغيره من بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط قد عرف زمرة من الأوبئة والجوائح المائية خلال العصر الحديث، والتي تركت آثارا متعددة على المشهد السياسي والبنيات الاقتصادية والاجتماعية، فلطالما كان للظروف الطبيعية أثر حاسم في مجريات الأحداث في أي مجتمع ضعيف التحكم في القوى الطبيعية.
من هذا المنطلق سوف نتطرق في ورقتنا البحثية إلى ظاهرة سوسيولوجية مهمة كانت تخرج من رحم هذه الكوارث الطبيعية، ألا وهي مسألة الهجرات البشرية التي كانت يشهدها المغرب، والتي تُعبر عن وقع هذه الإزم وأبعادها الخطيرة التي تتجسد في لجوء الآناسي إلى الفرار من بلاد القحط والوباء طلبا للنجاة من موت محقق، خاصة في فترة تاريخية تراجع فيها ظل السلطة الحاكمة على أراضيها، وضعفت أركانها واختلت أيما اختلال؛ وذلك لعدة عوامل سياسية، وسوسيو اقتصادية، وبنيوية، وطبيعية، وبالتالي ضيق هامش تحرك الدولة وهشاشة تدابيرها لمواجهة تداعيات هذه الجوائح والأوبئة التي كانت تنيخ بكلكلها في مختلف أرجاء البلاد.
الكلمات المفتاحية :الأوبئة – الجوائح المائية – الهجرات البشرية – العصر الحديث
Abstract :
It has become known that Moroccohas known a group of epidemics and water pandemics during the modern era, which have left diverse effects on the political, economic and social conditions. From this standpoint, we will analysis in our research paper a sociological phenomenon that was emerging from the womb of these natural disasters, mainly the issue of human migrations that were witnessing in Morocco, which expresses the impact of these crises and their dangerous dimensions that are embodied in the resort of population to flee from the countries of the drought and the epidemic in demand In order to escape certain death, especially in a historical period in which, the governed authority faded due to several political, socio-economic factors, and thus narrowed the margin of state movement and the fragility of its procedures to face the effects of these disasters that blow all parts of the country.
Key words :Epidemics–human migrations – water pandemics – The modern era.
مقدمة :
يعتبر موضوع الهجرة في تاريخ المغرب من أهم المواضيع التي تدخل ضمن ما يعرف بـ“الديمغرافية التاريخية “، فعلى الرغم من أنه يثير الفضول العلمي للعديد من الدارسين والمهتمين بهذا الحقل المعرفي، إلا أن ما كتب عنه من دراسات ليست كافية لتشفي غليل الباحث، وهذا يرتبط ارتباطا وثيقا بعوز المادة المصدرية، فقد بات من المعلوم أن كتابة التاريخ الديمغرافي لم تحقق طفرة تُذكر، تحاكي التراكم الذي حققته الدراسات الديمغرافية في أوربا اعتمادا على المناهج الكمية في دراسة دينامية السكان في بُعدها التاريخي لوجود العتاد المعرفي الكفيل بتحقيق ذلك، متمثلا في سجلات الكنائس، ووثائق الحالة المدنية، إلى جانب الإحصائيات المرتبطة بالمناحي السوسيو اقتصادية. فقد استغلت مدرسة ” الحوليات ” أكثر أيما استغلال التناهج الذي حصل بين التاريخ والديمغرافيا، ووظف نتائجه في تفسير الحدث التاريخي كما فعل كل من Meuvret و Goubert و Baehrel.
على أن الصعوبة تزداد عندنا نرنو رصد الهجرة في علاقتها بالجوائح المائية والأوبئة. ولقد حاولنا من خلال هذا العمل سبر أغوار الاسطغرافية التاريخية والأبحاث الأكاديمية بغية تتبع أثر الأوبئة والجوائح المائية في التحركات البشرية بمغرب العصر الحديث .
لقد شكلت حركية السكان في المجال أثناء الأزمات الديمغرافية مشهدا مألوفا خلال هذه الفترة التاريخية، حيث كانت تقف مجموعة من الاعتبارات الموضوعية، وخاصة منها موجات الجفاف الحادة، وراء هجرة الأفراد والجماعات إلى المناطق التي لم تمسها الأزمة، أو التي شهدتها، لكن بصورة أخف وطأة .
وقد بات من المعروف أن جنوب البلاد، سواء في المناطق الجبلية أو المناطق الصحراوية تعتبر خزانات بشرية تنطلق منها هجرات جماعية إلى السهول لتعميرها، وترميم النقص الديمغرافي الذي عرفته. حيث فسر أحد الباحثين هذه المسألة، بالإشارة إلى أن هزالة الموارد التي تعاني منها الجبال والمناطق الصحراوية، لا يمكنها سد الحاجة من الطعام لساكنة تتكاثر أعدادها بوتيرة سريعة جدا، ما يدفعهم لاختيار الهجرة إلى السهول[1].
على أن القول بالتكاثر السكاني السريع في هذه المناطق، التي تعاني من صعوبة الظروف الإيكولوجية ينطوي على مبالغة، فالسهول الخصبة في الأوقات العادية هي التي توفر البيئة المواتية لحدوث تكاثر سكاني بهذه الوتيرة المذكورة.
ولحسن الحظ أن المادة المصدرية تقدم لنا إشارات تاريخية عن علاقة القحوط والأوبئة بالتحركات البشرية من قبيل قحط ووباء عام 1521 م، وما أسفر عنه من انتقال بعض القبائل من جنوب البلاد نحو شمالي تانسيفت كحربيل، واستقرار قبيلة تيكنة في السهل شرقي شيشاوة، في حين أن السباعيين استوطنوا سفح الأطلس الكبير بين شيشاوة وإمنتانوت[2]، وذلك لملأ النقص السكاني الذي شهدته هذه المجالات بفعل المجاعة والوباء[3].
كما كان من نتائج الجفاف والوباء الذي عرفه المغرب ما بين أعوام 1005- 1016 هـ / وسنة 1598 – 1608م، إطلاق العنان لهجرات قوية خاصة من قبل ساكنة مراكش وتارودانت، حيث تفرق سكان هاتين المدينتين نحو البادية والجبال، لأن الطاعون الذي عرفته هذه الفترة ” كان أكثر وقوعه بهم وانقرض جل أعيانهم حتى استولى الخراب من ذلك على الحاضرتين. ثم لم يزل يعود إليهم سنة وهم يفرون منه مدة من اثني عشر عاما “[4]، حيث لجأوا إلى ” الغابات وسكنوا تحت أشجارها “[5].
ولعبت الندرة المائية دورا مهما – على الأقل منذ القرن 15م – في التحرك الواسع للقبائل المعقلية الصحراوية نحو الشمال الغربي في صورة موجات بشرية متوالية، فأصبحت قبيلة بني حسن في القرن 16 م عند خنك الغربان [بين ميسور وكيكو ]، وتحت تأثير نفس الظروف، وصلت زعير هي الأخرى إلى سهل أدخستان [ قرب خنيفرة ]، وقد انتشرت في نهاية القرن 16م فيما بين تــــﮔرﮔرةTigragraومولاي بوعزة[6].
ثم ساهمت نفس الظروف المناخية في مغرب القرن17م إلى تواصل تحركات قبائل بني حسن، حيث تجاوزت منطقة كيكو، وانتشرت قرب منطقة صفرو، ثم تقدمت إلى ملوية العليا، لتتجه بعد ذلك إلى نهري سبو وأم الربيع في نهاية ق 17 م، حيث توجد السهول الخصبة[7].
وما يؤكد الترابط بين العامل المناخي والهجرات البشرية، شهادة مصدرية أوردها صاحب الاستقصا؛ تحيل إلى أن قبيلة الأوداية المعقلية، دخلت إلى سهل سوس تحت تأثير جفاف حل بمناطق تمركزهم بجنوب شرق المغرب، وتفرقت انطلاقا من هذا السهل، حيث اتجهت كل مجموعة منهم إلى قبيلة فاستوطنت بها[8].
وتحت ضغط نفس الصعوبات الطبيعية، حلت مجموعات سكانية أخرى كأيتيفلمانوآيتأومالو إلى ملوية العليا واتخذوها موطنا لهم، وبدورها انتقلت قبائل أيت إدراسن[9] الصنهاجية بعد ذلك من تافيلالت وأعالي زيز وغريس إلى الشمال الشرقي[10]، في حين استوطنت قبائل آيتسغروشن وبني مطير ( قبائل صنهاجية ) وزيان حول ولماس ومولاي بوعزة، ومشارف منطقة خنيفرة[11].
ولا يمكن الحديث عن مسألة الهجرات من الجنوب نحو الشمال، بمعزل عن نقيضها، حيث تتيح لنا الإشارات التي أوردها صاحب ” الإحياء والإنتعاش “ بخصوص المجاعة الكبرى لعام 1071 – 1072 هــ / 1661 – 1662م، الفرصة لتوضيح هذا الجانب، فقد كان من تداعيات هذه الأزمة، أن أُطلقت العنان لموجات بشرية قادمة من شمال البلاد صوب جنوبها؛ لأن سكان الواحات كانوا أقل تضررا من سكان باقي الجهات، فكان الناس يفدون على درعة لاقتناء التمور، أما دادسوتدغة فكانت توفر لهم أنواعا من الربيع والشعير واللفت[12]. وجدير بالذكر أن سلوك الادخار وآلية تدبير الأقوات في المناطق الجنوبية بصفة عامة، كان يساعد على التخفيف من حدة المجاعة.
هذا ولم تتوقف هذه الهجرة نحو الجنوب إلا عندما عادت التساقطات إلى شمال وغرب البلاد، آنذاك عادت القبائل إلى مناطقها، ” فملوية لما أمطرت صارت كلها مرتعا فليس يلحقهم في جلب الربيع كبير كلفة “[13]. بل انطلقت هجرة مضادة من الجنوب إلى الشمال، “إذ رجع من بلاد الصحراء…كل من فر إليها هاربا منها كما هرب إليها فكيف لا وقد سمعوا بخصب بلاد الغرب وأزغار وتادلا وهرب منها أيضا كثير من بواديها”[14].
وهنا لابد من الإشارة إلى أن قبائل كروان وحلفاءها أيت يمور- ذات الأصل الصحراوي- قضت الشتاء 1072 هـ/ 1662 م في منطقة تادلة، لأن هذه الأخيرة تعرضت لفراغ سكاني حاد بفعل هذه المجاعة، ومن المحتمل حسب إحدى الدراسات أن يكون استقرار هاته القبائل بتادلا وشمالي الأطلس، يعود في الأصل إلى دور هذه المناطق الجنوبية التي نجت نسبيا من هذه الكارثة، كخزان بشري لترميم هذا الفراغ الديمغرافي[15].
ولا ننسى بأن الخصائص الطبيعية للمناطق الشبه الجافة والصحراوية، كانت تجعلها محصنة إلى حد كبير من انتشار الأوبئة. فالباحث الإيطالي أتيليوﮔوديوGaudioAttlioيؤكد على أن ساكنة الجبال والصحاري يعيشون في حالة من ” الحرارة المرتفعة، أو البرد الشديد”، الشيء الذي منحهم ” مناعة طبيعية مكنتهم من اتقاء هذه الأوبئة، وأتاحت لهم الصمود أمام تقلبات الجو واكتساب قوة بدنية استثنائية”[16]، مضيفا بأن الخصوصية البدوية للمجالات الصحراوية وعزلتها، تشرح قلة الأمراض والأوبئة، وتجعل من تفشيها في صورة عدوى، مسألة بالغة الصعوبة؛ إلا أن دخول مرحلة الاستقرار بالمدن وفر البيئة المواتية لانتشار هذه الآفات، حيث يقول أن “الصحراويين نادرا ما يصابون بالمرض نتيجة مرحلة البداوة الأولى، أما خلال مرحلة الاستقرار بالمدن فقد أصبح إنسان الصحراء يعرف أمراضا جديدة مرتبطة بالمدينة، حتى أضحى هناك تمييز بين أمراض المدن وأمراض البادية”[17].
وعلى النقيض من ذلك، فإن رطوبة مناخ السهول الأطلنتية وقلة برودتها، كانت تخلق ظروفا نموذجية لانتشار الأوبئة، كما أن هناك عاملا آخر كان يعمل على تفعيل آلية اشتغال الطاعون، ألا وهو غنى هذه السهول بالحبوب، ذلك أن الجرذان تتناسل فيها بشكل واسع فتنشر الوباء وتسبب خسائر واضحة في الأرواح[18]؛ بالتالي فإن ساكنة المناطق الجبلية وشبه الصحراوية كانت تقوم بوظيفة تعمير هذه الجهات، كما حصل في سنوات 21-1523م، 61-1662م، 80-1681 م- 37-1738م[19].
وهنا لابد من لفت النظر إلى أن بعض الفترات التاريخية، شكلت حالات استثنائية، لم تسلم فيها حتى المناطق الجنوبية من الوفيات بفعل القحوط وما نتج عنها، كما هو الشأن بالنسبة للفترة ما بين سنة 1598م وعام 1608م، ذلك أن الطاعون ” عم سهل المغرب وجبله حتى أفنى أكثر الناس”[20]. وبصورة أشد وقعا ما عرفه المجال الواحي والصحراوي سنة 1089 هـ / 1678 م، التي ” أفنى فيها الطاعون من مدغرة وتافيلالت وتوات ما لا يحصى..”[21]، وفي نفس الظروف شهد المغرب عام 1091 هـ /1680م، سنة عجفاء أعقبها وباء كان شديد الوطأة على منطقة درعة[22].
في حقيقة الأمر، لم تكن التحركات السكانية وما تحدثه من اختلال في التعمير، تقتصر على اللجوء إلى المجالات القروية، بل كانت هناك هجرات بشرية من المدن المنكوبة إلى الحواضر التي لم تشهد الأزمة، وهي ملاحظة لم تغب عن تدوين الكتابة الاسطغرافية، خصوصا في الفترات التي طال فيها أمد الكارثة، حيث يخبرنا فاجداVajdaبخصوص مجاعة 21-1724م، عما أصاب ساكنة ملاح فاس من نكبات، حيث هلك عدد كبير منها، بينما فر معظم الناجين صوب مجموعة من المدن، فأصبحت أغلب الدروب فارغة، والحوانيت ومقفلة، وظلت الدور والأسواق مقفرة وكان كل يوم يمر ستة أو ثمانية أشخاص بأبنائهم ونسائهم وصغارهم راجلين، متوجهين إلى مدينة مكناس وإلى أمكنة أخرى[23].
وهو أمر تم تسجيله أثناء تفشي الطاعون الذي تزامن مع الجفاف الحاد الذي ألم بالمغرب سنة 1150هـ/37-1738م، حيث هاجر ساكنة الحاضرة الفاسية إلى طنجة والعرائش والقصر[24]. كما أن بعض الشخصيات العلمية المرموقة التي فرت من هذه المجاعة ” كمحمد بن السيد الحاج الحسن مع شيخه أبي عبد الله البناني، توجهوا صوب ” ثغر تطوان، سنة خمسين ومائة وألف، في جملة الأهل والبنين والأقارب..”[25]. هذه الهجرة الاضطرارية تركت أكبر الأثر على تعمير وديمغرافية مدينة فاس؛ منظر رهيب، يُستشف من قول القادري بأنه ” خلا من السكنى نحو الثلثين من فاس بالجوع والفرار”[26].
والواضح أن مدنا أخرى عرفت بدورها هجرات بينية – صوب مدن مجاورة أو بعيدة – تبرز النزيف الديمغرافي الذي مسها في أزمة الثلاثين سنة ( 1727 – 1757 )؛ فكلما بدأت الحواضر باسترجاع الأنفاس إلا وجاء القحط، وأعقبه الوباء كما يقدم لنا نموذج عام 1155 هـ/ 1742م حيث ترك السكان ” ديارهم وبلادهم وتفرقوا في القصر ووزان والعرائش وتطوان وطنجة بعيالهم، وكثر الهرج والجوع والوباء والموت والرحيل ولا سيما أهل فاس، فكانوا أشد ضيق من الناس”[27].
على أن هذه المدن التي شكلت محطات استقبال في هذه الظرفية الحرجة، ما لبثت أن دخلت في نكبة ديمغرافية، وذلك بفعل العدوى والتي من المرجح أن تكون قد انتقلت عن طريق هؤلاء الأفراد والجماعات القادمين من المدن المتضررة من المجاعة والوباء كمدينة فاس، وهو ما يُفهم من رسالة مؤرخة بفاتح يونيو 1742م، تتحدث عن مصرع عدد من ساكنة القصر ووزان بفعل الطاعون، وفراغ هاتين المدينتين من ساكنتهما، لأن الأفراد الذين نجوا من الموت، توجهوا صوب مدينة العرائش[28]. وقد ” سئل عن نساء المفقودين في المجاعات والمنتجعين في أزمنة الطاعون…ما الحكم إن تزوجت بعد مضي أكثر من عدة الوفاة من غير اعتداد ثم قدم زوجها ما الحكم في ذلك “[29]. كما ” سئل عمن تزوج امرأة وهلك وهي الوصية عليهم من قِبل والدهم، واشترطت على الزوج في عقد صداقها نفقة أولادها عشر سنين إن دامت الزوجية بينهما، وللأولاد الذكور مال تركه والدهم، ثم عجز الزوج عن نفقة أولادها وامرأته والنفقة التي اشترطت عليه، فصارت هي تنفق عليهم من مال والدهم إلى الآن ..هل لأعمام الأيتام طلب الزوج بالنفقة عليهم أم لا “[30].
ومن الضروري شد الانتباه إلى أن التداعيات الناجمة عن الأزمات الديمغرافية كانت تختلف حسب المجالات الجغرافية، حيث كانت تسبب دينامية بشرية حتى في الأودية الجبلية العليا للأطلس الكبير- على غرار المناطق السهلية- بحيث تجذب إليها مجموعات بشرية لتعميرها؛ إثر النقص السكاني، مما كان يُسفر عن صعوبة تمييز ” المجموعات الإثنية” عن بعضها البعض في هذه الأودية[31].
والحق أن الهجرة الداخلية لم تكن وحدها وسيلة للفرار من بلاد الجوع، فالهجرة الخارجية نحو البلدان المجاورة كانت بدورها آلية اضطرارية بحثا عن الطعام، كما هو الشأن بالنسبة لأزمة 1521 م، التي سجلت فيها هجرة عدد كبير من ساكنة دكالة ونواحيها صوب البرتغال وإسبانيا. وقد تجاوز عدد المهاجرين، خلال تلك المجاعة، 100 ألف نسمة، دخل منهم حوالي 60 ألف إلى إسبانيا حسب بعض الدراسات[32]، ومنهم من شد الرحال صوب جزر الكناري؛ حيث مثلوا القطاع الأكبر من بين الأجناس الأخرى، ثم وصل قسم آخر إلى البرتغال، وتمركزوا بلشبونة وضاحيتها [33].
وعلى الرغم من أنه لا يمكن إنكار وقع الأزمة على قبائل دكالة وناحيتها تحت أي ادعاء، فإننا نبدي تحفظنا حول هذه الأرقام، حيث يبدو في اعتقادنا بأنها لا تخلو من مُبالغة، وهي نقطة أشار إليها بعض الباحثين حينما أكدوا على أن الحالة الاقتصادية وأن الهجرة كانت محدودة لم تشمل غير جماعة من الفقراء، مستشهدين على ذلك بأن هذه القبائل العربية لاتزال “تقيم في مواطنها المعروفة بدكالة إلى يومنا هذا” [34].
لكن لا يمكن تحت أي حال من الأحوال الجزم بأن القبائل العربية التي تقطن حاليا بدكالة، هم من حفدة سكان هذه المنطقة في القرن 16 م، دليلنا على هذا القول هو نص أورده الناصري، جاء فيه: ” واعلم أن الشاوية اليوم يطلقون على سكان تامسنا من قبائل شتى بعضها عرب وبعضها زناتة غير أن لسان الجميع عربي، وكان أصل جمهورهم من هؤلاء…ثم انضافت إليهم قبائل أخر، واختلطوا بهم فأطلق على الجميع شاوية تغليباً، وهكذا وقع في سائر عرب المغرب الأقصى المواطنين بتلوله فإنهم وقع فيهم اختلاط كبير حتى نسوا أنسابهم وأصولهم الأولى إلا في النادر، وذلك بسبب تعاقب الأعصار ( كذا ) وتناسخ الأجيال وتوالي المجاعات والانتجاعات ووقعات الملوك بهم في كثير من الأحيان وتفريق بعضهم من بعض ونقل بعضهم إلى بلاد بعض.. “[35]. إذا كان هذا النص التاريخي الذي استشهدنا به يهم قبائل منطقة تامسنا، فإننا لا نجانب الصواب إذا قلنا بأن ما انطبق على هذه الأخيرة يسري على دكالة وغيرها من المجالات الجغرافية داخل البلاد.
وبالرجوع إلى المعدلات المرتبطة بتعداد المهاجرين من دكالة، فإننا سنجد بأنها تمثل جزءا مهما من إجمالي سكان هذه المنطقة، إذ أنها تصل إلى قرابة سدس ساكنتها فقد أشار أحد الباحثين إلى أن عدد سكان هذا الإطار الجغرافي بلغ في مطلع القرن 16م أزيد من 600 ألف نسمة[36].
ولا يفوتنا التأكيد على أن سقوط الأمطار بمعدلات قياسية وما يتبعها من سيول وفيضانات، كان بدوره يُحدث حركية سكانية نحو مناطق أخرى، كما وقع بملاح مراكش عام 1048 هـ / 1639 م، حيث جاء في كتاب التواريخ ما نصه “..دْخل الماء دلْواد والماء دي السما .. وطرأ في ليهود هجرة عظيمة..”[37]
ولم تكن مسألة الفرار من بلاد الجوع، لتغيب عن ثنايا ما دونه النوازليون في كتب الأدب الفقهي باعتبارها مرآة تعكس الواقع المعيش، وتفاصيل الحياة الاجتماعية للمجتمع؛ فكانت تُعرض العلماء لمعرف الحكم الفقهي منها؛ “فقد سُئل محمد بن عبد الله السملالي عن الفار في زمن المسغبة هل يورث بلا حكم ؟ فأجاب بأنه يورث بدونه لأن من خرج في سنة الجوع كان بمثابة الميت[38].
خاتمة :
وصفوة القول أن الجوائح المائية وما كان يعقبها من أوبئة ومجاعات كانت تلعب دورا مهما في إطلاق العنان للهجرات البشرية ونزوع الساكنة نحو الانتجاع والترحال، وبالتالي الاضطراب في التعمير وتراجع حياة الاستقرار وسيادة الاقتصاد الرعوي في مغرب العصر الحديث .
وهناك جوانب أخرى يمكن البحث عنها، وكشف اللبس عنها من قبيل دور الماء في التحولات السياسية الكبرى التي عرفها تاريخ المغرب الحديث؛ فصعود العلويين للحكم وسقوط القوى السياسية المناوئة لهم (السعديون الأواخر، الزاوية الدلائية والسملاليون) في فترة وجيزة، أو ضعف جيش عبيد البخاري في أزمة الثلاثين سنة 1727 – 1757 واستتباب الأمور لصالح المولى عبد الله بن إسماعيل لا يمكن تفسيره بمعزل عن التداعيات التي خلفتها الجوائح المائية التي أناخت بكلكلها في هذه الفترة .
ولذلك لاحظ كولانColinبأن الأوبئة والقحوط ساهمت بشكل كبير في النزول المكثف للقبائل الجبلية المقيمة بالأطلس الكبير والمتوسط والريف نحو السهول الخصبة الغربية واحتلالها مكانة بارزة في تاريخ المغرب الحديث، لأنها شكلت آنذاك قوة موازية للسلطة المركزية، بل سترجع الكفة لصالحها عند تراجع ظل المخزن، واختلال أركان حكمه[39].
قائمة المصادر والمراجع :
- بن زيدان عبد الرحمان، ” إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس”، ج 4، تحقيق علي عمر، نشر : مكتبة الثقافة الدينية – القاهرة، مصر، الطبعة الأولى، 2008 .
- استيتو محمد، ” من وسائل مواجهة الفقراء للمجاعات في المغرب خلال العصر الحديث ( نماذج من القرنين 16 و 17 )”، مقال ضمن ندوة المجاعات والأوبئة في تاريخ المغرب، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجديدة، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء،2004م.
- استيتو محمد،” الكوارث الطبيعية في تاريخ مغرب القرن 16 “، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا، كلية الآداب والإنسانية ظهر المهراز، فاس، 1988.
- الإفراني محمد الصغير ، ” نزهة الحادي بأخبار ملوك القرن الحادي”، تقديم وتحقيق عبد اللطيف الشاذلي، ط 1، 1998 .
- بوشرب أحمد ، ” دكالة والاستعمار البرتغالي إلى سنة إخلاء آسفي وأزمور”، ( قبل 28 غشت 1481 – أكتوبر 1541 )”، دار الثقافة، الدار البيضاء، ط 1، 1984 .
- التمنارتي أبو زيد عبد الرحمن، ” الفوائد الجمة في إسناد علوم الأمة “، تحقيق اليزيد الراضي، نشر : دار الكتب العلمية، بيروت، ط 2، 2007 .
- حالي محمد، ” المجتمع والأزمات الديمغرافية في تاريخ المغرب في القرن الثامن عشر ( 1727 – 1757 ) : مساهمة في الديمغرافيا التاريخية”، محاكاة للدراسات والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 2013 .
- الحضيكي، محمد بن أحمد ، ( ت.1189 هـ/ 1775 م )، ” طبقات الحضيكي “، ج 1، تقديم وتحقيق أحمد بومزكو، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، ط 1، 2006 .
- دي طوريسدييـﯕو،” تاريخ الشرفاء “، تعريب محمد حجي ومحمد الأخضر، منشورات الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، مطابع سلا، 1988.
- الرباطي الضعيف محمد بن عبد السلام، ” تاريخ الضعيف : تاريخ الدولة العلوية السعيدة “، تحقيق وتعليق وتقديم أحمد العماري، نشر دار المأثورات، ط 1، 1986 .
- السبتي عبد الأحد، ” بين الزطاط وقاطع الطريق : أمن الطرق في مغرب ما قبل الاستعمار “، دار توبقال للنشر، ط 1، 2009.
- السكتاني عيسى بن عبد الرحمان، ” أجوبة سيدي عيسى السكتاني “، مخطوط الخزانة العامة بالرباط، رقم 2814 د .
- السوسي محمد المختار، ” المعسول “،ج 5، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 1961 .
- شعايبي رضوان، ” صورة المغرب في كتابات الأطباء الفرنسيين 1912 – 1956 “، أصل هذا العمل أطروحة جامعية لنيل شهادة الدكتوراه في التاريخ المعاصر تحت إشراف د. سمير بوزويتة، منشورات جمعية البحث والتوثيق، مطابع الرباط نت، ط 1، 2016 .
- العياشي عبد الله بن عمر، ” الإحياء والإنتعاش في تراجم سادات زاوية آيت عياش”، مخطوط، الخزانة العامة بالرباط، رقم 1433 د .
- القادري محمد بن الطيب، “نشر المثاني لأهل القرن الحادي عشر والثاني “، ج 4، تحقيق محمد حجي وأحمد التوفيق، مطبوعات دار المغرب للتأليف والترجمة والنشر، 1977 .
- كتاب ” التواريخ أو تاريخ فاس “، تأليف أخبار عائلة ابن دنان الغرناطية الفاسية، ترجمة وتقديم شهبر عبد العزيز، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانيةبتطوان- جامعة عبد المالك السعدي، مطبعة الخليج العربي، ط 2 ، 2007 .
- الكتاني عبد الكبير بن هاشم، ” زهرة الآس في بيوتات أهل فاس وتحفة الأكياس ومفاكهة الجلاس فيما غفل عنه صاحب زهرة الآس في بيوتات أهل فاس”، للكتاني محمد بن عبد الكبير بن هاشم، تحقيق الدكتور علي بن المنتصر الكتاني، جزءان، الموسوعة الكتانية لتاريخ فاس ( 1 – 2 )، منشورات مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء، ط 1، 2002 .
- مويط جرمان، ” رحلة الأسير مويط “، ترجمه إلى العربية محمد حجي ومحمد الأخضر، منشورات دار المناهل للطباعة والنشر، وزارة الثقافة، مركز الدراسات والبحوث العلوية، الريصاني، 1990 .
- الناصري أحمد أبو العباس، ” الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى “، ج 3، تحقيق وتعليق جعفر الناصري ومحمد الناصري، دار الكتاب، الدار البيضاء، 1997 .
- الوزان الفاسي الحسن، ” وصف إفريقيا “، ترجمة محمد حجي ومحمد الأخضر، جزءان، منشورات الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، دار الغرب الإسلامي، بيروت – لبنان، ط 2، 1983 .
- AttlioGaudio, « Le Sahara Espagnol, fin d’un mythe coloniale », ARRESSALA , Rabat, 1975 .
- Berque Jacques, « Structures Sociales du haut-Atlas», sociologie d’aujourd’hui collection dirigée par Georges Balandier », 2e édition, presses universitaires de France, Paris.
- Brignon Jean et autres, « histoire du Maroc », Hatier, Paris, 1967 .
- Colin ( G.S ), « Origine Arabe des grands mouvements de population berbères dans le Moyen Atlas » ; Hesp- Tam, T. XXV, 2e et 3e trimestre, 1938.
- Montagne Robert, « L’Aghbar et les hautes vallées du grand Atlas », HespérisTamuda , T.VII, 1er trimestre,1927 .
- Noin Daniel, « la population rurale du Maroc », Paris, 1970 .
- Renaud, ( H.P.J ), « Les Pestes du milieu du XVIIIe siècles », HespérisTamuda , T. XXVI, 4e trim , 1939.
- Rosenberger Bernard et TrikiHamid, « Famines et épidémies au Maroc aux XVIe et XVIIe, Hesp-Tam, Vol XVI » , fasc unique, 1973 .
- Vajda Georges, « Un recueil de textes historiques judéo-marocains » , HespérisTamuda , 2e partie, T.XXXVI , 1e et 2etrim, 1949 .
[1] – حالي محمد، ” المجتمع والأزمات الديمغرافية في تاريخ المغرب في القرن الثامن عشر ( 1727 – 1757 ) : مساهمة في الديمغرافيا التاريخية”، محاكاة للدراسات والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 2013،م.س، ص 190.
[2]– Rosenberger Bernard et TrikiHamid , « Famines et épidémies au Maroc aux XVIe et XVIIe, Hesp-Tam, Vol XVI » , fasc unique, 1973, pp : 140 – 142 .
[3] -دي طوريسدييـﯕو،” تاريخ الشرفاء “، تعريب محمد حجي ومحمد الأخضر، منشورات الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، مطابع سلا، 1988.صص 64- 65 .
[4] – التمنارتي أبو زيد عبد الرحمن، ” الفوائد الجمة في إسناد علوم الأمة “، تحقيق اليزيد الراضي، نشر : دار الكتب العلمية، بيروت، ط 2، 2007، ص 111 .
[5] – نفسه، ص 161 .
[6] – Colin ( G.S ), « Origine Arabe des grands mouvements de population berbères dans le Moyen Atlas » ; Hesp- Tam, T. XXV, 2e et 3e trimestre ; p : 266 .
[7]- Ibi, p :267-268.
[8] – يقول الناصري : ” لما فتح المولى إلى إسماعيل رحمه الله مدينة مراكش الفتح الثاني…خرج إلى الصيد بالبسيط المعروف بالبحيرة من أحواز مراكش، فرأى أعرابياً يرعى غنما له ..فساله فانتسب له إلى : ودي، كغني : قبيلة من عرب معقل بالصحراء، وأخبره بأنهم دخلوا من بلاد القبلة بسبب جدب أصابهم، قال : دخلنا بنجع كبير فافترقنا وذهبت كل طائفة منا إلى قبيلة فنزلت عليها، ونحن نزول مع الشبانات “. الناصري أحمد أبو العباس، ” الاستقص الأخبار دول المغرب الأقصى “، ج 3، تحقيق وتعليق جعفر الناصري ومحمد الناصري، دار الكتاب، الدار البيضاء، 1997، ص 51.
[9] – تضم اتحادية أيتإدراسن قبائل : آيت يوسي- آيت عياش- أيت إحاند – آيتأوفلا – آيت نظير ( بني مطير ) وإمجاط .
[10] – راجع : السبتي عبد الأحد، ” بين الزطاط وقاطع الطريق : أمن الطرق في مغرب ما قبل الاستعمار “، دار توبقال للنشر، ط 1، 2009، ص 271- 273 .
[11]- Brignon Jean et autres, « histoire du Maroc »,Hatier, Paris, 1967, p : 262.
[12] – العياشي عبد الله بن عمر، ” الإحياء والانتعاش في تراجم سادات زاوية آيت عياش”، مخطوط، الخزانة العامة بالرباط، رقم 1433 د.، ص 132.
[13] – نفسه، ص 133
[14] – نفسه، ص 132.
[15]- Rosenberger et Triki, « op.cit »,pp : 22 – 23.
[16]- AttlioGaudio, « Le Sahara Espagnol, fin d’un mythe coloniale »,ARRESSALA , Rabat, 1975, p : 363.
[17] – AttlioGaudio, « op.cit .. »,, p : 364.
أشار روزنبرجي والتريكي إلى أن البرودة النسبية للجبال، وأنشطتهم الرعوية تحصنهم إلى حد كبير من الأوبئة، إضافة إلى انعزالهم عن الجماعات السكانية، يجعل من انتقال العدوى أمرا صعبا، ما يتيح لها سد الفراغ البشري الذي تشهده السهول بعد تعرضها للكوارث الديمغرافية. راجع :
Rosenberger et Triki, « Famines… »,2e partie, op.cit, pp : 40-42.
[18] – تزامن وباء 1742 – 1742 مع الخسائر التي تسبب فيها الجرذان على القطاع الفلاحي، حيث يقول القادري عن أحداث عام 1153 هـ: “وفي أوائل هذا العام ظهرت نقمة الفار، سلطه الله على الزرع والبحائر والذرة والرمان، فكان يظهر منه في الفدادين فكان يترك الاندر الذي يخرص بمائة وسق لا يأخذ منه ربه شيئا لا قليلا ولا كثيرا، وكذلك في فدادين الفول والبحائر وفدادين الذرة والأجنات العجب العجاب، وكثرت إذايته حتى أعيا الناس بكل حيلة، فبدأ بأكل السنبل في الفدادين وهو قائم وفي الأنادر وهو محصود، وأشجار الأعناب والتين والخوخ والرمان وغير ذلك. والحاصل أن كل ما ينفع به من جميع أنواع الخضر الربيعية والصيفية والخريفية والزروع والثمار كان يأكله، ولم يسلم منه ولا من نقمته إلا القليل النادر”. القادري نشر المثاني لأهل القرن الحادي عشر والثاني “، ج 4، تحقيق محمد حجي وأحمد التوفيق، مطبوعات دار المغرب للتأليف والترجمة والنشر، 1977، ص ص 25 – 26 .
أما إبن زيدان فيقول عن أحداث عام 1154 هــ : ” وفي العام سلط الله الفار على الزرع والقطاني والبحائر والفواكه الخريفية في سائر البلاد”.” إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس”، ج 4، تحقيق علي عمر، نشر : مكتبة الثقافة الدينية – القاهرة، مصر، الطبعة الأولى، 2008،ص 486 .
سجل دانيالنوانNoinبأن الأوبئة التي عرفها المغرب في هذه الفترة، كانت أشد تأثيرا على المناطق السهلية منها في الجبال، لأن السهول هي التي تضم مقر التجمعات الحضرية والقروية، ومقر للمواسم والأسواق، ونقطة انطلاق للمحاور التجارية، مما يجعلها تشكل تربة خصبة لتنشيط حركية العدوى. أما الجبال فتتمتع بحصانة نسبية لأن سكانها يعيشون على اقتصاد مغلق . راجع :
– Noin Daniel, « la population rurale du Maroc », T :I , Paris, 1970 .p: 267.
للمزيد حول دور القوارض والبراغيث في انتشار الطواعين راجع دراسة : شعايبي رضوان، ” صورة المغرب في كتابات الأطباء الفرنسيين 1912 – 1956 “، أصل هذا العمل أطروحة جامعية لنيل شهادة الدكتوراه في التاريخ المعاصر تحت إشراف د. سمير بوزويتة، منشورات جمعية البحث والتوثيق، مطابع الرباط نت، ط 1، 2016، ص ص 190- 193 .
[19] – كتاب ” التواريخ أو تاريخ فاس “، تأليف أخبار عائلة ابن دنان الغرناطية الفاسية، ترجمة وتقديم شهبر عبد العزيز، منشورات ك.أ.ع.إ تطوان- جامعة عبد المالك السعدي، مطبعة الخليج العربي، ط 2 ، 2007. ص 62 .
– Rosenberger et Triki, « Famines… », suite, p : 40 – 41.
استيتو محمد، ” من وسائل مواجهة الفقراء للمجاعات في المغرب خلال العصر الحديث ( نماذج من القرنين 16 و 17 )”، مقال صمن ندوة المجاعات والأوبئة..”، م.س، ص ص 264 – 266.
[20] – الإفراني محمد الصغير ، ” نزهة الحادي بأخبار ملوك القرن الحادي”، تقديم وتحقيق عبد اللطيف الشاذلي، ط 1، 1998. م.س، ص 279 . يقدم لنا أحمد بابا التنبكتي حجم الخسائر التي عمت البلاد، بفعل هذه الوباء، والذي ابتدأ عام 1006 هـ / 1598 م، حيث يقول “وفي ذروة هذه المحن أصيبت عشيرته بوباء الطاعون فمات معظم أفرادها… وفي هذه الفترة العصيبة فقد من أقاربه الأذنين ابنه محمد أو عمه عبد الله بن محمود بن أقيت..” ينظر : ” نيل الإبتهاج بتطريز الديباج “،م.س، ص 13 .
[21] – الرباطي الضعيف محمد بن عبد السلام، ” تاريخ الضعيف : تاريخ الدولة العلوية السعيدة “، تحقيق وتعليق وتقديم أحمد العماري، نشر دار المأثورات، ط 1، 1986 . ص 62 – 63 .
كما يقول مويط جرمان، في نفس السياق : ” بسبب الطاعون الذي سلطه على البلاد كلها، والذي بدأ عام 1678م، وأهلك نصف أولئك البرابرة. ولم ينج بعضنا أيضا من ذلك الداء..”. راجع : ” مويط جرمان، ” رحلة الأسير مويط “، ترجمه إلى العربية محمد حجي ومحمد الأخضر، منشورات دار المناهل للطباعة والنشر، وزارة الثقافة، مركز الدراسات والبحوث العلوية، الريصاني، 1990 .ص 39 .
[22] – الحضيكي، محمد بن أحمد ، ( ت.1189 هـ/ 1775 م )، ” طبقات الحضيكي “، ج 1، تقديم وتحقيق أحمد بومزكو، ، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، ط 1، 2006، صص 199 – 200 .
[23]– Vajda Georges, « Un recueil de textes historiques judéo-marocains » ,Hesp-Tam , 2e partie, T.XXXVI , 1e et 2etrim, 1949.pp: 162- 163.
[24] – الرباطي الضعيف، ” م.س “، ص 126 .
[25] – الكتاني عبد الكبير بن هاشم، ” زهرة الآس في بيوتات أهل فاس وتحفة الأكياس ومفاكهة الجلاس فيما غفل عنه صاحب زهرة الآس في بيوتات أهل فاس”، للكتاني محمد بن عبد الكبير بن هاشم، تحقيق الدكتور علي بن المنتصر الكتاني، جزءان، الموسوعة الكتانية لتاريخ فاس ( 1 – 2 )، منشورات مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء، ط 1، 2002 ، ج 1، ص 155 .
[26] – القادري، ” نشر المثاني “،م.س، ج 3، ص 404 .
[27] – الرباطي الضعيف، ” م.س “، ص 141 .
[28]- Renauld, « Les Pestes du Milieu du XVIIIème siècle.. »,op.cit, p : 297.
[29] – السكتاني عيسى بن عبد الرحمان، ” أجوبة سيدي عيسى السكتاني “، مخطوط الخزانة العامة بالرباط، رقم 2814 د.ص 14 .
[30] – نفسه، ص 14 .
[31] – Montagne, Montagne Robert, « L’Aghbar et les hautes vallées du grand Atlas »,Hesp-Tam, T.VII, 1er trimestre,1927»,op.cit, p : 9 .
-في نفس السياق أشار جاك بيرك إلى أن سكساوة كانوا يستمدون مادتهم وانتماءهم من الجنوب، غير أن نزعتهم، على غرار المجموعات السكانية التي تغذيهم، تجليهم نحو الشمال.
« les Seksawa tirent leur matière, leur substance. mais leur vocation, tout comme celle des groupes qui les alimentent, les attire vers le nord ».« Structures Sociales du haut-Atlas», sociologie d’aujourd’hui collection dirigée par Georges Balandier », 2e édition, presses universitaires de France, Paris p : 71.
[32] – Rosenberger et Triki, « Famines.. », 1er partie, p :134 .
[33] – استيتو محمد، ” استيتو محمد،” الكوارث الطبيعية في تاريخ مغرب القرن 16 “، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا، ك.أ.ع.إ، ظهر المهراز، فاس، 1988 صص93، 140 – 144.
[34] – راجع ما ذكره الأستاذين محمد حجي ومحمد الأخضر .في هامش : ص 63 من كتاب وصف إفريقيا، للوزان الفاسي الحسن ترجمة محمد حجي ومحمد الأخضر، منشورات الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، الطبعة الثانية، دار الغرب الإسلامي، بيروت – لبنان، جزءان، ط 2، 1983. ج 1.
[35] – الناصري، ” الاستقصا “،م.س، ج 4، م.س، ص 67 .
[36] – بوشرب أحمد ، دكالة والاستعمار البرتغالي إلى سنة إخلاء آسفي وأزمور”، ( قبل 28 غشت 1481 – أكتوبر 1541 )، دار الثقافة، الدار البيضاء، ط 1، 1984. ص 84 .
[37] – كتاب التورايخ، “م.س “،ص ص 49 – 50.
[38] – أورده السوسي محمد المختار، المعسول “،ج 5، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 1961. ص 55.
[39]-Voir Colin ( G.S ), « op.cit : p : 268.