هذه الأطروحة محاولة لفهم العوامل والمتغيرات التي أدت الى تشكيل ميثاق وارشو, وتحديد الأدوار التي قام بها الميثاق خلال مرحلة مهمة من مراحل التاريخ الأوربي التي عُرفت بـ”الحرب الباردة”.
ارتبطت الإشكالية المركزية في هذه الأطروحة بعنوانها [ميثاق وارشو دراسة تاريخية في العلاقات الدبلوماسية والعسكرية 1955-1964], الذي يتناول عدة مسائل شائكة في النواحي الدبلوماسية والعسكرية الأوربية, آذ جاء اختيار الموضوع في كونه جزء من تطورات الحرب الباردة وتداعياتها على الأمن والسلم الدوليين, وما يرتبط بهما من مسائل سياسية ودبلوماسية وعسكرية. ووفقا لذلك فقد جاءت الإشكالية لتصحيح بعض المفاهيم فيما يخص تشكيل الميثاق منها؟ هل شُكل ميثاق وارشو رداً على التحالف الأطلسي, واذا كان نعم؟ لماذا تأخر قرابة ستة سنوات, وهل نجح في صد تطلعات الناتو؛ وإذا لا؟ ما هي المبررات التي أدت الى تشكيل الميثاق, والى أي مدى كان تأثير القضية الألمانية سببا في تشكيل الميثاق؟ وهل كان وجودة امراً لازما؟ وهل نشأ كتحالف عسكري ام دبلوماسي؟ وما هي دوافع السوفيت في تشكيله, هل كان لأسباب دفاعية أمنية, ام وسيلة دعائية لزيادة مكانة الاتحاد السوفيتي دبلوماسياً؟ وهل جاء على وجه السرعة, ام انه كان ضمن الحسابات السوفيتية؟ لماذا عُقد الاجتماع الذي تمخض عن الميثاق في إحدى المدن الأوربية الشرقية وبالذات وارشوا بدلاً من موسكو؟ وما هي الأسس والمبادئ التي قام عليها؟ هل شكل نتيجةً لتهديدات خارجية تلقاها الاتحاد السوفيتي, ام حلفائه في أوربا الشرقية, هل نجح الميثاق في تعزيز امن الاتحاد السوفيتي وحلفائه في أوربا؟ بماذا عاد الميثاق على الاتحاد السوفيتي وكيف قابلت الدول الأعضاء الميثاق, وما مردود تشكيله عليها؟ كيف واجهت الدول الغربية ولاسيما, الولايات المتحدة تشكيل الميثاق؟ هل نجح في حل القضايا لدبلوماسية العالقة, والى أي مدى اختبر الميثاق في القضايا العسكرية. هذا ما سنتطرق له في ثنايا الأطروحة.
تناول الفصل الأول مدخل تاريخي عن القضية الألمانية وأثرها في العلاقات الأميركية السوفيتية حتى تشكيل ميثاق وارشو 1955. قُسم الفصل إلى مبحثين, تناول المبحث الأول مسالة تقسيم ألمانيا وإثرها في العلاقات الأميركية السوفيتية 1945-1949, أما المبحث الثاني تناول المحاولات الأميركية لتسليح ألمانيا الاتحادية والموقف السوفيتي منها 1949- 1954, اذ اهتم بالضرورات التي دفعت بالولايات المتحدة إلى تبني قرار تسليح ألمانيا.
دَرسَ الفصل الثاني, ميثاق وارشو – التأسيس- الهيكلية – الوظائف التنظيمية 1955-1964, اذ قُسم إلى ثلاثة مباحث, تناول المبحث الأول انضمام ألمانيا الاتحادية إلى حلف شمال الأطلسي وإثره في انبثاق ميثاق وارشو 1954-1955, في حين تناول المبحث الثاني الجهود السوفيتية لتشكيل ميثاق وارشو 1955, وذلك من خلال توضيح الأسباب الكاملة التي دفعت بالاتحاد السوفيتي نحو إعلان تشكيل ميثاق وارشو, وهل كان ضرورة لازمة, أما المبحث الثالث فقد دَرسَ هيكلية ميثاق وارشو وتحديد المسؤوليات التنظيمية والإدارية, وذلك من خلال توضيح أهم تشكيلات الميثاق الإدارية والسياسة والعسكرية بوصفه منظمة دولية.
كُرس الفصل الثالث لدراسة المنظومة العسكرية في ميثاق وارشو وتحديد المسؤوليات 1955-1964, آذ اهتم الفصل في بيان القدرات ولإمكانيات التي يتمتع بها الميثاق من حيث القوة البشرية وإمكانياته وقدراته التسليحية. قُسم الفصل إلى ثلاثة مباحث, تناول المبحث الأول, الإمكانيات والقدرات العسكرية السوفيتية. أما المبحث الثاني, فقد تناول, الإمكانيات والقدرات العسكرية للدول الأعضاء في ميثاق وارشو, من خلال توضيح حجم القدرات العسكرية التي تتمتع بها كل دولة من الدول الأعضاء, خصص المبحث الثالث, لدراسة,أهمية ميثاق وارشو الإستراتيجية”, بالنسبة للاتحاد السوفيتي من جهة, ولدول الميثاق من جهة أخرى.
تناول الفصل الرابع, الأزمات داخل الكتلة الشرقية وأثرها في ميثاق وارشو 1956-1964, آذ قُسم الفصل إلى ثلاثة مباحث, تناول المبحث الأول, تداعيات الأزمتين البولندية والهنغارية خريف 1956, في ميثاق وارشو والموقف السوفيتي منها, بحث المبحث الثاني, الصراع السوفيتي – الألباني والخروج من ميثاق وارشو 1956-1961, اما المبحث الثالث فقد تناول, تحدي رومانيا داخل ميثاق وارشو والانسحاب السوفيتي منها 1958-1964.
دَرسَ الفصل الخامس, دبلوماسية ميثاق وارشو حيال القضايا الدولية 1958-1964. خصص هذا الفصل لبيان الخطوات الدبلوماسية التي سار عليها الميثاق في حل بعض القضايا الدولية العالقة, والى أي مدى كان نجاح ذلك.