مقدمة:
يظهر تاريخ العلاقات الدولية أن المتغير العسكري سيطر على فترة تاريخية مهمة إذ كانت القوة العسكرية البحتة مرجعية تدار بها العلاقات الدولية، وفي فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية ظهر المتغير الاقتصادي كقوة فاعلة اثبتت فاعليتها خاصة في فترة الحرب الباردة عندما انتصر المعسكر الغربي ذو القوة الاقتصادية. بعد الحرب الباردة بدأت النقاشات حول صعود متغير جديد سترتب على أساسه العلاقات الدولية و هو المتغير الثقافي الذي سيشكل نمط الصراع والتعاون بين الدول حسب صامويل هنتنغتون في كتاب صدام الحضارات و إعادة صياغة النظام العالمي بل قبل ذلك تعود هذه النقاشات الى مرحلة الستينات
الانفراج الدولي)”، وفي الثمانينات عندما ظهرت النظرية البنائية التي تركز على أنطولوجية اجتماعية في دراسة الظاهرة الدولية.
في هذه الفترة تأسست اللبنة الأولى للاتحاد الأوروبي (جماعة الفحم والصلب 1957)، بين فرنسا وألمانيا ثم أخذت في التوسع، لكن الملفت للنظر أن بريطانيا في العديد من المواقف كانت رافضة للمشروع الأوروبي لأسباب أنها تعترض أن تتصهر ثقافتها مع الثقافات الأوروبية، وكذلك الحال بالنسبة الفرنسا التي كانت ترفض دخول بريطانيا (غير الأوروبية للاتحاد الأوروبي.
نلاحظ أن العلاقة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي تميزت بالتمايز الثقافي و هذا ما تجلى في عملية الخروج جوان 2016. بالإضافة إلى أن تاريخ المجتمعات الأوروبية يبين لنا الثقافات الفرعية العديدة المنضوية تحت لواء الدولة القومية، لذلك كان من الجدير أن نخضع ظاهرة “البريكست” للمنظورات الثقافية ومحاولة قراءة التداعيات الثقافية التي سيفرزها البريكست على الاتحاد الأوروبي.
كما أننا من خلال الدراسة ستسمح لنا المنظورات الثقافية، بمعرفة إذا كانت هناك وحدة أوروبية بالأساس خارج الوحدة الاقتصادية.