من إعداد: نعمة بختة
مقدمة :
تعتبر العلاقات الدولية من بين الحقول المعرفية والمواد الدراسية المعقدة وذلك بسبب تشابك مواضيعها واتساعها ولأن هذه الأخيرة تتضمن سلسلة مستمرة من الأحداث الدولية متمثلة في التفاعلات الصراعية تشمل الحروب والتوترات وأخرى تعاونية سلمية تشمل التنظيم الدولي ومحاولة إقرار السلام ومن هذا المنطلق تظهر أهمية ودور كلا من المنهج والنظرية في العلاقات الدولية بحيث هذه السلسلة من الاحداث تفرض علينا كطلبة وباحثين في العلاقات الدولية البحث عن السبيل لفهم وتفسير الظاهرة الدولية
أهمية الموضوع :
تكمن أهمية الموضوع في أهمية النظرية والمنهج في تخصص العلاقات الدولية كونهما يساعدنا على فهم الأحداث الدولية وكذلك فهم العلاقة بين النظرية والمنهج والواقع الدولي
الإشكالية :
إلى أي مدى يمكن الإعتماد على النظرية كأداة ذهنية والمنهج كأسلوب بحث نتمكن من خلالهما إلى التوصل إلى حقيقة الوقائع والأحداث الدولية ؟
وتندرج ضمن هذه الإشكالية مجموعة من التساؤلات الفرعية :
١/ما مفهوم المنهج والنظرية والفرق بينهما ؟
٢/ فيما يتمثل دور المنهج في دراسة العلاقات الدولية؟
٣/ماهو دور لنظرية في فهم العلاقات الدولية ؟
خطة البحث :
الفصل الأول : الإطار المفاهيمي للبحث
المبحث الأول : مفهوم المنهج في العلاقات الدولية .
المبحث الثاني :مفهوم النظرية في العلاقات الدولية.
المبحث الثالث : الفرق بين النظرية والمنهج .
الفصل الثاني : المنهج في العلاقات الدولية .
المبحث الأول : أهمية المناهج في العلاقات الدولية.
المبحث الثاني :أهم المناهج في العلاقات الدولية .
المبحث الثالث : مستويات منهجية في العلاقات الدولية.
الفصل الثالث : النظرية في العلاقات الدولية.
المبحث الأول : المنظور والعلاقات الدولية.
المبحث الثاني : دور النظرية في العلاقات الدولية.
المبحث الثالث:كيفية بناء النظرية في العلاقات الدولية وعلاقة النظرية بالواقع .
المبحث الرابع : تقسيم النظريات في العلاقات الدولية ومستويات التحليل في العلاقات الدولية.
الفصل الأول :الإطار المفاهيمي
1/ المبحث الأول : مفهوم المنهج Method:
يعرف المنهج في العلاقات الدولية Metho لغة بأنه الطريق أو المسلك ١[1]
أما اصطلاحا فقد عرف معاني ومفاهيم عديدة ومتنوعة :
يعرف محمد بدوي بأنه مجموعة القواعد التي يستعملها الباحث لتفسير ظاهرة معينة بهدف الوصول إلى الحقيقة العلمية أو أنه الطريق المؤدي إلى الكشف عن الحقيقة في العلوم بواسطة طائفة من القواعد العامة التي تهيمن على سير العقل وتحدد عملياته حتى الوصول إلى نتيجة معلومة .١
والمنهج كما يراه حامد ربيع هو طريق الإقتراب من الظاهرة وهو المسلك الذي نتبعه في سبيل الوصول إلى ذلك الهدف الذي تحدد مسبقا ، ومناهج البحث عنده وتتضمن الطرق والوسائل ،فالطرق هي الخطوات المتتابعة لمسك الظاهرة وكشف هويتها ، أما الوسائل فهي الأدوات التي نتمطيها لنصل إلى الحقيقة وهكذا نلاحظ أن حامد ربيع يجمع بين الطرق والوسائل أي القواعد المتبعة والوسائل المستخدمة في السعي نحو الوصول ٱلى الحقيقة ويتسع تعريف المنهج ليتضمن أسس صياغة المفاهيم والفرضيات وإقامة الملاحظات وبناء القياسات وإجراء التجارب والإختبارات وبناء النماذج والنظريات وإجراء التفسيرات وإقامة التوقعات ٢
وحسب بعض المهتمين والعلماء بكونه عبارة عن جملة المبادئ والقواعد والإرشادات التي يجب على الباحث اتباعها من بداية البحث إلى نهايته بغية الكشف عن العلاقات العامة والجوهرية والضرورية التي تخضع لها الظواهر موضوع الدراسة ٣
المبحث الثاني : مفهوم النظرية في العلاقات الدولية theory in international
كما ذكرنا سابقا فإن عملية إعطاء تعريف محدد وشامل لنظرية العلاقات الدولية ليست بالأمر الهين ،خاصة إذا تبنينا فلسفة ضد وضعية أين تصبح العملية برمتها مجرد ترف فكري في ظل استحالة تقديم تعريف موضوعي ،لأنه لا يمكن هنا فصل ما هو ذاتي عما هو موضوعي ، ولا ماهو حقيقي عما هو قيمي ولا مطلق عما هو نسبي لكن في ظل الفلسفة الوضعية التي هيمنت على العلوم الإجتماعية بما فيها العلاقات الدولية منذ بداية القرن 18 عشر كانت هناك محاولات عديدة لتحديد ما نقصده بنظرية العلاقات الدولية ولئن كان التحديد اللغوي لا يثير جدلا واسعا باعتبار أن المدلول اللغوي للمفاهيم هو أكثر استقرار نسبيا من مدلولها الإصطلاحي ، فإن هذا الأخير هو الأكثر مدعاة للجدل والإختلاف لأنه رهن بمتغيرات كثيرة تجعل منه أقل استقرارا وثباتا مثل تغير الزمان والمكان والأشخاص والقيم والمعتقدات ….الخ ، لغويا يرجع المفكرون والباحثون لفظة النظرية إلى أصلها اللاتيني Theoria الذي ترجمت عنه ويقابلها في اللغة الفرنسية لفظة théorie وفي اللغة الإنجليزية لفظة Theory وتدور معانيها حول نظر ، ينظر، نظرا فهو نظر إلى الشيء أي أبصره وتأمله بعينيه [2]
يشير محمد نصر عارف إلى ٱن مفهوم النظرية إبستمولوجبا يعكس مدلول الفعل اللاتيني theorein الذي يعني يرى ومن ثم فالنظرية تعني رؤية Vision أو استبصار Insight و أحيانا تستخدم بمعنى الشيء الأعلى فكريا أو المجرد .٤
النظرية في العلاقات الدولية هي وضع افتراضات حول ظواهر السياسية الدولية مثل : الحروب والأزمات والأحلاف .وتعرف أيضا على أنها مجموعة من الإقتراحات المتماسكة أو الملتحمة والمرتبة أو المنظمة منهجيا ،تستهدف إلقاء الضوء على دائرة العلاقات الإجتماعية التي تسمى العلاقات الدولية وكذلك بالنسبة لدائرة عمل المجتمعات /الدول وبقية أطراف المجتمع الدولي ، وهي تبدو من ناحية أخرى ، مطالبة بتقديم مخطط تفسيري لهذه العلاقات ، وهياكلها وتطورها وخاصة تحديد العوامل المحددة لها ، ويمكن أيضا أن نذهب إلى التكهن بالتطور المستقبلي لتلك العلاقات ، أو على الأقل استنتاج بعض ملامح التطور ويعرفها فليب في كتابة “نظريات العلاقات الدولية “مجموعة متماسكة ومنظمة من المقولات الرامية إلى إيضاح دائرة العلاقات الإجتماعية.[3]
كما يعرف الأستاذ إسماعيل صبري مقلد :النظرية هي مجموعة من المفاهيم والفرضيات والقوانين مرتبطة ارتباطا عضويا ومنطقيا ببعضها البعض ، والتي تستطيع من خلال ذلك الترابط تقديم تفسير مقنع ومحدد الظاهرة التي تتناولها بالتحليل ، كما أن بمقدورها أي النظرية أن تجعل من الممكن التنبؤ بما يحتمل أن يؤول إليه تطور هذه النظرية .
تعريف كينيث والتز kenneth Waltz: يقدم والتز في كتابه السياسة الدولية تعريفان لمفهوم النظرية
الأول : أنها مجموعة من القوانين المتعلقة بسلوك ظاهرة معينة .
الثاني : يشدد على أن النظريات ليست القوانين نفسها وإنما هي تحاول تفسير هذه القوانين وفي هذا الصدد يقول والتز النظريات تختلف كيفيا عن القوانين ، حيث عن طريق القوانين يتم التعرف عن العلاقات والإرتبطات ، والنظرية تبين لنا لماذا تسود تلك العلاقات والإرتبطات[4]
المبحث الثالث : الفرق بين النظرية والمنهج .
الفرق بين المنهج والنظرية هو فرق في الإستخدام أو التوظيف فقط بالمنهج نستخدمه لربط بين مجموعة من متغيرات بغرض التوصل إلى نظرية أو إثبات صحة النظرية ، أما النظرية فهي التي تستخدم متغيراتها سابقة لتفسير أو تحليل ظاهرة دولية ما ، فكل نظرية لها منهج خاص بها وكل منهح مرتبط بنظرية معينة ولذلك عندما نقول النظرية الماركسية لتحليل العلاقات الدولية فمعنى ذلك أن لها منهجا خاصا بها لتحليل الظواهر السياسية الدولية وهذا المنهج الجدلية التاريخية لا يمكن توظيفه أو تكييفه على نظرية أخرى ولتكن الواقعية مثلا لاختلاف متغيرات وقروض منهجها بشأن تحليل الظواهر الدولية في دراسة العلاقات الدولية لا توجد نظرية واحدة لتفسير الظاهرة السياسية الدولية ولتكن على سبيل المثال : التحالف بين مجموعة من الدول كما أنه لا يوجد منهجا واحدا لتحليل نفس الظاهرة لأن هذا الحقل المعرفي منذ نشأته قد عرف تطورا وتجددا في نظرياته ومناهجه وفقا لتطور وتجدد الظواهر السياسية الدولية [5]
الفصل الثاني :
المنهج في العلاقات الدولية
المبحث الأول : أهمية مناهج البحث في العلاقات الدولية .
المناهج في حالة تطور مستمر لا تجمد على حال واحد ذلك أنها تؤثر في الظواهر التي تدرسها ، كما أنها تتأثر بها إذ عبر المنهج ننظر إلى الظواهر وخلالها نقترب منها وكشف علاقاتها وارتباطاتها والمناهج تستطيع أن تقدم لنا صورا حقيقية أو قريبة من الحقيقة كلما حرصت على استيعاب جميع المتغيرات [6]، محاولة تحقيق مبدأ الإرتباط والتكامل بين الكثير من العوامل التي تؤثر في الواقع الدولي ومساعدة في ربط بين متغيرات الظاهرة الدولية لتقديم وصف حول هذه الأخيرة .
استقراء الواقع السياسي والدولي ودراسته للحصول على نتائج يمكن تعميمها فكريا ٢
تحليل الجوانب القانونية التي تهم علاقات الدول مع بعضها البعض أو باقي الأشخاص القانونيين المجتمع الدولي ٣.
وتتعدد المناهج بتعدد الظواهر محل البحث والدراسة وقد يصلح منهج للتعامل مع ظاهرة ولكنه قد يعجز مع اخر ، كما أن المنهج يضمر الخلفية الثقافية والإجتماعية التي ولد فيها والنسب الفكري الذي يكتنف صائغه والنموذج المعرفي الذي ساد تلك الحقبة التي ظهر فيها ومن ثم فإن ضرورة التعامل بحذر مع أي منهج لا مفر منها عند استخدامها في بيئته وبالأحرى في البيئة متباينة مع بئيئة ولادته وإمكانية إعادة تفكيكه وصياغته من جديد ليلائم الحقائق الجديدة ويلعب النموذج الفكري دوره في بناء المناهج والنظريات وفرض الفروض ومن ثم المنهجية نقوم بدور الواصلة بين عناصر ثلاثة هي الإطار المفاهيمي أو المرجعي -تقنيات البحث ووسائله -الخطوات المنطقية والإجرائية التي تتم بين العنصرين كما يلعب المنهج دورا مهما في تعريف المشكلات التي يمكن دراستها بطريقة علمية ويساعدنا على الحصول على البيانات ونقل تلك النتائج إلى المشتغلين بالبحث ، كما يقوم المنهج بوظائف التوقع والوصف وصياغة المفاهيم والمنهجية الفاعلة هي التي تجعل صاحبها قادرا على البحث والتحقق ، والكشف والإختيار للوصول إلى حقائق يعجز غيره عن الوصول إليها بدون أداة منهجية والمنهاجي المقتدر وحده يستطيع أن يحكم على مناهج الغير ومدى سلامتها ، كما يستطيع أن يحكم على منتوجاتهم المعرفية ( المعلومات المكتشفة ) ،كما تعمل المناهج على توليد المعارف عن القضايا التي كانت قبل ذلك في عداد المهمات بالإضافة إلى كون المنهج يقوم بدور رئيس في بناء النظرية أو اختيارها أو إعادة صياغتها .[7]
المبحث الثاني : أهم المناهج في العلاقات الدولية .
أ/المنهج التاريخي في دراسة العلاقات الدولية .
تتناول المنهج التاريخي في تحليل وتفسير العلاقات الدولية من خلال تتبع تطور المجتمعات في العلاقات الدولية في زمن محدود ومن ثم فمنهجية البحث هذه النظرية تعتمد على إعادة بناء الأحداث الماضية المدونة في الوثائق لتكون النموذج الذي يفسر من العلاقات الدولية وعلاقات المجتمعات والشعوب وبناءا على ذلك ينظر المؤرخ إلى الحاضر كنتيجة للماضي وينظر إلى المستقبل من خلال القوانين التاريخية التي تسيطر على كل الظواهر والتغيرات الإجتماعية وعلى هذا الأساس هناك من الباحثين من درس قوانين الحتمية التاريخية عند بعض المؤرخين والتي يمكن أن يعين المؤرخ على فهم ماذا يجب أن يحدث وليس ماذا حدث.
ولكن ما نركز عليه هنا هو الجانب التفسيري والتحليلي الذي يمدنا به المنهج التاريخي في دراسة الظواهر الماضية التي ولدت في ظروف زمنية لها خصائصها أو دراسة ظاهرة حاضرة تمتد جذورها إلى. الماضي والتطورات التي لحقتها والعوامل التي يمكن افتراضها خلف تلك التطورات ومقصدنا من استخدام المنهج التاريخي هو مقدرته التفسييرية التي يزودنا بها وهو يحاول أن يولي الزمن دورا معينا في ذلك التفسير وبصيغى أخرى إدخال المحيطة بميلاد ظاهرة وتعزيزها أو ضعفها أو اختفائها في تفسير ذلك .يعتبر المنهج أن فهم العلاقات الدولية ما هو إلا تطور تاريخي العلاقات الإنسانية تراكمت عبر الزمن فشكلت نسقا منظما لنمط معين من التفاعل بين الوحدات الدولية وفواعل النظام الدولي تتعامل مع بعضها البعض بناءا على الرصيد التاريخي من التطور الإنساني ولهذا فإن السياسات الخارجية للدول مرتبطة بعملية الصراع أو التعاون الماضية ولا يمكن فهم هذه التفاعلات الا بالرجوع إلا تاريخى ١
ب/ المنهج الواقعي في دراسة العلاقات الدولية .
هو منهج على اتصال بالواقع الدولي وأكثر تعبيرا عن أوضاغه ، حيث يقوم بتحليل الأحداث بالإرتكازعلى فكرتي القوة والمصلحة لأن المجتمع الدولي هو ميدان صراع مستمر بين القوى الكبرى للحصول على مصادر القوة ، فالنظام الدولي نظام فوضوي يفتقر إلى مركز توازن لعدم وجود سلطة عليا تنظم حركته إن حالة الحرب حسب المنهج الواقعي ليست وضعا استنتاجيا ، بل هي أمر طبيعي في العلاقات الدولية والصراع من وجهة نظره حالة لا يمكن تفاديها لذلك يعطي الأولوية لدراسة أثر القوة في العلاقات الدولية فالقوة عامل حاسم في السلوك الإنساني ، فالإنسان يسعى دون هوادة نحو امتلاك المزيد من القوة ولا يتوقف هذا السعي إلا عند الموت أما العهود ، المواثيق التي لا تضللها السوق فهي ليست إلا كلمات لا طاقة لها على حماية الإنسان ، وبالتالي فالمنهج الواقعي يقدم لنا تفسيرين أساسيين في العلاقات الدولية وهما :
أ/ إنه يفسر لماذا يمكن أو يجب أن يتم التعامل مع الدول على أنها فاعل عقلاني موحد على الرغم من كل الاختلافات الفعلية .
ب/ إنه يفسر لماذا يمكن أو يجب أن تعد الفوضى الدولية كحالة الحرب على الرغم من كل الاختلافات الفعلية لدوافع الدول في علاقاتها مع الدول الأخرى ولقد توصل هوبز إلى هاتين النقطتين مع مراعاة الطبيعة البشرية وطبيعة الدول .[8]
أهم رواده : نيكولا ميكيافيللي ، ثيوسيديس ، هيوز …الخ
ج/المنهج السلوكي في دراسة العلاقات الدولية . [9]
نشأ النموذج السلوكي كردِّ فِعْل للدراسات التقليدية غير المقارنة، والتي كانت تتَّسِم بالوصفية، وضيق الأفق، والتي ركَّزت على دراسة الجوانب الرسميَّة والقانونية للحكومات، وتَضمَّن النموذج السلوكي أيضًا نقدًا للتفكير السياسي التقليدي الذي ركَّز على وجود علاقة متبادَلة بين الحقائق والقيم، ولقد كان للتقدم التكنولوجي ولظهور الأبحاث العملية بعد الحرب العالمية الثانية أثرٌ على تطوُّر الاتجاه السلوكي في حقل السياسية، فلقد تأثَّرت العلوم السياسية بطرق البحث العلمي الجديدة من مسْحٍ وجمعٍ للبيانات، واستخدام للإحصاء والرياضيات والكمبيوتر، وصاحَبَ ذلك أيضًا زيادة في التركيز على الفلسفة الوضعيَّة التي تؤكِّد على ضرورة فصْل القيم عن العلم.
ويمكن تعريف السلوكية بأنها البحث المُنظَّم عن تعميمات أو قوانين عامة عن طريق صياغة النظريات التجريبية والتحليل التِّقَني وإثباتها من أجل تحقيق ذلك الفرض، وترتكِز السلوكية على قاعدتين، تدور الأولى منهما حول صياغةِ المفاهيم والفرضيات وشرْحها بطريقة منظَّمة، بينما تركِّز الثانية على طُرُق البحث التجريبية، ويُضيف الدكتور ملحم قربان بأن السلوكية:
“توجِّه اهتمامَها نحو دراسة السلوك السياسي دراسة علمية، وتستخدم المفاهيم السيكولوجية والذرائع الاختصاصية كوسائل تحليل، من أُوْلى صفاتها: الاعتقاد بأن وَحدة التحليل الاختباري أو التنظيري هي سلوك الأشخاص أو سلوك الجماعات، .
ويؤكِّد روبرت دال بأن الاتجاه السلوكي يُمثِّل احتجاجًا داخل حقل العلوم السياسية، نبَع من عدم الرضا بما قدَّمته المدرسة التقليدية بمناهجها التاريخية والفلسفية والوصفية من ناحية، ومن الرغبة في إيجاد منهج للبحث يركِّز على التجريب، ويسعى لبناء نظريات علميَّة تربِط حقل السياسة بحقول المعرفة الأخرى من عِلم نفس وعلم اجتماع واقتصاد وغيرها.
ولقد قام ديفيد إيستون أحد رواد المدرسة السلوكية بتحديد ثماني خصائص للسلوكية تتلخَّص في الآتي:
1- الانتظام Regularities: يؤمن أرباب المدرسة السلوكيَّة بأن هناك تَشابُهات ملحوظة في السلوك السياسي يُمكِن التوصل إليها بالتعميم أو التنظير القادر على التفسير والتنبؤ.
2- الإثبات Verification: ترى السلوكية أنه لا بد من اختبار صحة الفرضيات بمراجعة علاقتها بالسلوك؛ أي: بإخضاعها للاختبار التجريبي والملاحظة.
3- التقنية Technique s: تؤكِّد السلوكية بأنه لا يمكن التسليم بصحة طُرُق جمْع البيانات بصورة مطلَقة، فلا بد من فحْصها وتحسينها وإثبات نفْعها حتى يمكن التوصل إلى أمثل الوسائل لتسجيل وتحليل السلوك، وتَعتمِد المدرسة السلوكيَّة على طُرُق التحليل المعقَّدة، مثل: النماذج الرياضية، والمحاكاة، والمسح بالعينات وغيرها، ويعتقد السلوكيون بأن الاعتماد على التَّقنية سيُمكِّن الباحث من التجرد من القيم المؤثرة على طريقة التحليل.
4- القياس الكَمي Quantification: تتطلَّب دقة المعلومات الاعتماد على القياس الكَمي، وعليه فالطرق الرياضية في التحليل ستمكِّن الباحثَ من التوصل إلى معلومات دقيقة ومحدَّدة عن الحياة السياسية، بعكس ما لو استخدم الباحث الطرقَ النوعية غير الدقيقة في التحليل السياسي.
5- القيم Values: لا بد من فصْل التقويم الأخلاقي عن التفسير التجريبي، ولكن هذا لا يعني أن دارِس السلوك السياسي لا يتمكَّن من دراسة المعايير الأخلاقية طالما أن باستطاعته فصْل القيم عن الحقائق.
6- التنظيم المنهجي Systematization: لا بد من تنظيم التحليل لإدراك التداخل بين النظرية والبحث؛ فأرباب المدرسة السلوكية يؤكِّدون بأن العلم لا بد أن يركِّز على التنظير؛ فالبحث العلمي المنظَّم يهدف فقط إلى إيجاد نظريَّات علميَّة.
7- العلم الصِّرف Pure Science: يُعَد استخدام المعرفة جزءًا من العلم تمامًا كالمعرفة النظرية، ولكن معرفة وتفسير السلوك السياسي بالطرق العلمية لا بد أن يأتِيَا أولاً، ولا بد أن توضَع القواعد العلمية للانتفاع من المعرفة السياسية في حلِّ المشاكل الاجتماعية.
8- التكامل Integration: نظرًا لتداخل المفاهيم السياسية المعاصرة، ونظرًا لأن علم السياسة يُعالِج السلوكَ السياسيَّ للإنسان، فإن عُزِل هذا الحقل عن العلوم الأخرى يُعَد مؤشرًا خطيرًا يوحي بتدهور[10] المعرفة العلمية ككل، وعليه فإن تَسابُق العلوم الاجتماعية لتأكيد ذاتها واستقلالها قد يؤدى في النهاية إلى تقويض دعائم العلم نفسه؛.[11]
كان المنهج السلوكي يسيطر إلى حدٍّ ما على حقل السياسة الأمريكي؛ وذلك لأن الفضل يَرجِع له في تحويل اهتمام الباحثين عن التحليل التقليدي عن ضِيق الأفق والمنهج الوصفي، مما ساعَد على تعزيز الدقة العلمية وعلى زيادة تراكُم المعرفة.
المبحث الثالث : مستويات منهجية في العلاقات الدولية
منهجية البحث العلمي ترتبط بثلاث أبعاد رئيسية أما الأول فهو البعد الابستمولجي والثاني هو البعد الميتادلوجي والثالث هو البعد التقني وفي حين أن هناك اهتمام كبير بالبعد الثاني من حيث ضبط ما يتعلق بمكونات العلمية البحثية والبعد الثالث المتعلق باستخدام المراجع وكيفية الاستفادة منها وتوثيق مضمونها فان البعد الأول يبدو الأقل اهتماما فيما كتب من مؤلفات في منهجية البحث العلمي بالرغم من أنه يؤثر على البعد الميتادلوجي في تفاصيل عديدة ويزداد هذا البعد أهمية ارتباطا بخصوصية البحث في مجال العلاقات الدولية حيث أن ما يثار من قضايا في هذا المستوى قد تبدو مسلمات في مجالات معرفية أخرى فإنها تتبلور كإشكاليات عند البحث في مجال العلاقات الدولية.
وبالرغم من كثرة التعريفات التي قدمت لمفهوم الابستومولوجيا إلا أنها تعجز في تحصيل المعنى الحقيقي له، وتجاوزا لوسيلة التعريف يمكن مقاربة المعنى الحقيقي لمفهوم الابستومولوجيا من خلال اعتبارها أحد مستويات البناء المعرفي1 ، وهي تقع بشكل حصري تحت مستوى فلسفة العلم وفوق مستوى علم المنهجية، فالمستوى الأول أي فلسفة العلم هو أحد فروع الفلسفة الذي يضع العلم كموضوع أساسي له وهو باختصار يجيبنا عن سؤالين أساسيين: ما هي خصائص المعرفية العلمية؟ وكيف يمكن فهم نشأتها تطورها؟
أما المستوى الثالث فهو مستوى علم المنهجية أي المستوى الذي يضبط جملة الأدوات المستخدمة في بحث وتحليل الظواهر والأحداث والسلوكيات المختلفة سواء كانت هذه الأدوات عبارة عن مناهج أو اقترابات أو نماذج نظرية أو غيرها، ولا يمكن لهذه الأدوات إلا أن تنطبق مع طبيعة الظواهر ولذا فهذا المستوى هو الأكثر ارتباطا بخصوصية المعرفة في مجال معين، ويحوز علم العلاقات الدولية كتخصص معرفي على العديد من الأدوات البحثية والتحليلية والتي تراعي خصوصية الظواهر الدولية حتى وإن كان علم العلاقات الدولية كما يقول منظروه هو الأكثر انفتاحا على المجالات المعرفية الأخرى بحكم شمولية الظواهر التي يعالجها وكذلك شمولية نطاق البحث في حد ذاته .
وبين المستويين السابقين يقع المستوى الابستمولوجي ومحوره الأساسي – من وجهة نظرنا- هو ضبط الخلفيات والرهانات المعرفية التي ننطلق منها لمعالجة المواضيع المختلفة فإذا كان علم المنهجية يعرفنا – على سبيل المثال- بمجموعة من الأدوات التي يمكن استخدامها في ضبط الحسابات العقلانية عند فاعل معين أو في العلاقة بين مجموعة من الفواعل فان المجال الابستمولوجي هو الذي يحدد لنا شروط الاقتناع بالتحليل العقلاني لموضوع معين وذلك مرتبط بالرهانات المعرفية للمقاربة العقلانية للظواهر والسلوكيات، وبصورة عامة فان مجال الابستومولوجيا في حقل العلاقات الدولية يتوقف معنا عند أربع11 إشكاليات رئيسية تنطبق على كل المواضيع المعالجة وهذه الإشكاليات هي : إشكالية الكم والكيف، إشكالية التحيز، وإشكالية التعقد، وإشكالية العقلانية[12]
الفصل الثالث: النظرية في العلاقات الدولية .
المبحث الأول : المنظور والعلاقات الدولية The concept of paradigm and International relations
الحديث عن مفهوم المنظور في العلاقات الدولية ينبع من النقاش الدائر في العلوم الاجتماعية بصفة عامة حول قضية إنتاج المعرفة و إمكانيات تبويبها و تصنيفها طبقا لقواعد علمية معينة و هذا ما يشير للمفاهيم التي تنتقل من حقل معرفي إلى آخر. هناك ثلاثة مفاهيم تنتمي لمجالات معرفية مختلفة لكن لها نفس المنطلق:
- الجشتالتيةGestalt في علم النفس حيث الظاهرة السلوكية كلّ يستعصي عن التجزئة.
- التعاضديةSynergy أي تفوق مزايا الأخلاط على مكوناتها الفردية.
- الاعتماد المتبادلInterdependance حيث لا تكتمل حركية الجزء إلا بالارتباط مع غيره في نطاق الحياة الاقتصادية و السياسية العالمية.
بدأت هذه المبادئ تسيطر و تجعل من “عدم الاستقرار” الإيجابي أساس القفزات التي تبعث بالفكر البشري إلى الأمام.
تكمن أهمية مفهوم “المنظومة المعرفية”cognitive map إلى أنه لا يشير فقط إلى مجمل المعلومات التي يمتلكها الفرد أو الجماعة ‘ن أنفسهم و عن الكون بل إلى “شبكة الترابطات المنتظمة بين المعلومات عن الذات و عن الآخرين و عن الكون” أي أنها:
- معلومات حول الذات و الآخرين و الكون، سواء تعلقت بالشكل أو بالجوهر، صحيحة أم خاطئة.
- الترابط بين المعلومات مثل ما نمتلكه من فهم للعلاقة بين الفرد و الدولة و المؤسسات و توزيع الأدوار، سواء كانت صحيحة أو خاطئة.
- سلـّم قيمي يحدد نمط السلوك و هو نتيجة للعنصرين السابقين.
تكون المنظومة المعرفية أداة للتمييز بين مجتمع و آخر، فقد تتماثل المعلومات التي يختزنها مجتمعان لكن شبكة الترابط بين هذه المعلومات التي تمثل إطارا للتفسير العام للظواهر هي التي تختلف و من هنا يأتي التمايز بين سلـّم قيمي و آخر (مثال: نيل آرمسترونغ و يوري غاغارين).[13]
المبحث الثاني : دور النظرية في العلاقات الدولية .
النظريات مثل الخرائط يتم إنشاء كل خريطة لغرض معين وما يتم تضمينه في الخريطة يعتمد على ماهو ضروري لتوجيه مستخدم الخريطة يتم ترك كافة التفاصيل الأخرى لتجنب الإلتباس وتقديم صورة واضحة نظرا لأن الصورة ترسم ألف كلمة انتقل إلى Google واكتب Singapore MRt ثم انقر على الصورة هناك سترى الخريطة قم بتكبيرها والتحديق فيها للحظة ما تراه هناك خطوط ومحطات وبعض معلومات الوصول الأساسية لن ترى الطرق والبنوك والمحلات التجارية مخططة لأنها ليست ضرورية للسفر ، النظريات تفعل الشيء نفسه تضع كل نظرية مختلفة من IR على خريطة بناءا على ما يعتقد منظروها أنه أهم المتغيرات التي يتم رسمها على الخريطة ستكون أشياء مثل الدول والمنظمات والأشخاص والإقتصاد والتاريخ والأفكار ثم يستخدم المنظرون المتغيرات التي اختاروها لبناء رؤية مبسطة للعالم يمكن استخدامها لتحليل الأحداث وفي بعض الحالات الحصول على درجة من القدرة التنبؤية .[14]
تتضمن الأحداث الدولية سلسلة مستمرة من التفاعلات الصراعية تشمل الحروب والتوترات وأخرى تعاونية سلمية تشمل التنظيم الدولي ومحاولة إقرار السلم والأمن الدوليين عبر تطبيق مبادئ القانون الدولي والعمل المشترك بين الدول من خلال المنظمات الدولية والإقليمية ذات الطابع الإقتصادي أو السياسي الأمني ويشارك في صنع وصياغة هذه التفاعلات العديد من الفواعل المتباينة في نوعها وأهدافها ( دول ، أفراد ، جماعات وتنظيمات فوق قومية ،شركات متعددة الجنسيات ، منظمات حكومية وغير حكومية ، أمام هذا السيل العارم من الأحداث المتدفقة والمتداخلة على مستويات متباينة يواجه الباحث هذا الحقل جملة من الصعوبات في محاولته لفهم وتفسير الأسباب الحقيقية لهذه الظاهرة الخام
،فإلى جانب القضايا العسكرية هناك قضايا اجتماعية ،ثقافية واقتصادية تتحكم وتوجه السلوكات الدولية فتارة تنشأ الدولة علاقات مع منظمة دولية حكومية واخرى غير حكومية وفي الوقت ذاته تجد نفسها في ارتباط مع شركات متعددة الجنسيات ، حركات ومنظمات إرهابية تقتحم ساحة الأحداث العالمية وتصبح مصدر جديد يهدد أمن الدول والأفراد ، قضايا جديدة بيئية وأخرى ثقافية وكل هذه الفواعل تدخل في شبكة واسعة من التفاعلات العديدة فالنظرية تقوم بثلاث وظاىف :
الوصف ، التفسير ، التنبؤ .
المبحث الثالث : كيفية بناء النظرية في العلاقات الدولية وعلاقة النظرية بالواقع.
أ/كيفية بناء نظرية في العلاقات الدولية .
بناءا على ما سبق تبين مكونات الأساسية لأية نظرية ومن ثم الوظيفه المتوقعة منها وهي محاولة التفسير والتنبؤ ولكن كيف يتم بناء ذلك وما الذي يتطلبه التفكير النظري من الباحثين للوصول إلى التفسير والتنبؤ وللإجابة على ذلك يذكر والتز بضعة قضايا أساسية حول النظرية لا يمكن إغفالها وهي أن كل نظرية تتضمن على أقل فرضية نظرية Theoretical Assumption وتلك الفرضيات ليست بضرورة حقيقية لذلك لا يمكن للمرء أن يسأل عن صحتها بل السؤال عن مدى فائدتها ثم يجب أن يتم تقييم النظريات في إطار ما تدعي هي تفسيره وأخيراً ، النظرية كنظام تفسيري عام ، لا يمكن أن تقدم تفسيرا حول كل الخصوصيات ، يقول إيان كريب إن فهم النظرية مسألة تتعلق بتعلم للتفكير نظريا أكثر منها بتعلم النظريات ذاتها ولكن كيف يتعلم المرء التفكير نظريا ،يقدم جيمس روزناو J Rosenau تسعة نقاط جوهرية لٱكتساب عقلية تساعد في التفكير نظريا يمكن تلخيصها كالتالي :
أولا : للتفكير نظريا ، يجب أن يبتعد المرء عن التعامل مع القضية باعتبارها محاولة لبلورة تعريف جاهز النظرية ,ثانيا : أن يكون واضحا ،هل إنه يطمح الوصول إلى نظرية تجريبية أو نظرية قيمية معيارية أي هل البحث عن ماهو كائن أو مايجب أن يكون ثالثا : قادرا على افتراض أن الشؤون الإنسانية تستند إلى أسس منظمة ومنسقة آي هناك سبب لكل تأثير رابعا : ميالا إلى السؤال عن كل حدث ،كل حالة أو عن كل ظاهرة تستدعي الملاحظة .خامسا : مستعدا للادراك وقبول الحاجة الى التضحية بالوصف التفصيلي من اجل الملاحظات المجملة سادسا : متسامحه مع الغموض يقلق بشان الاحتمالات، يكون فاقد للثقه بالاحكام المطلقة سابعا: يكون مرنا وصاحب روح رياضيه حول الظاهره الدولية ثامنا : يكون قلقا ومربكا بحق شان الظاهرة الدولية تاسعا : ومستعدا لان يصبح مجربا مخطأ ،أي احتمالية الخطا تكون واردا عنده.[15]
ب/علاقة النظرية بالواقع :
من الممكن أن يستنتج المرء من كل ما تقدم بأن النظرية أساسا تبحث في ماهو قائم أو كائن ولا تبحث فيما يجب أن يكون إنها تبحث عن وقائع ولا تقدم تصورات أو رغبات ، لذلك فهي قبل كل شيء تتحدث عن واقع معين وتبدأ بعملية جمع المعلومات عن ذلك الواقع إلى محاولة تفسيره إلى احتمالات التوقع والتنبؤ بالمستقبل عوضا عن بعض الجهود لمحاولة تغيير مسار واقعة معينة باتجاه محدد مدروس .
يذهب مورجانتو H.Morgenthu إلى أن من الواجب الحكم على النظرية لا على ضوء مبادئ إطلاقية مقررة أو مفاهيم لا تتصل بالواقع بل على ضوء هدفها وهو تنظيم مجموعة من الظواهر الطبيعية وإضفاء المعاني عليها ،إذ بدون ذلك تظل مفتقرة إلى التماسك وعسيرة على الفهم ويجب أن تخضع هذه النظرية لاختبار مزدوج إحداهما تجريبي واخر منطقي [16]
المبحث الرابع : تقسيم النظريات في العلاقات الدولية ومستويات التحليل في العلاقات الدولية .
أ/تقسيم النظريات في العلاقات الدولية .
2- لا تتشابه النظريات حتى تلك التي تدرس نفس الموضوع أو المنطقة الجغرافية (هل هي حرب استعمارية في المجال الفكري ؟) مثل تهميش إفريقيا في الدراسات الأوروبية.
3- تختلف النظريات التي تدرس نفس المسار لأحداث معينة مما يعني أن النظريات مثل المنظار و لون العدسة، فالتشوه المقصود للعدسة يؤدي إلى تشويه الواقع، كذلك فإن المنطلقات المختلفة تقود إلى نتائج مختلفة.
4- كما تساعدنا الخرائط على منح معنى لما يحيط بنا فإن النظريات بنفس الطريقة تساعدنا على تبسيط العالم المعقد الذي نعيش فيه. إذ نختار من الأحداث الهائلة العدد ما نراه مهما و ذاك يؤثر بالضرورة على النتائج التي نتوصل إليها، فعملية التنظير تبدأ حين نقرر أي الأحداث أهم. يقول هيدلي بول (Hedley Bull): “إن السبب الذي يدفعنا للاهتمام بالنظرية و كذلك التاريخ هو أن النقاش حول الأحداث الدولية ينطلق دوما من مسلمات نظرية وجب الالتفات إليها و شرحها و انتقادها”.
أنواع النظريات
– يرى روبرت كوكس (Robert Cox) أن هناك نوعان من النظريات في العلوم الاجتماعية:
1- (Problem-solving theory) نظريات حل المشكلات و هدفها هو البحث عن أنساق عامة تخص العلاقات الاجتماعية و المؤسسات بشكل يسمح لها بإيجاد طريق للتعامل بطريقة فعالة مع مشاكل محددة داخل المجتمع.
2- (Critical theory) النظريات النقدية و توصف بالنقدية لأنها تبقي على المسافة بينها و بين النظام المسيطر و هدفها هو دراسة جذور و توجهات ذلك النظام بما فيه كل العلاقات الاجتماعية و المؤسسات الموجودة.
ملاحظة: يمكن للنظرية النقدية أن تكون دليلا يقود إلى العمل الاستراتيجي الذي يمكـّن من المساهمة في خلق نظام جديد بديل، في حين أن نظريات حل المشكلات هي دليل للعمل التكتيكي الذي يساهم بقصد أو بدون قصد في دعم النظام القائم.
يرى (Scott Burchill) أن هناك نوعان من النظريات:
1- (Explanatory) تفسيرية و هي نظريات هدفها شرح العلاقات الدولية باستعمال منهجية علمية صارمة و دقيقة تستعمل التجربة و التحقق من الفرضيات و تؤمن بوجود واقع قابل للاكتشاف و المعرفة.
2- (Reflective/ Constitutive) تكوينية و هي نظريات ترى أن الطريقة العلمية التي يدعي أصحابها أنها موضوعية خالية من الذاتية و محايدة خالية من القيم لا يمكن أن تكون كذلك. هل يمكن للباحث أن يبعد ذاته من التحليل ؟ إن الأفكار و المواقف و الأحكام المسبقة لا محالة تؤثر على النتائج التي يتوصل إليها الباحث.
يمكن أيضا تقسيم النظريات إلى نوعين أساسيين:[17]
1- النظريات الوضعية (Positivist theories) و ترى أن كل العلوم الطبيعية و الاجتماعية على حد سواء هي واحدة أي لفهم العالم الواحد الذي نعيش فيه يجب أن نتبع المنهج العلمي الذي يفرق بين الوقائع و القيم (facts/ values)، الإيمان بوجود أنماط متكررة، الاعتماد على الحاجة إلى ط للتأكد من صحة أو عدم صحة النتائج بواسطة الملاحظة (falsification or validation through observation).
2- النظريات ما بعد الوضعية (Post-positivist theories) لا ترى بأن التجربة تؤدي إلى نتائج مقبولة لأن موضوع الدراسة يستعصي على الأدوات العلمية ثم أن الذاتية مسألة لا يمكن التخلص منها.
يقدم (Hollis & Smith) تفرقة مهمة بين الشكلين:
- (Explainers) الشُرّاح أو المحللون و يحاولون تحليل الواقع باستعمال الملاحظة التجريبية باعتبار أنه باستطاعة الباحث الانفصال عن عملية التحليل.
- 2- ) الفهّام الذين يرون أن النظريات ما بعد الوضعية تهتم أكثر بمسألة الفهم و ترى أن الباحث جزء لا يتجزأ من عملية البحث.[18]
- يقول (Dessler) أن النظريات ما بعد الوضعية و النظريات النقدية “لا تعترف بوجود واقع مستقل منطقيا و سببيا عن العقل”.
- (Wittkopf & Kegley) يريان أن “لا أحد يعرف حقيقة العالم لأننا نرى العالم حسبما ندركه” أي أن فهمنا للعالم يعكس إدراكنا له.
- أما (K. Boulding) فيقول: “إن أفعالنا تعكس الصورة التي يبدو لنا عليها العالم و ليس بالضرورة صورة العالم كما هو”[19]
ب / مستويات التحليل في العلاقات الدولية :
تتعلق مستويات التحلبل بتفسير أسباب الظاهرة ١٩
تساعدنا مستويات التحليل على توجيه أسئلتنا وتشير إلى نموذج الدليل المناسب الذي يجب أن نبحث عنه ويساعدنا على صنع استنتجات المنطقية ويمكننا من اكتشاف كل مقولات التفسير
في تعميم استخدمه أول مرة كنيث والتز kenneth waltz يتم تقديم ٣ مصادر مختلفة من التفسيرات
١/الفرد :
هو المركز ، عندئذ تقدم التفسير الشخصية والإدراك والخيارات فعاليات صناع القرار الفردي والمشاركون الأفراد ( التصور ، العقيدة ، الإدراك ) 20
ب/ الدولة :
تعد الدولة في شكلها الحديث الوحدة الرئيسية في النظام الدولي ومن ثم فإنه يمكن تحليل العلاقات الدولية ومن خلال مفهوم الدولة والعلاقات بين الدول وإقرار أنصار المدرسة الواقعية بحدوث العديد من التغيرات في النظام الدولي منذ الحرب العالمية الثانبة فإنهم مازالو يرون بأن الدولة ما تزال الفاعل الرئيسي في السياسة الدولية لتصرفات الدول حيال بعضها البعض تتأثر بطبيعة العلاقة الموضعية بينها والتي يمكن استشفافها من خلال نوعية خصائص تلك الدول وتتعدد الخصائص المادية للدول في جوانب عدة مثل المساحة ، وتعدد السكان وتركيبهم النوعي والموارد الحالبة والمحتملة ومستوى النمو والقدرة على الوصول إلى البحار واستثمار ثرواتها والقدرة العسكرية .[20]
ج/النظام الدولي :
هو المركز عندئذ يمكن التفسير في الخصائص الفوضوية في ذلك النظام أو في المؤسسات الدولية والإقليمية وقوتها وضعفها وبإختصار فإن التحليل على مستوى النظام الدولي يركز على الصورة الكبرى للعلاقاتالدولية، ويعتمد في إحدى أساسياته عل أن هيكل النظام يؤدي الدور الأهم في تحديد سلوك الدول تجاه بعضها البعض. وهنا يتم التركيز على الشكل العام للسياسية الخارجية للدول العظمى وليس على دقائق الأمور التي تعتمد دراسة الحالة.[21]
خاتمة :
في الأخير نستنج أن كل لنظرية ومنهج دور مهم جدا في دراسة العلاقات الدولية ،حيث ترشدنا النظرية باتجاه فهم العلاقات الدولية وتقديم تفسيرات وتكشف علاقات جديدة وتتعدد النظريات في العلاقات الدولية حيث أن لكل نظرية مجموعة من المفاهيم التي ترتكز عليها أثناء تحليلها للعلاقات الدولية ويساعدنا المنهج على انتقاء أسئلتنا والتقرب من ظاهرة محل الدراسة ومناهج بدورها تتعدد وكل منهج لديها مفاهيم وأفكاره يستند إليها لتحليل العلاقات الدولية .
قائمة المراجع
أولا : باللغة العربية
٣١/محمد طاهر عديلة، تطور الحقل النظري للعلاقات الدولية :دراسة في المنطلقات والأسس ،أطروحة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه ، كلية الحقوق. العلوم السياسية جامعة باتنة
٢/د.محمد شلبي ، المنهجية افي التحليل السياسي المفاهيم المناهج الإقترابات والأدوات ،(الجزائر ، كلية الحقوق والعلوم السياسية )
٣/د.بوحوش عمار ، د.عباش عائشة وآخرون ،منهجبة البحث العلمي وتقنياته في العلوم الإجتماعية ،( ألمانيا ، المركز الديمقراطي العربي للدراسات الإستراتيجية والإقتصادية ،2019)
4/محمد نصر عارف ، إبستمولوجبا السياسة المقارنة : النموذج ، النظرية ، المنهج ،( بيروت :المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ، ط.١، 2002)
٥/هانس مورجانتو ،السياسة بين الأمم ، ت.ر:خيري حماد (القاهرة :الدار القومية للطباعة والنشر ،1964).
5/د.أنور محمد فرج ، نظرية الواقعية في العلاقات الدولية ، (مركز كردستان للدراسات الإستراتيجية السليمانية ،2007).
٦/كارين ،أ.منغست وايفان ،م.أريغون ، مبادئ العلاقات الدولية ،ت.ر :حسام خضور ،ط.١(سوريا ،دار الغرقد ،2003).
٨/محمود خلف ، أساليب ومناهج البحث في العلاقات الدولية والدراسات الدبلوماسية ، مجلة الثقافة والتنمية ،ع.58،(يوليو 2012).
9/د.بلعربي علي ،محاضرات نظريات العلاقات الدولية ، (كلية الحقوق والعلوم السياسية ، جامعة مستغانم )
10/النظرية والمنهج في العلاقات الدولية في https;//elearning_fcdr.univ-annaba.dz
11/د.يخلف عبد السلام ، تقسيم النظريات في العلاقات الدولية .
12/د.فخر الدين سلطان ، مستويات التحليل في العلاقات الدولية ونظرية المركب الأمني في https://www.academic.edu
13/د.بوزازي خليف ، مناهج البحث في العلاقات الدولية
14/حريزي زكرياء ، المنهج الواقعي في العلاقات الدولية
15/المنهج السلوكي في https://uomustansiriyah.edu
16/د.بلخيرات حوسين إشكاليات ابستمولوجية في العلاقات الدولية في https://eipss.eg.org
17/د.يخلف عبد السلام ، مفهوم المنظور والعلاقات الدولية
18/د.ابراهبم بولمخل ، نظرية في العلاقات الدولية
19/محمد يوسف ، مستويات تحليل في العلاقات الدولية ، دار منظومة ،ع.13،( أبريل )
20/النظام الدولي في https://political _encylopedia.org
21/د.يخلف عبد السلام ، مستوى التحليل
ثانيا :باللغة الإنجليزية
Stephen Mcglinchey, Rosie walters and christian scheinpflug, International Relation theory
[1] أد.بوحوش عمار ، د.عباش عائشة وآخرون ، منهجية البحث العلمي وتقنياته في العلوم الإجتماعية ، ( ألمانيا ، المركز الديمقراطي العربي للدراسات الإستراتيجية والسياسية والإقتصادية ، 2019) ، ص ١٣
٢د.محمد شلبي ،المنهجية في التحليل السياسي المفاهيم المناهج الإقترابات والأدوات ، ( الجزائر،كلية الحقوق والعلوم السياسية ) ، ص ١٣
٣مرجع سابق الذكر ، ص ١٤
[2]٣محمد طاهر عديلة، تطور الحقل النظري للعلاقات الدولية :دراسة في المنطلقات والأسس ،أطروحة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه ، كلية الحقوق. العلوم السياسية جامعة باتنة ، سنة 2015)، ص 68
4محمد نصر عارف، إبستمولوجيا السياسة المقارنة : النموذج المعرفي ،النظرية ،المنهج ( بيروت :المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ،ط.١، 2002)، 71
[3][3] د.بلعربي علي ، محاضرات نظريات العلاقات الدولية ، (كلية الحقوق والعلوم السياسية ، جامعة مستغانم )
[4] د.محمد طاهر عديلة ، تطور الحقل النظري للعلاقات الدولية : دراسة في المنطلقات والأسس ،( أطروحة مقدمة لنيل شهادة دكتوراة ، كلية الحقوق والعلوم السياسية ، جامعة باتنة ، سنة 2015) ص 69
[5] 6النظرية والمنهج في دراسة العلاقات الدولية في https://elearning _facdr.univ-annaba.dz
[6] محمد شلبي ، المنهجية في التحليل السياسي المفاهيم المناهج والإقترابات والأدوات ، ( الجزائر ، كلية الحقوق والعلوم السياسية ) ، ص١٣
٢مناهج البحث في العلوم السياسية في https ://www.bts.a٣
٣محمود خلف ، أساليب ومناهج البحث في العلاقات الدولية والدراسات الدبلوماسية ، مجلة الثقافة والتنمية ،ع.٥٨،( يوليو 2012)53
[7] المرجع سابق الذكر
٢ د.بوزازي خليفة ، مناهج البحث في العلاقات الدولية ، ص ١
[8] حريزي زكرياء ، المنهج الواقعي في العلاقات الدولية
[9] االمنهج السلوكي في https://uomustansiriyah .edu
[10] المرجع نفسه .
[11] د.بلخيرات حوسين ، إشكاليات ابستمولوجية في العلاقات الدولية في https://eipss.eg.org
[12] المرجع نفسه
[13] د.يخلف عبد السلام ، مفهوم المنظور والعلاقات الدولية .
[14] Stepheņ Mcglinchey ,Rosie Walters and Christian scheinpflug , International Relation theory,p2
د.ابىاهبم بولمخل ، نظرية في العلاقات الدولية .
[15] د.أنور محمد فرج ، نظرية الواقعية في العلاقات الدولية ، ( مركز كردستان للدراسات الإستراتيجية السليمانية ،2007)ص ١٠٢
[16] هانس مورجانتو ،السياسة بين الأمم ، ترجمة خيري حماد ( القاهرة : الدار القومية للطباعة والنشر ،1964,),ص ٢٣
[17] د.يخلف ، تقسبم النظريات في العلاقات الدولية
[18] االمرجع نفسه
ا
[19]د.فخر الدين سلطان ، مستويات التحليل في العلاقات الدولية ونظرية المركب الأمني الإقليمي ، في https://www.academic.edu
كارين أ.منغست وإيفان م.آريغوين ، مبادئ العلاقات الدولية ، ت.:حسام الدين خضور ، ط.١(سوريا ،دار الفرفد،2013)ص0
[20] محمد يوسف ، مستويات التحليل في العلاقات الدولية ، دار منظومة ،ع.١٣ ، ( أبريل ) ،ص38
21النظام الدولي في https://political_encyclopedia.org
د.يخلف عبد السلام ، مستوى التحليل