يقدّم لنا المفكر الألماني من أصل كوري بيونج-شول هان رؤيةً بعد-حداثية لمجتمع التواصل الشبكي، والبيانات الضخمة، تتّسم بنوع من التشاؤمية، التي قد تكون مفاجِئة لقارئه المبتدئ. لا يرى هان للحياة في العالم الافتراضي، مهما تمتع بإمكانات لا محدودة للتواصل الرقمي، دوراً إيجابياً في حياتنا على المدى البعيد. يعتقد هان أن المجتمع الرقمي مجتمع رقابي من نوع جديد، فيه يفصح المرء عن كل أسراره بإرادته الحرة، ومن ثم يسجن نفسه بشكل افتراضي. وفي هذا السياق، يُعدّ التواصل الشبكي، كما نعرفه اليوم، إحدى ممارسات السياسات النفسية، أو السيكوبوليتيكا. السيكوبوليتيكا هي فنّ سياسة المشاعر والأفكار؛ فإذا كانت أقصى إمكانات الرقابة قديماً منحصرة في متابعة الأفراد بصرياً وسمعياً، فإنّ لدى النيوليبرالية اليومَ إمكان مراقبة أحلامهم، وآمالهم، وأرواحهم ذاتها. يتميّز الطرح بجدلٍ مع بعض أهم مفكّري الحداثة وما بعدها في أوربا، متضافرٍ مع تسلسل الأفكار بشكل تلقائي، ما يجعله أسلوباً ملائماً حتى لغير المتخصص.
