تعتبر السياسة الخارجية للدول من أهم القضايا في حقل العلاقات الدولية وذلك راجع إلى أهميتها في تحديد شكل ومضمون هذه العلاقات، كونها فاعلا أساسيا ووحدة تحليل مركزية ولاسيما بعد الحرب العالمية الثانية، حيث تغيرت منهجية التحليل في السياسة الخارجية واتسع نشاطها ودورها في تحقيق التعاون الدولي والتقدم والازدهار وتحقيق السلم والأمن الدوليين.
ركون أن الجزائر دولة ذات مكانة جيوسياسية هامة خصوصا على المستوى الإقليمي تكتسي سياستها الخارجية أهمية بالغة للتأثير على مختلف القضايا خصوصا العربية والإفريقية منها، وهذا ما يستدعي منها تعزيز الدور الدبلوماسي في مواجهة القضايا الراهنة خاصة تلك المتعلقة بظاهرة الربيع العربي.
من بين أهم القضايا التي عرفتها منطقة الشرق الأوسط في مرحلة ما بعد 2011 ما عرف بظاهرة الربيع العربي أو الحراك السياسي الذي شهدته بعض الدول العربية ومنها دولة الجوار الشرقي للجزائر تونس، ونظرا لأهمية ومخاطر هذه الظاهرة كان من المفترض على صناع القرار الخارجي في الجزائر أن تكون لهم سياسة واضحة ومحددة قصد الحفاظ على أمن ومصالح الدولة، خصوصا أن هذه الظاهرة بدأت في دولة تونس وإنتشرت إلى بلدان أخرى كليبيا ومصر وصولا إلى الشرق الأوسط الذي يعتبر من أبرز المناطق الحيوية والغنية بالموارد الطبيعية ( النفط)، والتي تجلى فيها صراع واضح المعالم بين الدول الكبرى سعيا منها للسيطرة على ثروات المنطقة، ودول أخرى إقليمية تسعى إلى بسط نفوذها فيها حيث اهتمت الجزائر بقضايا الأمن في هذه المنطقة بحكم أهميتها الإستراتيجية وامتدادها الثقافي والسياسي
كما أنها تسعى جاهدة للحفاظ على العلاقات الوطيدة مع دول الشرق الأوسط و تعزيز التعاون والاندماج في المجال الإقتصادي والوقوف المشترك في وجه التهديدات الأمنية والإقتصادية التي تشهدها المنطقة العربية، كما لا يمكن إغفال قيمة الدور الذي تلعبه الجزائر كفاعل أساسي في القرار السياسي العربي والإسلامي والإفريقي، وكقوة تتحكم في أسواق النفط في العالم.
لذلك فتقارب دول الشرق الأوسط مع الجزائر يصب في مصلحة تحقيق التوازن الإقتصادي والسياسي مع دول المغرب العربي والجزائر بشكل خاص.
أهمية الموضوع:
تكمن أهمية الموضوع المراد دراسته في كونه من أهم المواضيع التي حاول المفكرون والأكاديميون دراسته لأنه متصل بالعلاقات الدولية عموما والسياسة الخارجية على وجه الخصوص، كما أن موضوع السياسة الخارجية للجزائر تجاه القضايا الإقليمية له من الأهمية ما جعل الكثير من الباحثين والدراسيين يلجؤون إلى البحث فيه من أجل الوصول إلى نتائج وحقائق
محاولة تسليط الضوء على كيفية صياغة القرار وتنفيذه ودور العوامل الشخصية والمؤسسات السياسية في السياسة الخارجية الجزائرية بالإضافة إلى محدداتها وتأثير البيئة الداخلية والخارجية في توجيهها.
كما تتجلى أهمية الموضوع أيضا في معرفة السياسة الخارجية الجزائرية اتجاه الشرق الأوسط والوقوف على المواقف التي اتبعتها تجاه الأحداث والأزمات التي تشهدها المنطقة خاصة بعد ظاهرة الربيع العربي.