يواجه فرحات مهني الذي يتزعم ما يسمى بحركة “ماك” و24 شخصا آخرين أمرا بالقبض الدولي، أصدره القضاء الجزائري، على أساس جمع أدلة مادية وتقنية تثبت وجود علاقة مع جريمة القتل البشعة التي تعرض لها جمال بن اسماعيل بدائرة الاربعاء نايث ايراثن، وفق ما ذكره النائب العام لمجلس قضاء الجزائر.
وينتظر هذا الإجراء القضائي الأول من نوعه منذ ظهور هذه الحركة سنة 2001، مسارين محتملين، أولاهما إمكانية تسليم مهني للسلطات القضائية الجزائرية، عملا باتفاقيات تعاون قضائية، على أساس الاتهامات الموجه إليه في اطار قضية مقتل جمال بن اسماعيل، انطلاقا من تصريحات مشتبه بهم، تفيد بأنهم ينتسبون الى حركة “ماك” التي يتزعمها مهني وينشطون في إطارها، بحسب ما كشفت عنه مديرية الشرطة القضائية في شكل اعترفات مصورة لهؤلاء.
و ثاني المسارات، هو امكانية اصطدام الأمر بالقبض بصفة اللاجئ، التي يكون مهني قد اكتسبها من منطلق نشاطه في إطار حركته الانفصالية عديمة التأثير في الواقع، وهنا يستوجب على السلطات المرور على عدة مراحل قضائية وقانونية وحقوقية على مستوى الدولة المستضيفة وعدة هيئات أممية وقضائية دولية، على غرار المفوضية العليا للاجئين التابعة المنظم الأمم المتحدة والمحكمة الاوربية لحقوق الإنسان، علما أن هذه الصفة قد تسقط في حالة انخراط المستفيد منها في التحريض على أعمال عنف وممارستها.
وأمام تعدد المسارات والمآلات المحتملة للأمر بالقبض الدولي الصادر في حق فرحات مهني ومجموعة من المتهمين الفارين بالخارج ، يوضح الحقوقي بوجمعة غشير بعض الجوانب القانونية والإجرائية المتوقعة ويقول إن السؤال المبدئي الذي يتعين طرحه قبل الخوض في قضية تسليم فرحات مهني، يتعلق بصفة فرحات مهني القانونية في الخارج، ففي حالة اكتسابه لصفة اللاجئ السياسي، يتابع غشير، فإن المعني يستفيد بنوع من الحماية الدولية التي تضمنها المفوضية السامية للاجئين.
ومن الناحية الحقوقية، يتابع غشير، يحظى اللاجئون بهذه الحماية الدولية بعد الموافقة على طلباتهم وادعاءاتهم بأنهم مضطهدون ومهددون بتعرضهم للتعذيب في بلدانهم، على خلفية آراءهم وأنشطتهم السياسية، وبعد تحقيقات تباشرها الهيئة الأممية مع منظمات حقوقية، للتأكد من صحة وواقعية وضعية هؤلاء.
وفي حالة ما إذا لا يتمتع المطلوبون من القضاء الجزائري وعلى رأسهم فرحات مهني بصفة اللاجئ، تكون التعاملات، بحسب غشير، مع مؤسسات الدولة المستضيفة او التي يقيم بها هؤلاء، مقابل تقديم الدولة صاحبة الأمر بالقبض، ملفات وضمانات بالمحاكمة العادلة وعدم ممارسة تعذيب على الأشخاص المتهمين.
وفي سؤال حول الطبيعة القانونية لعلاقة فرحات مهني بجريمة مقتل جمال وأعمال التخريب التي سبقتها، وتوجيه الاتهام له انطلاقا من تصريح متهمين بانتسابهم الى منظمة “ماك” وارتباطاتهم الهيكيلة بها، أفاد غشير أن هذه المنظمة تم تصنيفها ارهابية من قبل المجلس الأعلى للأمن، وبناء على هذا القرار يصبح كل منخرط او مسؤول في هذه المنظمة خارج القانون ومحل متابعة قضائية تلقائيا، بالأخص زعيمها او المسؤول الأول عليها.
أما على مستوى ملف قضية مقتل جمال بن اسماعيل وجرم إضرام النيران، قال المتحدث، إنه لا يمكن تقديم قراءة قانونية مفصلة في ظل عدم توفر معطيات أكثر حول هذه الجزئية، غير أنه يمكن أن يتم تحديد مسؤوليات جنائية اذا تم اكتشاف وجود أوامر صدرت لبعض العناصر او تعليمات لتنفيذ هذه المخططات، سواء بشكل مباشر او عن طريق أعوان او مضامين اتصالات وتم اثباتها تقنيا.
وما عدا الإشكالات القانونية او الاجرائية التي تقف أمام استلام 24 مشتبه به فار بالخارج، اعلن القضاء أن جمال بن اسماعيل شخص بريء تتنقل ضمن المتطوعين الذين هبوا لمساعدة السكان في مواجهة تلك المحنة، غير أنه تم الانفراد به على اساس ترويج أخبار كاذبة، وانتزاعه بالقوة والعنف من قبضة قوات الأمن، ما حال، وفق تصريحات النائب العام، دون حمايته واستئصاله من أيدي المجرمين، الذين قتلوه ونكلوا بجثته وتم تصويره عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
ومما كشف عنه النائب العام أنه تم إلقاء القبض على 88 شخص بينهم 3 نساء وقاصر، و24 ينتسبون الى حركة “ماك”، فيما لا يزال 29 شخص في حالة فرار، كما تم حجز عديد ادلة الاقناع وصور وفيديوهات وفق ما كشف عنه النائب العام.
وسُئل المسؤول القضائي من قبل الصحافة، على جزئية العنصر الأجنبي، وقال في رده أن عدة معطيات تدل على وجود تدبير مسبق وممنهج ووجود دور العنصر الأجنبي والذي اكدته معطيات تقنية، اولا في التدبير لهذه الواقعة و التخطيط لها، وكذا ترويجها بغرض تأجيج النفوس لخلق الهلع وعدم الاستقرار، قائلا إنه لا يتحدث عن دولة او دول، بل يتحدث عن “عامل أجنبي”، مثبت باتصالات وتحويلات مالية.
وفي سؤال صحفي آخر بخصوص مسؤولية أفراد الشرطة في مقتل جمال، ذكر المتحدث أن مصالح الشرطة استعملت كل ما لديها من قوة لحماية الضحية جمال، إلا ان المجرمين استعملوا القوة والعنف، ولا توجد معطيات على غاية اليوم، يضيف المصدر نفسه، تثبت تورط الشرطة في الجريمة، و إنما العكس هناك هيئة الشرطة هي الضحية، بدليل ان عناصر شرطة تعرضوا لاعتداء اثناء تأدية واجبهم.
أما بشأن الأسئلة عن مضامين هاتف الضحية التي قالت الشرطة انها تتضمن على “معطيات مذهلة” فاختار منشط الندوة عدنم الافصاح عنها، بمبرر أنها لا تزال قيد التحقيق والتمحيص من قبل قاضي التحقيق الذي يشتغل على الملف.
وتستعين السلطات القضائية، وفق المصدر نفسه، باستعمال ىليات تعاون دولية بعد “ثبوت تورط عناصر متواجدين خارج التراب الوطني”، وبدا منشط الندوة متأكدا بأنها ستأتي بثمارها، خصوصا ما تعلق بالأوامر بالقبض الدولية عبر منظمة “الانتربول”. ولم يتردد المسؤول في دعوة الدول المعنية بالتعاون في هذا الإطار وتوقيف المعنيين لتسليمهم لسلطات الجزائرية، نظرا لخطورة لوقائع المرتكبة.
وبنبرة وعيد، خاطب المتحدث المشتبه بهم الفارين بالقول “إنهم لا يعرفون الطمأنينة مادامت ملفاتهم مطروحة امام الجهات القضائية بسبب الوقائع الخطيرة.