القانون كوسيلة لتحقيق أسمى غايات المجتمع، ما هو إلا مرآة عاكسة لقيم ومثل ذلك المجتمع وموروثاته الحضارية. المجتمع الدولي، وإن بدا . لجهة مقومات تكوينه . مختلفة عن مجتمع الدولة الداخلي، فهو في نهاية المطاف يظل منظومة اجتماعية، يمثل أعضاؤه أساسا في دول ذات سيادة لا يمكن لها العيش بمعزل عن بعضها، الأمر الذي يحتم وجود نظام قانوني يحكم تعاملات هذه الدول وعلاقاتها التي ما برحت تتسع يوما بعد آخر لتغطي مختلف جوانب الحياة. تلك هي مسؤولية ذلك الفرع من القانون الذي يطلق عليه القانون الدولي العام).
أولا : تعريف القانون الدولي العام:
القانون الدولي العام هو الفرع الخارجي للقانون العام، وفي تعريفه يبرز على السطح اتجاهان أحدهما تقليدي والآخر حديث. الخلاف بين الاتجاهين يتمحور حول الأشخاص القانونيين المعنيين بتطبيق أحكام هذا القانون.
الاتجاه الأول يرى أن الدول وحدها تمثل أشخاص القانون الدولي باعتبار أن الدولة هي الوحيدة المؤهلة لتمثيل التنظيم السياسي والقانوني للمجتمع الدولي. أما الاتجاه الحديث فيرى أن الواقع المعاصر للعلاقات الدولية لم يعد يحتمل حصر آثار قواعد القانون الدولي على علاقات الدول فيما بينها، ويترتب على ذلك حتمية توسيع نطاق هذه القواعد لتشمل كل أنشطة وروابط المجتمع الدولي، سواء أكان أطرافها دولا أم منظمات دولية أم أفرادا).
