حيثُ قامت بتحليل واقع تلك الحركات بالاستناد إلى أساس منهجي موضوعي قائم على وضع نموذج مثالي وقياسي ودقيق لل”حركة الاجتماعية” يُحيط بالمكوّنات والآليات والخصائص التي تضمن لهذه الحركة درجة أكبر من الفعالية والاستمرارية في الفعل حتى تحقيق الأهداف. وقامت هذه الدراسة بوضع فرضية مفادها أنّ الحركات الاحتجاجية التي ظهرت في الثورات التي انطلقت في كلٍّ من مصر وتونس والبحرين قد ابتعدت بشكل كبير عن النموذج المثالي المنظَّم للحركة الاجتماعية، وهو الأمر الذي أدى إلى انتكاسة كلّية أو جزئية في مُجريات مسار التغيير السياسي في هذه الدول، وقادَ إلى فشل هذا المسار في تحقيق أهدافه. حيثُ تمّ فحص هذه الفرضية بالاعتماد على منهج دراسة الحالة الذي تمّ فيه أخذ الحركات الاحتجاجية في كلٍّ من مصر وتونس والبحرين كوحدة تحليلية تستحقّ الدراسة المعمقة، والمنهج التاريخي الذي تمّ من خلاله الرجوع إلى جذور وبدايات تشكلّ تلك الحركات في كلّ دولة من الدول الثلاث ثمّ تتبع تفاعلاتها وصولاً إلى ظهورها كفاعل أساسي مساهم في ثورات الربيع العربي التي انطلقت في هذه الدول، والمنهج المقارن الذي تمّ استخدامه في بناء مقارنة بين هذه الحركات استناداً إلى اقترابها أو ابتعادها من النموذج المثالي للحركة الاجتماعية، ثمّ الوقوف على مدى مساهمة هذا الاقتراب أو الابتعاد في الوصول إلى نتيجة الاختلاف في مخرجات مسار التغيير السياسي في هذه الدول الثلاث (النجاح/ الفشل في تحقيق الأهداف المرجوة من عملية التغيير).
وتمّ تقسيم المراحل الزمنية للدراسة بحيث تتناول نشأة وسيرورة الحركات الاحتجاجية في مصر وتونس والبحرين من فترة ما قبل الاستقلال وتأسيس الدولة حتى العقد الأخير قبل انطلاق ثورات الربيع العربي. ثمّ تحلّل واقع الحركات في تلك الدول منذ لحظة تفجّر ثورات الربيع العربي وحتى الوقت الحالي. وخلصت هذه الدراسة من خلال تتبعها التاريخي للاحتجاجات التي حدثت في مصر وتونس والبحرين قبل اندلاع ثورات الربيع العربي -منذ عهد الاستعمار وحتى العقد الأخير قبل الثورات- إلى أنّ تلكَ الاحتجاجات التي جاءت في شكل حراكات احتجاجية متفرقة كانت تحدث في فترات زمنية متباعدة، والتي شهدت تطوراً ملموساً في عنصر الزخم في العقد الأخير قبل ثورات الربيع العربي، حيثُ ظهرت في هذا العقد في أشكال حركات أكثر زخماً، قد ابتعدت عن النموذج المثالي للحركة الاجتماعية، وهو ما أدى إلى فشلها في تحقيق أهدافها في هذه الفترة.
وتوصلت هذه الدراسة من خلال تحليل واقع الحركات الاحتجاجية في مصر وتونس والبحرين في مرحلة تفجّر ثورات الربيع العربي في هذه الدول إلى أنّ هذه الحركات جميعها قد ابتعدت في تركيبتها عن النموذج المثالي للحركة الاجتماعية، وهو ما أدى إلى فشلها في تحقيق الأهداف التي جاءت بها إبان الثورة، وقاد بمسار التغيير السياسي الذي بدأ في الدول الثلاث إلى وضعه الحالي والراهن.