تحتل سوريا موقعًا جيوستراتيجيًا مهمًا في الشرق الأوسط، حيث تربط بين آسيا وأفريقيا، وتطل على البحر المتوسط. هذا الموقع الحيوي جعل منها ساحة صراع بين القوى الإقليمية والدولية الرئيسية التي تسعى لتعزيز نفوذها في المنطقة.
أما لروسيا، تمثل سوريا حليفًا إستراتيجيًا يضمن لها نفوذًا في الشرق الأوسط ووصولاً إلى البحر المتوسط. كما أن الوجود العسكري الروسي في سوريا يعزز مكانتها كقوة عالمية رئيسية وشريك لا غنى عنه في أي حل سياسي للأزمة السورية.
و بالنسبة لإيران، فإن دعمها للنظام السوري يضمن لها ممرًا برياً إلى حزب الله في لبنان ومنطقة المتوسط، بالإضافة إلى الحفاظ على تحالف “المقاومة” ضد النفوذ الغربي والإسرائيلي في المنطقة.
في المقابل، تسعى القوى الغربية، بقيادة الولايات المتحدة، إلى الحد من النفوذ الروسي والإيراني في سوريا، حيث ترى فيهما تهديدًا لمصالحها الإستراتيجية في المنطقة. كما تدعم الغرب قوى المعارضة السورية في محاولة لإحداث تغيير نظام في سوريا.
من جهتها تلعب تركيا أيضًا دورًا محوريًا في الصراع السوري، حيث تدعم فصائل المعارضة المسلحة وتسعى للحفاظ على نفوذها في شمال سوريا لأسباب أمنية واقتصادية وعرقية.
أما إسرائيل، فهي قلقة من تعزيز التواجد الإيراني في سوريا، الأمر الذي تعتبره تهديدًا لأمنها القومي. لذلك، تدعم إسرائيل أي جهود تهدف إلى إضعاف محور “المقاومة” الإيراني في سوريا.
فالصراع السوري في جوهره صراع جيوسياسي بين القوى الكبرى على النفوذ والمصالح الإستراتيجية في المنطقة. وأي حل سياسي للأزمة السورية سيتطلب توازنًا دقيقًا بين هذه المصالح المتضاربة، الأمر الذي يجعل من الأزمة السورية واحدة من أكثر الأزمات الدولية تعقيدًا وصعوبة في الوقت الراهن.