اعداد : فريد بغداد – كاتب وباحث في الشأن الجزائري والمغاربي
- المركز الديمقراطي العربي
تدخل الجزائر مرحلة ثانية ضمن مسار الخروج من أزمتها السياسية التي بدأت برفض شعبي عارم لترشح الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة في فبراير/ شباط 2019، تحوّل خلال أيام إلى حراك شعبي يرفع مطالب سياسية متعددة أهمها إسقاط الولاية الخامسة لبوتفليقة، لينتهي بها المطاف إلى أن تفرض السلطة الانتقالية قراءة دستورية للحل، بداية بتمديدٍ كان أشبه بتأويل خارج سياق النص الدستوري، لفترة رئاسة عبد القادر بن صالح للدولة إلى حين انتخاب رئيس للجمهورية1، أجرى أثناءه انتخابات رئاسية حام التباس كبير حول نزاهتها؛ وتحديدا طريقة استدعاء الهيئة الناخبة، والتي كانت في شكل أمر صريح صادر من قائد الأركان أحمد قايد صالح حدّد من خلاله تاريخه2 في 15 سبتمبر/أيلول 2019، وهو ما أقره رئيس الدولة عبد القادر بن صالح الذي أصدر قرارا بإجراء الانتخابات الرئاسية بعد ثلاثة أشهر في 12 ديسمبر/ كانون الأول 2019، والتي فاز بها المرشح عبد المجيد تبون المحسوب على النظام، ما زاد من تعزيز الشكوك القائمة بكون السلطة الفعلية أقدمت على خلق إخراجٍ سياسي موائم لحل أزمة انتقال السلطة في البلاد.
وعلى بعد أحد عشر شهرا عن رئاسيات ديسمبر/ كانون الأول 2019 يأتي الاستفتاء على الدستور في الفاتح من نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، كخطوة ثانية في طريق تشكيل النظام الجزائري للمشهد السياسي، وقد أفضى إلى انقسام واضح للشارع الجزائري حيال الدستور الجديد، بين مقاطع ورافض ومؤيد.
- الشارع السياسي الجزائري ما بعد حراك 22 فبراير 2019
أسهمت أسقف المطالب السياسية المتفاوتة لدى كل تيار سياسي داخل الحراك الشعبي، وعلى مدار أشهر منه في تقسيم الساحة السياسية إلى تيارين بارزين، يحمل كل منهما تصورا لحل الأزمة السياسية بناء على متغيرات تحكم سلوكه السياسي، أهمها متغير بقاء/زوال رموز النظام السابق وخصوصا تلك التي أخذت على عاتقها تسيير المرحلة الانتقالية وفقا لمنطوق دستور 2016، إضافة إلى متغير الاستمرارية/القطيعة مع نظام الحكم ككل والتأسيس لمنظومة سياسية جديدة.
- دعاة المسار التأسيسي:
تأخذ مبررات هذا التيار من أجل التغيير منحى جذريا في مقاربته لأسباب الأزمة السياسية، حيث يضع أصبعه مباشرة على إشكالية طريقة إدارة الحكم في الجزائر، فهو يرى أنها تستند منذ الاستقلال إلى سلطة فعلية بخلفية عسكرية ومخابراتية تصدر الإيعاز لواجهة مدنية تتقدمها في الداخل والخارج لتنفذ إرادتها على الأرض، ورغم إعلان قيادة مؤسسة الجيش صراحة خلال الحملة الانتخابية الرئاسية قبل نحو عام بانتهاء عهد صناعة الرؤساء3، لا يزال أنصار هذا التيار يتشبثون وبإصرار بتصورهم للعلاقات السلطوية التي تستند إلى مؤسسات رسمية قائمة لكنها وعلى الدوام تفتقد إلى شرعية تعكس تمثيلا شعبيا حقيقيا، حيث أنها تمثل تركة لحكم بوتفليقة الذي شابته العديد من التجاوزات حيال نزاهة وشفافية العملية الانتخابية التي أفرزت تلك المؤسسات، كما أن هذا الاتجاه السياسي لا يزال يؤكد على كونها ظلت قائمة بعد استقالته التي أجبرته عليها قيادة الجيش4، وعلى الرغم من أن الحراك الشعبي طالب بحلها منذ البداية، إلى جانب أحزاب السلطة التي يتهمها بإفساد الحياة السياسية وباستخدام المال السياسي الفاسد طيلة ما يربو على عقدين، لم تلتفت السلطة الانتقالية أو حتى الرئيس المنتخب عبد المجيد تبون لهذه المطالب حيث أنه لا يوجد في وثيقة الدستور المعروض للاستفتاء ما يتضمن ذلك، وعلى هذا الأساس فإن هذا التيار يرفض رفضا قاطعا مشاركة أحزاب السلطة وخاصة جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي في المسار التأسيسي الذي يطالب به كحل أوحد للأزمة، وبعد أن أصبح المسار الدستوري واقعا حتميا فرضته السلطة الانتقالية برئاسة رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح رفض هذا التيار بشكل قاطع المشاركة في الرئاسيات وقاطعها، كما أن طيفا واسعا منه يشكّل لفيفا غير متجانس من حساسيات حزبية ومستقلة مختلفة، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، ومتناقضة إيديولوجيا غير أنها تجمع على الحل التأسيسي، لا يزال يصر على مقاطعة الاستفتاء على الدستور في الفاتح من نوفمبر القادم.
- أنصار الحل الدستوري:
انطلق هذا الفريق مع بداية المسيرات الشعبية من مخاوف لازمته طيلة أسابيع الحراك التي شهدت تأزما بين المتظاهرين والسلطة الانتقالية من المستقبل المجهول الذي ينتظر الدولة الجزائرية، حيث ظلّ شبح مصير دول الربيع العربي بمظاهر الدمار والهشاشة المتفاوتة من بلد إلى آخر مخيما على الشارع السياسي الجزائري، على إثر رفض الحراك في البداية لإجراء انتخابات رئاسية دعا إليها رئيس الدولة عبد القادر بن صالح في 4 يوليو 2019، خلال فترته الدستورية التي كانت تمتد لثلاثة أشهر، غير أن دخول قائد الأركان أحمد قايد صالح على خط الأزمة وبشكل أسبوعي عبر خطاباته التي كان يلقيها خلال خرجاته الميدانية، والتي كانت تتضمن تباعا وبوضوح رؤية المؤسسة العسكرية لحل الأزمة، جعل قسما كبيرا من الحراك يصطف خلفه خاصة وأنه قدم قراءة مقنعة له بخصوص أسباب الأزمة التي ربطها بــ “عصابة” فاسدة كانت تدير دفة الحكم، كما أنه أظهر انتماء الجيش العروبي – الإسلامي والتزامه ببيان الثورة التحريرية5.
وإضافة إلى التيار العروبي- الإسلامي داخل الحراك ظل أنصار أحزاب السلطة؛ جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، ينتظرون فرصة مناسبة للتموقع في خريطة المرحلة الجديدة، والتي حانت منذ توضحت رؤية المؤسسة العسكرية للحل، فكان أن أيد هذا الفريق إجراءات السلطة الانتقالية المسنودة من مؤسسة الجيش، والتي أفضت إلى إجراء انتخابات رئاسية في 12 ديسمبر/ كانون الثاني 2019 شابها الكثير من اللغط على خلفية المسار غير التوافقي الذي أفضى إليها، بداية من طريقة تشكيل لجنة الحوار الوطني وتعيين رئيسها كريم يونس؛ رئيس البرلمان الجزائري خلال ولاية بوتفليقة الرئاسية الأولى (1999-2004)، إلى جانب أعضائها، والتي لاقت رفضا قاطعا من الحراك صاحبه عزوف رموز وشخصيات سياسية ووطنية وازنة عن الانضمام إليها؛ كان أبرزها أحمد طالب الإبراهيمي وعبد العزيز رحابي الوزيران الأسبقان6، مرورا بتعيين لجنة الإشراف على الانتخابات والتي يرأسها إلى الآن محمد شرفي المحسوب على بوتفليقة حيث أنه سبق له وأن تقلد منصب وزير العدل في عهده.
- مطبات التعديل الدستوري الجديد
طرح الرئيس عبد المجيد تبون وثيقته لتعديل الدستور في ظروف استثنائية ميزها انتشار جائحة كورونا، التي ألقت بظلالها من خلال إجراءات الوقاية المتبعة على مسيرات الحراك الشعبي، حيث شهدت توقفا تقنيا لم يؤد رغم ذلك إلى تنازل أنصار الحل التأسيسي عن مطالبهم الأساسية التي واكبها رفضهم القاطع لخيار السلطة الدستوري وعدم الاعتراف ضمنيا بشرعية عبد المجيد تبون كرئيس للجمهورية، والذي بدا غير ملتفت لتصورات هذا التيار حيث أنه مضى في خطته للخروج من آثار أزمة انتقال السلطة، والتي كان التعديل الدستوري مرحلته القادمة.
تنصيب لجنة أحمد لعرابة لإعداد مقترحات الدستور
ترك تعيين رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون لأحمد لعرابة، الأستاذ في القانون، على رأس لجنة الخبراء المكلفة بإعداد مقترحات تعديل الدستور في 8 يناير/ كانون الثاني 2020 صدمة كبيرة في الشارع السياسي الجزائري، الذي كان لا يزال يشهد مسيرات أسبوعية للحراك الشعبي ترفع مطالب راديكالية وتنادي برحيل جميع رموز نظام بوتفليقة، ويعدّ أحمد لعرابة الذي يشغل منصب عضو لجنة القانون الدولية لهيئة الأمم المتحدة منذ سنة 72012، مهندسا للتعديلات الدستورية التي أجراها الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة في 2008 والتي أتاحت له فتح الولايات الرئاسية، التي كانت محدّدة في دستور 1996 بولاية قابلة للتجديد لمرة واحدة فقط، ما سمح لبوتفليقة من أن يكمل ولايته الرابعة وهو في حالة صحية جدّ متدهورة، تركت جدلا واسعا حول مدى إمكانية إشرافه الشخصي على الملفات السياسية ودور شقيقه السعيد بوتفليقة في إدارة دواليب السلطة، وتدخّله في مسألة ترشيحه لولاية خامسة لاقت رفضا شعبيا عريضا تحوّل في 22 فبراير/شباط 2019 إلى حراك عارم في شوارع المدن الجزائرية وساحاتها، هذا بالإضافة إلى التعديل الأخير في 2016، والذي كان ينتظر منه الشارع السياسي الجزائري الكثير كونه أتى على خلفية احتجاجات اجتماعية عارمة تزامنت مع ثورات الربيع العربي عُرفت محليا بمظاهرات الزيت والسكر8، غير أن إبقاء بوتفليقة على صلاحيات واسعة فيه أكدت أن مسار التعديل الدستوري الذي بدأه وقتها بإطلاق حملة استشارات حزبية ومجتمعية واسعة، لم يكن سوى مراوغة لكسب الوقت والتريث في انتظار مآلات درامية لثورات الربيع العربي، تمنحه مشروعية فرض إرادته وتتيح له الالتفاف على مطالب شعبية رُفعت قبل خمس سنوات عن تعديله للدستور في 2016.
ولعل هذا الرصيد الدستوري والقانوني لأحمد لعرابة ومساهمته في إخراج فترة حكم بوتفليقة من الناحية الدستورية بطريقة ملتبسة جعلته يبدو في مظهر المتواطئ، هو ما جعل الحراك الشعبي والشارع الجزائري يتلقفان تعيين الرئيس تبون له، على أنه استمرار في أساليب إدارة البلاد وردّة من تبون عن وعوده الانتخابية في إجراء تغييرات جوهرية تمس منظومة الحكم.
مواد ملغّمة تُفقد الدستور الجديد الإجماع والتوافق
مثّلت تصريحات لعرابة باختفاء عناصر الهوية الجزائرية، الإسلام والعربية والأمازيغية مستقبلًا من دستور البلاد، لصالح تكريس قيم المواطنة والمساواة بين جميع الجزائريين، استفزازا للشارع السياسي الجزائري، حيث أكد بهذا الخصوص أن المجتمع الجزائري غير مستعد بعد لمفهوم المواطنة، “فالدستور موجّه لمواطنين وليس لمؤمنين، وبالتالي فإن عناصر الهوية يمكن إبعادها عن الدستور تدريجيا، ليصبح بإمكان أي جزائري أن يكون مواطنا فقط دون أن يكون عربيًا ولا أمازيغيًا ولا مسلمًا، وهكذا فإن العناصر المكوّنة للهوية ستختفي من الدستور مستقبلا”9.
وقد تأكدت رؤية لعرابة عندما قدم عرضه حول مقترحات تعديل الدستور للرئيس عبد المجيد تبون، والتي لم تأت بجديد قد يميزها عن دستور 2016، حيث انقسم الشارع حيالها بين رافض للتمكين للغة الأمازيغية في وثيقته غير النهائية ومرحب بها، كما أنه فتح نقاشا مجتمعيا حولها جرّ إليه مجموعة من الأحزاب السياسية التي قاطعت الانتخابات الرئاسية؛ على غرار حركة مجتمع السلم وجبهة العدالة والتنمية وحركة النهضة، والتي تنتمي جميعها إلى التيار الإسلامي، وقد تمحور هذا النقاش بالإضافة إلى مواد الهوية حول منظومة الحكم وخاصة طبيعة النظام السياسي وصلاحيات رئيس الجمهورية، التي بدت لهذا الفصيل السياسي أنها أهملت كثيرا مسألة التقيد بفصل واضح بين السلطات في وثيقته الدستورية، حيث ظل رئيس الجمهورية على الرغم من العودة إلى نظام الولاية الرئاسية الواحدة القابلة للتجديد لمرة واحدة فقط، يستحوذ على صفة القائد الأعلى للقوات المسلحة والقاضي الأول في البلاد، إضافة إلى استئثاره بنصيب وافر من التعيينات في المسؤوليات العسكرية والمدنية والقضائية، بل وحتى صلاحية تعيينه لثلث أعضاء مجلس الأمة الغرفة العليا في البرلمان الجزائري.
وحتى بعد إنزال العديد من المقترحات التي تقدمت بها أحزاب ومنظمات مدنية وشخصيات وطنية على النسخة النهائية للدستور، إلا أنها ظلت تحمل الكثير من الغموض حيال طريقة تشكيل الحكومة، حيث أنها حوت بدعة دستورية لا يمكن إيجادها في أي وثيقة دستورية عبر العالم10، لتضمّنها احتمالين اثنين في مسألة انبثاق الحكومة من الأغلبية الفائزة بالانتخابات النيابية، الأول تكون معه هذه الأغلبية رئاسيةً، ما يفضي إلى تعيين رئيس الجمهورية لوزير أوّل يحمل على عاتقه تنفيذ برنامجه الانتخابي، والثاني يصبح معه بإمكان الأغلبية البرلمانية التي يوحي مدلولها بكونها تابعة للمعارضة، أن يكون لها رئيس حكومة يعيّنه رئيس الجمهورية منها ويناط له تنفيذ برنامج الأغلبية البرلمانية بالتنسيق مع رئيس الجمهورية11.
مؤسسات تفتقد للشرعية الشعبية:
على الرغم من كون الجزائر شهدت حراكا شعبيا عارما ملأ الساحات والشوارع بهتافات طالبت برحيل رموز النظام، وحلّ المؤسسات والمجالس المنتخبة إضافة إلى حزبي السلطة؛ جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، اللذان يرى الشارع الغاضب أنهما من أبرز الأسباب في استشراء الفساد السياسي والاقتصادي الذي طبع حكم “العصابة”، إلا أن المسار الدستوري الذي اختارته السلطة الانتقالية ممثلة في مؤسسة الجيش ورئيس الدولة عبد القادر بن صالح فرض بقاء جميع المؤسسات الموروثة عن عهد بوتفليقة على حالها، اللهم إلا ما كان من انتخاب للنائب البرلماني سليمان شنين عن تكتل عدالة-نهضة-بناء، والمحسوب على المعارضة رئيسا للغرفة السفلى12، وهو ما بدا ظاهريا، مع كونه رسالة طمأنة للحراك الغاضب، على أن السلطة الفعلية تدفع نحو استمرارية الدولة وتجنب انهيارها، غير أن أغراضا باطنية لهذا المسعى لم تخفَ وكشفت مع بلوغ المسار الدستوري نهايته بعد انتخاب عبد المجيد تبون رئيسا للجمهورية، بطريقة أثارت الكثير من التساؤلات حول كونه مرشحا للسلطة الفعلية التي تقودها مؤسسة الجيش، إضافة إلى صياغته لوثيقة دستورية لم تشكّل قطيعة مع الممارسات السابقة، عن أن اختيار هذا المسار الذي تُوّج بوثيقة دستورية صوّت على تمريرها برلمان تجمع الكثير من الأوساط السياسية والحراكية على فقدانه للشرعية الشعبية، ما هو في حقيقته سوى التفاف على مطالب الحراك ومساعي دؤوبة لتمرير رؤية النظام للمرحلة القادمة تضمن بقاء مؤسساته على حالها، دون أن يطاولها أدنى تغيير قد يمس بجوهر منظومة الحكم المرتكزة على صلاحيات واسعة لرئيس الجمهورية، ما يتيح لمؤسسة الجيش التعامل معه بسهولة وتمرير إرادتها عن طريقه، دون أن تعترضها مساءلة للبرلمان أو محاسبة من القضاء.
- الساحة السياسية عشية الاستفتاء على الدستور
مع بداية الحملة الانتخابية على الاستفتاء اتضحت ميول التصويت لعدد من الأحزاب السياسية، التي دعا بعضها مجالسه الوطنية والشورية ولجانه المركزية للبت في موقف أحزابها من الاستفتاء، حيث أعطت الأحزاب الموالية للنظام الإشارة لقواعدها مبكرا للتصويت بــ “نعم” على الدستور المعروض للاستفتاء، فقد دعا التجمع الوطني الديمقراطي مناضليه للتصويت بنعم على “أي وثيقة دستور جزائري توافقي لا تمس بمقومات الشعب”13، كما أبدت كل من جبهة التحرير الوطني وتجمع أمل الجزائر، وهي الأحزاب المحسوبة على الموالاة في حكم بوتفليقة، موقفها الداعم للدستور، فيما بدا أنه محاولة منها للتموقع مجددا في ساحة سياسية شهدت زلزالا عنيفا، على وقع قضايا فساد طاولت قيادييها الذين يوجد عدد منهم في السجن حاليا، بعضهم أصدرت الجهات القضائية في حقهم أحكاما ولا يزالون ينتظرون محاكمتهم في قضايا أخرى14.
ولعل قرار حركة البناء الوطني المحسوبة على التيار الإسلامي التصويت لصالح الدستور مثّل، رغم توقعه من قبل كثير من المراقبين، موقفا مضادا لبقية التيارات الإسلامية التي حسمت أمرها برفضها للدستور ودعت قواعدها الحزبية وعموم الشعب الجزائري للتصويت بــ “لا”، في حين أبدت جمعية العلماء المسلمين “تحفّظها وتخوفها بخصوص مضامين بعض المواد التي تتعلق بالهوية الوطنية، ومكانة الإسلام إلى جانب الغموض في موضوع حرية العبادة، وعدم ضبط ما يتعلق بالوحدة الوطنية من مفاهيم، وأيضا ما يتصل باللغة الرسمية للبلاد”15.
ويأتي قرار حركة البناء الوطني في سياق فلسفتها السياسية في “المشاركة الإصلاحية والمعارضة الإيجابية”16، التي فرضت عليها لعب دور المساهم في الحياة السياسية من خلال قيادتها لهيئة القوى الوطنية للإصلاح؛ وهي عبارة عن تكتل من الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، والتي قدمت مجموعة من الاقتراحات لتعديل الدستور، ثمنت الحركة قبول السلطة لأغلبها، الأمر الذي دفعها في نهاية المطاف كي تحسم أمرها بالوقوف معها من أجل دعم وثيقة دستورية رحب صاحبها بجانبٍ معتبر من رؤيتها السياسية ضمنها.
وإذا كانت السلطة تعوّل على وعائها الانتخابي التقليدي في تمرير مشروع الدستور، فإن الرافضين والمقاطعين له، والذين لا يخفون توجسهم من تزوير سيطال الاستفتاء عليه، لم يجدوا غير وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن آرائهم، حيث أنهم يشكّلون الطبقة ذات المستوى التعليمي الجيد والنخبة المثقفة، وهو الأمر الذي كشفت عنه عدة صفحات ومجموعات على موقع فيسبوك خاصة، ما رجح من كفة المؤيدين الذين فتحت لهم السلطات العمومية جميع المساحات الإعلامية والأماكن العامة لإنجاح حملتهم الاستفتائية، إلى درجة بدأ معها سيناريو التصويت على تمرير الدستور يبدو أكثر رجحانا من رفضه 17، ويبدو ذلك أمرا طبيعيا في ظل امتعاض الأحزاب الرافضة له من طريقة تعامل السلطة مع حملتها الاستفتائية؛ إما بمنعها من القيام بحقها في تنظيم حملتها الخاصة في مساحتها الإعلامية خصوصا على التلفزيون الرسمي والقنوات الخاصة، إضافة إلى امتناع السلطات وطنيا ومحليا في الولايات عن تقديم تراخيص لاستخدام الأماكن العمومية بغرض عقد تجمعات لها في إطار حملة الاستفتاء على الدستور، لكل من حزبي جبهة العدالة والتنمية18وحركة مجتمع السلم التي هدد رئيسها عبد الرزاق مقري باللجوء إلى الشارع مرة أخرى، في حال “نكوص السلطات الرسمية عن تعهداتها بالتوافق وتوفير ظروف الحريات والديمقراطية”، كما أكد على أن “إرجاع الوضع إلى ما كان عليه في عهد بوتفليقة، سيؤدي حتما إلى اندلاع حراك شعبي آخر” 19.
- مرحلة ما بعد الاستفتاء
لعل المؤشر الواضح الذي يدل على وجهة الاستفتاء الدستوري نحو تمريره يتمثل في كون لا شيء قد تغير عن السابق في ما يتعلق بمسار العملية الانتخابية برمته، والذي تحدده السلطة في غياب هيئة مستقلة فعليا للانتخابات، ووفق أساليب مختلفة، فهي تعوّل بالدرجة الأولى على وعائها التقليدي الحاضر في جميع استحقاقاتها الانتخابية، في مقابل مقاطعة راديكالية واسعة، ما يتيح للسلطة في كل موعد انتخابي تمرير مشاريعها بسهولة وبنسب مشاركة متوسطة، الأمر الذي يجعلها في النهاية مقبولة محليا وبوسعها صنع شرعية للنظام الجزائري دوليا.
ومع تمرير وثيقة الدستور المعروضة للاستفتاء الشعبي، يكون الرئيس عبد المجيد تبون قد تجاوز عقبة ضرورية للمضي قدما في تجسيد مشروعه السياسي، وخاصة لكي تكتمل معالم صورته كرئيس للجمهورية يتعامل مع مؤسسات منتخبة جديدة، حتى ولو كان ذلك بطريقة صورية، حيث تنتظره المرحلة الأخيرة من هذا المشروع والتي تتلو حلّا لجميع المجالس المنتخبة التشريعية والمحلية، تتبعها انتخابات مبكرة مع بداية العام المقبل، لا يبدو أنها ستفرز خارطة سياسية جديدة، فمن المتوقع أن تعود أحزاب السلطة الموالية للنظام إلى سابق مكانتها في احتلال أغلبية المقاعد وطنيا ومحليا، طالما بقيت الممارسات والسلوكات الانتخابية والسياسية للنظام على حالها.
في الجهة المقابلة لمسار السلطة؛ لا تزال حساسيات الحراك الشعبي المختلفة مصممة على المضي في تجسيد رؤيتها للحل بعيدا عن مقاربات النظام السياسي، فقد نشرت مبادرة 22-2 المحسوبة على التيار التأسيسي في الحراك الشعبي بيان مشروع “نداء 22” على صفحتها في موقع فيسبوك20، الذي أوضحت فيه تصورها للخروج من الأزمة السياسية عبر “كتابة الشعب لدستوره التوافقي عن طريق مؤسسات شرعية منتخبة ديمقراطيا”، كما أكدت على “إمكانية تغيير سياسي سلس في حال صدقت النوايا وغُلّبت مصلحة البلاد، من خلال مسار يبدأ بإطلاق سراح جميع معتقلي الحراك بدون شروط واحترام الحق في التظاهر والتعبير عن الرأي وتحرير القضاء وفتح المجال الإعلامي وحلّ المؤسسات المنتخبة”، وفي ذات السياق أبدت حركة المسار من أجل الحرية والسيادة –قيد التأسيس- قناعتها بكون “مسودة الدستور لم تتم صياغتها بطريقة تشاركية حيث أنها لم تنبثق عن حوار وطني”، وأن حتى خيار التصويت بــ “لا” الذي تعتبره الحركة الأفضل والأكثر نجاعة، “لم تتوفر له الشروط السياسية والقانونية التي تضمن أن يكون مؤثرا”21.
خاتمة:
لم يأت مشروع التعديل الدستوري، والذي تدل أغلب المؤشرات على أنه سيتجاوز عقبة الاستفتاء بسلام، بتغييرات جوهرية على مستوى منظومة الحكم، حيث أبقى على جميع توازناتها في يد رئيس الجمهورية الذي لا يبدو أنه سيبتعد مستقبلا كثيرا عن ما ترسمه له قيادة الجيش من خطوط حمراء، عبر تدخلها غير المباشر في الحياة السياسية؛ سواء من خلال الخطابات التي يلقيها قائد الأركان السعيد شنقريحة والتي شهدت كثافة خلال الحملة الاستفتائية حيث بلغت 5 خطابات إلى غاية 27 أكتوبر/ تشرين الثاني 2020، ما طرح إشكالية ما إذا كانت خطاباته هذه تمثل تدخلا سياسيا أم أنه سعي من قيادة الجيش للعب دور في توجيه الرأي العام والناخبين لدعم الدستور، أو عن طريق مجلة الجيش لسان حال المؤسسة العسكرية التي تُصدِر بصورة شهرية رؤية الجيش للخط السياسي في البلاد22،
وهو أسلوب اتصالي يتطابق مع ما كان يعتمده أحمد قايد صالح في توجيه رأس السلطة المدنية خلال إدارته للمرحلة الانتقالية التي أعقبت استقالة بوتفليقة، تارة بالتلميح وأخرى بالتصريح23.
أما بخصوص المستوى المرتفع نسبيا من سقف الحريات الفردية والجماعية الموجود في التعديل الدستوري، فإنه سيجد نفسه على محك آليات تطبيقه، المتمثلة أساسا في القوانين العضوية، وخاصة قوانين الانتخابات24 والأحزاب والجمعيات والإعلام التي وعد الرئيس تبون بإحداث تعديلات هامة عليها، لا يبدو أنها ستعرف تغييرا كبيرا بالنسبة لما سبقها من قوانين، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أساليب الالتفاف والهروب إلى الأمام والوعود غير المحققة على أرض الواقع، التي دأبت السلطة على استخدامها في طريقة إدارتها لمرحلة ما بعد بوتفليقة بشكل عام؛ خصوصا ما تعلق بالحوار الوطني والتعديل الدستوري، وحتى طريقة تشكيل أهم ركن ضروري لإجراء انتخابات شفافة ونزيهة، ونتحدث هنا عن لجنة الإشراف على الانتخابات التي يصفها التعديل الدستوري الجديد على أنها مستقلة، في حين أنه يعطي صلاحية تعيين رئيسها وأعضائها لرئيس الجمهورية25.
واستنادا لمخرجات المسار الدستوري التي لا يبدو أنها ستشهد في جانبها السياسي اختلافا واضحا عن ما كان عليه الحال في نهاية حكم بوتفليقة، فإن الحراك الشعبي الذي يوجد في حالة سبات بسبب جائحة كورونا، لا يعكس بأي حال رفضه لما يجري في دواليب السلطة من تغييرات، لا يبدو أنه سيتخلف عن موعده في النزول إلى الشارع في أقرب فرصة تتاح له، من أجل التعبير عن رفضه لما قدمته السلطة من مخارج للأزمة، لا تستجيب لما رفعه من مطالب بتغيير جذري يمس عمق منظومة الحكم في البلاد.
قائمة المراجع:
1 “الدستوري الجزائري” يفتي بتمديد ولاية الرئيس المؤقت، وكالة الأناضول للأنباء، 2 يونيو/ حزيران 2019، (تاريخ الدخول: 17 أكتوبر/ تشرين الثاني 2020):
www.aa.com.tr/ar/الدول-العربية/الدستوري-الجزائري-يفتي-بتمديد-ولاية-الرئيس-المؤقت-/1495560
2 قائد الجيش الجزائري يدعو لإجراء الانتخابات قبل نهاية العام، الجزيرة نت، 2 سبتمبر/ أيلول 2019، (تاريخ الدخول: 17 أكتوبر/ تشرين الثاني 2020):
www.aljazeera.net/news/politics/2019/9/3/الجزائر-قائد-أركان-الجيش-قايد-صالح.
3 الدفاع الجزائرية: عهد صناعة الجيش للرؤساء انتهى، العربي الجديد، 10 سبتمبر/ أيلول 2019، (تاريخ الدخول: 18 أكتوبر/تشرين الأول 2020):
www.alaraby.co.uk/الدفاع-الجزائرية-عهد-صناعة-الجيش-للرؤساء-انتهى
4 بعد بيان لقائد الجيش ـ الرئيس بوتفليقة يقدم استقالته، دويتشه فيله، 2 أبريل/ نيسان 2019، (تاريخ الدخول: 18 أكتوبر/تشرين الأول 2020):
www.dw.com/ar/بعد-بيان-لقائد-الجيش-ـ-الرئيس-بوتفليقة-يقدم-استقالته/a-48170890
5 ما معنى أن تكون “باديسيا نوفمبريا” في حراك الجزائر؟، الجزيرة نت، 10سبتمبر/أيلول2019، (تاريخ الدخول: 18 أكتوبر/تشرين الأول 2020):
www.aljazeera.net/news/politics/2019/9/10/الجزائر-الحراك-الشعبي-عبد-الحميد-بن
6 لجنة الحوار.. الإبراهيمي يرفض..!، الشروق أونلاين، 29 يوليو/ تموز2019، (تاريخ الدخول: 18 أكتوبر/تشرين الأول 2020):
www.echoroukonline.com/لجنة-الحوار-الإبراهيمي-يرفض/
7 السيد أحمد لعرابة رئيس لجنة الخبراء المكلفة بصياغة اقتراحات لمراجعة الدستور، وكالة الأنباء الجزائرية، 08 يناير/ كانون الثاني 2020، (تاريخ الدخول: 20 أكتوبر/ تشرين الأول 2020):
www.aps.dz/ar/algerie/82105-2020-01-08-13-08-15
8 انتفاضة الخُبز والسُكر و الزَيت في الجزائر..اشتباكاتٌ عنيفة بينَ الشرطة و غاضبين، الدولية، 6 يناير/ كانون الثاني 2011، (تاريخ الدخول: 20 أكتوبر/ تشرين الأول 2020):
www.www.doualia.com/2011/01/06/algerie-bruler-a-cause-du-cout-eleve-des-affrontements-de-vie-violents-entre-la-police-et-des-habitants-en-colere/
9 لعرابة يتوقع اختفاء عناصر الهوية من الدساتير المقبلة للجزائر، جزائر ultra، 09 يونيو/ تموز 2020، (تاريخ الدخول: 20 أكتوبر/ تشرين الأول 2020):
www.ultraalgeria.ultrasawt.com/ لعرابة-يتوقع-اختفاء-عناصر-الهوية-من-الدساتير-المقبلة-للجزائر/الترا-صوت/أخبار
10 سياسيون: مشروع التعديل الدستوري بالجزائر… تغيير جذري أم تكريس للنظام؟، المجلة، 20 مايو/ أيار 2020، (تاريخ الدخول: 20 أكتوبر/ تشرين الأول 2020):
www.arb.majalla.com/node/89351/سياسيون-مشروع-التعديل-الدستوري-بالجزائر-تغيير-جذري-أم-تكريس-للنظام؟
11 مشروع تعديل الدستور الجزائري 2020، الباب الثالث (تنظيم السلطات والفصل بينها)، الفصل الثاني (الحكومة)، المادة 103:
www.constitution2020.dz/ar/constitution/103/
12 انتخاب سليمان شنين رئيسا للبرلمان الجزائري، ميدل إيست أونلاين، الأربعاء 10 يوليو/ تموز2019، (تاريخ الدخول21 أكتوبر/ تشرين الأول 2020):
/انتخاب-سليمان-شنين-رئيسا-للبرلمان-الجزائري/ www.middle-east-online.com
13 الأرندي ينصب مديرية وطنية لحملة الاستفتاء على الدستور، سبق برس، 09 سبتمبر/ أيلول 2020، (تاريخ الدخول21 أكتوبر/ تشرين الأول 2020):
www.sabqpress.net/politics/الأرندي-ينصب-مديرية-وطنية-لحملة-الاست/
14 أي مستقبل للأفالان والأرندي؟، الخبر، 24 مايو 2020، (تاريخ الدخول21 أكتوبر/ تشرين الأول 2020):
www.elkhabar.com/press/article/168137/
15 تعديل الدستور: جمعية العلماء المسلمين تتحفظ على بعض المواد، الخبر، 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، (تاريخ الدخول21 أكتوبر/ تشرين الأول 2020):
www.elkhabar.com/press/article/174153/تعديل-الدستور-جمعية-العلماء-المسلمين-تتحفظ-على-بعض-المواد/
16 سنؤسس عائلة سياسية تجمع الإسلاميين، الحوار، 4 أبريل/ نيسان 2018، (تاريخ الدخول21 أكتوبر/ تشرين الأول 2020):
www.elhiwardz.com/featured/119679/
17 “دستور نوفمبر” يرجح الكفة لصالحه قبل الاستفتاء، الشروق أونلاين، 17 أكتوبر/ تشرين الأول، 2020، (تاريخ الدخول22 أكتوبر/ تشرين الأول 2020):
www.echoroukonline.com/دستور-نوفمبر-يرجح-الكفة-لصالحه-قبل-ال/
18 رفض الترخيص لتجمع شعبي ينشطه جاب الله في عنابة، سبق برس، 16 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، (تاريخ الدخول22 أكتوبر/ تشرين الأول 2020):
www.sabqpress.net/politics/رفض-الترخيص-لتجمع-شعبي-ينشطه-جاب-الله-ف/
19 إسلاميو الجزائر يلوحون للعودة إلى الحراك إذا فشل الإصلاح، عربي 21، 02 يونيو/حزيران 2020، (تاريخ الدخول22 أكتوبر/ تشرين الأول 2020):
www.arabi21.com/story/1274619/إسلاميو-الجزائر-يلوحون-للعودة-إلى-الحراك-إذا-فشل-الإصلاح
20 بيان مشروع “نداء22” باللغة العربية، موقع فيسبوك، 24 أكتوبر/ تشرين الأول 2020،(تاريخ الدخول24 أكتوبر/ تشرين الأول 2020):
www.facebook.com/moubadara22.2/photos/pcb.187631192826484/187631149493155/
21 بيان بخصوص الاستفتاء على الدستور، موقع فيسبوك، 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، (تاريخ الدخول24 أكتوبر/ تشرين الأول 2020):
www.facebook.com/حركة-المسار-من-أجل-الحرية-والسيادة-103989520987159/photos/a.109440303775414/377788173607291
22 مجلة الجيش تردّ على شكوك حول وجود مراكز قرار موازية في السلطة، جزائر ألترا ، 9 أبريل/ نيسان 2020، (تاريخ الدخول24 أكتوبر/ تشرين الأول 2020):
www.ultraalgeria.ultrasawt.com/مجلة-الجيش-تردّ-على-شكوك-حول-وجود-مراكز-قرار-موازية-في-السلطة/الترا-صوت/أخبار
23 قائد الجيش الجزائري يكثف من خطاباته حول الاستفتاء: توجيه أم تدخل سياسي؟، العربي الجديد، 26 أكتوبر 2020، (تاريخ الدخول27 أكتوبر/ تشرين الأول 2020):
www.alaraby.co.uk/politics/قائد-الجيش-الجزائري-يكثف-من-خطاباته-حول-الاستفتاء-توجيه-أم-تدخل؟
24 لعرابة لقيادة لجنة مراجعة قانون الانتخابات، الشروق،19 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، (تاريخ الدخول24 أكتوبر/ تشرين الأول 2020):
www.echoroukonline.com/لعرابة-لقيادة-لجنة-مراجعة-قانون-الانت-2/
25 مشروع تعديل الدستور الجزائري 2020، الباب الرابع (مؤسسات الرقابة)، الفصل الثالث (السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات)، المادة 201:
www.constitution2020.dz/ar/constitution/201/