الاردن :احزاب وانتخابات ورأي عام


تعج شوارع العاصمة الاردنية بالصور واليافطات “الشخصية والحزبية” استعدادا لانتخابات تقرر ان تكون في العاشر من الشهر القادم وعلى اساس برلمان ب 138 مقعدا ، تم تخصيص 41 مقعدا منها للأحزاب (أي ما نسبته حوالي 30%) علما ان عددا الاحزاب المفترض ان تشارك في الانتخابات يكاد يقارب عدد المقاعد المخصصة لها.
لن اتوقف عند الهم اليومي للمواطن الاردني(التعليم والصحة والبطالة وسيادة القانون والتنمية..الخ) وما ينتظره من المرشح الفائز ،وما هي صورة البرلمان في الذهن الشعبي، ولكني سأتوجه لمناقشة الموقف من السياسة الخارجية وبخاصة الأزمة الحادة وتداعياتها في الحرب المشتعلة في غزة، والتي لا شك ان الاردن من أكثر الدول تاثرا بها ومن وجوه عدة.
معلوم أن المرشح (الفرد او الحزب) سيدعي انه سيعمل على تلبية مطالب المجتمع ككل او الدائرة الانتخابية التي ينتمي لها ، ولكن كيف يتعرف المرشح الفرد او الحزب على توجهات الراي العام الاردني إزاء قضية الموقف من الحرب في غزة بشكل خاص والموقف من اسرائيل بشكل عام وبعيدا عن المعرفة الانطباعية ؟
هل يستند المرشح الفرد او المرشح الحزبي الى انطباعات ام الى قياس علمي لتوجهات الراي العام من هذه القضية؟ ولعل استطلاعات الرأي التي سبق وأن نشرها مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الاردنية او الاستطلاعات من مراكز دراسات عربية او غربية او اسرائيلية (وهي اكثر من ان تحصى) تشير الى ان المجتمع الاردني وبنسبة عالية للغاية ولا لُبس فيها لا يريد التطبيع مع اسرائيل ويريد سياسة مناصرة للمقاومة في غزة.
وهنا نتساءل: اليس من الضروري ان تظهر مواقف المرشحين والاحزاب بشكل واضح وصريح من هذا الموضوع(التطبيع وحرب غزة وكل ما يترتب عليهما من ملابسات عسكرية واقتصادية وسياسية ) في البرامج والخطابات واليافطات التي تتدلى في الشوارع، فإذا كان كل مرشح او حزب يدعي أنه “يعبر عن ارادة المجتمع” فلماذا تتوارى هذه القضايا وكأن المجتمع لا إرادة له في هذه القضايا؟ او أنها تطرح على استحياء من احزاب بعضها سمين وبعضها متورم؟
صحيح ان هناك فروق بين مرشح وآخر، وبين حزب وآخر في التعامل مع هذه القضايا ومع نسبة طرحها ، لكني اتساءل: اليس من المفروض ان تعبر دعاية المرشحين والاحزاب عن “ارادة المجتمع”؟ وان تتطابق نتائج الانتخابات مع تطلعات الارادة العامة في القضايا التي تعلو في اولويتها كل القضايا؟ فماذا لو جاءت نتائج الانتخابات ببرلمان لا يتوافق في توجهاته مع مخرجات استطلاعات الراي الاردني في القضايا السياسية الخارجية التي اشرت لها ؟ وهنا يتسلل الظن في احد طرفي المعادلة :نزاهة الانتخابات أو دقة استطلاعات الرأي ..فإن كان بعض الظن إثم …فماذا عن بعضه الباقي؟
لذا ، كيف لنا ان نعرف ان الفائزين هم المعبرون عن ارادة المجتمع؟ لا بد من الكشف عن معامل الارتباط بين من سيفوزون وبين تطابق مواقفهم مع نتائج الاستطلاعات..وعندها يمكن الحكم على النتائج كلها وبكل موضوعية.

Please subscribe to our page on Google News

Walid Abdulhay
Walid Abdulhay

كاتب باحث أكاديمي أردني عمل في عدد من الجامعات العربية، وعمل رئيسًا لقسم العلوم السياسية في جامعة اليرموك، ومستشارا للمجلس الأعلى للإعلام ...

المقالات: 171

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *