بعد عام من توقيع اتفاق السلام بين الولايات المتحدة الأمريكية وطالبان، التي ستكون “إمارة أفغانستان الإسلامية” فيما بعد، شهد الوضع في أفغانستان تطورًا عميقًا ومعقدًا ومقلقًا بالتزامن مع إعلان الانسحاب الأمريكي، إذ تصاعدت مؤشرات المواجهات العسكرية بين القوات الحكومية وحركة طالبان، في ضوء ترقب القوى الكبرى والدول المجاورة لتلك القضية المعقدة ومآلاتها بالبحث عن مصالحها، وسعيًا إلى النفوذ والتأثير؛ ومن ثم لم يتضح المشهد الأفغاني بعد قرار الانسحاب الأمريكي بشأن احتمال تمدّد حركة طالبان وانفرادها، وملء الفراغ وسيطرتها على السلطة، إلا بعد أن سيطرت الحركة فعليًّا على المشهد الأفغاني بسرعة غير متوقّعة، واستسلام حكومة كابول وقواتها العسكرية دون مواجهة تذكر.
إن مشهد سيطرة طالبان على أفغانستان بالتزامن مع الانسحاب الأمريكي السريع، سيفرز مشاهد واحتمالات عديدة، من شأنها أن تشغل صناع القرار للدول المجاورة، وحتى إقليميًّا وعالميًّا، وتلك الاحتمالات تتمحور في انفراد طالبان بالسلطة، وتشكيل إمارة إسلامية، بعيدًا عن الآخرين، أو تشكيل حكومة ائتلافية تتكون من كل الحركات والأحزاب الأفغانية الفاعلة، أو حتى احتمالية الاقتتال والحرب الأهلية كما هي الحال في سنوات التسعينيات من القرن الماضي، هذه الاحتمالات تجعل كثيرًا من الدول المجاورة والمتأثرة تتابع وتتحرك على المشهد الأفغاني، كلٌ حسب رؤيته ومصالحه الإستراتيجية هناك.