عرف الأسبوع الفائت، عدة أحداث وطنية أثارت الكثير من التعليقات على منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الوطنية والدولية، مخلّفة وراءها حزمة من التساؤلات والتكهنات حول مآلاتها داخليا وإقليميا.
سياسيا، استأثرت مناقشات مخطط عمل الحكومة بالاهتمام، ونالت مسألة التسوية الودية مع ناهبي وسارقي مال الشعب حصة الأسد منه، ومعه تساؤل الكثيرون وفي مقدمتهم مجموعة لا بأس بها من النواب الذين تحمسوا لمعرفة اكثر تفاصيل حول نوايا الحكومة التي صراحة فاجأت الرأي العام بالمقترح، بعدما كان يدور ويتداول في صالونات بعض الأحزاب على استحياء.
ومع ذلك، استطاع الوزير الأول بن عبد الرحمان، افتكاك تأشيرة المجلس الشعبي الوطني تمهيدا للحصول بكل أريحية تأشيرة مجلس الأمة هذا الأسبوع، للشروع في تنفيذ مخططه الذي جاء مثل سابقيه بدون أجندة زمنية وأهداف رقمية، وهو ما يعكس غياب سياسة الاستشراف عند الحكومات الحالية والتي سبقتها رغم وجود جيوش من المستشارين والخبراء على مستوى الوزارات الأربعين التي تكوّن الفريق الحكومي!
القضية الثانية التي ميّزت الأسبوع المنقضي، الحراك الدبلوماسي الذي شهدته البلاد، عبر زيارات وزيري خارجية كل من المملكة العربية السعودية والهند، واللتين جاءتا لتأكيد توجه الجزائر نحو إعادة ترميم العلاقات مع المحاور الاقتصادية الكبرى في العالم، فكلا البلدين عضوين مؤثّرين في مجموعة العشرين، ولهما ثقل محسوب لهما في الساحة الدولية، اقتصاديا وسياسيا.
فالمملكة العربية السعودية صاحبة كلمة مسموعة في سوق النفط العالمي والتعاون معها داخل منظمة “أوبك” مطلوب ويكتسي أهمية قصوى بالنسبة إلى الجزائر التي تعتبر صمام توازن ووسيط “يحترم رأيه ويتبع” من طرف جميع الأعضاء، فضلا عن أن الرياض تبحث عن أسواق جديدة لتوظيف فوائضها المالية في المنطقة العربية، وتعتبر الجزائر سوقا عذراء تستطيع استيعاب استثماراتها مثلما يجري في دول عربية وإسلامية أخرى مثل مصر وتركيا، فضلا عن ذلك فهي، أي السعودية، تسعى للإبقاء على مكانتها العربية باعتبارها لاعبا في إرساء الاستقرار والدفع نحو إصلاح منظومة العمل العربي المشترك عبر الجامعة العربية، وإخماد بؤر التوترات والخلافات التي تعيق ذلك وتعوّل كثيرا على دور الجزائر في منطقة شمال إفريقيا باعتبارها رائدة اقتصاديا ودبلوماسيا ومناصرا للسلم والاستقرار عبر حل الصراعات سلميا وبعيدا عن لغة السلاح، مثلما هو جار في ليبيا ومالي.
أما الملف الثالث والذي كانت له تبعات واضحة ومحسوسة، فهو عودة “لهيب” الأسعار ليكوي جيب المواطن، في الوقت الذي كان الوزير الأول يجتهد لإقناع النواب بالتصويت لصالح خطة عمله، من دون أن يتمكّن وزراؤه من تفسير ما يحدث للسوق من جنون في الأسعار، مكتفين بالإشارة بأصابع الاتهام إلى “المضاربين” الذين لا أحد من الجزائريين يعرفون من هم وأين يتواجدون، تماما مثل الأشباح يظهرون في صفحات الصحف ونشرات أخبار القنوات التلفزيونية فقط ! وحفظ المواطن على مدى العقود السابقة درسا يستعصي فهمه ويعجز خبراء ومنظّري الاقتصاد عن تبريره، كيف ترتفع الأسعار وتنخفض بلا دراسة أو معاينة ميدانية وكل ما تجده الوزارات المعنية بالعملية الانتاجية والتجارية والأسواق، أن كل شيء يخضع لقانون العرض والطلب الذي تتحكم فيه اليد الخفية.. ومع اليد الخفية تاهت الحقيقة وغرق المواطن في الغلاء، نتمنى أن يكون هذا الأسبوع بردا وسلاما على المستهلك، وأن تتوصل الحكومة إلى إلقاء القبض على “المضاربين” وتمكين المتمدرسين من الدخول بأمان إلى حجرات الدراسة بلا ندرة في المآزر والأقلام والطاولات والكراسي… والكتب.