قانون السلطات الخاصة وأبعاده في معالجة القضية الجزائرية 1956-1962

النص بعد التعديل:

“ترتّب عن الوضعية القانونية الخاصة بالأهالي الجزائريين معاملة الفرنسيين لهم معاملة استثنائية، وذلك بموجب الأمر الملكي الصادر عن الملك الفرنسي لويس فيليب بتاريخ 22 يوليو 1834. ووفقاً لهذا الأمر، أصبحت شؤون السكان الأصليين تُدار بالأوامر والمراسيم والقرارات الصادرة عن وزير الحربية أو الحاكم العام، بعدما فوّض رئيس الدولة صلاحياته لوزير الحربية بناءً على المادة الرابعة من الأمر الصادر في 1834، وهو ما أكّده دستور الجمهورية الفرنسية الثانية لعام 1848 في مادته 109. وفي إطار السعي لإلغاء نظام العمل بالمراسيم، حمل الدستور الصادر عام 1947 بين طياته بعض الأنباء السارة لصالح الأهالي، إلا أن السلطة التنفيذية اعتادت على ممارسة التشريع “بالتفويض”، مما جعل التخلي عن هذه الممارسات صعبًا للغاية بعد عقود من الاعتياد.

ومع اندلاع الثورة الجزائرية عام 1954، أعيد العمل بالنظام القانوني الاستثنائي من خلال قانون حالة الطوارئ لعام 1955، وتبعه قانون السلطات الخاصة لعام 1956، الذي كان أكثر شدة. وبموافقة الجمعية الوطنية الفرنسية عليه في 16 مارس 1956 ونشره في الجريدة الرسمية الفرنسية بتاريخ 17 مارس 1956 برقم 56-258، مُنحت الحكومة الصلاحيات لتنفيذ برنامج للازدهار الاقتصادي والتطور الاجتماعي والإصلاح الإداري في الجزائر، وتم تخويلها اتخاذ جميع التدابير الاستثنائية اللازمة لاستعادة النظام وحماية الأفراد والممتلكات وسلامة التراب الجزائري بناءً على المادة الخامسة، لتصبح مرجعية لصدور عدة مراسيم، منها المرسوم رقم 56-274 بتاريخ 17 مارس 1956، والتي أعادت إحياء الإجراءات القمعية واستمر تأثيرها حتى عهد الجمهورية الخامسة تحت ظل دستور 1958.

بالتالي، لم تعد الحكومة ملزمة بتبرير سياستها أمام أي هيئة، سواء وطنية أو دولية، ورغم إعدادها لمشاريع إصلاحية، إلا أنها لم ترتقِ إلى مستوى تطلعات الجزائريين. ومع انتشار وتنامي الحركة الثورية في الجزائر، لجأت الحكومات الفرنسية إلى تشريع استثنائي شديد الخطورة تحت غطاء قانوني. وإذا ما قمنا بمراجعة التشريع والقضاء والتصريحات الرسمية الفرنسية، نجد أن ضغط الثورة الجزائرية أرغم الساسة الفرنسيين على الاعتراف بحالة الحرب القائمة على الجزائر في قراراتهم وتصرفاتهم. ولا شك أن الرغبة السريعة للحكومة في العفو عن “التجاوزات” كانت تمثّل خرقًا واضحًا للنموذج الجمهوري الفرنسي وللأعراف الدولية، مؤكدةً قناعة السلطات الجمهورية في ذلك الوقت بتعارض الواقع الاستعماري مع القيم الجمهورية.”

تحميل الرسالة

Please subscribe to our page on Google News

SAKHRI Mohamed
SAKHRI Mohamed

أحمل شهادة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، بالإضافة إلى شهادة الماستر في دراسات الأمنية الدولية من جامعة الجزائر و خلال دراستي، اكتسبت فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الرئيسية، ونظريات العلاقات الدولية، ودراسات الأمن والاستراتيجية، بالإضافة إلى الأدوات وأساليب البحث المستخدمة في هذا التخصص.

المقالات: 15451

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *