سياسات إعلامية بين القانون ومواجهة الإرهاب

يمكن للإعلام أن يلعب دورًا كبيرًا في مواجهة الإرهاب، وبما أنَّ ارتداداته تمس الأمن والاستقرار وتهدد كيانات دينية واجتماعية وثقافية وعرقية وغيرها، فإن هذا يتطلب تضافر كل الجهود الممكنة للتصدي لهذا الواقع المثير للقلق حول العالم.

وفي إطار حرية الرأي والتعبير والإعلام المكفولة في الإعلانات والمواثيق الدولية كما في الدساتير والقوانين المحلية، ينطلق الإعلاميون نحو تغطية الأعمال الإرهابية حول العالم، بما يتناسب ودورهم في نقل الحقيقة. إلا أنَّ أداء واجباتهم المهنية يعدّ من أكثر المهام خطورةً، حيث قد يدفعون حياتهم ثمنًا لنقل الحقيقة، لتُوجَّه بذلك رسالة مزدوجة إلى العالم:

أ‌- الوجه الأول: أن الحرية تتطلب تضحيات جسيمة في سبيل الحفاظ عليها، ومنها حرية الرأي والتعبير والإعلام، وهي حرياتٌ إذا ما صُيِّنت نهضت المجتمعات وحققت تقدمها المنشود.

ب‌- الوجه الثاني: أن المهمات المستحيلة لا تتحقق إلا بالإرادة الصلبة والنوايا الصادقة، ما يعني أن مواجهة الإرهاب تتطلب تضافر جهود جماعية وحقيقية وعلى كافة الصعد وفي مختلف بقاع الأرض.

الدوافع
لقد تعددت الدوافع وراء اختياري لهذا الموضوع، وسأعرضها وفقًا للتالي:

1- تأتي هذه الدراسة في وقت يشهد فيه العالم العديد من الأنشطة الإرهابية والأمنية والعسكرية المتنقلة، خاصة في منطقة الشرق الأوسط، مما خلق علاقة إشكالية ومعقدة بين الإعلام والإرهاب، إذ يتأرجح الإعلام بين الترويج والتصدي. وذلك في ظل استغلال المنظمات الإرهابية والمتطرفة لمنصات الإعلام الجديد لنشر أفكارها ومشاريعها، واستقطاب العناصر البشرية وتجنيدها.

2- برزت حاجة ملحة لوضع استراتيجية إعلامية لمواجهة الإرهاب يعتمدها الإعلام المرئي اللبناني بالشراكة مع الإعلام الجديد، خاصة في ظل الجدل المستمر حول العلاقة بين الإعلام والإرهاب، في إطار الحريات الإعلامية المكفولة في الدستور والقوانين المحلية، مع توافر وسائل الإعلام الجديد بلا ضوابط قانونية وأخلاقية.

المنهج
استعنت في هذه الدراسة بالمصادر النظرية لتعميق الإطار الفكري للموضوع، بالإضافة إلى ما تمَّ نشره من موضوعات ذات صلة، وذلك وفق “المنهج الاستدلالي”، إلى جانب بعض المقابلات التي سمحت بها الإجراءات المتخذة للوقاية من وباء كورونا والظروف التي فرضها الانهيار المالي والاقتصادي الذي يشهده لبنان منذ أواخر العام 2019 وحتى اليوم.

اختيار فجر الجرود

فيما يتعلق باختياري لأحداث فجر الجرود (وهي العملية التي قام بها الجيش اللبناني عام 2017 ضد جبهة النصرة وسرايا أهل الشام في منطقة جرود عرسال شمال شرق لبنان على الحدود مع سوريا)، كنموذج لهذه الدراسة، فقد جاء ذلك بهدف استطلاع إمكانيات الإعلام المرئي اللبناني في تغطية الأحداث الأمنية والعسكرية ذات الطابع الإرهابي المتشدد.

الإشكالية
تعتبر قضية الإرهاب اليوم من القضايا الأكثر إلحاحًا، إذ تشغل الحكومات والرأي العام على حد سواء في مختلف أنحاء العالم، خاصة مع توسع رقعة الظاهرة الداعشية وامتداد أذرعها إلى لبنان، التي تكاد تطغى على الإرهاب الصهيوني الممنهج ضد الشعب الفلسطيني. وعليه، وأمام الإجماع العالمي حول دور الإعلام التقليدي والجديد في التوعية والتوجيه، وقدرتهما على التأثير في سلوكيات المجتمعات وتغيير قناعاتها، يبرز التساؤل: إلى أي مدى يمكن للإعلام المرئي التوفيق بين حرية أدائه وحماية السلم والأمن الوطنيين وفق الأطر القانونية والمهنية؟

الفرضيات

  • تعتبر وسائل الإعلام التقليدية أكثر مصداقية من وسائل الإعلام الجديد لدى الرأي العام.
  • الإعلام يشكل توجهات الرأي العام.
  • هناك علاقة إشكالية بين الإعلام والإرهاب.
  • لدى الإعلام المرئي اللبناني إمكانيات هائلة لتغطية الأحداث الإرهابية.

الدراسات السابقة

تناولت الدراسات السابقة الاستراتيجية الإعلامية العربية المشتركة لمواجهة الإرهاب، ودراسة قناة الجزيرة حول غرف الأخبار الذكية، ودراسة المكتب المعني بالمخدرات والجريمة في الأمم المتحدة حول تشريعات مكافحة الإرهاب في دول الخليج واليمن.

الأهمية العلمية والعملية

الأهمية العلمية للدراسة تكمن في معالجة إشكالية العلاقة بين الإعلام المرئي والمنظمات الإرهابية في ظل الحرية الإعلامية المكفولة في الدستور والقوانين اللبنانية. أما الأهمية العملية، فتكمن في تقديم مرجع علمي متخصص للإعلاميين والباحثين.

النتائج

  • تعتبر وسائل الإعلام التقليدية أكثر مصداقية من وسائل الإعلام الجديد.
  • الإعلام يشكل توجهات الرأي العام.
  • هناك علاقة إشكالية بين الإعلام والإرهاب.
  • الإعلام المرئي اللبناني لم يلعب دورًا بناءً في حماية السلم الوطني أثناء تغطيته لأحداث معركة فجر الجرود.

التوصيات

  • استصدار قانون دولي لحماية الصحافيين.
  • إنشاء محكمة دولية لقضايا الصحافة.
  • التعاون بين الإعلام والأجهزة الأمنية لتزويد الإعلام بالمعلومات المتعلقة بالأحداث الإرهابية

تحميل الرسالة

Please subscribe to our page on Google News

SAKHRI Mohamed
SAKHRI Mohamed

أحمل شهادة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، بالإضافة إلى شهادة الماستر في دراسات الأمنية الدولية من جامعة الجزائر و خلال دراستي، اكتسبت فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الرئيسية، ونظريات العلاقات الدولية، ودراسات الأمن والاستراتيجية، بالإضافة إلى الأدوات وأساليب البحث المستخدمة في هذا التخصص.

المقالات: 15380

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *