لعلّ فهم وضعية المرأة في الحاضر، والتكهن بها مستقبلا لا يتأتى إلاّ من خلال استقراء حيثيات الواقع الاجتماعي لمجتمعاتنا التقليدية باعتبار أنّ المرأة في هذا الواقع تمثل عنصرا بنيويا ووظيفيا، سواء في الأسرة أو في غيرها من مؤسسات المجتمع الأخرى، ومما لاشكّ فيه أنّ مكانة المرأة في مجتمع ما، تعكس تطوره من جهة ما، من حيث درجة مشاركتها في نواحي الحياة المختلفة فيه، كذلك تعتبر هذه المكانة مدخلا تحليلياّ للكشف عن طبيعة المجتمع ونمط النظام فيه، ففي المجتمع الجزائري نجد أنّ مكانة المرأة تتحدّد تبعا لمنظومة القيم السائدة فيه، والتي تعمل وفقا لتصورات الأفراد عن الأدوار الاجتماعية، والتي يعاد إنتاجها على أساس المحددّ الجنسيّ.
ولأنّ الاختلاف بين الجنسين في النظام الأبوي هو اختلاف في المواقع، وتوزيع الثروة، وتقاسم الأدوار، إذ يعرف النظام الأبوي بكونه بنية اجتماعية ميزت المجتمعات العربية بما فيها المجتمع الجزائري، تقوم هذه البنية على علاقة تراتبية هرمية، موزعة على متغيّر السنّ والجنس، والهيمنة على العلاقات المختلفة السياسية الاجتماعية والاقتصادية، حسب وصف المفكر هشام شرابي له “بالأبوي العربي”، إذ وصفه بأنه أكثر أبوية، وأشدّ تقليدية، وأكثر محاصرة لشخصية الفرد وثقافته، وترسيخا لقيمه وأعرافه الاجتماعية التقليدية، وتهميشا للمرأة، واستلابا لشخصيتها.،فالهيمنة الذكورية في إطار النظام الأبوي مدعمة من قبل ثقافة المجتمع، ومعايير بنائه لأنّ السلطة تمارس-في الغالب-من خلال التسلّط الموروث ثقافياّ واجتماعياّ وبالتالي فإنّ النظام الأبوي قد رسّخ الاعتقاد بدونية المرأة وعدم قدرتها على المشاركة في التحولات الاجتماعية المختلفة.
- المركز الديمقراطي العربي –
- مجلة العلوم الاجتماعية – العدد الثالث مارس – سنة “2018”، وهي مجلة دولية محكمة تصدر عن المركز الديمقراطي العربي المانيا- برلين.
