سعت طهران، بعد تدحرج كرة الربيع ووصولها لليمن وسوريا (المنطقتان المهمتان بالمعنى الجيوسياسي والجيبوليتكي)، ولا سيما بعد ظهور مؤشرات تصدع نظام الحكم في اليمن وتزعزعه في دمشق، إلى تكثيف أدوات المساندة والانخراط العسكري النوعي: كالدعم الميليشياوي الأجنبي وتأسيس وتدريب وتمويل ميليشيات محلية ودعمها سياسياً وعسكرياً، وتقديم الاستشارات والمشاركة في غرف القيادة والعمليات المركزية والفرعية؛ إضافة إلى تدخلها المباشر في المفاوضات المحلية و”المصالحات المحلية”؛ كما دفعها ذلك إلى انتهاج سياسة إقليمية ترتكز على عدة أبعاد عسكرية أمنية وسياسية، فالأبعاد العسكرية دفعتها باتجاه تمكين حليفها عسكرياً وأمنياً وتشكيل أطر ميليشياوية محلية؛ وتطلبت الأبعاد السياسية العمل على خلق سرديات مغايرة لأسباب وموجبات الحراك الثوري وأرجعتها لمطالب اقتصادية يستغلها “مخربون”؛ وفي ذات السياق عملت الماكينة الأمنية الإيرانية على نقل مستويات الصراع إلى صراع ضد “قوى إرهابية” بشكل يخدم السردية الإيرانية، وذلك عبر دعم السياسات والممارسات التي تُهيئ انتقال الصراع لأبعاد طائفية تغذي سرديات ومظلوميات تخفف من وطأة الصراع على المستوى السياسي.
