منذ بداية العمل بسياسة الإصلاح والإنفتاح التي إنتهجتها الصين أواخر سنة 1970 شهد الإقتصاد الصيني نمواً سريعاً و مستديماً، و مع ذلك لا تزال قضية توفير مناصب عمل تشكل مهمة شاقة و ملحة للحكومة الصينية رغم ما نتج من إصلاح للنظام الإقتصادي و تعديل للهيكل الصناعي و إبتكار في المجال التكنولوجي.
فالحكومة الصينية تولي أهمية كبيرة لمسألة العمالة و تتخذ من عملية التوظيف أولوية ملحة لضمان معيشة الشعب و إستراتيجية عليا لضمان إستقرار المجتمع الصيني. إنطلاقاً من الأوضاع الوطنية بحثت الحكومة الصينية تجارب دولية في ممارساتها لتحسين نظامها القانوني بشكل تدريجي لصياغة وتنفيذ مجموعة من سياسات التوظيف و تشجيع فرص العمل من خلال تطوير إقتصادها الوطني و تعديل الهيكل الصناعي وتعزيز إصلاح نظامها السياسي و الإقتصادي، إضافة لتنسيق التنمية الإقتصادية بين المناطق الحضرية و الريفية و تحسين نظام الضمان الإجتماعي، حيث تبنت تدابير مختلفة لزيادة فرص العمل و توسيع نطاق العمالة للحفاظ على معدل بطالة داخل حدود مقبولة تخدم أهدافها التنموية.
II. إشكالية الدراسة:
تكمن إشكالية الدراسة في بحث المستوى الحقيقي للبطالة و طاقات التشغيل في البلد الأكثر سكاناً و الذي يضم قوى عاملة هي الأكبر في العالم، إضافة إلى تسليط الضوء على السياسات و الإستراتيجيات التي إنتهجتها الحكومة الصينية للتغلب على مشكل البطالة على ضوء النمو الإقتصادي الذي تشهده البلاد، محاولين في ذلك الإجابة على الأسئلة التالية :
- ما وضعية البطالة و التشغيل في الصين ؟
- ما التطورات التي شهدها سوق العمل الصيني ؟
- ما هي الإستراتيجيات التي إنتهجتها الحكومة الصينية لمحاربة البطالة وجعلها ضمن حدود تخدم تطلعاتها ؟
- كيف يمكن الإستفادة من التجربة الصينية في مجال محاربة البطالة ؟
III. أهمية الدراسة:
تأتي هذه الدراسة وسط زخم علمي حول دراسة النموذج الإقتصادي الصيني و من الأهمية بمكان التعرف على وضعية البطالة في هذا البلد، كما أن الأوضاع المستجدة التي يشهدها الشارع العربي و التي كان محركها الأول تردي الأوضاع الإجتماعية و إنتشار البطالة التي تشهدها المنطقة- بما في ذلك الجزائر – شكل دافعا ملحا في التعرف على وضعية البطالة في بلد كالصين. و بما أننا نعمل على دراسة نماذج ناجحة في التعامل مع البطالة، إرتأينا دراسة النموذج الصيني لما يمثله من حالة تنموية فريدة نستطيع من خلالها التعرف على مستوى البطالة و عرض الأساليب التي إنتهجتها الحكومة الصينية لتوفير مناصب عمل لبلد به أكبر حجم من القوة العاملة.
IV. أهداف الدراسة:
الهدف من هذا البحث التعرّف على الوضع الحقيقي للبطالة في الصين و التّعرف على أهم السياسات التي رسمتها الحكومة الصينية خلال مسيرتها التنموية لتوظيف العمالة المسرحة، العمالة المهاجرة من الأرياف و طالبي العمل جدد كخرجي الجامعات، في إطار يمكن من خلاله إستخلاص نتائج من شأنها أن تساعد على مواجهة البطالة في الجزائر.