شكل مفهوم الأمن هاجس كبير لدى المفكرين وصناع القرار على حد سواء، حيث مثل ضمان البقاء والأمن والإستمرار أولوية السياسة الداخلية والخارجية، وعلى الرغم من أنه مصطلح غامض إلا أنه مصطلح خلاني بالأساس غير أنه يبقى مفهوما بالغ الدلالة، وهو ما ذهب إليه زوتي ليشتر Ronnie D. Lipschutz في قوله : بوجود ليس فقط صراع حول الأمن بين الأمم بل أيضا صراع حول الأمن بين المفاهيم” لقد سيطر المنظار الواقعي بشكل كبير إبان الحرب الباردة، حيث سيطروا على التنظير في حقل العلاقات الدولية، وعملوا على تعريف الدراسات الأمنية تعريفا ضيقا من خلال التركيز على قضايا الأمن العسكري ومحورية أمن الدولة بإعتبارها المرجعية الأساسية في التحليل الأمني، والأمن الوطني باعتباره التصور الأمثل للأمين التكيفه مع التهديدات الأمنية في ظل نظام ثنائي القطبية تتصارع فيه كل من الكتلة العربية بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية والكتلة الشرقية بزعامة الإتحاد السوفيتي غير أنه مع نهاية الشماليدات بنهاية الحرب الباردة، وظهور شديدات أمنية جديدة ذات طبيعة مغايرة قومية (الدولة القومية)، وتحت قومية (الفرد، الجماعات، ۰۰) وفوق قومية (الشركات متعددة الجنسيات، المنظمات الدولية، ۰۰) وثم التراجع على التركيز على المفاهيم المفتاحية الأربعة المرتبطة بالنموذج الواقعي والقائمة على فكرة حماية الدولة من التهديدات الداخلية والخارجية، مما فسح المجال أمام أبحاث السلام الإيجابي والبنائيين لإستخدام التقليد السوسيولوجي الدوتشي المركز على أنماط التفاعل المدنية تحت القومية (دون مستوى الدولة والتقليد النقدي للعنف البنيوي وغيرها من أبحاث السلام اما إستلعی ضرورة إعادة النظر في مفهوم الأمن بالشكل الذي يستوعب كل التهديدات الأمنية الجديدة، لذلك فقد عرفت تلك المرحلة مرحلة النهضة في الدراسات الأمنية لما شهدته من تطور ملحوظ في الدراسات الأمنية، هذه الأخيرة التي عرفت نقاشا فكريا وأكاديميا حول ضرورة توسيع وتعميق مفهوم الأمن في ظل إنفتاح الأجندات البيئية والإقتصادية والمجتمعية والسياسية الجديدة، وهو ما أعطى الأولوية للسياسة الدنيا للبيئة الإقتصاد والبيئة في مقايال تراجع ما يسمى بقضايا السياسة العليا المتمركزة حول القضايا العسكرية وكذا المنطلق، تعتبر مرحلة حماية الحرب الباردة بمثابة نقطة تحول في مفهوم الأمن والدراسات الأمنية على إعتبار ظهور مقاربات نظرية جديدة مفسرة الأمن في فترة ما بعد الحرب الباردة عبر طرح تصور جديد للأمن.