دكتور ابراهيم محمد العناني – أستاذ القانون الدولي العام العميد الأسبق لكلية الحقوق جامعة عين شمس
المياه الأنهار وللمياه بصفة عامة أهمية حياتية جوهرية للإنسان، فالتجمعات البشرية الأولى كانت قد أقيمت على ضفاف الأنهار، كما أن جميع الحضارات العظيمة في العصور القديمة لعبت الأنهار دورا رئيسا في قيامها، وفي وقتنا الحاضر وبسبب التطور الكبير الذي أصاب الحياة البشرية ودخول المياه كأحد عناصر التنمية البشرية في مختلف مجالاتها الزراعية والصناعية وغيرها التي تسعى مختلف دول العالم متقدمة ونامية على سواء لتحقيقها وإدامتها فإن السعي نحو الحصول على نصيب كاف من المياه بات حقيقة واقعة مع تطور دورها كأحد موضوعات العلاقات الدولية ذات الأهمية الإستراتيجية، لذلك اعتبرت المياه والسيطرة على مصادرها أو التحكم في توزيع مواردها من أهم عوامل إثارة النزاعات في العالم، بل أن العديد من الباحثين أطلق على زمائنا الحالي زمن المياه لما ستلعبه المياه من أدوار محورية في حياة المجتمعات البشرية مستقبلا
لقد احتلت المياه في السنوات الأخيرة، بالفعل، مكانا في مقدمة إهتمامات المجتمع الدولي، وذلك بسبب ما أحاط بها من مشكلات الندرة والتلوث وسوء التوزيع إضافة إلى مطامع الساعين إلى السيطرة والهيمنة والتوظيف لتحقيق أغراض ومطامع سياسية أو اقتصادية، وما نشأ عن ذلك من نزاعات بين الدول التي تعتبر تلك المياه ضمن أقاليمها، خاصة بين دول المنبع ودول المصب في حال الأنهار الدولية، ولعل مشكلات المياه الدولية أشد إثارة وخطورة لما تنطوي عليه في حال تعقدها. من انعكاسات سلبية على الأمن الدولي والسلام والإستقرار العالمي.
لا تختلف نزاعات استخدام الأنهار الدولية عن غيرها من النزاعات الدولية من حيث إمكانية اللجوء إلى الوسائل التقليدية للتسوية السلمية لتسويتها، وإن اتسمت تلك النزاعات بأهمية خاصة لارتباطها بالمصالح الحيوية للدول النهرية مباشرة، نظرا الاحتمال تعلقهاء وهو الغالب – بالحاجات الحياتية لشعوب هذه الدول، لذا قد يرى البعض أفضلية التماس وسائل دبلوماسية للتسوية، بديلا عن الوسائل القانونية (القضائية)، التي تعتمد على إنزال حكم القانون بصورة موضوعية لا عبرة فيها للمصالح أو اللاعتبارات الذاتية لدولة ما، أو لمدى حساسيتها بالنسبة لدولة نهرية أو الأخرى.
