ملخص :
شكلت ظاهرة الإرهاب خلال العقود الثلاثة الأخيرة أكبر المواضيع إثارة للجدل والنقاش السياسي والأكادبی، اعتبارا إلى كونها أصبحت من أكبر التهديدات الأمنية على المستويات المحلية الإقليمية والعالمية. فمنذ نهاية الحرب الباردة، شهدت الظاهرة تحولا جوهريا لم تشهده من قبل من حيث مجال الانتشار وشدة وخطورة الآثار والنتائج وتعتبر منطقة المتوسط وجوارها أكير المناطق التي تأثرت بخطورتها. فقد فرضت نفسها على جدول أعمال جلسات الحوار الأمنية بين أطراف المتوسط منذ نهاية الحرب الباردة، وتضاعفت أهميها بعد أحداث 11 سبتمبر 2001. لذا فإن الإشكالية الرئيسية التي تثار في هذا الصدد هي: كيف أثرت الظاهرة الإرهابية على تغيير مضامين الحوارات الأمنية في منطقة المتوسط منذ نهاية الحرب الباردة ؟
وللإجابة على هذه الإشكالية، ثم صياغة الفرضيات التالية: أولا – أثرت الظاهرة الإرهابية في تغيير مضامین الحوارات الأمنية قبل أحداث 11 سبتمبر تأثيرا محدودأ، ثانيا – أثرت الظاهرة الإرهابية في تغيير مضامين الحوارات الأمنية بعد أحداث 11 سبتمبر تأثيرا كبيرا، وثم اعتماد خطة دراسة من أربع فصول ناهيك عن مقدمة وخاتمة حيث تضمن الفصل الأول مفارية اينيمولوجية المتغيري الإرهاب والأمن ، وتضمن الفصل الثاني مختلف الطروحات النظرية لدراسة ظاهرة الإرهاب وإشكالية غياب الأمن ، في حين تضمن الفصل الثالث تأثير الإرهاب في تغيير مضامين الحوارات الأمنية قبل أحداث 11 سبتمبر، أما الفصل الأخير: فتضمن تأثير الإرهاب في تغمور مضامین الحوارات الأمنية بعد أحداث 11 سبتمبر . وتم توظيف مقارية منهجية ملائمة لهذه الدراسة، حيث أعتمد المنهج التاريخي لتحليل تطور الظاهرة الإرهابية تاريخيا ومسار الحوارات الأمنية بعد نهاية الحرب الباردة ، والمنهج الوصفي من أجل تقديم تحليل وصفي للظاهرة الإرهابية وتحليل البيئة الأمنية المتوسطية، وكذا المنهج المقارن في تحليل ومقارنة أوجه التشابه والاختلاف بين مختلف سياسات وتصورات المنظومات الأمنية الفرعية في المتوسط، وفي الأخير مفارية التحليل الثقافي لتحليل ظاهرة التطرف والأصولية والإرهاب والوسائل المناسبة لمعالجة هذه الظاهرة.
وخلصت هذه الدراسة في نتائجها إلى التأكيد على أن الظاهرة الإرهابية، قد أثرت في تغيير مضامین الحوارات الأمنية في المتوسط، في الفترة ما بين نهاية الحرب الباردة إلى غاية أحداث 11 سبتمبر تأثيرا نسبيا ومحدود، وذلك من خلال تصنيفها ضمن أهم الأخطار المهددة لأمن المنطقة، وإدراجها في الأجندات الأمنية للأنظمة الفرعية في المنطقة رغم استمرار التعامل معها في إطار محاربتها بالوسائل العسكرية. أما بعد أحداث 11 سبتمبر، فقد أثرت في تغيير مضامين الحوارات الأمنية في المتوسط تأثيرا كبيرا وواضحا، وذلك من خلال تغيير مفهوم الإرهاب في العقيدة الأوروبية ، والتي تجسدت في تغيير وسائل محارته من الوسائل العسكرية إلى الوسائل غير العسكرية، فأصبحت تعتمد على دعم جهود التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الدول المصدرة للإرهاب، ودعم الحوار الحضاري يشقيه الديني والثقافي بين دول شمال المتوسط المسيحية ودول جنوب المتوسط الإسلامية، كسيل جديدة لمحاربة العنصرية والتطرف والإرهاب.