مصعب بشير(ه) – باحث من فلسطين.
إن إجراء المقارنة بين النازية والصهيونية ليس بلاغية خطابية. عندما لا يساءل الجنود الإسرائيليون عن إطلاقهم النار على الفلسطينيين لمجرد الشبهة . أو فعلية قتل من ليس يهوديا، وعندما يحصل المستوطنون بسهولة على السلاح ويستخدمونه ضد الفلسطينيين، وعندما يمارس الفصل العنصري على الطرق وفي الأماكن العامة (3)، وعندما تسن قوانين تشرع وتمأسس العنصرية والتمييز والفصل العنصري واستخدام العنف ضد سكان فلسطين الأصليين، وعندما ترتكب المجازر في حق السكان المدنيين ويجبر هؤلاء على ترك بيوتهم وأراضيهم تحت إطلاق النار، وعندما يستخدم المدنيون والأطفال كدروع بشرية)، وعندما تعسكر مناحي الحياة في «إسرائيل»، وعندما تقوم هذه الأخيرة باستخدام ممنهج للتعذيب في حق السجناء واستخدامهم للتجارب الطبية، وبمعاملة جزء مهم من السكان الأصليين كفئران تجارب… إلخ.
إن إجراء مقارنة كهذه أمر واجب لكشف ماهية الصهيونية، والأوجب من ذلك هو عدم الانزلاق إلى الأحكام المسبقة والربط الميكانيكي بين النازية والصهيونية، والمحرقة والنكبة. فالمقارنة هنا لا ترمي إلى فرض مطابقة بين كل من النسقين الفكريين الصهيوني والنازي، وممارسات «نظام «إسرائيل» الصهيوني» و«الرايخ الثالث»، بل تهدف إلى إبراز المشترك بين النازية والصهيونية على مستوى الأصول والممارسات، وما يترتب عليه من مشروعية إدانة الصهيونية من منظور إدانة النازية نفسه.
تمثل الصهيونية الهوية الفكرية لدولة «إسرائيل»، وتیارة عنصرية تغول على الهويات الثقافية والمنجمعية) لليهود، قبل أن ينقض على فلسطين وشعبها، الصهيونية نتاج «المسألة اليهودية» الأوروبية بامتياز؛ فهي داخليا أحد إفرازات الأوضاع الاجتماعية – الاقتصادية الأوروبية التي أنبتت الفاشية والنازية، وخارجيا أحد أذرع التحرك الاستعماري الغربي الذي استهدف في جملة ما استهدف المنطقة العربية. الصهيونية هي عين طابع الممارسة الاستعمارية العنصرية الإسرائيلية. ولما كانت الأسس الفكرية للنازية موضع نقد وتفنيد ومحاربة فإن نظرة فاحصة للأسس نفسها تبين أن النازية والصهيونية وكثيرة من أوجه الفاشية مشربها واحد، وعليه فإن الصهيونية يجب أن توضع موضع نقد وتفنيد ومحاربة على كل صعيد، كما هي الحال مع النازية والفاشية. وهكذا تعمد هذه الدراسة إلى إجراء المقارنة بين الصهيونية والنازية، ممثلتين بكل من نظام «إسرائيل» الصهيوني» و«الرايخ الثالث»، على المستويات الآتية: