المؤلف رانية عبد الوهاب، مجلة السياسة والاقتصاد،المقالة 6، المجلد 3، العدد ( 2 ) ابریل 2019، الربيع 2019، الصفحة 108-142 .
تهدف هذه الدراسة إلى التعرف على الموقف والدور الأفريقي تجاه قضية حظر الإنتشار النووي وکيف توصلت إفريقيا إلى إنشاء منطقة خالية من السلاح النووي.
وتکمن المشکلة البحثية في أنه على الرغم من من ان القارة الإفريقيه بيئه تسودها الإختتلافات والصراعات والإنقسامات کما ان معظمها دولا نامية، إلا انها إستطاعت ان تتوحد حول هدف واحد ألا وهو إخلاء القارة من الأسلحة النووية تظرا لما تمثله تلک الأسلحة من مخاطر جمه وحرصاً من الدول الإفريقية على امن وسلامة القارة.ولتصبح قارة أفريقيا خامس منطقه خاليه من السلاح النووي على مستوى العالم. وياتي ذلک في الوقت الذي فشلت فيه بعض الدول المتقدمة في إحراز هذا الهدف.
وبناقش هذا البحث إستراتيجية المناطق الخالية من الأسلحة النووية کاحد آليات الحد من الإنتشار النووي، ثم يتناول المبحث الثاني الدور الأفريقي المساهم في الحد من الإنتشار النووي، بينما يتتبع المبحث الثالث تطورات الموقف الإفريقي من حظر الانتشار النووي منذ بدايته حتى توقيع معاهدة بليندابا، بينما يحلل المبحث الثالث أهم العقبات التي واجهت انشاء منطقة خالية من السلاح النووي في إفريقيا. وتختتم الدراسة بإستعراض الدروس المستفادة من التجربة الأفريقية کمنطقة خالية من السلاح النووي.
تحتل قضیة إنتشار الأسلحة النوویة بؤرة الإهتمام العالمی نظرا لإرتباطها الوثیق بالأمن والسلم الدولیین.حیث کانت ولازالت تلک القضیة الشاغل الرئیسی للأمم المتحدة منذ الستینیات من القرن الماضی وذلک من خلال وضع الضوابط والترتیبات الدولیة الفعالة من أجل الحد من الإنتشار النووی، وذلک بإعتبار أن هذا التقیید من شأنه أن یقلل من إحتمالات وقوع حرب نوویة کبیرة کانت أم محدودة، کما أنه کان یوفر السبل أمام ترکیز إستخدامات الطاقة النوویة فی المجال السلمی وحده تحت شعار “طاقة نوویة نظیفة للبناء لا للقتل والتدمیر”. ویمثل إنشاء المناطق الخالیة من الأسلحة النوویة، أحد المداخل الرئیسیة للتعامل مع مشکلة منع انتشار الأسلحة النوویة، وذلک عن طریق إقامة ترتیبات أمنیة اختیاریة بین دول إقلیم معین، لتحقیق مجموعة من الأهداف، یتمثل أهمها فى تقلیص التهدید النووى لدول الإقلیم وحمایة دول الإقلیم من التعرض لمخاطر استخدام الأسلحة النوویة وتسهیل الاستخدامات السلمیة للطاقة النوویة فى هذا الإطار.
وحری بالذکر أن أفریقیا وقفت من قضیة الإنتشار النووی موقفا ثابتا، ومعتمدا على أسس واقعیة على امتداد الفترة التى أعقبت استخدام الأسلحة النوویة وانتشارها فى العام 1945 حیث عارضت بعضا من دول القارة الأفریقیة انتشار الأسلحة النوویة منذ ذلک الحین [1]، وسعت لمکافحة ذلک الانتشار لیس فقط من خلال المناقشات فى المحافل الدولیة، ولکن أیضا من خلال العمل الإیجابى الفعال ومن ناحیة أخرى کانت الدول الأفریقیة فى مقدمة الدول التى تبذل الجهود المضنیة فى مکافحة الانتشار النووى منذ البدایة، کما أسهمت فى إنجاح نظام عدم الانتشار سواء من خلال الانضمام إلى معاهدة منع الانتشار النووى (NPT) ـ ، أو من خلال الالتزام بقواعد العمل فى المجال النووى وهى القواعد التى تصدر عن الوکالة الدولیة للطاقة الذریة والانضمام إلى معاهدة إجراءات الحمایة مع هذه الوکالة، وأیضا من خلال الجهود التى بدأت فى العام 1964، لإنشاء منطقة خالیة من الأسلحة النوویة فى أفریقیا. وقد إستمرت تلک الجهود قرابة ثلاثه وثلاثین عاما وتوجت فی النهایة بتوقیع معاهدة “بلندابا” الرامیة إلى جعل إفریقیا منطقه خالیة من السلاح النووی. ولقد جاءت هذه المعاهدة لکى تفرض واقعا جدیدا على صعید قضیة منع الانتشار النووى لیس فى دول القارة الأفریقیة فحسب، ولکن أیضا فى الدول العربیة الأفریقیة، ونظرا لان معاهدة بلیندابا تضم دولا تابعة لأقالیم أخرى، فإن ذلک یتیح مزیدا من الفرص لمنع الانتشار النووى، وتعتبر دول مثل السودان ولیبیا ومصر وتونس والمغرب وغیرها من الدول العربیة الأفریقیة دولا معنیة بقضیة التأثیر المشترک لاتفاقیة بلیندابا على کل من قضیة إنشاء منطقة خالیة من الأسلحة النوویة فى الشرق الأوسط وقضیة الانتشار النووى فى أفریقیا، وهذه الدول قامت بالفعل بالتوقیع على المعاهدة فى 11 إبریل 1996.
المشکلة البحثیة:
تتمحور المشکله البحثیة للدراسة حول المعضله المترتبة على الأتی: أنه على الرغم من ان القارة الإفریقیه بیئه تسودها الإختتلافات والصراعات والإنقسامات کما ان معظمها دولا نامیة، إلا انها إستطاعت ان تتوحد حول هدف واحد ألا وهو إخلاء القارة من الأسلحة النوویة تظرا لما تمثله تلک الأسلحة من مخاطر جمه وحرصاً من الدول الإفریقیة على امن وسلامة القارة. ولتصبح قارة أفریقیا خامس منطقه خالیه من السلاح النووی على مستوى العالم. ویاتی ذلک فی الوقت الذی فشلت فیه بعض الدول المتقدمة فی إحراز هذا الهدف، الأمر الذی من شانه أن یزید من حالة الخلل التى تسود ساحة قضایا السلاح النووى على الصعید الإقلیمى والصعید الدولى کما أنه یبقى على هذه القضایا فى حالة ساخنة تهدد بالانفجار فى أیة لحظة.
وتتفرع من هذه المشکلة البحثیة مجموعة من التساؤلات:
– ما هی دوافع الدول الإفریقیة لإخلاء القارة من الأسلحة النوویة؟
– ما الدور الذی ساهمت به إفریقیا فی الحد من الإنتشار النووی؟
– ما هو المقصود بالمناطق الخالیة من السلاح النووی وما هی أهم شروط إنشائها؟ و أهدافها؟
– کیف توصلت إفریقیا إلى إخلاء القارة من الأسلحة النوویة؟ وما هو دور الإتحاد الإفریقی فی إنجاح هذه المهمة؟
– هل هناک ثمة إرتباط فیما بین السلاح النووی والتنمیة؟
– هل هناک مناطق خالیة من السلاح النووی على مستوى العالم؟ وما مدى فعالیها؟
– ما هی اهم المعوقات التی واجهت القارة الإفریقیة فی حظر الإنتشار النووی؟
أهمیة الدراسة:
تکمن أهمیة الدراسة فی اظهار التزاید المستمر لظاهرة الانتشار النووی خاصة بعد انتهاء الحرب الباردة مما یشکل خطراً داهما علی الامن والسلم الدولیین نظرًا للمخاطر التی تنتج عنه سواء ما تعلق باحتمال قیام حرب نوویة سیما مع وجود مناطق توتر عدیدة فی العالم أو استخدامها عن طریق الخطأ من شأنها أن تؤدی إلى فناء البشریة والانسانیة. کما أن الخطوات
التی تقوم بها الدول النوویة الکبرى وفی مقدمتها الولایات المتحدة الأمریکیة وروسیا نحو تحدیث وتطویر ترساناتهم النوویة، فإنها تؤثر بالسلب على جهود حظر انتشار الأسلحة النوویة، أی زیادة عدد الدول المالکة للسلاح النووی، بسبب عدم التزام الدول النوویة ومخالفتها لأحکام معاهدة منع انتشار الأسلحة النوویة، وعدم التحرک لإزالتها بصفة نهائیة، ورفض أی محاولة لحظر استخدام الأسلحة النوویة أو تحقیق نزع کامل لها ورفضها التصدیق على معاهدة حظر التجارب النوویة. وبما أن الواقع الدولی یؤکد أن التنافس النووی بین الدول المالکة للأسلحة النوویة )أعضاء مجلس الأمن الدولی(، قد نتج عنه تطویرترسانة نوویة ضخمة کما تسبب فی تلوث نووی کبیر فی العدید من مناطق العالم وأدى إلى وقوع الکثیر
من الضحایا. انه لا توجد آلیة لإلزام الدول بالانضمام الی تلک المعاهدات[2].
بینما نجد على الجانب الاخر دولا بدأت فی السیر قدما نحو إزالة السلاح النووی نهائیا عن طریق إنشاء مناطق خالیة من السلاح النووی.
الدراسات السابقة:
- دراسة بعنوان “فعالیة سیاسات منعالانتشار النووی: منطقة الشرق الأوسط کحالة دراسة“[3].
وقد تطرقت الرسالة الى دراسة تطور النظام الدولی وأثره فى سیاسات منع الانتشار النووی وتطورها وذلک من خلال تناول موقف الامم المتحدة وتطور مفهوم الانتشار النووی واهتمام الجمعیة العامة منذ دورتها الأولى بهذه القضیة وتطور مفهوم منع الانتشار النووی فى اطار تطور مفهوم نزع السلاح والانتقال من النزع الى الحد من انتشار الاسلحة النوویة والاتفاقیات المتعددة الاطراف المرتبطة بمنع الانتشار النووی ثم تناول النظام الدولى الجدید وتغیرات الوضع الدولی والتطورات المتلاحقة فى منع الانتشار النووی الدولیة والاقلیمیة. وایضا نظام الضمانات النوویة کما تناولت التطورات فى النظم الإقلیمیة لمنع الانتشار النووى من خلال تناول المناطق الخمس الخالیة من الاسلحة النوویة مع إبراز المشاکل المرتبطة بفعالیة سیاسات منع الانتشار النووی ومحاولة مقارنتها بالمشاکل الموجودة فى الشرق الاوسط وأخیرا تطرقت الرسالة الى دراسة أثر تلک التطورات فى سیاسات منع الانتشار النووی.
- دراسة بعنوان” “Nuclear order and disorder[4]
وقد تناولت هذه الدراسة النظام الدولی فی حقبة الحرب الباردة وظهور السلاح النووی ودوره فی صیاغة العلاقات بین القطبین العظمیین خلال فترة الحرب الباردة وکیف أن الحرب الباردة قد أنتهت دون حدوث مواجهة نوویة بین القطبین، ثم تناولت الدراسة دور السلاح النووی فی مرحلة ما بعد الحرب الباردة وخاصة منذ منتصف التسعینات من القرن العشرین،وأخیرا تناولت الدراسة مستقبل السلاح النووی فی ظل القطبیة الأحادیة.
- دراسة بعنوان: “محددات إقامة المناطق الخالیة من الأسلحة النوویة مع التطبیق على الشرق الأوسط”[5]
حیث تناول الکاتب محددات اقامة المناطق الخالیة من الاسلحة النوویة بناء على لدراسة المقارنة للعوامل التى احاطت بعملیات انشائها فى اقالیم امریکا اللاتینیة وجنوب المحیط الهادى وجنوب شرق اسیا وقارة افریقیا والتى تشیر الادبیات النظریة الى ضرورى توافرها لجعل قیامها ممکنا مع التطبیق على حالة الشرق الاوسط لتحلیل مدى توافر متطلبات او شروط انشاء لإنشاء المنطقة الخالیة من السلاح النووی فى هذا الاقلیم. وتستند الرسالة فى تحلیلها للشروط النظریة ودراستها للخبرة العملیة على التمیز بین شروط الاقامة وشروط الفعالیة والتمییز فى تحلیل شروط الاقامة بین شروط التاسیس وشروط التدعیم التى ترتیط باکتمال اقامتها وقد خلصت الدراسة إلى ان شروط إنشاء منطقة خالیة من السلاح النووی فی الشرق الوسط لا تزال غیر قابلة للتطبیق فی الوقت الحالی.
- دراسة بعنوان “السلاح النووی بین مبادیء الشرعیة الدولیة وحتمیات القوة : دراسة مقارنة لکل من |یران وکوریا الشمالیة”[6]
وقد تناولت هذه الدراسة النظام الدولی وحظر الإنتشار النووی من حیث ملامح البیئة الدولیة الراهنة ومبررات الإنتشار النووی وقیوده ومخاطره والأطر القانونیة الحاکمة له ثم تناولت البرنامج النووی الإیرانی من حیث نشاته وتطوره والعوامل الدافعة له وتداعیاته على البیئة الإقلیمیة والدولیة والجهود الدولیة لتسویة ازمة البرنامج النووی الإیرانی. ثم تناولت البرنامج النووی الکوری الشمالی من حیث نشاته وتطوره والعوامل الدافعة له وتداعیاته على البیئة الإقلیمیة والدولیة والجهود الدولیة لتسویة ازمة البرنامج النووی الکوری الشمالی. وقد خلصت الدراسة غلى أن إزدواجیة المعاییر فی تعامل الدول الکبرى مع القضایا النوویة هی أحد العوامل الرئیسیة فی تزاید الإنتشار النووی فی العالم. مما یعنی أن حتمیات القوة تسمو وتعلو فوق مبادیء الشرعیة الدولیة أحیانا، حیث أن الولایات المتحدة تفسر الشرعیة الدولیة من منطلق مصالحها ومصالح حلفائها فی المنطقة.
تقسیم الدراسة:
سنقوم بتقسیم الدراسة إلى أربعة مباحث یحلل أولها إستراتیجیة المناطق الخالیة من الأسلحة النوویة کاحد آلیات الحد من الإنتشار النووی، ثم یتناول المبحث الثانی الدور الأفریقی المساهم فی الحد من الإنتشار النووی، بینما یتتبع المبحث الثالث تطورات الموقف الإفریقی من حظر الانتشار النووی منذ بدایته حتى توقیع معاهدة بلیندابا، بینما یحلل المبحث الثالث أهم العقبات التی واجهت انشاء منطقة خالیة من السلاح النووی فی إفریقیا، وتختتم الدراسة بإستعراض الدروس المستفادة من التجربة الأفریقیة کمنطقة خالیة من السلاح النووی.
أولا: إستراتیجیة المناطق الخالیة من الأسلحة النوویة
یمثل انشاء المناطق الخالیة من الاسلحة النوویة احد اهم المداخل الرئیسة للتعامل مع المشکلات التی اثارتها الاسلحة النوویة منذ العام 1945, ومنها مشکلة منع انتشار الاسلحة النوویة, عن طریق اقامة ترتیبات أمنیة بین دول اقلیم معین, لتحقیق مجموعة من الاهداف المتوخاة, اهمها تقلیص التهدید النووی لدول الاقلیم, وحمایتها من التعرض لمخاطر استخدام الاسلحة النوویة وتسهیل الاستخدامات السلمیة للطاقة النوویة.[7]
اذ تعد المنطقة الخالیة من الاسلحة النوویة : منطقة لا یجوز فیها للدول بناء او امتلاک او نقل او نشر او اختبار الاسلحة النوویة ویمکن القول ان المناطق الخالیة من الاسلحة النوویة هی احدى التطبیقات النوعیة للمناطق المنزوعة من السلاح, على ان المناطق المنزوعة من السلاح تعنی اخلاء منطقة معینة من الاسلحة والمعدات والمنشآت والقواعد العسکریة, وتحریم مباشرة ای نشاط عسکری فیها من ای نوع, بید ان المناطق الخالیة من الاسلحة النوویة تعنی تجرید منطقة ما من الاسلحة النوویة فقط دون غیرها, وفقا لاتفاق دولی بین اطراف المنطقة المعنیة
ویمکن القول بأن المناطق الخالیة من الأسلحة النوویة تتکون من عنصرین رئیسیین: أولهما: عنصر “النطاق” المحدد، أی وجود منطقة جغرافیة محددة، هذه المنطقة قد تکون قارة أو إقلیما أو أیة مساحة ما. وتتحدد أطراف المنطقة فی هذا النطاق.وثانیهما: عنصر “الخلو” النووی، أی الحظر العام المرتبط بآلیة تحقق، لکل ما یتصل بالتسلح النووی فی المنطقة، وتتحدد التزامات أطراف المنطقة فی هذا الإطار.
وحری بالذکر أن مفهوم “المناطق الخالیة من الأسلجة النوویة” لأول مرة فی منتصف الخمسینیات، من خلال مقترح بولندی بالأمم المتحدة، کأحد التدابیر المکملة لمحاولات إقامة نظام عالمی لمنع إنتشار الأسلحة النوویة. وشهد العالم أولها فی القطب الجنوبی سنة 1959، بموجب إتفاقیة أنتارتکا، و التی تؤکد على الإستخدام السلمی للمنطقة ، حیث تعتبر هذه المعاهدة أول إتفاق دولی یحظر إجراء التجارب النوویة فی المنطقة المتجمدة الجنوبیة، و بذلک تنشئ منطقة خالیة من الأسلحة النوویة العسکریة، و لکنها لا تمنع من إجراء تجارب الطاقة النوویة للأغراض السلمیة، کما تحظر إجراء التفجیرات النوویة أی کان نوعها أو إستخدامها فی التخلص من النفایات النوویة . لکن منذ ظهور فکرة هذه المناطق فی الأمم المتحدة عام 1956 ، توالت المشروعات الخاصة بإقامتها، لتتجاوز 25 مشروعاً تشمل کافة أقالیم العالم تقریباً، إلا أنه 2 لم یتم فعلیاً إقامة سوى أربعة مناطق منها فی أقالیم قاریة فی کل من أمریکا اللآتینة و البحر الکاریبی، جنوب محیط الهادی، جنوب شرق آسیا، و القارة الإفریقیة [8].
بید أنه منذ عام 1975 صاغت الجمعیة العامة للأمم المتحدة مجموعة من المبادئ التی ینبغی أن تسترشد بها الدول فی إقامة المناطق الخالیة من السلاح النووی، ثم جرى ذلک توسیع هذه المبادئ فی تقریر صدر بتوافق الآراء عن لجنة الأمم المتحدة لنزع السلاح عام 1999.
وفی هذا الإطار، تم الاتفاق على أن تقام مناطق خالیة من الأسلحة النوویة على أساس ترتیبات تتوصل إلیها الدول داخل المنطقة وحدها، وأن توافق علیها کل الدول الواقعة فیها، ویجب أن تشکل المنطقة کیانا جغرافیا تحد حدوده بوضوح من جانب الأطراف المحتملة للمعاهدة، وذلک من طریق المشاورات مع الدول الأخرى المعنیة.
وتتضمن المبادئ المشار إلیها تقدیم المساعدة إلى الدول المعنیة، بما فی ذلک طریق الأمم المتحدة، فی إطار الجهود التی تبذلها من أجل إقامة المنطقة، وأن تشارک کل الدول فی المنطقة المعنیة فی المفاوضات؛ ویجب أن یقابل وضع المنطقة الخالیة من الأسلحة النوویة بالاحترام من جانب کل الدول الأطراف فی معاهدة إقامة المنطقة، وکذلک من جانب کل لدول خارج المنطقة، بما فی ذلک الدول النوویة الخمس.[9]
ولا یمکن أن یتحقق إنشاء منطقة خالیة من أسلحة الدمار الشامل، وفی مقدمها السلاح النووی، إلا إذا توافرت مجموعة من الشروط وتبرز أهمها فی ما یلی:
- قناعة کل طرف معنی بأن تجرید المنطقة من السلاح النووی سیدعم فکرة الأمن القومی. ولکن یبقى الاحتمال واردا أن تلتقی المصلحة الوطنیة لدول فی منطقة ما مع فکرة أمن المنطقة وسلامتها من طریق تجرید المنطقة من السلاح النووی بینما تبقى بعض الدول تعتقد أن إنشاء مثل هذه المناطق سیضعف أمنها وسلامتها ولا یشکل إجراءا واقعیا وعملیا.
- إن المناطق التی تعیش حالة من التوتر السیاسی الناجمة عن تناقضات واختلافات بین دول المنطقة ستجعل من تجرید المنطقة من الأسلحة النوویة عملیة معقدة، حیث لابد من أن یسبق إنشاء المنطقة الخالیة من الأسلحة النوویة تخفیف للتوتر وتوفیر أرضیة تلتقی علیها دول المنطقة سویة؛ والدال على ذلک أن اتفاقیات نزع السلاح التی عقدت دولیا لحد الآن هی نتیجة لتخفیف التوتر الدولی وتحسینه.
- ابتعاد دول المنطقة الخالیة من الأسلحة النوویة عن التکتلات والأحلاف العسکریة التی تضم أطرافا نوویة أو تسمح بإقامة قواعد عسکریة لدول نوویة، لما لذلک من خرق لأهم المبادئ التی اعتمدت لإنشاء المنطقة حیث یمکن أن یترتب على مثل هذه التکتلات أو القواعد السماح بوجود أو ورود أسلخة نوویة عبر أراضی تلک الدولة المنضمة إلى تلک المنطقة الخالیة من الأسلحة النوویة أو أنها قد تجد نفسها مضطرة حکم الحلف أو المعاهدة العسکریة إلى الدفاع أو التعرض لهجوم نووی.
- یترتب على الدول النوویة مسئولیات خاصة ومهمة فی سبیل أنجاح إنشاء مناطق خالیة من الأسلحة النوویة حیث یجب علیها أن تلعب دورا محوریا، بمعارضة إجراء تجارب نوویة فی المنطقة ومحاربة عدم الامتثال لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النوویة؛ ومن دون تعاون هذه الدول یصبح من لصعب تجرید أی منطقة من السلاح النووی، وهذا الدور له وجهان أولهما سلبی، وهو التزام الدول النوویة عدم استخدام أو التهدید باستخدام السلاح النووی ضد أی دولة من دول المنطقة المنزوعة السلاح النووی، کما علیها أن تمتنع عن تصدیر أو تسهیل تملیک أیة دولة فی المنطقة المشمولة بنزع السلاح النووی أو مستلزمات إنتاجه. أما الوجه الثانی الإیجابی فیمکن فی استعداد الدول النوویة لحمایة دول لمنطقة من أی هجوم نووی من خارج دول المنطقة. وتتخذ الخطوات الفعالة لتخفیف حدة التسابق النووی فیما بینها وذلک عن طریق اقتراح تدابیر عملیة لتخفیف حدة التوتر وبناء الثقة والتحکم بمختلف أشکال سباق التسلح فی المنطقة.
- تحدید النطاق الجغرافی للمنطقة الخالیة من الأسلحة النوویة إذ یعتبر من العناصر الثابتة فی عملیة إقامتها.
لابد من أن تأتی المبادرة لإنشاء المنطقة الخالیة من السلاح النووی من قبل دول المنطقة المعنیة وعلى أساس المشارکة الاختیاریة.
- یجب أن یقابل وضع المنطقة الخالیة من الأسلحة النوویة بالاحترام من جانب کل الدول الأطراف فی معاهدة لإقامة المنطقة، وکذلک من جانب کل الدول خارج المنطقة، بما فی ذلک الدول النوویة الخمس. ویجب فی هذا الإطار استشارة الدول النوویة الخمس أثناء التفاوض حول المعاهدة وبروتوکولها من أجل تسهیل عملیة التوقیع أو تصدیقها.
- توفیر جهاز دولی فعال للضمان وللإشراف علی تنفیذ معاهدة إنشاء المنطقة الخالیة من الأسلحة النوویة من طرف دول المنطقة وذلک عن طریق الرصد التفتیش، من خلال تحویل مرافق الإنتاج ذات الصلة بالأسلحة النوویة إلى طاقة نوویة ذات استخدامات سلیمة.
- توفیر آلیة لتوقیع جزاءات ومعاقبة وترتیب مسئولیات على الدول التی تنتهک بنود المعاهدة المنشئة للمنطقة الخالیة من الأسلحة النوویة.
ولقد أکتسبت إقامة منطقة خالیة من الأسلحة النوویة أهمیة کبرى من خلال تحقیقها للاهداف التی سطرتها والتی تتمثل فی الأتی:
- إزالة أی تهدید نووی للمنطقه وخلق المزید من جو الثقه فیما بین دول الإقلیم الأمر الذی سینسحب على باقی أنواع الأسلحة التقلیدیة وغیر تقلیدیة مما یعزز من أمن المنطقة.
- إن إنشاء منطقة خالیة من السلاح النووی فی إقلیم ما ونجاحها سیعزز من إنشاء هذه المناطق فی أقالیم أخرى
- بوفر الحمایة لدول الإقلیم من مخاطروآثار إستخدام الأسلحة النوویة.حیث أن وجود الأسلحة النوویة ینطوی عللى محاطر جمة نذکر منهاعلى سبیل المثال لا الحصر:
(أ) مخاطر أمنیة[10]: وتکمن فی احتمالیة حصول الارهابیین على الأسلحة النوویة او استخدامها ضد خصومهم: فقد یلجأ الإرهابیون للحصول على التکنولوجیا النوویة أو قد یلجأون إلى سرقة الاسلحة النوویة من اماکن تخزینها او خلال عملیة نقلها،ولقد أشارت الوکالة الدولیة للطاقة الذریة فی دیسمبر 2004,إلى وقوع 662 حادث سرقة مؤکدة تشمل الیورانیوم عالی التخصیب وکذلک البلوتونیوم[11].
(ب) مخاطر عسکریة: وترتبط هذه المخاطر بالمرافق النوویة کهدف أو بإمکانیة استخدام نفایات القدرات النوویة عسکریًا، فقد تطر ح احتمالات جادة للاعتداء على المفاعلات النوویة فى حالة الحرب، أو التوترات الحادة، وتطرح أیضا احتمالات إلقاء النفایات النوویة المشعة لأغراض عدائیة فى حالات التوتر المسلح. فالمرافق النوویة قد تکون “رهینة” یتم ضربها من جانب الدول الأضعف فى مواجهة تهدیدات لا قبل لها بها لتنتج تأثیرات تبدو وکأنها مستوى من استخدامالأسلحة النوویة وهو ما طرح مفاهیم مثل الأسلحة الإشعاعیةوالحرب الإشعاعیة وهی تهدیدات کامنة فى الأقالیم التى تشهد انتشارا للقدرات النوویة[12].
(ج) مخاطر بیئیة: تتصل بمجموعة من المشکلات التى یمکن أن تترتب على انتشار المنشآت النوویة فى منطقة معینة، مثل تسرب الإشعاعات النوویة من المفاعلات أو دفن النفایات النوویة علنا أو سرا أو نقلها فى ظروف غیر مأمونة أو کل ما یتصل بالحوادث والکوارث النوویة والتى لا تقتصر آثارها عادة على الدول التى تقع داخلها وإنما تمتد إلى الدول المجاورة لاسیما فى الأقالیم ذات الوضع الجغرافی الضیق التى تضم دولا صغیرة أومتوسطة الحجم متجاورة، وحتى بالنسبة للأقالیم مترامیة الأطراف فإن حدوث کارثة نوویة یؤثر على أطراف عدیدة فى أماکن تبدو بعیدة.[13]
- تشجیع وتسهیل الإستخدام السلمی للطاقة النوویة [14]وذلک من خلال توفیر مناخ عام لمثل هذا الإستخدام ، حیث أن الإلتزامات المتبادلة بین دول القلیم من شأنها القضاء على الهواجس الأمنیة وبناء وتدعیم الثقة بین دول الإقلیم مما یحقق السلام والإستقرار بین دول المنطقة[15].
ویمکن القول بأن هناک خمس معاهدات للمناطق الخالیة من السلاج النووی وهی کالتالی:
(أ) معاهدة تلاتیلولکو: کانت أول معاهدة دولیة تتعلق بإخلاء منطقة آهلة بالسکان من الأسلحة النوویة،کما أنها أول معاهدة نزع سلاح تنص على قیام منظمة دولیة بعملیة التفتیش والتحقق من الالتزام ببنودها. و رغم أن المعاهدة دخلت حیز النفاذ القانونی فی 25 أبریل 1969 ،إلا أن تنفیذها فعلیا لم یبدأ إلا فی مای 1994 عندما صدقت البرازیل علیها،حیث أن المعاهدة کانت تواجه صعوبات سیاسیة بین دول المنطقة.
(ب) معاهدة راروتونغا: أبرمت المعاهدة بین دول جنوب الباسیفیکی فی 06 أوت 1985 و دخلت حیز النفاذ فی 11 دیسمبر 1986،و یمکن تحدید نطاقها الجغرافی بالمنطقة الممتدة من الساحل الغربی لأسترالیا إلى الحدود الغربیة لمنطقة أمریکا اللاتینیة .
(ج) معاهدة بلیندابا: تتعلق المعاهدة باعتبار القارة الإفریقیة منطقة منزوعة السلاح النووی،تم التوقیع علیها 11 إبریل عام 1996 ،فی إطار منظمة الوحدة الإفریقیة، إلا أنها لم تحظ بتصدیق سوى 25 دولة لحد الآن، فی حین أنها تستلزم تصدیق 28 دولة لتدخل مرحلة النفاذ.
بالإضافة للمعاهدات الثلاثة أبرمت معاهدات أخرى لاحقا منها معاهدة بانکوک بین دول منظمة الآسیان (ASEAN) جنوب شرق آسیا (1997)، والمعاهدة بین دول آسیا الوسطى وهی الدول الناشئة عن تفکک الاتحاد السوفیاتی سابقا (2006).
ومایمکننا إثارته بشأن هذه المعاهدات أنها تجنب مناطق کبیرة من العالم خطر الأسلحة النوویة ،کما أنها تمکن الدول من تسخیر مواردها المالیة لجهود التنمیة ،و مواجهة الفقر و الجوع و الأمراض التی تعتبر مظاهر ممیزة لهذه المناطق.
أما بخصوص فعالیتها على المستوى الدولی فإنها تبقى ناقصة ما دام أنها لا تضم فی عضویتها دولا نوویة التسلیح، أو دولا عظمى،لذلک أرفق أغلبها ببروتوکولات إضافیة تتعلق بتعهد الدول نوویة التسلیح بعدم الاعتداء بالسلاح النووی على هذه المناطق،و عدم مساعدة أی دولة من الدول الأعضاء على امتلاک تقنیة الأسلحة النوویة.
ثانیا: الدور الأفریقی المساهم فی الحد من الإنتشار النووی
لقد لعبت إفریقیا دورا محوریا فی نظام حظر الإنتشار النووی وذلک منذ تصاعد ظاهرة الإنتشار النووی فی الخمسینات من القرن الماضی ، ویمکن أن نتناول الموقف المصری کـأبرز الدول الإفریقیة التی دعت إلى ضرورة الحد من الإنتشار النووی.
یعد نزع السلاح النووى أولویة رئیسیة لمصر إقلیمیاً ودولیاً. وقد لعبت مصر لعقود دوراً أساسیاً فى الدفع بنزع السلاح النووى، فى إطار معاهدة منع الانتشار النووى، باعتباره التزاماً على الدول النوویة یتعین الوفاء به بموجب تعهداتها المنصوص علیها فى المادة السادسة من معاهدة منع الانتشار النووى.حیث وتولى مصر أولویة قصوى لنزع السلاح النووى بشکل کامل فى إطار زمنى محدد ودون تمییز ومن خلال آلیات تحقق واضحة. وفى هذا السیاق، تدعم مصر بقوة التفاوض على معاهدة دولیة شاملة لتحقیق نزع السلاح النووى بشکل کامل وبما یضمن عدم العودة لحیازة تلک الأسلحة، وذلک من خلال نظام متعدد الأطراف یتسم بالفعالیة لضمان التحقق والرقابة الدولیة.
کما شارکت مصر بفاعلیة فی المفاوضات التاریخیة على معاهدة حظر الأسلحة النوویة التى تم اعتمادها فی 7 یولیو 2017 بمقر الأمم المتحدة بنیویورک وکانت من ضمن 122 دولة قامت بالتصویت لصالح اعتمادها. وتمثل معاهدة حظر الأسلحة النوویة أحد أبرز التطورات فی مجال نزع السلاح خلال العقود الأخیرة حیث نصت على حظر تطویر وانتاج وامتلاک وتخزین الأسلحة النوویة والتهدید باستخدامها ووضعها فى أراضى الغیر.
دعمت مصر أهداف ومبادئ معاهدة الحظر الشامل للتجارب النوویة لحظر ومنع تفجیرات الأسلحة النوویة وأى تفجیرات نوویة أخرى، وذلک کخطوة نحو نزع السلاح النووى. وقد کانت مصر من أوائل الدول التى وقعت على المعاهدة فى ضوء تشجیعها للدول النوویة على الامتناع عن إجراء تجارب نوویة ووقف التطویر النوعى للأسلحة النوویة.[16]
بذلت مصر جهوداً مضنیة على مدار عقود لتحقیق الإزالة الکاملة للأسلحة النوویة وکافة أسلحة الدمار الشامل الأخرى فى الشرق الأوسط. ومن منطلق إدراک مصر للآثار غیر الإنسانیة لتلک الأسلحة، وإیمانها العمیق بأن أسلحة الدمار الشامل من شأنها تأجیج عدم الاستقرار بالمنطقة، بادرت مصر بالمطالبة بإنشاء منطقة خالیة من الأسلحة النوویة وکافة أسلحة الدمار الشامل الأخرى فى الشرق الأوسط. وقد سعت مصر لتحقیق ذلک الهدف لیس فقط باعتباره ضرورة أمنیة، ولکن لإتباع ذات المنهج الذى اتبعته العدید من الأقالیم الأخرى التى نجحت فى إنشاء مناطق خالیة من الأسلحة النوویة، الأمر الذى یتعین علیه ألا یکون الشرق الأوسط استثناء منه.
وقد حظیت منطقة الشرق الأوسط، ولا تزال، بوضعیة خاصة فى إطار معاهدة منع الانتشار النوویة وعملیة مراجعتها، حیث جاء اعتماد قرار 1995 بشأن إنشاء منطقة خالیة من الأسلحة النوویة وکافة أسلحة الدمار الشامل الأخرى فى الشرق الأوسط من خلال آلیة فعالة وقابلة للتحقق کأحد العناصر الأساسیة ضمن حزمة التمدید اللانهائی للمعاهدة، وهو ما یؤکد على أن تحقیق عالمیة المعاهدة ونزع السلاح النووی یمثل مکوناً أساسیاً فى مصداقیة وفعالیة المعاهدة.
وبعد مرور أکثر من عقدین على اعتماد قرار 1995 بشأن الشرق الأوسط، لا یزال هذا القرار هو الوحید الذى تم اعتماده بمؤتمرات مراجعة المعاهدة کحالة إقلیمیة خاصة، وهو ما یعکس محوریة تلک القضیة والحاجة الملحة لتناولها. ولإعادة التأکید على تلک الوضعیة الخاصة، أعاد مؤتمر مراجعة معاهدة منع الانتشار النووى لعام 2000 التأکید على محوریة الشرق
أما بالنسبة لقضیة الإستخدامات السلمیة للطاقة النوویة تؤکد مصر على أهمیة دعم التعاون الدولى فى مجال الاستخدامات السلمیة للطاقة النوویة والحفاظ على الحق غیر قابل للتصرف للدول الأطراف بمعاهدة منع الانتشار النووى فى تطویر وبحث وإنتاج واستخدام الطاقة النوویة للأغراض السلمیة على النحو المنصوص علیه بالمادة الرابعة من المعاهدة.
تؤکد مصر على أن أى تدبیر من شأنه إعاقة الاستخدام الکامل لتلک الحقوق غیر القابلة للتصرف، بشکل جزئى أو کلى، من شأنه الإخلال بالتوازن الدقیق بین الحقوق والالتزامات فى إطار معاهدة منع الانتشار النووى بما یتنافى مع هدف المعاهدة ذاتها، کما أنه یعمل على زیادة الفجوة بین الدول المتقدمة والنامیة فى هذا المجال.
وبسبب وجود مساعى عدیدة تهدف إلى إرساء ترتیبات تمییزیة لفرض قیود إضافیة فى مجال الاستخدامات السلمیة للطاقة النوویة بما یعوق تحقیق أهداف المعاهدة.فقد أعلنت مصر عن بدء برنامج لبناء أربع وحدات نوویة لتولید الکهرباء طبقاً للمعاییر الدولیة للأمان والأمن النوویین واتخاذ الخطوات التنفیذیة لإقامة أول محطة نوویة لتولید الکهرباء اعتماداً على الخبرات والقدرات المصریة بالتعاون مع مختلف شرکاء مصر الدولیین ومع الوکالة الدولیة للطاقة الذریة.وقد اتخذت مصر بعض التدابیر لتعزیز الإطار التشریعی ىوالتنظیمى والمؤسسى فى القطاع النووى، من بینها إعادة تشکیل المجلس الأعلى للاستخدامات السلمیة للطاقة الذریة برئاسة السید رئیس الجمهوریة، وإصدار قانون تنظیم الأنشطة النوویة والإشعاعیة رقم 7 لعام 2010 والذى أنشأ هیئة الرقابة النوویة والإشعاعیة کهیئة رقابیة مستقلة تشرف على تنفیذ أحکامه.
ثالثا: دوافع إفریقیا للتخلی عن سلاحها النووی:
یمکن ایجاز تلک الدوافع الی:
- طبیعة النظام العالمی الجدید: حیث یلاحظ أن هناک خلل شدید فی التوازن العالمی الذی ساد بعد الحرب العالمیة الثانیة بین القوتین العظمتین، وذلک بسبب إنهیار الإتحاد السوفیتی وإنفراد الولایات المتحدة بإدارة شئون العالم. لیس وفقا لقواعد القانون الدولی ولکن وفقا لأهوائها الشخصیة فقد إعتمدت سیاسیة المعاییر المزدوجة فی تعاملها مع الدول المختلفه[17]. حیث تقف الولایات المتحدة ومن خلفها الدول الکبرى بالمرصاد للإنتشار النووی وتحذر من مغبة تداعیاته السلبیة على الأمن والسلم الدولیین لم تعمد ً لما تطالب به الدول الساعیة إلى طاقة نوویة إلى نزع أسلحتها النوویة أو حتى تخفیضها خلافا للإستخدام السلمی إذ لاتکف عن توعدها وتهدیدها بدعوى إعتزامها حیازة السلاح النووی، وهذه الإزدواجیة الصارخة بین ما تسمح به لنفسها وبین ما تطلبه من الدول الأخرى الإمتناع عنه والإلتزام به یکشف عن الجوانب الأخرى الخطیرة التی لم یتناولها التغییر فی النظام الدولی الراهن فاحتمالات الحرب النوویة مازالت واردة، کما أن إمتلاک السلاح النووی المتطور مازال یمثل بالنسبة لهذه الدول الکبرى أداة ردع أساسیة لکفالة أمنها القومی عندما یکون عرضة للتهدید.
- الحرب على الإرهاب بعد احداث الحادی عشر من سبتمبر: إذ جاء الربط بین الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل، وقد حددت الولایات المتحدة الأمریکیة دول محور الشر: کوریا الشمالیة، إیران، والعراق باعتبارها دولاً راعیة للإرهاب وتهدد الولایات المتحدة وأصدقائها بأسلحة الدمار الشامل.وبالفعل بدأت الولایات المتحدة شن حربها ضد العراق بزعم امتلاکها لأسلحة الدمار الشامل، وقد تم بالفعل إسقاط النظام فی العراق . وبعد الاحتلال الأمریکی تبین للمجتمع الدولی خلو العراق من اسلحة الدمار الشامل[18]. واتجهت بعد ذلک نحو تهدید إیران ولوحت باستخدام القوة العسکریة ضدها وأصدرت ولا تزال تحاول استصدار قرارات من مجلس الأمن لفرض عقوبات مشددة ضد إیران[19]. یأتی على الجانب الآخر من المشهد النووی بمنطقة الشرق الأوسط وبالرغم من وجود مؤشرات تصل إلى حد التأکید والتی تشیر إلى امتلاک إسرائیل واحتکارها لترسانة ضخمة وخطیرة من السلاح النووی، والتی تخلق وضعاً من الخلل الشدید والخطیر فی المنطقة بما یفرغ مفهوم السلام من أی مضمون له نجد أن هناک عجزاً من قبل المجتمع الدولی حتى عن دعوة إسرائیل للانضمام إلى المعاهدات الدولیة المتعلقة بحظر الانتشار أو لنقل بصورة أکثر وضوحاً تواطؤاً دولیاً للإبقاء على البرنامج النووی الإسرائیلی وتنمیته.
- الخلل البنیوی الذی تعانی منه معاهدة حظر الإنتشار النووی: على الرغم من ان معاهدة حظر انتشار الأسلحة النوویة قد مثلت متراساً قویاً ضد المساعى والجهود العالمیة لانتشار التکنولوجیا النوویة والأسلحة ووصولها إلى الدول الأخرى لما یقرب من 49 عاماً. إلا ان هذه المعاهدة تعانی من خلل بنیوی یتمثل فی الآتی[20]:
1- رفض بعض الدول الانضمام إلى معاهدة حظر الانتشار النووی وإصرارها فی الوقت ذاته على أن تکون لدیها برامج نوویة سریة تستهدف فی نهایة المطاف حیازة أو أنتاج وتصنیع القنبلة النوویة، مما ترتب علیه وجود ثلاث أنواع من الدول: دول نوویة مسموح لها شرعاً بامتلاک السلاح النووی, ودول غیر نوویة ملتزمة قانوناً بعدم امتلاک هذا السلاح وقبلت إخضاع منشأتها النوویة لتفتیش الوکالة الدولیة للطاقة النوویة، ودول غیر نوویة ترفض الانضمام إلى معاهدة حظر الانتشار وبالتالی غیر ملزمة قانوناً بإخضاع منشأتها النوویة للتفتیش. وفی بعض الأحیان بدت الدول غیر المنضمة للمعاهدة فی موقف أقوى من الدول المنضمة لها.
2- عدم تقید کل من الدول النوویة والدول غیر النوویة المنضمة لمعاهدة حظر الانتشار بالتزاماتها المنصوص علیها فی المعاهدة بالکامل. فمن المسلم به الآن أن دولاً نوویة، فی مقدمها الولایات المتحدة، قدمت مساعدات لدول أخرى، فی مقدمتها إسرائیل، کان من المعروف أنها تسعى الى إنتاج وتصنیع السلاح النووی. ومن المعروف أیضا أن من بین الدول التی انضمت طواعیة للمعاهدة من سعى لامتلاک السلاح النووی وحاول الاستفادة من التسهیلات المقدمة له وفق المعاهدة لخدمة برنامج سری تناقض وجوده کلیة مع التزاماتها المعلنة. بل إن الدول التی تم تضییق الخناق علیها لم تتردد فی الانسحاب فعلا من المعاهدة. وکوریا هی المثال الواضح على ذلک.
3- وجود ثغرات واضحة فی نظام الإشراف الدولی. فقد مال هذا النظام لترکیز التفتیش والرقابة على بعض الدول دون الأخرى، وعلى الدول الساعیة للحصول على التکنولوجیا النوویة والمستقبلة لها، بأکثر من ترکیزها على الدول المالکة لهذه التکنولوجیا والمانحة لها.
4- مخاطر إمتلاک السلاح النووی: تدرک الدول الفریقیة جیدا المخاطر المترتبة على حیازة السلاح النووی حیث أن هذه المخاطر متنوعة لا یمکن تفادیها کلیة تتراوح فیما بین مخاطرإنتشارها لدول إضافیة – إستخدامها من قبل الجماعات الإرهابیة المنتشرة فی إفریقیا ضد خصومهم – مخاطر بیئیة :مثل تسرب الإشعاعات من المرافق النوویة – مخاطر ضعف القبضة الأمنیة: حیث تتراجع أو تنعدم الإجراءات الخاصة بأمن المرافق والمعدات والمواد النوویة سواء فى الظروف العادیة أو فى حالة انفجار عدم الاستقرار السیاسى داخل تلک الدول[21].
5- الضغوط الدولیة وخاصة الأمریکیة على الدول الإفریقیة: حیث تهدف الولایات المتحدة من تلک الضغوط ضمان تفوق إسرائیل وحمایة أمنها[22]، ویظل هذا الهدف فی طلیعة أولویات مخططی الأمن الامریکی.
ومن أبرز امثلة عن تخلی الدول الإفریقیة عن سلاحها النووی هی لیبیا إبان حکم معمر القذافی والذی قرر فی دیسمبر 2003 عن طموحاته النوویة، وکان ذلک کنتیجة مباشرة للمفاوضات السریة التی جرت بین الحکومات اللیبیة الأمریکیة و البریطانیة، و لعل هذا القرار یرجع الى:[23]
- تنامی الضغوط الدولیة على النظام السیاسی اللیبی.
- رغبة نظام القذافی إنهاء العقوبات التی کانت مفروضة على لیبیا، وإقامة علاقات جیدة مع الولایات المتحدة الأمریکیة و المجتمع الدولی بوجه عام.
- دور الدبلوماسیة الهادئة و المفاوضات السریة التی کانت قائمة بین لیبیا وبین الدول المطالبة بالتعویضات فی قضیة لوکربی وإقرانها ببرنامج لیبیا النووی.
- التأثر بسقوط نظام الرئیس العراقی صدام حسین جراء التدخل الدولی بقیادة الولایات المتحدة الأمریکیة فی 17 مارس 2003.
رابعا: تطورات الموقف الإفریقی من حظر الانتشار النووی منذ بدایته حتى توقیع معاهدة بلیندابا:
تعود فکرة إنشاء منطقة خالیة من الأسلحة النوویة فی إفریقیا إلى عام 1961 ،عقب التفجیرات النوویة الفرنسیة فی صحراء الجزائر، ولطالما أعربت البلدان الأفریقیة عن قلقها بشأن الخطر الـذی تشـکله الأسـلحة النوویـة. ،اتخذت منظمـة الوحـدة الأفریقیـة، فی دورتها العادیـة الأولى عام 1964 المعقودة فی القاهرة، القرار الذی أعرب فیه القادة الأفارقة عن اسـتعدادهم لإبـرام اتفـاق بشـأن منــع تصنیــع واختبــار وانتشــار وتکدیــس الأســلحة النوویــة فی أفریقیــا.
واکتسبت هذه المبادرة المزید مـن الزخـم مـن خـلال الـدورات المتعاقبـة لرؤساء وزراء المنظمـة[24]،
بید أن مفاوضات إقامتها لم تبدأ إلا فی بدایة التسعینات . فمنذ عام 1964 ،أصدرت منظمة الوحدة الإفریقیة OUA ) تم إستبدالها حالیا بالإتحاد الإفریقی UA سنة2002) علان بشأن إخلاء إفریقیا من الأسلحة النوویة. و فی 1990، إعتمدت الجمعیة العامة للأمم المتحدة قرار جدید یدعو لتنفیذ ذلک إعلان و إلى عقد إجتماع لخبراء “لإعداد و تطبیق إتفاقیة أو معاهدة بشأن إخلاء إفریقیا من الأسلحة النوویة[25]” 1995
وبحلول عام 1995 لتتم الموافقة على النص النهائی لمعاهدة بشأن إنشاء منطقة خالیة من الأسلحة النوویة فی إفریقیا التی یطلق علیها إسم معاهدة بلیندابا [26]من طرف رؤساء الدول و الحکومات الأفارقة . قبل التوصل سنة 1996 إلى التوقیع علیها بالقاهرة نتیجة للتغییرات الکبیرة فی المشهد السیاسی الإفریقی . أهمها نهایة سیاسة الفصل العنصری وتفکیک برنامج جنوب إفریقیا للتسلح النووی . و دخلت حیز التنفیذ بعد ثلاثة عشر سنة من بعد ذلک، عندما أودعت الدولة الإفریقیة الثامنة و العشرین البوروندی وثیقة تصدیقها فی 2009[27].
وتکمن خاصیة هذه المعاهدة التی تَوجت أکثر من ثلاثین عاماً من الجهود المبذولة لجعل إفریقیا منطقة خالیة من الأسلحة النوویة. فی تمیز إطار التفاوض الذی کانت محله و منظمات حیث تمثل أول صک فی هذا المجال یعد ثمرة تعاون بین منظمة الأمم المتحدة إقلیمیة. أولاً بوجود فریق یتألف من ممثلین عن کل من المنظمتین، ثم من خلال الحوار و التبادلات التی أسست بین هذا الفریق و بین فریق إقلیمی بحت نُصب من قبل منظمة الوحدة الإفریقیة. و عقد المؤتمر الأول للدول الأطراف الذی شکل خطوة جدیدة فی جهود الإتحاد الإفریقی لتنفیذ أهداف معاهدة بلندابا بمقر الإتحاد بأدیس أبابا فی الرابع من نوفمبر2010
ولقد تمخضت عن هذه الإتفاقیة إنشاء هیئة الإفریقیة للطاقة النوویة: تهدف الهیئة إلى المساهمة فی التعاون فی مجال الطاقة النوویة. و تعزیز نظام منع الإنتشار و نزع التسلیح العام و الکامل و تعزیز السلم و الأمن الإقلیمی و الدولی. کما تعمل على تشجیع برامج إقلیمیة فی مجال الإستخدامات السلمیة للعلوم و التکنولوجیا النوویة و تشجیع التعاون الدولی مع الدول خارج منطقة للإستخدامات السلمیة للعلوم و التکنولوجیة النوویة.
- ویمکن إیجاز المهام التی تضطلع بها الهیئة إلى الآتی:
– تنسیق التقاریر و تبادل المعلومات؛
– ترتیب إجراء المشاورات، فضلا عن عقد مؤتمرات للأطراف؛
– إستعراض تطبیق ضمانات الوکالة الدولیة للطاقة الذریة على الأنشطة النوویة السلمیة؛
– تشجیع البرامج الإقلیمیة ودون الإقلیمیة للتعاون فی مجال إستعمال العلوم و التکنولوجیاالنوویة للأغراض السلمیة؛
– تشجیع التعاون الدولی مع الدول الواقعة خارج المنطقة فی مجال إستعمال العلوم والتکنولوجیا النوویة للأغراض السلمیة .
یمکن للهیئة أیضاً أن تساعد الدول الإفریقیة على التصدیق و تنفیذ المعاهدات الدولیة الأخرى المتعلقة بنزع السلاح و عدم الإنتشار النووی، بما فی ذلک معاهدة الحظر الشامل للتجارب النوویة ((CTBT والإتفاقیة الدولیة لحمایة المواد النوویة. کما تلعب کذلک الهیئة دورا حاسماً فی تشجیع الأنشطة النووی سلمیة، والتحقق من الإستخدامات السلمیة و الحمایة المادیة للمواد والمرافق النوویة.
وحری بالذکر ان معاهدة بلندیبا قد اشتملت على ثلاثة بروتوکولات اضافیة تتعلق بالدول النوویة و اسبانیا ، اذ یجب على هذه الول التوقیع و التصدیق على البروتوکولات و اتخاذ جمیع التدابیر اللازمة لضمان تطبیق المعاهدة على جمیع الأراضى داخل المنطقة الجغرافیة المحددة فى هذه المعاهدة[28].
فالبروتوکول الأول موجه الى الدول المالکة للأسلحة النوویة یتضمن الامتناع عن استخدام الأسلحة النوویة أو تهدید بها ضد أى دولة طرف فى المعاهدة. أو ضد أى اقلیم یقع ضمن المنطقة الخالیة من الأسلحة النوویة. و قد تم التوقیع علیه من قبل جمیع الدول النوویة و صادقت علیها الصین و روسیا و فرنسا و المملکة المتحدة.
أما البروتوکول الثانى فینص على التزام الدول النوویة الخمس بعدم القیام بتجارب نوویة أو التشجیع علیها فى أى مکان من المنطقة الخالیة من الأسلحة النوویة. و قد تم التوقیع علیه من قبل جمیع الدول النوویة و صادقت علیها الصین و روسیا و فرنسا و المملکة المتحدة.
أما البروتوکول الثالث فیعلق بدول لیست أطرافا اقلیمیة بالمنطقة الخالیة من الأسلحة النوویة و لکن یدخل تحت سلطتها أراضى تدخل ضمن نطاق المنطقة الخالیة من الأسلحة النوویة (فرنسا و اسبانیا) و قد وقعت فرنسا و صادقت على البروتوکول الثالث. أما اسبانیا، و هى دول غیر الحائز للأسلحة النوویة، فهی لم تصادق على المعاهدة حتى الآن.[29]
خاتمة الدراسة
من العرض السابق لموضوع الموقف الأفریقی من حظر الإنتشار النووی نستطیع القول بان انشاء المناطق الخالیة من الاسلحة النوویة یمثل احد اهم المداخل الرئیسة للتعامل مع المشاکلات التی اثارتها الاسلحة النوویة, عن طریق اقامة ترتیبات أمنیة بین دول اقلیم معین, لتحقیق مجموعة من الاهداف المتوخاة اهمها تقلیص التهدید النووی لدول الاقلیم وحمایتها من التعرض لمخاطر استخدام الاسلحة النوویة وتسهیل الاستخدامات السلمیة للطاقة النوویة.
کما یتضح أن الدول الإفریقیة قد بلغت من النضج السیاسی مبلغا کبیرا حیث استطاعت تلک الدول التوحد حول هدف واحد على الرغم من الظروف السیئة التی عصفت بها من إستعمار وفقر وخلافه ولا زالت هناک العدید من المشکلات إلا انها أیقنت ان مصلحتها جمیعا تتمحور حول التخلی نهائیا وطواعیة عن الأسلحة النوویة ، والتوجه غلى التنمیة المستدامة وتحقیق الأمن الإنسانی بین ربوعها. وبالتالی فقد ضربت قارة أفریقیا أروع الأمثلة للمناطق الخالیة من السلحة النوویة وصارت نمودجا یحتدى به. حیث أن إفریقیا قد حققت اربعة مکاسب على قدر کبیر من الأهمیة؛ أولهاک انها ستتفادى بذلک کافة المهددات الأمنیة من الدول التی تستهدفها، إلى جانب حمایة أراضیها من خطر الإرهاب النووی الإشعاعی، فضلاً عن حمایتها للبیئة، وحفزها لخطى التنمیة الاقتصادیة والاجتماعیة.
ولعل من نافلة القول أت هناک بعض الظواهر التی تعتبر من ابرز معوقات إخلاء المناطق المختلفة من الأسلحة النوویة ندکر منها على سبیل المثال لا الحصر:
- ازدواجیة المعاییر فی فرض نظام منع الانتشار من الممکن ان یقوض المساعی الدولیة الهادفة الى جعل منطقة الشرق الاوسط خالیة من الاسلحة النوویة, لأن هذه الازدواجیة ستثبت قناعة راسخة لدى دول المنطقة بعدم فاعلیة معاهدة عدم انتشار الاسلحة النوویة لتحقیق الامن, مما یجعل من امکانیة تحقیقیه عن طریق امتلاک القدرة النوویة, ویبدو ان نزوع کل من العراق ولیبیا سابقا, وربما ایران حالیا قد یفسر صحة ذلک الادراک التی توصلت الیه دول المنطقة بطریق او بأخر.
- الخلل البنیوی التی تعانی منه معاهدة حظر الإنتشار النووی: الأمر ال>ی یستوجب تعدیل تلک المعاهدة لتفادی الأخطاء الفادحة وتفعیل نظام حظر الإنتشار
- الصراع والفشل فی بناء الثقة: حیث تؤدی تلک الصراعات إلى زعزعة الامن ومن تم الثقة بین الفصائل المختلفة.کما هو حادث فی منطقة الشرق الأوسط.
وبناء على ما سبق یتضح لنا أنه لابد من إصلاح نظام منع الإنتشار وتفعیل دور الأمم المتحدة لتحقیق الأمن والسلم الدولیین، وتعزیز إجراءات بناء الثقة على الصعید الإقلیمی والدولی للقضاء على مشکلة إنتشار الأسلحة النوویة.
[1]وتأتی مصر من اوائل الدول الإفریقیة التی طالبت بحظر الإنتشار النووی والتی بذلت جهودا مضنیة وفعالة فی هذا المضمار، بینما سعت دولا افریقیة فی ذلک الوقت إلى حیازة السلاح النووی مثل لیبیا وجنوب إفریقیا وهذه الدول هی التی عارضت حظر الإنتشار النووی فی ذلک الوقت.
[2] ومن امثلة تلک المعاهدات:
أ- معاهدة حظر الإنتشار النووی والتی تم التوقیع علیها سنة 1968 ودخلت حیز التنفیذ سنة 1970 هی محور الجهود العالمیة الرامیة إلى منع زیادة انتشار الأسلحة النوویة، وتعزیز الاستخدامات السلمیة للطاقة النوویة، وتعزیز هدف نزع السلاح النووی. وبموجب هذه المعاهدة تلتزم الدول غیر الحائزة لأسلحة نوویة بعدم تصنیع أسلحة نوویة أو القیام على نحو آخر باقتناء أسلحة نوویة أو أجهزة تفجیریة نوویة أخرى، فی حین تلتزم الدول الأطراف الحائزة لأسلحة نوویة بعدم مساعدة أو تشجیع أو حث أی دولة طرف فی المعاهدة غیر حائزة لأسلحة نوویة بأیِّ حال من الأحوال على تصنیع أسلحة نوویة أو القیام على نحو آخر باقتناء أسلحة نوویة أو أجهزة تفجیریة نوویة أخرى. فإنها مکلفة بمسؤولیات التحقُّق الرئیسیة المستمدة من المعاهدة. وکل دولة طرف غیر حائزة لأسلحة نوویة مطالبة بموجب المادة الثالثة من معاهدة عدم الانتشار بإبرام اتفاق ضمانات شاملة مع الوکالة لتمکین الوکالة من التحقُّق من وفاء الدولة الطرف بالتزاماتها بموجب المعاهدة. وتقوم الوکالة الدولیة للطاقة الذریة بدور تحقُّق محدَّد کمفتشیةٍ دولیة للضمانات، وهو التحقق من الوفاء بالالتزامات التی تعهدت بها الدول الأطراف غیر الحائزة لأسلحة نوویة بموجب معاهدة عدم الانتشار بُغیة منع تحریف الطاقة النوویة من الاستخدامات السلمیة إلى الأسلحة النوویة أو غیرها من الأجهزة التفجیریة النوویة.
ب- معاهدة حظر التجارب النوویة: والتی تم التوقیع علیها سنة 1996 تحظر اختبار الأسلحة النوویة أو کل باقی أنواع التفجیرات النوویة سواء أکانت لأغراض سلمیة أو عسکریة فی أی محیط کان.
ت- اتفاقیة الحمایة المادیة للمواد النوویة هی معاهدة اعتمدت فی 26 أکتوبر 1979 فی فیینا بالنمسا.[1] جرى حفل التوقیع الأولی فی فیینا ونیویورک فی 3 مارس 1980 ودخلت الاتفاقیة حیز التنفیذ فی 8 فبرایر 1987. تودع الاتفاقیة مع الوکالة الدولیة للطاقة الذریة. فی یولیو 2005 تم عقد مؤتمر دبلوماسی لتعدیل الاتفاقیة وتعزیز أحکامها ونتیجة لذلک تم تسمیتها باتفاقیة الحمایة المادیة للمواد النوویة والمرافق النوویة. اتفاقیة الحمایة المادیة للمواد النوویة تنص على مستویات معینة من الحمایة المادیة أثناء النقل الدولی للمواد النوویة. تتضع أیضا إطارا عاما للتعاون بین الدول فی مجال الحمایة والانتعاش وإعادة المواد النوویة المسروقة. علاوة على ذلک تسرد الاتفاقیة بعض الجرائم الخطیرة التی تنطوی على مواد نوویة للدول الأطراف لتعقبها والتی یجب أن تخضع المخالفین لنظام تسلیم المجرمین أو تقدیمهم للمحاکمة.
ث- لاتفاقیة الدولیة لقمع أعمال الإرهاب النووی، التی دخلت حیز النفاذ منذ ٧ تموز/یولیه ٢٠٠٧، والتی تعرض تفصیلاً بالجرائم المتعلقة بالحیازة والاستخدام غیر المشروع أو المتعمد لمادة مشعة أو جهاز نووی مشع، واستخدام المرافق النوویة أو إلحاق الضرر بها. وترمی الاتفاقیة إلى تعزیز التعاون فیما بین البلدان من خلال تبادل المعلومات وتقدیم المساعدة فی التحقیقات وتسلیم المجرمین.
المراجع
[3] عادل محمد أحمد، “فعالیة سیاسات منع الانتشار النووی: منطقة الشرق الأوسط کحالة دراسة، رسالة ماجیستیر غیر منشورة، جامعة القاهرة، کلیة إقتصاد وعلوم سیاسیة، 1999
[4] 1)William Walker, “Nuclear Order and Disorder”, International Affairs, Vol.76, No.4, Oct.2000,pp.703-724.
[5] محمد عبدالسلام: محددات إقامة المناطق الخالیة من الأسلحة النوویة مع التطبیق على الشرق الأوسط، رسالة دکتوراه غیر منشورة، حامعة القاهرة ، کلیة الإقتصاد والعلوم السیاسیة، 2002.
[6] رانیة طاهر، السلاح النووی بین مبادیء الشرعیة الدولیة وحتمیات القوة، دراسة مقارنة لکل من ایران وکوریا الشمالیة، رسالة دکتوراة ، جامعة حلوان: کلیة التجارة وادارة الاعمال ، 2011
.[7] محمد عز الدین، »محددات إقامة المناطق الخالیة من الأسلحة النوویة مع التطبیق على منطقة الشرق الأوسط،« السیاسة الدولیة (تشرین الأول/أکتوبر ٢٠٠٢ )، ص ١٢٥ _ ١٢٦
[8] محمد عبد السلام، الجوانب الإصطلاحیة لمفهوم ” منطقة خالیة من الأسلحة النوویة”، السیاسة الدولیة، العدد 159 ،ینایر 2005 ، القاهرة، ص 256
[9]سامح أبو العینین، »إنشاء منطقة خالیة من أسلحة الدمار الشامل والاتفاقیات ذات الصلة؟ « السیاسة الدولیة، العدد ١٧٧ (تموز/یولیو ٢٠٠٩ )، ص ٢٢٦ .
[10] رانیة محمد طاهر, السلاح النووی بین مبادیء الشرعیة الدولیة وحتمیات القوة/ دراسة مقارنة لکل من إیران کوریا الشمالیة، رسالة دکتوراه، کلیة التجارة وإدارة الأعمال: جامعة حلوان، 2011، ص30
[11] Erik Gartzke and Matthew Kroenig, A Strategic Approach to Nuclear Proliferation, Journal of Conflict Resolution, volume 53, issue 2, April 1, 2009, p.p. 151-15
[12] أشرف عبد الغفار، الإنتشار النووی، سلسلة مفاهیم،، القاهرة: المرکز الدولی للدراسات المستقبلیة والإستراتیجیة، أغسطس 2008. ص30.
[13] محمد عبدالسلام، القدرات النوویة: شبکة من المفاهیم والمقولات المربکة فی العلاقات الدولیة، سلسلة مفاهیم، القاهرة: المرکز الدولی للدراسات المستقبلیة والإستراتیجیة، عدد(11)، نوفمبر 2005، ص22
[14] للمزید من التفاصیل حول هذا الموضوع أنظر:
عادل محمد أحمد،:التنظیم القانونی والرقابی للإستخدامات السلمیة للطاقة النوویة ورثة بحثیة مقدمة إلى مؤتمر الإستخدامات السلمیة للطاقة النوویة ةاثرها على الأمن البیئی/ البجرین، کلیة العلوم الإستراتیجیة ، 2014
file:///C:/Users/Rania-taher/Downloads/80743252%20(1).pdf
[15] إدریس الضحاک، من نزع إقلیمی للسلاح النووی إلى نزع عالمی من خلال قواعد قانونیة ناجعة، مطبوعات أکادمیة المملکة المغربیة، الرباط، 1999 ،ص 118 .
للمزید من التفاصیل حول الموقف المصری أنظر
https://www.mfa.gov.eg/Arabic/ForeignPolicy/Pages/Disarmament-and-Non-Proliferation.aspx [16]
)[17](Martin Taggart , Do Nuclear Weapons Still Have a Role in International Relations in the Post-Cold
https://www.e-ir.info/2008/05/10/do-nuclear-weapons-still-have-a-role-in-international-relations-in-the-post-cold-war-era-2/
,للمزید من التفاصیل حول هذا الموضوع أنظرک
إسماعیل صبری مقلد، أصول العلاقات الدولیة: الإطار العام، أسیوط، بدون ناشر،٢٠٠٧ ، ص٣١٨
[18] Mohammed Elbaradei,Mohamed El Barade, the age of deception, Bloomsbury Publishing PLC (2012)
[19] د. عمار على حسن ، العالم الغربى والنظام الدولى بعد 11 سبتمبر . محاولة لتحدید “العزم بین ماضى یزاحم وحاضر یتبلور” ، مجلة شئون عربیة ، القاهرة الامانة العامة لجامعة الدول العربیة ، عدد (111) ، خریف (2002) ، ص 174.
[20] زینب عبد العظیم، الموقف النووی فی الشرق الأوسط فی أوائل القرن الحادی والعشرین، القاهرة، مکتبة الشروق الدولیة ، ٢٠٠٧ ،ص.٣٠
[21] أشرف عبد الغفار ، الإنتشار النووی، سلسلة مفاهیم ، ، القاهرة: المرکز الدولی للدراسات المستقبلیة والإستراتیجیة، أغسطس 2 .٣٠ص. ٢٠٠٨ وللمزید من التفاصیل حول هذا الموضوع انظر:
Erik Gartzke and Matthew Kroenig, A Strategic Approach to Nuclear Proliferation, Journal of Conflict Resolution, volume 53, issue 2, April 1, 2009, p.p. 151-152.
[22] حیث صرح ویرى وزیر الدفاع الأمریکی الأسبق (لیاس آسین) أن إسرائیل ستواجه فی العقد المقبل مخاطر متعاظمة من أسلحة الدمار الشامل ، إذ تمتلک سوریا ولیبیا وإیران اسلحة کمیائیة وبیولوجیة وکل ما تحتاج إلیه من صواریخ بعیدة المدى ومن الممکن أن تتوصل إیران والعراق إلى امتلاک أسلحة نوویة .
[23] علاء الدین،زردومی، التدخل الأجنبی فی لیبیا ودوره فی غسقاط نظام القذافی، الجزائر، کلیة الحقوق والعلوم السیاسیة، رسالة ماجیستیر ، 2013، ص 120.
[24] للمزید من التفاصیل حول هذا الموضوع أنظر:
الدورة الثامنة والخمسون للجمعیة العامة للأمم المتحدة ، الصادر بتاریخ ا أغسطس 2003
http://disarmament.un.org/treaties/t/pelindaba
[25] محمد عبد السلام، الجوانب الإصطلاحیة لمفهوم ” منطقة خالیة من الأسلحة النوویة”، السیاسة الدولیة، العدد 159 ،ینایر 2005 ، القاهرة، ص
[26] ویشار إلی أن المعاهدة سمیت بیلیندابا کنایة بمرکز البحوث النوویة القریب من سد هارتبییزبورت غربی بریتوریا، فی جمهوریة جنوب أفریقیا. هذا المرکز، الذی تشرف علیه مؤسسة الطاقة النوویة لجنوب أفریقیا، کان فی السبعینات موقع تطویر وبناء ثم تحزین القنابل الذریة فی جنوب أفریقیا.
[27] جعل إفریقیا منطقة خالیة من الأسلحة النوویة سوف تسهم إسهاما کبیرا فی تعزیز نظام عدم الانتشار النووی و تعزیز التعاون فی مجال الاستخدامات السلمیة للطاقة وتعزیز نزع السلاح العام و الکامل وتعزیز السلم والمن الدولیین.
[28] African Nuclear-Weapon-Free-Zone (ANWFZ) Treaty (Pelindaba Treaty), March 29, 2019
https://www.nti.org/learn/treaties-and-regimes/african-nuclear-weapon-free-zone-anwfz-treaty-pelindaba-treaty/
[29] عادل محمد أحمد، المعاهدات الإقلیمیة لتنظیم استخدامات الطاقة النوویة :تحلیل قانونی مقارن، مجلة العلوم الإقتصادیة والقانونیة، جامعة عین شمس، کلیة الحقوق، 2006، ص ص 153-154.