ملخص:
خلال الثلاث عقود الاخيرة تزايد الاهتمام بدراسة حالة المجتمعات الخارجة من الصراعات واطلق عليها (مجتمعات ما بعد الصراع) رغم ان هذا المفهوم لا يعني ان المجتمع دخل مرحلة السلام التام وان اسباب الصراع تلاشت. ولهذا يتم التركيز على عدد كبير من المسائل التي ترافق حالة الصراع وصولا الى نهايته وتظهر خلال ذلك، قضايا ربما تتحول الى سبب يعزز حالة الصراع بفعل عدم المساواة وانعدام العدالة. والى جانب العدالة الانتقالية تظهر الحاجة الى معالجة الجانب الاقتصادي ( العدالة الاقتصادية) بجوانبها المتعددة وعناصرها الاساسية. فالمساواة الاقتصادية هي جوهر العلاقة بين النمو الاقتصادي والعدالة. ولهذا نفترض في هذا البحث ان توافر مضامين العدالة الاقتصادية تقود الى أن الاقتصاد سيكون أكثر نجاحًا إذا كان أكثر إنصافًا، وأن الرخاء والعدالة يسيران جنبًا إلى جنب بدلاً من أن يتعارض أحدهما مع الآخر، وهي ضمانة لاندثار العوامل الاساسية للصراع من جهة، ومعالجة نتاجات مرحلة ما بعد الصراع من جهة اخرى.
يخلص البحث الى ان خطورة حالات الصراع وما ينتج عنها من انتهاكات للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تؤكد على الأهمية الأساسية لادعاء أن الحكومات التي تسعى الى إنشاء مؤسسات ديمقراطية في مجتمعات ما بعد الصراع، فلا ينبغي لها إهمال هذه الحقوق. والأهم من ذلك، لا ينبغي للحكومات أن تفترض أن الفئات الضعيفة ستحقق أداءً أفضل في متابعة حقوقها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من جماعات اخرى في ضمان احترام حقوقها الاقتصادية والسياسية. والحقوق الاقتصادية تعكس الافتراض بأن هذه الحقوق ليست استحقاقات ولكنها توقعات طموحة يجب الوفاء بها من خلال العمليات التي يحركها السوق أو السياسات وحدها.