لقد استمرت محاولات حلف الشمال الأطلسي بالتوسع والتجدد والانتشار حتى وصل الى دول جنوب حوض البحر الأبيض المتوسط رافعا شعار الحوار والشراكة مع دول المغرب العربي بحكم موقعها الاستراتيجي واحتوائها على قدر كبير من الثروة النفطية ومستهدفة بذلك التصدي للتهديدات الأمنية الجديدة كخطر الإرهاب ، الهجرة غير الشرعية ، انتشار الأسلحة و الجريمة المنظمة ،فقد شكل المحور الجنوبي من ضفة البحر الأبيض المتوسط في استراتيجية حلف شمال الأطلسي في نهاية الألفية الثانية اهتماما بالغ الأهمية بعد أن شهدت هذه المنطقة ومازالت بؤر توتر ومشاكل أمنية تهدد أمن القارة الأوروبية، قد يتسبب في إعاقة تدفق الموارد الحيوية أو تعطيل مصادرها.
إن المفهوم الاستراتيجي الجديد لحلف شمال الأطلسي تبنته الدول الأعضاء مباشرة بعد نهاية الحرب الباردة وزوال التهديد الشيوعي الآتي من الشرق، فكان البديل هو التوجه صوب الجنوب التأمين الاتحاد الأوروبي من التهديدات الأمنية الجديدة، فدعا دول الجنوب المتوسطي إلى حوار أمني كان محتواه في البداية بعث التشاور والتعاون في شأن التحولات الجديدة التي مست منطقة المتوسط وبالذات المنطقة المغاربية.
إلا أن بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 زادت من أهمية الحوار فكان انعطافا جديدا في استراتيجية الحلف الأطلسي المدعوم بالاستراتيجية الأمريكية في إعلان حربها العالمية على الإرهاب باعتماد المفهوم الاستراتيجي الجديد الذي يدعو دول الجنوب الى تفعيل شراكة حقيقية.
في المقابل فقد تأثرت الجزائر على غرار باقي الدول المغاربية بالتحولات التي عرفها النظام العالمي منذ انتهاء الحرب الباردة، فقد توسعت مضامين الأمن القومي الجزائري وخاصة خلال المرحلة المأساوية التي مرت بها الجزائر، فوصلت إلى قناعة أن التهديدات العسكرية لم تحظ وحدها بنفس الاهتمام كما كان في السابق بحكم التهديدات الأمنية الجديدة التي تأخذ طابع الشمول في ذاتها وطابع الإقليمية والعالمية في نطاقها.
إن الأسلوب الجديد في إستراتيجية الحلف مع دول المنطقة هو عقد اتفاقيات تعاون وشراكة مع دول المنطقة ومنها منطقة المغرب العربي، وقد شكلت استراتيجيته على الساحة الدولية انعكاسا للسياسة الأمريكية بوصفها تتفرد بالسيطرة على توجهات الحلف وقراراته.